الأولوية لإسرائيل ايران لا الأسد
رندى حيدر
بعد أسابيع من تصاعد التوتر بين إسرائيل وسوريا على خلفية الغارات الإسرائيلية على مخازن السلاح بالقرب من العاصمة دمشق، وتزايد حوادث اطلاق النار على الحدود الإسرائيلية – السورية في هضبة الجولان، وما رافقها من تهديدات متبادلة بين إسرائيل وسوريا و”حزب الله”، ودخول روسيا على خط التصعيد باعلانها ارسال صواريخ متطورة جديدة الى سوريا، يبدو أن إسرائيل قررت الآن اعادة النظر في أولوياتها وانتهاج سياسة اكثر توازناً مما يجري في سوريا تجنباً للتصعيد.
قد يكون الطلب الذي وجهه نتنياهو الى وزرائه والمسؤولين العسكريين بالتزام الصمت حيال ما يجري في سوريا، وجهاً من أوجه السياسة الإسرائيلية حيال هذا الموضوع الذي استأثر في المدة الأخيرة بحيز أساسي من النقاش الإسرائيلي العام، الذي توصل في خلاصته الى شبه اجماع ينصح الحكومة الإسرائيلية بتفادي الانجراف الى داخل النزاع السوري او الدخول في مواجهة شاملة مع سوريا. ولم يخف عدد من الخبراء الإسرائيليين رأيهم في أن القتال الدموي الجاري حالياً بين الجيش السوري النظامي ومقاتلي “حزب الله” والمعارضة المسلحة السورية يخدم المصالح الإسرائيلية لأنه في آن واحد يستنزف قوة الجيش السوري ويوقع خسائر بشرية قاسية في صفوف النخبة من مقاتلي الحزب. وقدر احد المعلقين الإسرائيليين نسبة الخسائر التي تكبدها الحزب الشهر الماضي وفي معارك القصير وحدها بأنها توازي نحو واحد في المئة من مجموع قوته العسكرية وهذه نسبة لا يستهان بها بالنسبة الى تنظيم في حجم “حزب الله”. لذا يبدو أن مصلحة إسرائيل في الوقت الحاضر الوقوف جانباً، وانتظار ما ستسفر عنه المعارك الضارية من نتائج، في ظل التفضيل الإسرائيلي لاضعاف الرئيس الأسد لا اسقاطه. لكن هذا لا يعني تنازلاً إسرئيلياً عن الخطوط الحمر، او السكوت عن صفقات السلاح الروسية المتطورة، وإن تكن إسرائيل من الآن فصاعداً ستعمل بصمت ومن دون ضوضاء.
إن هذا التوجه الإسرائيلي لم يأت نتيجة الاجماع الداخلي على عدم التورط في ما يجري في سوريا فحسب، بل جاء نتيجة انسحاب الولايات المتحدة من الاضطلاع بالدور المغير لما يجري في سوريا وترك روسيا وحدها اللاعبة الأساسية، وعدم الرغبة الإسرائيلية في مواجهة مع هذه الأخيرة.
إن الاقتناع الإسرائيلي بأن الولايات المتحدة لا ترغب بعد الآن في التورط في نزاعات المنطقة، كان من الاسباب التي دفعت إسرائيل الى اعادة ترتيب أولوياتها وتوجيه كل اهتمامها الى القضية الاساسية المطروحة على جدول اعمالها منذ الآن وحتى نهاية 2013، أي التخطيط لضربة عسكرية لطهران لوقف مشروعها النووي.
النهار