صفحات الرأي

الانتفاضات العربية والعولمـــة


 

شبل سبع *

أنظمة ما قبل الانتفاضات العربية دخلت العولمة باكراً، ولو من الباب الضيق وبتفاوت كبير. أنور السادات كان أول من رفع شعار «الانفتاح الاقتصادي»، الذي نادت به «مدرسة شيكاغو» الليبرالية، وكانت التشيلي أول من طبق قواعدها بعد اغتيال ألينده. إلا ان نجاح السادات كان محدوداً جداً بالنسبة لنجاحات التشيلي آنذاك، فهو لم يتمكن من رفع الدعم الحكومي لأسعار المواد الأساسية بشكل دائم، واصطدم في كل مرة بالشارع المصري، وبالتحديد سنة 1977 («انتفاضة الرغيف» التي أسماها السادات «انتفاضة الحرامية»). وتكرر الأمر مع مبارك وبورقيبة (1983) بعد ذلك. أنور السادات كان بالتأكيد أقل وحشية من الجنرال بينوشيه في قمع الشارع، بل عمد إلى التراجع عن أكثر القرارات التي اتخذها.

مقارنة مع أمريكا اللاتينية

لم تنته الثمانينيات من القرن الماضي حتى بدأت أميركا اللاتينية والمنطقة العربية وأوروبا وبعض دول شرق آسيا العالم تنفذ مبادئ الليبرالية الاقتصادية، من خلال وصايا «توافقات واشنطن» (Washington Consensus). فتخلت أميركا اللاتينية عن ديكتاتورياتها لمصلحة أنظمة يمينية متواطئة مع الولايات المتحدة، عمدت إلى فتح الحدود، والخصخصة، والتخصص بالتصدير للولايات المتحدة. فكانت نتيجة ذلك ما سمي «العقد الضائع»، إذ راكمت أميركا اللاتينية الديون من دون ان تتمكن من تصنيع البلاد، وارتفع النمو الاقتصادي المبني على الاستهلاك، تماماً كما حصل في تركيا منذ سنة 2002. بينما كانت المنطقة العربية هادئة (من الناحية الاقتصادية!)، والدول غير مدينة للخارج. والحقيقة أن «العولمة الليبرالية» استطاعت أن تخرق بشكل نسبي الدكتاتوريات في المنطقة العربية في التسعينيات، إلا ان أثرها كان محدوداً جداً، إذ ان الرساميل الأجنبية لم تدخل إليها بكثافة، وبقيت محصورة في القطاع المالي والسياحي، من دون ان تطال بشكل واسع القطاعين الصناعي أو الزراعي. أما الانفتاح الحدودي، فبقي محدوداً جداً، ولم يتعد استيراد بعض المواد الاستهلاكية من سيارات وحديد وثياب… الخ. لكل ذلك، فعندما حصلت الأزمات في أميركا اللاتينية ـ التي حولت كل الأنظمة تقريباً إلى أنظمة يسارية معادية للولايات المتحدة ـ لم تطل هذه الموجة الأنظمة العربية في العقد الماضي، فبقي «الفرعون فرعوناً والملك ملكا» في قيادة الدول.

متغيرات

هذه الحماية النسبية للأنظمة العربية في العقدين الماضيين لم تكن لتصمد طويلا أمام ثلاث متغيرات أساسية أدت إلى زعزعة أرضية كل الأنظمة العربية غير النفطية:

1 ـ بسرعة مذهلة، سمحت الخصخصة وفتح الحدود للمواد الاستهلاكية بظهور طبقة جديدة من الأغنياء غنى فاحشاً (تعد ثرواتهم بمليارات الدولارات) في كل الدول العربية. وهي ثروات مشارِكة للرأسمال الأجنبي، إذ ان أكثرهم وكلاء للهاتف النقال، والبناء العقاري، والسياحة، والمصارف، أي كل ما ليس له علاقة بالقطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية، حيث بقيت هذه الأخيرة تعتمد إلى حد كبير على القطاع العام ورأس المال الوطني الخاص. وهُمِّشت القطاعات المحلية الإنتاجية وانخفض نصيبها سريعاً من الدخل القومي. تمت تلك التحولات بمباركة صندوق النقد الدولي الذي كان مادحاً في كل تقاريره لكل الأنظمة العربية، ويشجعها على تكملة وتسريع المشوار الليبرالي.

2 ـ ارتفاع أسعار الطاقة من نفط وكهرباء وغاز… بشكل كبير وسريع بين عامي 2003 و2008. وقد أفقر ذلك الدول غير النفطية، خاصة أن الدعم والمساعدات الحكومية تذهب لدعم هذا القطاع، ويذهب الباقي لدعم المواد الغذائية.

3-الأزمة الكبيرة التي عصفت في كل الكرة الأرضية العام 2008، والتي أدت إلى انخفاض تصدير البلدان غير النفطية والرساميل الداخلة.

نتائج الحلقة الاولى من اللبرلة

إذا أضفنا إلى كل ذلك الفساد الكبير الذي حصل على كل المستويات، نخلص الى أن أحد أسباب الانتفاضات العربية التي وقعت منذ عامين، هو الخلل الكبير الذي حصل بين الأنظمة وقواعدها التاريخية، نتيجة الحلقة الأولى من «اللبرلة». فهذا النموذج من التنمية أهمل الفلاحين وأرياف المدن التي شكلت في السبعينيات من القرن الماضي قاعدة تلك الأنظمة، أي ان الشرخ ازداد بين الفئات التي يعتمد عيشها على الداخل والفئات الأخرى التي يعتمد دخلها على الخارج (استيراد ـ سياحة ـ وكالات). ولم يكن هذا الشرخ الناتج عن «اللبرلة» متساويا بين كل الدول. فالنظام الجزائري سلك هذا الطريق متأخرا نسبياً، بينما دخلت مصر وتونس «العولمة» منذ أكثر من عقدين.

التطور وفق النموذج التركي

ما كانت الأنظمة العربية لتستطيع أن تكمل المشوار مع الإبقاء على شكلها السياسي المتضعضع، كما لم يكن من الممكن أن يستمر بينوشيه بقمع شعبه في السبعينيات من القرن الفائت على تلك الصورة الوحشية من تصفية الناس جماعياً بعد تجميعهم في الملاعب الرياضية (من بين تدابير أخرى)، أو أن يستمر الجيش التركي في القمع الذي مارسه في التسعينيات. فالسلطات الغربية الداعمة لهذا الاتجاه، أُحْبطت من وتيرة الانفتاح في بعض الدول، البطيئة والمترددة، ومن حجم الفساد الهائل والمعيق في دول أخرى. لذا كان لا بد من إطار جديد قادر معاً على امتصاص النقمة الشعبية ومتابعة المشروع الليبرالي بشكل أعمق وأسرع. وبدت الفرصة متوفرة في الحكومات الاخوانية التي تلبَّست الديموقراطية والليبرالية معاً، وطرحت نفسها كبديل عن الأنظمة السابقة غير الديموقراطية، التي لم تتمكن من التخلي كلياً عن القطاع العام، وعن دعم المواد الأولية الغذائية والنفطية. وهذه الحكومات تتموضع تماماً كما تموضع حزب العدالة والتنمية في تركيا. الثورة هي «إسلامية ليبرالية ديموقراطية»، وكل ما هو غير ذلك مضاد للثورة (مثلا: اعتبرت السلطات التركية رفض فئات واسعة لخصخصة التعليم كحركات مضادة للديموقراطية!). فحزبا الإخوان في مصر والنهضة في تونس مشروعان ليبراليان جديدان يتبناهما الغرب وصندوق النقد الدولي (مؤقتاً!)، على أن يتطورا كالنموذج التركي. هذا ما «باعته» السلطات الجديدة وقطر وتركيا للغرب!

