الأسد: سوريا تتعرض لمؤامرة تعتمد على ما يحصل في المنطقة
وكالات
في خطاب استقطعه أعضاء مجلس الشعب مرات عدة بتلاوة كلمات حب للرئيس السوري بشار الأسد على غرار “الوطن العربي قليل عليك وانت لازم تقود العالم يا سيادة الرئيس”، وسواها من العبارات التي تؤكد الولاء والمبايعة، أكد الأسد أن بلاده تتعرض لمؤامرة تعتمد على ما يحصل في الدول العربية.
دمشق: بدأ الرئيس السوري بشار الاسد ظهر الاربعاء في مجلس الشعب القاء كلمة هي الاولى له منذ بدء موجة التظاهرات غير المسبوقة التي تشهدها سوريا يتحدث فيها عن برنامج الاصلاح التي وعدت به القيادة لتهدئة الاحتجاجات.
وأكد الأسد في كلمة لم تخل من الرسائل الموجهة الى صحافيي الفضائيات والانترنت أن ثمة مؤامرة كبيرة ولن نتردد في الدفاع عن سوريا اذا فرضت المعركة. ووعد الأسد بإحباط “المؤامرة” التي تتعرض لها بلاده.
وقال إن المؤامرة “تعتمد في توقيتها وشكلها على ما يحصل في الدول العربية”. واضاف ان مدبري المؤامرة “خلطوا بين ثلاثة عناصر الفتنة والاصلاح والحاجات اليومية”، معترفا بان “معظم الشعب السوري لديه حاجات لم تلب”.
وتابع “أعداؤنا يعملون كل يوم بشكل منظم وعلمي من أجل ضرب استقرار سوريا”. لكن الاسد شدد على انه “لا نقول ان كل من خرج متآمر (…) المتآمرون قلة”. وأكد الأسد أن محافظة درعا، التي انطلقت منها احتجاجات غير مسبوقة منذ تولي الأسد مهامه كرئيس للبلاد، هي في قلب كل سوري.
وتحدث الأسد عما أسماه بمحاولة إثارة فتنة لتطغى على الإصلاح وتلبية الحاجات اليومية. وقال إنه بالنسبة للسياسة الداخلية “البوصلة بالنسبة لنا هو المواطن”، مؤكدا أن سورية تعيش حالة وحدة وطنية غير مسبوقة.
واعتبر أنه تم التغرير ببعض الأشخاص الذين خرجوا في المظاهرات الأخيرة. ويأتي ذلك عقب أسبوعين من الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالديمقراطية في سورية والتي قتل فيها أكثر من ستين شخصاً، وكان أشدها في مدينة درعا.
وقال الأسد إن البقاء بدون اصلاح “مدمر” لكنه حذر من ان الضغط للتسرع فيه “سيكون على حساب النوعية”، مؤكدا دراسة قرارات بمكافحة الفساد وزيادة الوظائف. وأنهى الرئيس السوري كلمته دون الإعلان هن إلغاء عن قانون الطورائ.
ويحكم الأسد منذ احد عشر عاما سوريا التي شهدت مؤخرا احتجاجات شعبية لا سابق لها تطالبه بتنفيذ الوعود الاصلاحية التي اطلقها بعيد تسلمه السلطة، رغم اكتسابه شعبية كبيرة بفضل نجاحه في التخفيف من وطأة العزلة الخارجية لبلاده.
وتولى رئاسة سوريا في العام 2000 بعد رحيل والده حافظ الاسد الذي كان يقود البلاد بقبضة من حديد منذ 1970. واصبح بشار الاسد البالغ من العمر 46 عاما والطبيب المتخصص بامراض العيون، رئيسا للدولة في تموز/يوليو 2000 بعد شهر على وفاة والده مؤسس النظام الحالي.
وفاز بولاية جديدة اثر استفتاء جرى في ايار/مايو 2007. واعلن بشار الاسد في خطاب القسم تمسكه ب”حق الاختلاف”، الا ان ميوله الليبرالية سرعان ما تبددت في صيف 2001 الذي شهد اعتقال رموز “ربيع دمشق” التعبير الذي يطلق على فترة وجيزة من الانفتاح السياسي تلت وصوله الى السلطة.
وبعدما اعلن على غرار النموذج الصيني ان “الاصلاحات الاقتصادية تمر قبل الاصلاحات السياسية”، عاد واوضح عام 2003 ان المعارضين السوريين “اساؤوا فهم” كلامه حول الديموقراطية التي وعد بها في خطاب القسم.
وفي عهد بشار الاسد احتفظ حزب البعث الحاكم في سوريا منذ 1963 بدوره القيادي “للدولة والمجتمع”. ويواجه الاسد اليوم حركة احتجاج تطالب بتطبيق برنامج الاصلاح الذي وعد به لتهدئة الاحتجاجات.
وتهدف هذه الاصلاحات، ولا سيما الغاء قانون الطوارئ المعمول به منذ 1963، الى تطبيق نظام ديمقراطي يحل مكان النظام السياسي العسكري المتشدد الذي لم يتغير منذ الستينيات. كما طالبت حركة الاحتجاج التي اندلعت في 15 اذار/مارس بمشروع لقانون الاحزاب والقيام باجراءات لمكافحة الفساد وحرية الاعلام.
وواجه الرئيس الشاب اختبارات خطيرة مع الاجتياح الاميركي للعراق واغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري حيث اشارت لجنة تحقيق دولية باصابع الاتهام الى مسؤولين سوريين كبار بالضلوع فيه، وما اعقب هذا الاغتيال من انسحاب عسكري سوري من لبنان.
ويعتبر انصاره انه برهن على انه رجل دولة بوقوفه في وجه القوة العظمى الاميركية الغارقة في المستنقع العراقي لاعتماده خطابا شديد اللهجة ضد الولايات المتحدة ادى عمليا الى قيام الدول الغربية بعزل بلاده.
وتتهم واشنطن دمشق بالسعي الى زعزعة الاستقرار في كل من العراق ولبنان.
وفي مواجهة الضغوط الاميركية يعتمد بشار الاسد سياسة “حافة الهاوية” التي سبق وان مارسها والده متحديا النظام الاميركي المفروض في المنطقة. غير ان الرئيس السوري يتعاون مع واشنطن في مطاردة تنظيم القاعدة ولا سيما في اوروبا.
في المقابل، تتجاهل الولايات المتحدة واسرائيل دعواته الى استئناف مفاوضات السلام مع الدولة العبرية من اجل استعادة هضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل منذ 1967. وبالرغم من عزلة سوريا على الساحة الدولية، نجح بشار الاسد في الامساك بعدد من الاوراق الرابحة، بينها تحالفه مع روسيا وايران وحزب الله والتنظيمات الفلسطينية فضلا عن الحركات العراقية المعادية للولايات المتحدة.
وبادر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى فك العزلة عن سوريا عندما دعا الاسد لحضور احتفال فرنسا بذكرى الثورة الفرنسية في تموز/يوليو 2008. كما تحدى اوباما خصومه الجمهوريين بتعيينه في 29 كانون الاول/ديسمبر 2010 روبرت فورد ليشغل منصب سفير في سوريا الشاغر منذ ان استدعت واشنطن سفيرتها مارغريت سكوبي في دمشق بعد اغتيال رفيق الحريري في تفجير سيارة مفخخة في بيروت في 14 شباط/فبراير 2005.
واراد اوباما بذلك الالتفاف على “العرقلة غير المسبوقة” التي يمارسها خصومه الذين سارعوا الى التنديد بما اعتبروه “تنازلا” اميركيا لدمشق لا مبرر له. وارتقى بشار الاسد الرتب العسكرية اثر مقتل شقيقه باسل عام 1994 في حادث سيارة. وقد رقي الى رتبة عقيد وعهد اليه بالملفين اللبناني والتركي (حزب العمال الكردستاني) تمهيدا لتنصيبه رئيسا.
وبعد وفاة والده عين بشار الاسد في 11 حزيران/يونيو 2000 قائدا اعلى للقوات المسلحة، وفي 20 حزيران/يونيو انتخب امينا عاما قطريا لحزب البعث قبل ان يصبح في 11 تموز/يوليو في سن الرابعة والثلاثين الرئيس السادس عشر للبلاد.