صفحات العالم

الأزمة السورية وأسئلة تبحث عن إجابات/ نهاد علي أوزجان

 

 

تتسارع وتيرة الأحداث على الساحة السورية. وإثر زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، نيويورك وخطابه هناك والتصريحات التي أدلى بها، تبرز خمسة أسئلة تبحث عن إجابة في مقاربة الأزمة السورية. بداية، لنتحدث عن المنطقة الآمنة: نظرياً ثمة هدفان من إنشاء تلك المنطقة في شمال سورية، أولهما هو حماية المدنيين من خطر الحرب عبر إنشاء ملاجئ لهم في تلك المنطقة، والثاني هو تحويل المنطقة هذه الى نقطة تدريب وانطلاق للمعارضة المسلحة ومساحة تلجأ إليها حين تتعرض للخطر. ولكن، أي من هذين الهدفين هو الهدف الحقيقي من إنشاء المنطقة الآمنة؟ وماذا عن رأي واشنطن التي تتحدث عن منطقة خالية من الإرهابيين لكنها قد لا تتفق معنا على الهدف من المنطقة الآمنة، شأن الروس الذين يعترضون على هذا المشروع؟

وما دور حزب العمال الكردستاني أو قوات الحماية الكردية في تلك المنطقة وفي جوارها؟ وجلي أن الولايات المتحدة مصرة على دعم هذه القوات، بل تعمل على تزويدها أسلحة ثقيلة وأسلحة مضادة للدروع وأخرى مضادة للطائرات على ارتفاع منخفض وغيرها من الأسلحة. ولا شك في أن حيازة تلك القوات هذه الأسلحة ستقلب المعادلة على الأرض كلياً، في وقت ترى تركيا أن قوات الحماية الكردية («وحدات حماية الشعب») امتداد لحزب العمال الكردستاني، وتدرجها في خطتها لمحاربة الإرهاب، بينما واشنطن تصر على المصالحة بين أنقرة وهذا الفصيل، وتدعو الى استئناف مفاوضات السلام مع حزب العمال الكردستاني. وترفض الحكومة التركية العودة الى المفاوضات رفضاً قاطعاً.

ولكن، ما موقف الجيش التركي الذي يدعم «الجيش السوري الحر» إذا تواجه مع الجيش السوري النظامي على وقع مواصلة التوغل التركي في عمق الداخل السوري؟ فهل سيحارب الجيش التركي إذّاك الجيش السوري المدعوم من موسكو؟ وهل ستقف روسيا موقف المتفرج الى أن تقع مثل هذه المواجهة؟ أعلن الرئيس أردوغان أن عملية «درع الفرات» ستستمر وتتوغل في الأراضي السورية، ويترتب على التوغل أن تكر سبحة المواجهات مع «داعش» وأن تتعاظم حدتها. وهنا تبرز أسئلة مهمة تدور على جاهزية «الجيش السوري الحر» الذي يتولى الشطر الراجح من المعركة الميدانية، وعلى استعداده النفسي لقتال «داعش»، ورغبته في التفرغ لهذا القتال، ووجود أعداد كافية من المقاتلين لتحقيق نتائج إيجابية على الأرض والحفاظ على وحدة هذا الجيش وتماسكه إزاء أي انقسامات أيديولوجية أو عقائدية.

ولا غنى عن مقاربة عملية «درع الفرات» مقاربة واقعية تقيس الأهداف على الأرض وتحددها من دون مبالغة أو تضخيم. وثمة فرق شاسع بين التعامل الإعلامي الحالي مع عملية «درع الفرات» وبين الحقيقة الســـياسية والقانونية والعـــسكرية للعملية وواجباتها. فعلى سبيل المثل، يتم التصفيق إعلامياً للعملية التي ترمي الى السيطرة على نحو خمسة آلاف كيلومتر مربع في شمال سورية، أي ما يعادل تقريباً 1/40 من مساحة أراضي سورية، وهذا ستكون له عواقب سياسية وقانونية دولية، وأمنية وعسكرية. وحري بنا ألا ننسى أن خطوة المنطقة الآمنة هي تكتيكية وليست خطوة استراتيجية تقلب مسار الحرب السورية وتغير اتجاهها أو تحسمها. لذا، علينا أن ننتبه قبل أن ندفع ثمناً باهظاً لخطوة لن تحقق لنا سوى أهداف تكتيكية موقتة وستخلف ردوداً دولية ومحلية مهمة.

* كاتب، عن «مللــييت» التــركية، 25/9/2016، إعداد يوسف الشريف

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى