صفحات العالم

الأزمة السورية … إلى متى؟!


علي محمد الفيروز

انه لمن العجب العجاب ان يُذبح الشعب السوري يوما بعد يوم والعالم بأجمعه يتفرج ولا يحرك ساكنا! فاليوم سورية ليست مثل الامس ومناورات النظام الحاكم ضد شعبه لاتزال مستمرة، والشعب السوري يُقتل في عمليات قصف دموية عنيفة ومبرمجة تتركز على احياء كثيرة من المدن في حين يتدفق السلاح والمسلحون في سورية من كل جانب، والوضع الامني غير آمن وغير مستقر، لا نعلم الى اي مدى ستستمر تلك الاوضاع المأسوية هناك.

نعم انها أسوأ ظروف تمر بها الازمة السورية وسط حالة من الغموض تحيط بالمواقف الدولية حيال الشعب تارة، وحيال مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد تارة اخرى، فيما كان الامل كبيرا في خطة المبعوث الأممي كوفي عنان للوصول الى مخرج آمن حول الازمة السورية القائمة، ولكن بعد اعلان فشله اصبحت الامور السياسية والامنية يغلب عليها الاحباط واليأس والاستسلام العربي للامر الواقع، اي ان الازمة السورية دخلت في مرحلة خطرة جدا وهي ابادة شعب كامل من دون حساب والعالم لايزال يتفرج على اراقة الدماء في المدن والاحياء والشوارع من دون ان نرى موقفا ايجابيا وشجاعا من مجلس الامن الدولي ولا حتى تحركا عربيا جماعيا يشفي غليلنا.

ولعلنا لاحظنا كيف وقف المجتمع الدولي عاجزا تماما عن تنفيذ اي قرار يصب في أمن الشعب السوري أولا، بل بالعكس مازال يمهل النظام المزيد من الوقت والمماطلة، وكأنه يبعث اليه رسالة اطمئنان لكي يستمر في طغيانه الدموي ضد شعبه الذي ينادي ويطالب بتغيير النظام السوري بأي شكل من الاشكال، حاله حال الدول العربية الاخرى التي عاشت أياما من الربيع العربي، فلماذا يستحيل ان يتحقق للشعب السوري؟! فأي المبادرات وحسن المناقشات التي تتحدثون عنها اليوم والشعب السوري يُقتل ويُعذب في كل يوم، نعم انها كارثة دموية… أين ذهبت القلوب العربية والاسلامية وأين دور جامعة الدول العربية وقراراتها الركيكة؟! لقد تخلت الامة العربية والاسلامية عن شعب يُباد بأبشع طرق الاجرام يوميا للشيوخ والاطفال والرضع، فهل ذهبت الشفقة والرحمة من هؤلاء، ام ان هناك من يستمتع بمشاهدة المزيد من اراقة الدماء العربية المسلمة؟!! كيف يسكت مجلس الامن الدولي على هذه المذابح التي هي جزء من استعراض العضلات من نظام حاكم مستبد يحاول بين حين وآخر ان يظهر بمظهر البطل القوي الذي لا يموت.

ولكن يجب ان يعلم بشار وأعوانه ان نظامه زائل ولن يستمر إن شاء الله بسواعد الجيش السوري الحر مهما طال الزمن.

نرى ان الغالبية الكبرى من الدول قد طالبت برحيل الرئيس السوري غير انه يكابر ويستمر في طغيانه ويرفض الاستسلام وكأن لا احد فوقه، لذا علينا ألا نلومه إن كان العالم يقف عاجزا عن اتخاذ اي قرار أممي ضده ليضع حدا لما يجري في سورية من أعمال عنف وقتل، اننا نتساءل عن موقف مجلس الامن الدولي من الفصل السابع من اجل وقف سفك الدماء ووضع حد لدمار البنية التحتية في المدن السورية، فأين جمعيات الهلال الاحمر الدولية والمنظمات العالمية لحقوق الانسان من هذه المجازر الوحشية؟ كلها أصبحت بالونات وفقاعات ما إن تنطلق حتى تتبخر في الهواء والعالم يتفرج ويتفرج ولا نجد نصيرا.

لقد كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش النشطة في تقريرها الاخير عن مدى طغيان هذا النظام الحاكم في سورية من خلال اعتقال آلاف السوريين في شبكة من مراكز التعذيب حيث انهم يتعرضون لسوء المعاملة في نمط ممنهج من التعذيب والتنكيل وتعتمده الدولة السورية ويمثل جريمة ضد الانسانية، وذكرت ان عددا من المعتقلين السابقين والمنشقين عن النظام تمكنوا من تحديد المواقع والجهات المسؤولة، وأساليب التعذيب المستخدمة، وفي كثير من الاحيان اسماء القادة المسؤولين عن 27 مركزا من مراكز الاعتقال تديرها المخابرات السورية بعد ان أجرت أكثر من 200 مقابلة، كما أكد مصدر رفيع من المنظمة ان اجهزة المخابرات تدير شبكة مراكز تعذيب متناثرة في كافة انحاء المدن السورية وبعد التأكد من هوية المسؤولين عنها فإن المنظمة تقوم بإرسال إخطار تحمل المسؤولية عما يجري من جرائم بشعة الى هؤلاء المتهمين، وتضاف مراكز الاعتقال هذه الى القواعد العسكرية والملاعب الرياضية والمدارس والمستشفيات المستخدمة لهذه الغاية!!

وقد أكد شهود عيان للمنظمة عن تعرض الموقوفين الى الضرب المبرح لمدة طويلة ويتم استخدام أدوات التعذيب ضدهم كالعصي والاسلاك واستخدام الكهرباء والأسيد والاعتداء والاذلال الجنسي وانتزاع الاظافر والاعدام الوهمي، وبينوا ان مراكز التوقيف مكتظة بالموقوفين، فضلا عن عدم كفاية الاطعمة لهم، وحرمانهم من المساعدة الطبية الضرورية عند الحاجة، اي ان هناك أشخاصا موقوفين يموتون تحت التعذيب ومن هنا يجب التأكيد على ان تقرير المنظمة يسلط الضوء على فظاعة ما يحدث في سورية، ومدى حجم الاعمال الوحشية التي يمارسها هذا النظام الحاكم في سورية ضد شعبه، والخافي أعظم!!

لذا ينبغي ان يكون هذا بمثابة تحذير واضح بألا يكون هناك إفلات من العقاب لهؤلاء المتهمين. فالنظام السوري الحالي هو الوجه الثاني لعملة النظام الصدامي البائد، وأعماله شبيهة بأعمال الرئيس المقبور صدام حسين، والفرق بينهما ان الرئيس بشار الأسد مازال باقيا في حكمه رغم دمار سورية الى ان يأتيه القضاء والقدر ليعرف نهايته، فلكل طاغية نهاية، وكما انتهى صدام حسين سينتهي بشار الأسد وأعوانه الى مزبلة التاريخ… نعم انها مسألة وقت لا أكثر… ويبقى السؤال هنا: بالله عليكم ماذا ينتظر مجلس الامن والمجتمع الدولي بعد مقتل آلاف الشهداء السوريين، وبعد ان اصبحت يد بشار الأسد ملطخة بدماء الشهداء، وبعد فشل خطة كوفي عنان لرأب الصدع، ماذا ينتظر هؤلاء… ماذا؟ ماذا؟ ماذا؟!! ولكل حادثٍ حديث.

الرأي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى