الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة: الضرورة والمسار
ماجد حبو
بالتأكيد لمن يتيه في زواريب الأزمة السورية وتشعباتها يصح القول عالياً : الأزمة في سورية أصلاً وأساساً هي أزمة شعب مع نظامه السياسي !!!
مرت وعلى طول الخط بالأستبداد السياسي والقهر الأمني المباشر – الاعتقال السياسي – والغير مباشر – الحرمان من حق المشاركة السياسية – وهو مايصطلح تسميته ” الحل الأمني ” .
ومع تفجر الأوضاع التي رافقت الحراك
الثوري منذ أحداث درعا , رفع النظام من وتيرة تعاملة مع الشعب السوري إلى مستوى العنف العسكري المباشر ” الحل العسكري ” ودخل الشعب السوري تحت مطرقة ” الحل الأمني العسكري ” والذي تقوده الأطراف الأكثر دموية ووحشية من النظام بعد إقصاء أيه محاولة إخرى لإدارة الأزمة .
ومما يؤسف له دخول أطراف من المعارضة السياسية بإدارة الأزمة بنفس عقلية النظام ” العنف والعنف المضاد ” وقد برز ذلك أولاً في سياسة الأقصاء التي مورست بحق أطراف أخرى من المعارضة التي لم تتبع هكذا توجه , وصولاً إلى ” رفض الحوار أو التفاوض مع النظام القائم ” كمخرج سياسي للخروج من الأزمة !!!
ما هو الائتلاف ومساره
تنص مقدمه الائتلاف على كونه ” إتفاق بين المجلس الوطني السوري وباقي أطراف المعارضة ” وذلك بعد إعادة هيكله المجلس الوطني نفسه , وبالتالي يضع المجلس الوطني نفسه المرجعية أو الجهة التي ينبغي التعامل معها كأمر واقع شرعي .
والمجلس الوطني نفسه التي عاب عليه سيادة اللون الواحد – الأخوان المسلمين – أعاد إنتاج نفسه وبطريقة أكثر تشدداً مما كان عليه , مع بعض الرتوش المعيبة في الإخراج ” جورج صبرا ” كرئيس غير منتخب أصولاً في تسلسل هيئاته .
والائتلاف يعتبر من حيث الإخراج ( جسم تمثيلي وليس سياسي ) مرهون سريان الاتفاق عليه بالمصادقة من الأطراف والجهات الرجعية له بعد اعتماده من قبل اللجنة الوزارية العربية ” قطر ” والأمانة العامة للجامعة العربية ” نبيل العربي ” كعراب للمصادقة علية من قبل الجامعة العربية كمدخل أولي للاعتراف الدولي به .
القراءة الأولية للائتلاف وشخصياته يؤكد غلبة أصحاب اللون الواحد – الأخوان المسلمين والمجلس الوطني – على أكثريته : 22 مجلس وطني , 6 شخصيات وطنية ” البيانوني مثلاً ” المجالس المحلية , والكثير من التسميات لأصل واحد , وبالمحصلة إعادة المجلس الوطني لإنتاج نفسه داخل الائتلاف أيضاً .
غياب العلاقة المنظمة مابين المجلس الوطني والائتلاف – معاذ الخطيب يتحدث عن الدعم السياسي والأغاثي , مقابل جورج صبرا المطالب بالدعم العسكري …
المطالبة بتشكيل – حكومة مؤقتة – كجسم تنظيمي للائتلاف في غياب المرجعية السياسية والشرعية لذلك , في ظل توافق عام لكل قوى المعارضة على أن يكون المؤتمر الوطني العام – بعد سقوط النظام – هو المرجع الشرعي والسياسي لذلك .
الغياب الفاضح والمخزي للتوافق الأولي والمحدود لكل قوى المعارضة في اجتماعها الوحيد بالقاهرة, وخصوصاً وثيقة العهد الوطني, ووثيقة المرحلة الانتقالية مع الكثير من الملاحظات التي سجلت عليها.
الغياب الملحوظ ضمن الائتلاف لقوى سياسية مثل : هيئة التنسيق الوطني , المنبر الديمقرامثلاً.مجلس الوطني الكردي وللكثير من الشخصيات الاجتماعية الوطنية .
ويبقى البند المتعلق بحل الأجهزة الأمنية تعريف غير واضح الملامح بما يخص مؤسسة الجيش مثلاً .
أما مايختص بالفقرة ( عدم الحوار أو المفاوضات مع النظام القائم ) فهي تفتح الباب واسعاً للمزيد من العنف والعنف المضاد في حال عدم القبول بحلول سياسية للخروج من الأزمة , مثل – أتفاق جنيف – الذي توافقت عليه القوى الدولية والإقليمية والمحلية .
وأخيراً وليس أخراً الدعم الأمريكي المباشر ” روبرت فورد ” والقطري لولادة هذا الائتلاف يزيد من إشارات الاستفهام عن الدور المطلوب له .
ضرورة الائتلاف والدور المطلوب له
تدعى الولايات المتحدة الامريكية كاذبة بالخوف من سيادة وسطوه – الجهاديين والسلفيين – في المجلس الوطني , وهي الداعمة الاولى لهم عبر الوسطاء المحليين – تركيا والسعودية وقطر – والأمر لايعدو المحاولة الجديدة لإعادة ضبط هذه المجموعات الجهادية تحت السيطرة بعد التخوف من ” الجار الإسرائيلي ” لهم في حال أصبحوا واقعاً وحقيقة ” جاراً ” .
رفع جرعة الدعم لكيان الجديد – الائتلاف – عسكرياً في حال تم البدء – عملياً وعلنياً – بذلك, كما يمكن الاعتماد على ” الشرعية المفترضة ” للتدخل العسكري المباشر في حال الضرورة والقرار بذلك.
محاولة أمريكا الإمساك وبشكل شبه مباشر ببعض الأطراف للأزمة – المعارضة – بدون الوسطاء المحليين.
الرسائل السياسية المباشرة والغير ذلك بين القوى الدولية – روسيا, أمريكا – في مجمل تعاطيها بالصراع على سورية.
الأوهام والحلول
مما لاشك فيه بأن النظام السوري يشعر – وبقصر نظر – إلى ما يحدث في المعسكر المقابل ” المعارضة ” بعين الرضا والتشفي ” , غافلاً عما يصيب المواطن السوري من زيادة وتيرة العنف والعنف المضاد , ومتجاهلاً لحقيقة أساسية يدركها الجميع : النظام في سورية سقط أكثر مما يتصور النظام نفسه !!! , والمؤسسة الوحيدة التي ماتزال متماسكة – ليس بوصفها مرتكز من مرتكزات النظام ورموزه – هو الجيش الوطني السوري .
والحال كذلك يجب العودة إلى التوافقات ” الأولية ” للمعارضة السورية مجتمعة في مؤتمر قادم يجمع كل أطياف المعارضة في ظل التوافق على وثيقة العهد الوطني ووثيقة المرحلة الانتقالية , وعلى أرضية التوافق الدولي الذي يجب إعادة تنظيمه وفق صيغ ورؤى جديدة بذات المضامين – الحل السلمي والسياسي للأزمة – إتفاق جنيف 2 للخروج من حالة الصراع على سورية إلى حالة الصراع في سورية .
13-11-2012