“اشعال المنطقة”… هل آن أوانه؟
عبد الوهاب بدرخان
في الجدل الدائر حول مد شبكة الاتصالات الخاصة بـ”حزب الله” عرف اللبنانيون موقف اهالي البلدة الرافضة تلك الشبكة في ارضها، ولم يعرفوا وربما لن يعرفوا موقف الدولة والجيش وكل من يمكن ان يمثل القانون والنظام في البلد. لا بد ان السكوت يعني القبول، ولا بد ان القبول مسوّغ بـ”امن المقاومة”. لكن المقاومة لم تعد تعني بالنسبة الى كثير من اللبنانيين سوى “7 ايار”، الذي قال الرئيس سليم الحص ان “حزب الله” خسر فيه، غير ان الحزب يبرهن كل يوم، خصوصا في ظل هذه الحكومة، حكومته، انه لم يربح فحسب وانما اصبح الحزب الحاكم، الحزب الذي يملك قرار الحرب والسلم.
مع عودة التهديدات لاسرائيل في اطلالات السيد حسن نصرالله، يمكن القول ان اعتراض اهالي ترشيش، كما اعترض اهالي المناطق المعرضة لانتهاكات سورية، فضلا عن اعتراض الوسط السياسي المعارض، لم يعد يساوي شيئا. فالوقت وقت التحفز للحرب القادمة، وقد اصبح معروفا انها هذه المرة ستشمل كل الاراضي اللبنانية. هذه التهديدات تشي بأن دمشق تتأهب لاخذ ازمتها الى مرحلة جديدة قد تؤدي الى استفزاز اسرائيل وافتعال حرب معها… في لبنان. هل يفلح ذلك في تحسين وضع النظام السوري وحلحلة ازمته، الداخلية اصلا؟ حتى النظام نفسه لا يعرف اذا كان هذا السيناريو سينجح، الا انه سيحاول.
لكن اي حرب ستكون لها مقدمات، في لبنان، حيث سيتولى الايرانيون التسخين بواسطة “حزب الله”. هناك اوساط عديدة، لبنانية وعربية ودولية، تلمح بـ”معلومات استخبارية” زاخرة بالتوقعات. فاذا كانت هناك حرب في الافق فان السوريين والايرانيين واعوانهم اللبنانيين سيحرصون على اسكات الاصوات المعترضة في لبنان ومحاسبة بعض الاطراف التي يقولون انها تقدم العون للانتفاضة السورية. وغني عن البيان انهم يضمنون هذه المرة، خلافا لما كان عليه الوضع في حرب 2006، حكومة صامتة ومتفرجة ان لم تكن “محاربة”.
استشعر النظام السوري، ولبنان الرسمي المتواطئ معه، مقتل معمر القذافي وكأنه الانذار الاخير لنظام دمشق. ورغم تشابه النظامين تركيبة وارادة قتل للشعب، كان لافتا ان قضية اختفاء الامام موسى الصدر اتاحت لـ”حزب الله” ان يحيي “الثورة المظفرة” التي اقتصت من القذافي، اما رئيس الجمهورية فبقي ملتصقا بحقيقة ان سوريا لم تؤيد تلك الثورة ولم تعترف بمجلسها الانتقالي، لذلك امل الرئيس بأن تعود ليبيا الى “الحضن العربي”، وليس معروفا من اخبره انها غادرته، اذ ان ثورتها تدين للجامعة العربية بنجاحها.
لا شك ان مزاج النظام السوري في التعاطي مع ازمته قبل مقتل القذافي هو غيره بعده. اذ يبدو انه مقبل على تغيير يريده النظام حاسما ونهائيا. سيوحي بأنه دخل في حراك سياسي داخلي، وسينتهز زيارة اللجنة الوزارية العربية اليوم للحصول على تجميد او تأجيل مريح لأي تحرك عربي لاثارة مسألة حماية المدنيين”.
النهار