صفحات العالم

الإسلاميون يخشون تآمراً على ثوار سوريا!


    سركيس نعوم

تتساءل أوساط اسلامية لبنانية إذا كان الثوار السوريون يتعرضون لمؤامرة بسبب إحجام العالم العربي عن التحرّك بفاعلية لدعم هؤلاء بالسلاح والمال والتدريب، وبسبب عدم ممارسته الضغط اللازم على المجتمع الدولي الحليف لكي يخلِّص السوريين من الظلم الذي يتعرضون له، وأخيراً بسبب امتناعه عن معاقبة الدولتين العظميين اللتين تخالفان ومنذ اشهر عدة الإجماع الدولي والعربي المؤيد للثورة السورية.

هل هذا التساؤل في محله؟

العارفون من لبنانيين وعرب وأجانب جراء متابعتهم الأوضاع العربية والاقليمية والدولية يكادون ان يجزموا بعدم وجود مؤامرة على الثورة السورية حتى من الأعداء التقليديين للعرب والعروبة مثل اسرائيل. فهي ورغم افادتها من النظام السوري على مدى عقود واعتبارها اياه اقل خطراً عليها من غيره، وخصوصاً في ظل استشراء الاسلاموية التي لبعضها مواقف تكفيرية متشددة، مقتنعة بأنه لن يستطيع الاستمرار. ولذلك فإنها ترحّب، وربما تساهم مباشرة او مداورة، بتأجيج الحرب الاهلية لأنها تنهي سوريا الكيان والدولة والجيش والشعب، وباختصار لأنها تزيل وربما لـ50 سنة مقبلة أو اكثر عدوّاً يمكن ان يكون خطراً جدياً عليها. أما المجتمع الدولي الحليف للعالم العربي والمؤيد للثورة السورية فإن زعيمته اميركا ترفض عملاً عسكرياً يقود الثوار الى النصر، لأنها في سنة انتخابات رئاسية، ولأن شعبها قرِفَ من التدخل العسكري الذي كلّف آلاف القتلى والجرحى والمعوقين ومليارات الدولارات أو ربما تريليوناتها، ولأن الغطاء الدولي الجماعي لتحرّكها غير متوافر، ولأنها غير مستعدة لتوفّره بتقديم تنازلات الآن للجهات التي تريدها وفي مقدمها روسيا والصين. أما الشقّ الاوروبي من المجتمع الدولي المذكور فكان صادقاً في تأييده ثورة سوريا لكنه لا يمتلك الادوات العسكرية والمالية لنجدتها، علماً ان حمايته العسكرية الفعلية قدمتها اميركا مباشرة او بواسطة حلف شمال الاطلسي. ولذلك فإنه يكتفي بالدعم السياسي. يبقى العالم العربي وهو ليس مقصِّراً في دعم ثورة غالبية الشعب السوري. إذ اتخذ ومن زمان عبر جامعة الدول العربية موقفاً مؤيداً لها، وهو يحاول ترجمته بأكثر من طريقة. وهو لا يمل من تكراره، فضلاً عن انه يحاول مع معسكر الحلفاء كما مع معسكر الاخصام في العالم الحض على دعم الثوار. لكن لا يكلف الله نفساً إلا وسعها. فهذه الامة العربية او بالأحرى دولها التي اعطاها الله عز وجل إمكانات هائلة فإنه حرمها حتى الآن على الاقل نعمة الانظمة القوية والقادرة والعادلة والحرة والديموقراطية، الامر الذي ابقى شعوبها اسيرة تخلّف لا يطاق وجهل يكاد ان يكون مطبقاً وطاعة عمياء لأولي الامر سواء استجابة لدواع دينية او عشائرية او طائفية او مذهبية.

هل يُقنِع الكلام المفصّل اعلاه الأوساط الاسلامية اللبنانية التي تخشى ان يكون ثوار سوريا عرضة لمؤامرة خارجية من الذين يفترض ان يكونوا حلفاءها؟

جوابها عنه كان انه ممكن ومعقول. واضافت: ان قرار اميركا كما هو معلن، ونحن نعتقد انه جدي ونهائي، هو ضرورة تنحّي بشار وتغيير النظام، والثوار وداعموهم من العرب والمسلمين والإسلاميين يرحبون بذلك. لكن الثوار يحتاجون الى اسلحة وتدريب ومال كي ينجحوا. وإذا لم يوفر الاميركيون وحلفاؤهم لهم ذلك فإنهم يكونون ينحرونهم. ولفتت الاوساط المذكورة الى عدم صحة القول ان تزويد الثوار ما يحتاجون اليه من اسلحة يشعل حرباً اهلية. ذلك انها “شاعلة” الآن وبشار هو الذي يغذيها لأنه لا يزال ممسكاً بمفاصل السلطة رغم خسارته السيطرة الكاملة على 60 في المئة من اراضي بلاده، ولأن جيشه رغم تعبه لا تزال غالبيته معه.

لماذا لا تقدم تركيا السلاح والتدريب والمال الى الثوار السوريين؟

أجابت الأوساط اياها بالقول ان عند تركيا مشكلات داخلية مهمة دفعتها الى التراجع عن مواقفها الداعمة بحماس مفرط للثوار السوريين. لكنها لا تزال تغض النظر عن تدريبهم وتسليحهم. وهناك “جنرالات” عرب واتراك بعضهم في الخدمة وبعضهم متقاعد يقومون بالتدريب. والتمويل تقدمه دول الخليج ولكن مداورة اي عبر تشجيع الجمعيات ورجال المال والأعمال على التبرّع. ويوما ما ستضطر تركيا الى العودة الى فرض مناطق آمنة داخل سوريا للثوار. علماً ان سوريا لا تعتقد ذلك لأنه سيفجّر حرباً تركية – سورية. لكن تركيا لا تظن ان سوريا ستغامر بحرب مع تركيا رغم استفزازها الاخير لها (اسقاط طائرة تركية).

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى