صفحات الثقافة

الاربعاء, الخميس, سوريه


 نادر الرنتيسي

.. هكذا أعادَتْ صديقَةٌ تَرْتيبَ تسمِيَةِ أيﱠامِ اﻷسبوعِ على صفْحَتِها ” الفيسبوكية ” ، واختَصَرتْ جدﻻً حَميداً في إعطاءِ عنوانٍ دائِمٍ ليومِ الجمعة الذي صارَ منذُ حريق ” بوعزيزي ” الكانونيﱢ، بعثَ الناس، وقيامَةَ المستبدﱢ، وعقابَ الدنيا ﻋﻠﻰ ” الذين طغوا في البﻼد ” ، وفيه أيضا .. أكثر الصلواتِ ثواباً ! واليوم ” سورية ” من اﻷسبوع، أول النهار يأتي من ” درعا ” ، لما تكونُ الشمسُ حمراءَ كالدم العذب، خَجِلَةً من البنادِقِ التي انْحَرَفَت بكامل درجات اﻻستغراب من الجنوبِ الغربيﱢ، حيثُ يستظلﱡ الجنديﱡ السداسيﱡ النجمَةِ تحت الهضبة المحتلة، إلى الشمال الشرقيﱢ حيثُ ﻻ تسلم مئذنة مسجد ” موسى بن النصير ” من اﻷذى !

نهارٌ واضحٌ، ﻻ ليلَ فيه أو مساء خفيفا، ويكونُ أوضح في ” ﺣﻤﺺ ” ، حين تبدأ المظاهرَةُ التي تمشي بأثرها البﻼدُ كلّها إلى حياةٍ جديدةٍ، ويكونُ اليوم فيها بأربعين عاماً، أطولُ من يوم سجين في متر مربﱠع بسجن ” عدرا .” اﻵن الوقتُ منتصف الحرية .. ؛ ﻓﻔﻲ ﺣﻲﱢ ” باب السباع ” تحديداً ﻻ تغيبُ الشمسُ، وكلﱡ يوم هو ” ﺟﻤﻌﺔ ” أو ” سورية !” سينضمﱡ فتيَةٌ آخرونَ ” آمَنوا بربﱢهم ” فقط، إلى ” الجيش الحرﱢ ” هذا النهار، يَعْبرونَ ” العاصي ” ذهاباً وإياباً، وسيُعلنُ في التلفازِ عمﱠا قريبٍ عن عمليﱠةٍ نوعيﱠةٍ تكسِرُ ضلعَيْن على اﻷقل لـ ” فرع إدلب .” سيتقلﱠصُ ” الجيش النظاميﱡ ” ﻣﻊ مرور اليوم .. جندي أو اثنين أو ثﻼثة .. ؛ عدَدٌ ﻻ بأس به سيُغادرُ ” الثكنات ” الرطبة، فتتساوى الرتب العالية والمتدنية في الشهادة على إسفلت ” طريق الحرير !” لكنﱠهُ يومٌ شاق بﻼ شك، سيَرْتفِعُ فيه منسوبُ الدمِ ﻷنﱠ جراحاً طارِئَةً ستنزفُ من اﻷوردَةِ الرحبَةِ كأمَلٍ على فوهة نفقٍ طويل، سيختصِرُ اﻷئمﱠةُ خطبَةَ الجمعة إلى سطرَيْن ودُعاءٍ، وتخرجُ المظاهرةُ من اﻷزقﱠةِ إلى ” ﺳﺎﺣﺔ الساعة ” ، حيثُ الوقتُ يُشيرُ إلى ” الشام ” إﻻﱠ نصف الطريق، وخمس إشارات صريحة المعنى على اللون اﻷخضر، باتجاه ” ﺣﻠﺐ !” ﻻ يخلو اليوم من التفاصيل الفائضَةِ : اجتماعٌ جديدٌ للجنة الوزاريﱠة العربيﱠةِ لبَحْثِ منعِ تهريبِ السجائر اﻷميركية إلى سورية،

تحليلٌ سياسيٌ متفائلٌ يتوقﱠعُ أنﱠ أيﱠامَ اﻷسَدِ باتت معدودَةً، كما الوقتُ القصيرُ للكائناتِ التي ﻻ تتمتﱠعُ بألفة دائمَةٍ، وكﻼمٌ كثيرٌ في نشرَةِ اﻷخبار المفصﱠلَةِ عن ” التدويل ” الذي تأخﱠرَ خشيَةً من ” عراق جديد ” ، حتى لو بقيَ الحالُ على ” عراق قديم !” ﻻ أحد يُريدُ ” إسقاطَ النظامِ ” ، إﻻ الشعب السوري : العربُ يفكﱢرونَ في طريقَةٍ خاليَةٍ من الحَرَج تُعيدُ ” حماة ” إلى ” المقبرة ” ، لتدفنَ شهداءها في الليل خشية خدش شعور الجنديﱢ ” النظاميﱢ ” ، الروس يهمﱡهم ثبات أسعار صفقات السﻼح واختبار جودَتِها في ” الريستن ” ، تركيا و ” الناتو ” لديهما نوايا حسنة تجاه المدنيين اﻷبرياء، لكنﱠ ” ساعة الصفر ” ليست في أيديهم .. ؛ هي ” واقفَةٌ ” اﻵنَ على الحائط اﻷميركيﱢ تنتظرُ اللحظَةَ المناسبة وفق تقويم ” أمن إسرائيل !” ” يا وحدهم ” السوريون، ” ﻻ إخوة لهم وﻻ أصدقاء ” ، في مواجهة دائمة هم مع الموتِ بﻼ تردﱡدٍ .. ؛ فلم يراوغه

النشطاءُ العراةُ، يصادفونه وجهاً لوجه، وحدثَ كثيراً أن خجِلَ الموتُ من عيونِهم وقرﱠرَ الحياة معهم قليﻼً حتى يفرغَ ” ﺣﺴﻦ ﻧﺼﺮ ﷲ ” من الصراخ الطائفيﱢ المريض، ويتخلﱠى عشرة مثقفين أردنيﱢينَ أو أكثر عن ” التشبيح الثقافيﱢ ” ، وادعاء أنﱠ مفاتيحَ القدس في ” قلب اﻷسد !” يبدأ من اليوم اﻷسبوع، ويعود الوقتُ إلى حكمَةِ الزمانِ : فﻼ ثورة تخسر، وﻻ شعب تتأخﱠرُ الحياة عنه إذا أرادَها، تهرولُ إلى اﻷمام، وﻻ تنتظرُ الراجفين .. ؛ فاليوم ” سورية ” ، وغداً السبت !

الغد الاردنيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى