الاسلامية والثورة السورية.. عينة من الآراء
غسان المفلح
تعليق حول ما يعتقد أنه يشكل الصبغة الاسلامية للثورة ناقدا، بقية الزملاء أو غيرهم ممن يتحدث بشكل آخر، كتب الزميل أحمد زيدان المعراوي” عضو المجلس الوطني السوري؟ الى المتخوفين من الصبغة الإسلامية التي تظهر كسِمة رئيسية جلية على غالبية مُقاتلي الجيش الحُر و الثُوار. المتخوفون من هذه الظاهرة من يساريين وعلمانيين وليبراليين ومسيحيين وغيره، ممن أيضاً يحاول إنكار هذه الصُبغة و عدم القبول بها: تفضلوا انزلوا و شكلوا كتيبة بطابع علماني، وسموها كتيبة ال تشي جيفارا أو كتيبة غاندي (السلمية) أو كتيبة نيلسون مانديلا أو كتيبة ماركس أو كتيبة الأب جورج أو كتيبة القديس مطانيوس، و خوضوا الحرب بساحات الوغى و اثبتوا للعالم بأسره بطولاتكم “ذات الطابع الغير الإسلامي” ولا الحرب مو شغلتكم و كل مين إلو شغلتو!!!! يعني الشباب المسلم المؤمن شغلتو يحارب الطُغاة، و يقدم خيرة أبناؤه شُهداء في سبيل حريتكم، بينما يأتي دوركم ساعة الحصاد؟؟”.
إن الزميل يحاول أن يوجه تحدي صريح بوجه التيارات غير الاسلامية، تحد باتجاه وحيد، وهو تحدي قيام هذه التيارات الليبرالية واليسارية والعلمانية عموما، بتشكيل كتائب مسلحة، وتسميتها بما يترتب على فهمهم وقناعاتهم، والتي لن تكون تسميات اسلامية بالتأكيد..وهنا يحيلنا هذا التحدي، إلى أن معظم هذه التيارات وناشطيها، كانوا منذ البدء يحاولون أن يجنبوا الثورة أية إشارات ذات طابع إسلامي محض، لكي لاتندرج طائفيا ويستخدمها نظام العصابة الأسدية، ومن جهة أخرى لكي يصبغون طابعا علمانيا واضحا على الثورة وناشطيها وخطابها، من جهة وللحرص على الصورة المراد تقديمها عن الثورة للعالم في ظل الاسلاموفوبيا التي تجتاحه خاصة قبل الربيع العربي..وتباين التعامل مع هذه الاشكاليات بين تيار وآخر أو تجمع وآخر أو بين ناشط وآخر..أثار هذا التعليق للزميل نقاشا واسعا نسبيا بين الزملاء اعضاء المجلس الوطني، وجاءت ردود أخرى من اصدقاء ومهتمين بعدما نشرته على صفحتي الفيسبوكية، كالدكتور عبد الرزاق عيد اقتطع من تعليقه”أما باقي الأصدقاء الذين ينعون على العلمانيين واليساريين والليبراليين المتخوفين من الصبغة الإسلامية.. ويتحدونهم النزول والمنافسة الأرض…فأنا أرى في الأمر مبالغة وتضخيما وافتعالا لمشكلة غير موجودة، ولذا فقد تولد لدي الشك ولا يزال حول من أصدر هذه الوثيقة…لأني لم أجد فيها سوى مصلحة ظاهرة لعصابات النظام اللاعب الأساس على تفعيل هذه المتناقضات. لماذا هي مبالغة : لأننا لا نرى في بيانات وبرامج ومواقف العلمانيين واللليبراليين واليساريين فوى وأحزابا وأفرادا ممن عبر عن هذا التخوف سوى الشاعر أدونيس… بل أستطيع أن اؤكد لكم أن الكثير من الشباب في أعماركم الشجاعة من طوائف أخرى أعرف أباءهم يخرجون إلى التظاهرات في سوريا من الجوامع…لأن الجامع هنا ما عاد حيزا لطقوس وعبادات مذهبية خاصة، بل أصبح فضاء شاسعا للوطنية والحرية، ورمزا تاريخيا لوحدة الهوية الحضارية للأمة التي يمثل لها مرجعية التعددية الحضارية والثقافية..”.
وشارك الدكتور فاضل الخطيب،الذي رد على كلام الزميل “أعتقد أن في هذا الرأي بعضٌ من “حَوَل” سياسي.. وهذا لا يعني تبرير مواقف الباحثين عن مبررات هزيمتهم وصمتهم المخجل.. انتقاد بعض أخطاء وسلوكيات بعض الثوار المعارضين يساهم في تقويم المسار.. لا أحب أن تظهر كتائب للجيش الحر تحمل ما يشير إلى خلفية طائفية.. هل يرضى البعض إذا شكل بعض الثوار كتيبة القرامطة، أو ما يشبهها.. أعتقد الدقة في استخدام الخطاب الذي يحاكي العالم مهم جداً، وأعتقد أن “تخلف” الخطاب السياسي عندنا يساهم في عدم ظهور تحركات شعبية في أوربا للضغط على حكوماتها”.
وفي ذات السياق كتبت الناشطة والكاتبة نينار حسن، والتي تنحدر من الطائفة العلوية كتبت بعامية مخاطبة الشباب ( نعم يا صديقي “المتعلمن المتلحدد” المثقف الحضاري الواعي، ويللي دخنة سيجارتك عبت البيت…الشهدا اللي عم يموتو كتار منن اسلاميين، واحد اسمو مصعب ما اسمو طوني، واحد دقنو بلا شوارب وماعامل سكسوكة محنجرة متل اللي بتعملها ماكينتك الجديدة، وواحد استشهد وهو مصلي اخر كم ركعة ومتوضي قبل المظاهرة.. الصبية اللي اعتقولها وعذبوها واغتصبوها محجبة مو سبور متلي ومتلك، وقبل ماتنام بدل ما تسمع هاني شاكر وفيروز وبتهوفن وزياد ومايكل جاكسون، بتقرا قرآن. أبوها مو متل ابي، ما بيهديها قنينة عرق او نبيد شغل ايدو، بيهديها يمكن مصحف، او سنسال دهب فيو حرف اسمها. الجثث المحروقة بالامن الجوي بحلب لمسعفين شباب، مسعفين، يعني تحت الرصاص والضرب في ناس مدينة بحياتا لجثة متفحمة ومرمية بالمشافي.في أم هللا عم تقرا قرآن وتحمد الله على كل شي وتشكرو انو ابنا راح شهيد وهو هللا اكيد بالجنة عم يتعوض عن العذاب اللي تعذبو والالم اللي حسو باخر لحظات من حياتو.في أخت ورفيقة وحبيبة مو متلي، ما بتكفر بالله ولا بتلومو بعد هالمصيبة اللي صابتا..في أب محروق وعم يصللي لان الصلاة بتريحو اكتر من الكاس يمكن..اي، اللي عم يموتو مو كلن بيشبهوني وبيشبهوك..اذا ماعندك الله خلي عندك ضمير…صدقني ما بيفرقو كتيرشوف الله بعيون العالم، وحبو لان بيشبه عيونناو صلح الضو المنزوع بقلبك وشعلو.. وخليه يدلك عالطريق القصة ماعادت سياسة… القصة قصة انسان: انت يا انسان.. يا مو انسان….).
هذا النقاش الذي بدا الآن ساخنا في اجواء القتل والدمار التي تقوم بها العصابة الأسدية، وصلت حد ذبح أطفالا بسكين مطيفة المبنى والمعنى…وكما كتب الصديق عمر قدور عن مجزرتي الحولة والقنيبر.
“لا تُرتكب المذابح لعَوْز في أدوات القتل المتطورة، فأنصار النظام يدخلون المناطق المنكوبة تحت ستار كثيف من النيران، ويقتحمون البيوت المنكوبة حيث لا مجال مطلقاً للقتل من طريق الخطأ، أي أن استهداف النساء والأطفال مقصود بحد ذاته، وهو في صميم الرسالة التي لا تبتغي الترويع فقط بل تذهب مباشرة إلى الإبادة الطائفية. التصريحات الدولية التي تلت المذابح عن حرب أهلية سورية تدل أيضاً على وصول الرسالة إلى تلك العناوين، أما إصرار شريحة واسعة من السوريين على استبعاد المركب الطائفي ووضع الصراع في خانة الانقسام السياسي فقط فربما لا يصمد طويلاً أمام الطعنات المتتالية”.
هذه العينة من الاراء وغيرها كثير والتي ساحاول مناقشتها في مقالات لاحقة، تحاول نقاش موضوعة العلمانية والاسلامية في الثورة، من جهة تطرح مسألة الطائفية أيضا، وانحيازات كل رؤية من جهة أخرى، وكل منها يحاول رؤية مستقبل سورية ضمن مقارباته هذه، لكنها كلها لم توقف المجازر، التي تطورت وسائل القتل فيها، وطرائقه، كما اشار عمر قدور، في مقاله الرائع.. السكين إذ تقول ما لا يقوله الرصاص بجريدة الحياة ٢٣ يونيو ٢٠١٢…يتبع
ايلاف