سلام الكواكبيصفحات سورية

الأخضر الإبرهيمي في الندم!!


سلام الكواكبي

السيد الأخضر الإبرهيمي ديبلوماسي عربي ودولي مخضرم ومن رموز الهيكلية السياسية الجزائرية التقليدية وسبق له أن قاد عدة عمليات تفاوض على ملفات حساسة ومعقدة في عديد من دول العالم وأشهرها اتفاق الطائف الذي وضع “حدا” للنزاع “الأهلي” اللبناني.

وفور تكليفه كموفد خاص مشترك للجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا بعد أكثر من سنة ونصف على اندلاع ثورتها، بدأ بتلمس صعوبة معالجة الأزمة والحديث عنها قبل أن يقرأ ملفاتها المتشابكة. وتعرض لحملة إعلامية في أوروبا وفي بعض الصحف العربية تحثه على تجنب الوقوع في فخ الإطالة واللعب على الوقت التي يجيدها محاوروه الجدد.

وقبل أن ينتقل إلى دمشق ويقابل “مسؤوليها”، استطلع الإبرهيمي رأي عدد من السوريين والعرب والغربيين ليكون صورة أشمل عن وضع يعرف منه القليل. وهذا التوجه يسجل له ويميزه عن سابقه كوفي عنان الذي كان يكتفي بإرسال مساعديه أو موظفيه للقاء أصحاب الشأن متوسطي الهالة الإعلامية ويترك لنفسه اللقاءات المهمة على مستوى القادة.

في محاوراته العديدة، لم يسمع الموفد الدولي الجديد كلاما يدفع إلى التفاؤل من حيث عرض ما آلت إليه أمور الملف الإنساني الذي يضم نحو مليوني مهجّر داخلي وأكثر من 250 ألف لاجئ إلى دول الجوار، وملف الصراع الذي يتجه أكثر فأكثر نحو حرب معلنة على الشعب، وملف تفكيك النسيج الاجتماعي الذي عرفت القيادات السورية إدارته في لبنان المجاور طوال عقود وهي الآن تديره بنجاح نسبي في الداخل السوري المهدد بفقدان كل ميزاته الفطرية في التآلف الاثني والمذهبي، وملف الانهيار الاقتصادي الذي يحتاج إلى خطة إعادة بناء من الألف إلى الياء في بلد استطاع طوال سنين تطوير مقدرات اقتصادية نسبية، على الرغم من مختلف أساليب النهب المنظّم والتخريب البنيوي المدروس.

ملفات كثيرة ليست من اختصاص الابرهيمي ولكنها تؤثر أيّما تأثير على ما سيستنبطه من مقترحات بدأ بعض الباحثين الغربيين في مساعدته على رسم خطوطها العامة. ودمشق تستقبله كما سابقه، بكل حفاوة وتكريم، وبحديث عن الرغبة في القيام بإصلاحات وبالحوار مع المعارضة “الوطنية”، وبالرغبة بوقف النار على أن يقوم الجانب الآخر بتسليم أسلحته. ولن يلتزم محاوروه بإطلاق سراح الآلاف أو بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة إلا من طريق منظمات “أهلية” و”وطنية”. وفي النهاية، سيراجع الإبرهيمي محاضر جلسات سابقه كوفي عنان وسيجد بأنها متطابقة مع ما يسمعه الآن.

من جهة أخرى، سيصاب بالخيبة إن أراد طرح صيغة سورية من اتفاق الطائف المشؤوم بالمطلق ولو أنه قد أوجد طريقة لإدامة التقسيم الاجتماعي اللبناني في ظل حالة وقف نار طويلة وليست حالة سلم أهلي حقيقية. كل الظن بأن الإبرهيمي قد دشّن مبكرا مرحلة الدخول في حالة الندم على القبول بهذه المهمة التي سمّاها: شبه المستحيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى