صفحات العالم

اعدامات الجيش السوري الحر


رأي القدس

اقدام اشخاص محسوبين على الجيش السوري الحر على اعدام مجموعة من عشيرة بري الحلبية الموالية لنظام الرئيس بشار الاسد وبطريقة دموية كان امرا صادما بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.

من شاهد شريط الفيديو الذي وثق عملية الاعدام هذه، وظهر فيه رجال مسلحون يقتادون رجالا الى مكان يضم آخرين يهتفون للجيش السوري الحر، ثم يلتفون حول رجل وقد غطت الدماء وجهه، ويوقفونه على الحائط مع آخرين ويطلقون عليهم النار جميعا وسط الهتافات والتكبيرات ثم يقطعون جثة الرجل زعيم العشيرة، من شاهد هذا المشهد الدموي يشعر بالاسى والحزن في الوقت نفسه، ليس تعاطفا مع الضحايا وانما استياء من هذه الطريقة الانتقامية البشعة.

النظام السوري ارتكب مجازر اكثر دموية، وشبيحته اقدموا على ممارسات واعدامات اكثر بشاعة لا شك في ذلك ولا جدال، ولكن من المفترض ان يقدم الجيش السوري الحر وكل فصائل المعارضة السورية الاخرى نموذجا اخلاقيا مختلفا، بل نقيضا للنظام وممارساته.

سورية الجديدة من المفترض ان تتأسس على قيم العدالة والرأفة والانسانية والاحتكام للقانون، والترفع على الاحقاد والنزعات الانتقامية، وتقديم امثلة اكثر حضارية وانسانية.

وربما يحاجج البعض تبريرا لهذه الاعدامات، بان الجيش السوري الحر يخوض حربا، وان المعدومين وقفوا الى جانب النظام وحاربوا في صفه، واعلنوا العداء للثورة، ولا توجد معتقلات او محاكم تحت سيطرة الجيش الحر، وهذا كله صحيح ولكن لماذا هذا التغول في سفك الدم وامام العدسات، والتمثيل في الجثث وتقطيعها، وتعرية اصحابها وربما هتك اعراضهم؟

هناك معسكرات للجيش السوري الحر في تركيا ومناطق تحت سيطرته على الاراضي السورية، ويمكن الاحتفاظ بهؤلاء فيها ريثما تتم محاكمتهم بطريقة حضارية، ووفقا للقانون.

لا نستبعد ان يتهمنا البعض من الذين ينتمون الى الجيش السوري الحر، او اولئك الذين فقدوا ابا او ابنا او اختا او شقيقا على ايدي رجال النظام باننا مثاليون، او نتحدث بلغة المستشرقين، لانهم ينطلقون من نزعة انتقامية، ولكن هذا الاتهام مردود عليه بالقول ان الاسلام دين العدالة، والمعاملة الطيبة للاسرى، ولنا في رسولنا صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة، وعلينا ان نتذكر ان الناصر صلاح الدين لم يدخل التاريخ فقط لانه حرر القدس وانما ايضا لانه قدم نموذجا مشرفا في معاملته للاسرى من الصليبيين ما زالت تتغنى به الادبيات والكتب في بلاد الفرنجة، ويدرس في الجامعات.

ان مثل هذه النزعة الانتقامية التي يراها البعض مبررة ومشروعة، توفر الحجج والذرائع للنظام وميليشياته للاقدام على اعمال مماثلة، وهو الذي لا يحتاج اساسا الى مثل هذه الذرائع.

ندرك جيدا، انه في غمرة الصراع الدموي الدائر حاليا في سورية، وارتفاع مستويات الغضب والرغبة في الانتقام الى اعلى الدرجات، سيخرج علينا من يختلف معنا، ويعارضنا، ويلقي علينا محاضرات طويلة حول جرائم النظام ومجازره، ولكن ردنا الواضح والثابت هو بالقول ان اخلاق الثوار وممارساتهم يجب ان تكون مختلفة، وتعكس اعلى درجات ضبط النفس، وكظم الغيظ، واحترام الاسرى وحماية ارواحهم.

الدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى