الأسد وحسابات موسكو وطهران !
راجح الخوري
قبل شهر حمل وفد من المعارضة السورية الى موسكو اقتراحاً لحل سلمي للازمة السورية يقوم على مروحة من النقاط اهمها الموافقة على: تشكيل حكومة انتقالية برئاسة فاروق الشرع تكون لها صلاحيات كاملة – وقف النار بشكل متواز – تسهيل وصول الاسعافات والاغذية الى المناطق السورية المنكوبة – التحضير لانتخابات تجرى بعد ستة اشهر حدا اقصى على ان يتولى من يختارهم الشعب وضع دستور جديد للبلاد.
حتى الآن لم ترد موسكو على الاقتراح رغم تصريحات المسؤولين الروس اليومية انهم يريدون حلاً سلمياً ينهي النزاع، هذا في وقت تؤكد صحيفة “النيويورك بوست” ان كاميرات زرعتها ضفادع بشرية من الاستخبارات الاسرائيلية في صخور ميناء طرطوس، كشفت ان جسراً بحرياً روسياً يستمر في نقل الاسلحة الى الاسد ويعود بالرعايا الروس الى بلادهم، بما يعني ان موسكو باتت مقتنعة بأن سقوط الاسد مسألة وقت ليس ببعيد.
في المقابل عندما يحمل مساعد وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان الى القاهرة، اقتراحاً جديداً يقضي ببقاء الاسد في منصبه حتى نهاية ولايته من دون ان يكون له الحق بالترشح للانتخابات المقبلة، فهذا يعني ان طهران ايضاً باتت ترى سقوط الاسد بالعين المجردة، رغم انها تلتف على الخط الجوي عبر العراق بالخط البحري عبر السويس، لتسليح النظام بما يكسبها المزيد من الوقت لترتيب اوراقها البديلة، وخصوصاً في ما يتصل بخطوط الامداد مع “حزب الله” التي لن تستمر بعد سقوط الاسد على ما هي عليه.
واذا كانت ايران وروسيا قد باتتا مقتنعتين ضمناً بحتمية سقوط النظام فلماذا تستمران في ذبح الشعب السوري عبر دعم الاسد وتسليحه، هل لأنهما تريدان ترتيب اوراقهما المتساقطة في سوريا وما سيخلفه عليهما هذا من اضرار على المستوى الاقليمي، ام لأنهما تراهنان على ان المأساة التي استمرت سنتين ونيفاً بسبب تغاضي اميركا والعالم، يمكن ان تستمر سنوات اضافية والعبرة ما جرى في لبنان عندما غرق في حروبه لمدة 15 عاماً قبل اتفاق “الطائف”؟
تبرز وجاهة هذا السؤال من خلال التأمل في الموقف الاميركي الذي يتعمّد اغراق الروس في الرمال الدموية السورية، وفي الموقف الاوروبي الذي تديره واشنطن على قاعدة: دعوا المسلخ السوري يقوم بما لا نقدر نحن عليه، أي انهاك نظام حليف للايرانيين وتفتيت ترسانته العسكرية، وقتل المزيد من عناصر التشدد التي تتقاطر الى سوريا التي حوّلها الصمت الدولي عن المأساة ارض جهاد ونصرة للكثيرين.
لتأكيد هذا ربما يكفي التأمل في تراجع الرئيس الفرنسي وقوله: “لا نستطيع تسليح المعارضة قبل سيطرتها الكاملة على الوضع”… ولكن ما حاجتها اليك مسيو هولاند بعد سيطرتها الكاملة؟
النهار