الأسد: يغضبني الذين يصوّرون اكثر من الذين يتظاهرون
التصوير الفوتوغرافي هواية شغفت الدمشقيين وحملت في الثورة اسم (عدسة شاب دمشقي)
دبي- ‘القدس العربي’ ـ من محمد منصور: في عام 1839 وبعد عامين من التجارب، قام الفرنسي لويس داجيير بعرض محاولاته الأولى الناجحة اختراع التصوير الفوتوغرافي.
وبعد أقل من إحدى عشر عاماً على اختراع هذا الفن في العالم، دخلت مدينة دمشق أول بعثة تصوير فوتوغرافي عام 1850م. والتقطت صورا عديدة لمعالم دمشق في تلك الفترة كالمدرسة الصابونية في السنانية، والمدرسة الشاذبيكة في حي القنوات، والشارع المستقيم الذي يخترق المدينة الرومانية القديمة بدمشق من الغرب إلى الشرق.
ومنذ ذلك الوقت، لم يتوقف سيل ملايين الصور التي التقطت لدمشق، سواء من الرحالة والزائرين والمصورين أو من أبنائها أنفسهم الذين شغفوا بتصوير معالمها ومتغيراتها على الدوام.. وصارت صورهم تذكارات من زمن جميل مضى.
وخلال الثورة السورية التي اندلعت في آذار (مارس) من عام 2011، وجد السوريون في صور مظاهرات الغضب الأولى ضد نظام الاستبداد، مادة لنوعية جديدة من الصور عن مظاهر احتجاج جماعي، حرموا منها منذ أمسك حافظ الأسد بزمام السلطة بعد انقلاب عسكري في السادس عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1970، الذي سماه (الحركة التصحيحية) لكن الصور هذه المرة (سواء كانت فوتوغرافية أو متحركة) لم تكن مجرد هواية فنية أو حالة توثيقية فحسب، بل أضحت سبباً للاعتقال، وربما الموت بعد التعذيب… حتى أن بشار الأسد في إحدى لقاءاته مع الوفود الشعبية في بداية اندلاع الثورة قال بالحرف إنه لا يعتب على من يتظاهر فقط، بل على من يصور ويرسل للمحطات التلفزيونية!
لكن هواية التصوير الفوتوغرافي لدمشق ومعالمها وشوارعها، ومظاهر الحياة فيها في ظل الثورة، تحولت إلى عنوان لعمل تطوعي شبابي، يحمل اسم (عدسة شاب دمشقي) ثم توسعت الفكرة التي انطلقت من حمص، لتشمل أبناء المدن السورية الأخرى بالصيغة نفسها.
يقول مسؤول فريق (عدسة شاب دمشقي) لـ ‘القدس العربي’ أن الفكرة: ‘ولدت في منتصف شهر حزيران (يونيو) من عام 2012، ليكون هناك صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) مختصة بالصور الاخبارية وتوثيق الواقع الاجتماعي والحياتي في دمشق وريفها… والهدف منها تسجيل التاريخ وحفظه بقاعدة بيانات فوتوغرافية) وبالفعل فقد تمكن اعضاء الفريق البالغ عددهم (15) شاباً يعملون كفريق تطوعي وبلا تمويل من أحد، من توثيق كافة مناحي الحياة اليومية في دمشق منذ منتصف العام 2012، ويبلغ عدد الصور التي التقطوها لدمشق وريفها، منذ ذلك الوقت وحتى اليوم اكثر من (5000) صورة فوتوغرافية، تتمتع بسوية فنية جيدة…. إذ يحرص الفريق على عدم نشر الصور الجيدة ، مع اهتمام بالتشكيل البصري والإضاءة والمضمون الإنساني او حتى التذكاري للقطة. ويشرح مسؤول الفريق طريقة اختيار الموقع بالقول: ‘ نقوم بجولات شبه يومية في مناطق معينة من دمشق وريفها، ونعمل على اقتناص لقطات تعبر عن الواقع، أو نحرص على التواجد في مكان حصول أحداث كانفجارات وتشييعات وقصف ومعارك’ ويضيف متحدثاً عن الأخطار الأمنية التي تواجه الفريق: ‘الأخطار الأمنية موجودة باستمرار.. ففي المناطق غير المحررة كقلب دمشق نتعرض للاعتقال ومنا معتقلون كثر. أما في المناطق المحررة من ريف دمشق فنتعرض للقصف والقنص، وقد سقط منا شهداء… كالشهيد (يوسف يونس) الذي استشهد في قصف على (ببيلا) بريف دمشق، و الشهيد (ملهم بيرام) الذي استشهد قنصاً في (دوما) والشهيد (عبد الله دوارة) برصاص أثناء اشتباكات في غوطة دمشق عن (21) عاماً… ومنذ أسبوع استشهد الشاب (احمد البحش) برصاص نظام الأسد، وهو مصورنا في (كفر بطنا) في الثامنة عشرة من العمر.
إلى جانب تصوير معالم دمشق الأثيرة وشوارعها وازقتها، في كل صورة من صور عدسة شاب دمشق قصة إنسانية بالغة الدلالة… ومن أشهر الصور التي أثارت اهتماما في الآونة الأخيرة، صورة الطفلة على تنام على جانب الرصيف في منطقة (البحصة) في قلب دمشق التجاري، والتي التقطت بتاريخ (10/11/2013) ثم صورة طفلين في حي جوبر المحاصر شرق العاصمة، والتي تحمل على أبواب حلول السنة الجديدة 2014 باقة من (الفجل) الأحمر كتعبير عن حالة احتفال أطفال جوعى ومسكونين بالأمل بقدوم عام جديد.