تجري الرياح بما لا…

لكن الظاهر أن المنحى والتطورات تذهب هنا باتجاه ما حصل في أميركا اللاتينية وليس ما حصل في تركيا. إذ اصطدمت الحكومات اليمينية في فنزويلا والبرازيل وبوليفيا وسواها، الخاضعة لصندوق النقد الدولي، بالقوى الشعبية التي أوصلت، كردة فعل عليها، لولا وشافيز وموراليس… الخ. والسخرية أن القاعدة الشعبية للأنظمة العربية الجديدة هي المتضررة أصلاً من الليبرالية الجزئية التي نفذتها الأنظمة السابقة. والسلطات الجديدة وصلت بفضل النقمة الشعبية، والفئات الشعبية هي الأكثر تضرراً من الاتجاهات الاقتصادية التي يطمح مرسي والغنوشي بتنفيذها، خاصة أن ذلك سيتم من خلال ازدياد نفوذ دول الخليج التي تسـتطيع بقدرتهـا الماليــة ـ الرقابيـة ان تنفق حوالي الـ200 مليار دولار من الفائض سنوياً لدعم أو لإسقاط أنظمة هذه البلدان العربية الفقيرة.

طموح موقت!

الأنظمة الجديدة ضعيفة، ليس فقط لأنها ناشئة، بل لأنها 1ـ لا تستطيع ان تسيطر كلياً على جيوشها، 2 ـ تحالفت مع السلفيين وهذا يشكل مشكلة للغرب، 3 ـ تعتمد على الخارج (صندوق النقد الدولي وقطر والسعودية) للنهوض بالبلاد.

بإستثناء النقطة الأولى التي بقيت غير محسومة كليا حتى الآن، لم يعان حزب العدالة والتنمية التركي، على الأقل في البداية، مسألتي الاعتماد على الخارج والتحالفات. يترتب على كل ذلك أن الحالة السياسية والاقتصادية في بلدان الانتفاضات العربية موقتة وغير ثابتة، وأن القوى المعارضة الأخرى، الوطنية، غير الملتزمة بصندوق النقد الدولي أو غير «المستزلمة» للقوى الخارجية، ما زال لديها دور كبير تلعبه في إيجاد ديموقراطيات تراعي كل الأقليات والأكثريات، من دينية وعرقية ولغوية، ولا تقتدي بشكل أعمى بالنظام الليبرالي الاقتصادي، الذي بدأت بعض الدول الغربية نفسها تتراجع عنه.

المطلوب نقد التصور الشائع بأن ماضي الدول الصناعية هو مستقبلنا، والتحرر منه لابتداع سواه، وبخاصة التخلص من فكرة أن الصراط المستقيم هو خارطة طريق صندوق النقد الدولي والعولمة اللبرالية.

* أستاذ الاقتصاد في جامعات أوروبية

الإسلاميون: الولاء للحزب… أم الوطن؟

د.خالد الحروب

عندما ينتقل أي قيادي حزبي من الأفق الضيق للحزب الذي ينتمي إليه إلى أفق وطني أرحب تضيق به جماعته، ثم لا تضيع فرصة لتهميشه أو التخلص منه. وتنخرط القيادات الحزبية في العمل الوطني والتنافس والصراع منطلقة من مقولة تسير في جينات أي حزب تنص على أن مصلحة الوطن هي في مصلحة الحزب، وأن العمل للثاني يعني خدمة الأول. ومع مرور الزمن ومواجهة الأزمات وتعقيدات الواقع تكتشف بعض هذه القيادات أن تلك المقولة ليست مطلقة، وأن مصلحة الحزب، لا تنسجم في كثير من الأحيان، مع مصلحة الوطن، وأن الأولوية يجب أن تكون دائماً للثانية حتى لو اضطر الحزب لتقديم خسارات تكتيكية. والتجربة والاحتكاك تنقل هذه القيادات من مستوى إلى آخر، وهو ما رأينا أمثلة كثيرة له في ممارسة الأحزاب الإسلامية في حقبة ما بعد “الربيع العربي”. والسلفي عماد عبدالغفور رئيس “حزب النور” سابقاً يكتشف هذا الاصطدام، فيصطدم مع بقية الحزب، لينتهي مستقيلًا ومؤسساً لحزب جديد اسمه، للمفارقة، حزب “الوطن”. ومشعل ينتقل إلى أفق وطني ما بعد حزبي بعدما يكتشف ضيق تحزب “حماس” وعنادها في أكثر من سياق، وهو ما يدفع إلى تهميشه، وربما إزاحته عن قيادة حركته. والجبالي، أحد القيادات التاريخية للإسلام السياسي في تونس ورئيس وزرائها بعد بن علي، يكتشف ضيق أفق الحزب ورغبته في الاستئثار بالسلطة، ويطرح تشكيل حكومة تكنوقراط تتجاوز أفق الحزب. وبعيد سقوط مبارك يكتشف عبدالمنعم أبو الفتوح كيف أن “إخوان” مصر لا زالوا تحت الأرض، ويفكرون بمصلحة الجماعة أكثر من مصلحة مصر، فيتركهم ويؤسس حزباً لـ”مصر القوية”. وهناك أمثلة أخرى كثيرة بطبيعة الحال.

وفي الشكل الحديث لممارسة السياسة ضمن إطار “الدولة- الأمة” تبلور الحزب السياسي بكونه شكلاً للتنافس بين الرؤى الإيديولوجية والمصلحية والسياسية في خدمة الوطن المعني. والحزب السياسي يفترض أن يكون هو الشكل الأكثر نجاعة لاستيعاب وتذويب الولاءات السابقة التي تعتمد على القبيلة، والطائفة، والدين، أي على العلاقات الغرائزية التي تشترط ولاءً أعمى يسبق الولاء للوطن وللدولة. والأشكال ما قبل الحديثة للتجمعات البشرية تريد تحقيق مصالح التجمع الصغير، الإثني، أو الطائفي، أو الديني، على حساب مصالح التجمع الكبير، الشعب. والحزب السياسي، بالتعريف النظري، يخترق تلك الحدود التقليدية وينضم الناس إليه لتحقيق مصالح مشتركة، بالخيار، وليس لأنهم سليلو عشيرة معينة، أو إثنية، أو ورثوا اتباع دين معين. والفروق الكبيرة بين المجتمع التقليدي والمجتمع الحديث من ناحية ممارسة السياسية والانتماء تكمن في أن الانتماء إجباري في الحالة الأولى (للعشيرة، والطائفة والدين)، واختياري في الحالة الثانية (للحزب، أو أي تنظيم قائم على المصلحة المشتركة)، وتكمن في أن الفرد يُعرّف في الحالة الأولى بـ”من هو” وإلى من ينتمي، وأن الفرد يُعرّف في الحالة الثانية بـ”ماذا يعمل” وماذا يُنجز -بحسب مفهوم “ماكس فيبر”.

وليست الأمور مثالية في الشكل الحديث لتسيس البشرية حتى في أفضل أشكالها الديمقراطية، ذلك أن مصالح الأحزاب تختلط وتبتعد عن طوباوية “خدمة الوطن”. ولكن هذا الشكل على سيئاته هو أفضل ما أنتجه الإنسان في سياق الصراع على الحكم وإدارة التنافس بين مكونات أي مجتمع بشري. وفي المنافسة بين الأحزاب، وفي المنافسة بين القيادات الحزبية، وفي المنافسة على رئاسة الدولة، هناك غايات حزبية وإيديولوجية، وهناك طموحات وتوق شخصي للوصول إلى القيادة، ونزعة فطرية لحب الرئاسة وقيادة الآخرين، ولكن هذه الغايات والطموحات والأنانيات تشتغل تحت ضوء الشمس وفي سياق حريات عامة. وعوض أن تصطرع بالعنف، تتنافس بطريقة سلمية وحزبية، وهي الطريقة التي تخلف أقل قدر ممكن من الدمار. ومعنى ذلك أن نسبة المصلحة الحزبية أو الشخصية مقارنة بمصلحة الوطن تكون مكشوفة للرأي العام، والرأي العام هو الذي يقرر عبر صناديق الانتخاب. ومعنى ذلك أيضاً أن هناك اعترافاً واقعياً وتصالحياً بأن التنافس السياسي الحزبي ينطوي على قدر كبير من الرغبة والطموح الشخصي الذي يرفع راية “خدمة الوطن والشعب”. وطالما أن المرشح للرئاسة، الذي قد تقوده طموحاته الشخصية أكثر من دافع خدمة الوطن، سيضطر لخدمة الوطن ومحاولة إثبات أنه الأفضل عن طريق الإنجاز والخدمة وذلك لتحقيق أحلامه الشخصية في المجد ودخول التاريخ، فلا ضير في أن تتحقق مصلحته عن طريق تحقيقه لأقصى قدر من المصلحة العامة. وطالما أن الحزب يحقق مصالحه مع إنجازات المصالح العليا للوطن فلا ضير في ذلك.

ولكن هناك ما هو أخطر من الطموح الفردي للوصول إلى القيادة والرئاسة، وهو ما يمكن ترويضه عبر آليات محاسبية ورقابية وفصل للسلطات. والخطر الحقيقي في الحياة الحزبية يتمثل في الأحزاب عميقة التأدلج أو ذات البعد الطائفي، أو العشائري، أو الإثني، أو الديني. ففي هذه الحالة تسود المصلحة الإيديولوجية، أو الطائفية، أو القبلية، أو الإثنية، أو الدينية، على أي شيء آخر، حيث يتم اختصار الوطن والمصلحة الوطنية بكونهما لا يتحققان إلا من خلال تحقيق مصلحة الحزب المعني. وهنا ترتبك الأمور وتختلط ليس فقط على الأفراد والقواعد التابعة للأحزاب، وهم دائماً مقودون بالتعليمات العليا وأوامر الحزب وعليهم السمع والطاعة، بل يطال الارتباك القيادات نفسها المنهمكة في الدفاع عن الحزب حتى العظم، ولو أدى ذلك إلى تدمير مصلحة الوطن.

ولكن ماذا يفعل الحزبي الذي منح حزبه زهرة شبابه وقضى فيه سنوات طويلة من عمره، طواعية وعن خيار حر، عندما يرتبك ضميره الوطني ويكتشف أن انتماءه وولاءه لحزبه صار يعاكس ولاءه لوطنه، وأن مصلحة الإثنين لم يعد يراها منسجمة كما كان يراها سابقاً؟ الفكرة الابتدائية في التحزب السياسي عند غالبية أفراد أي حزب تفترض أن خدمة الحزب هي خدمة للوطن، وأن تحقيق مصلحة الأول يعني تحقيق مصلحة الثاني. وتتكاثر الحالات التي يبرز فيها هذا الاشتباك والتشظي على مستوى الضمير الوطني والولاء الحزبي عندما ينتقل الحزب من العمل السري إلى العمل العلني، ويكتشف كثير من الأفراد أن الحياة السياسية تحت الشمس غيرها تحت الأرض، وأن تعقيدات الواقع غير خيال المثال المجنح. وتحت الشمس وفي ضوء الحرية تختبر المقولات والإيديولوجيات وبعضها، إن لم يكن كلها، تتواضع طوباوياتها وتصبح أكثر عقلانية، وتبرز ثنائية مصلحة الوطن ومصلحة الحزب. والحزب الناجح هو الذي يتأقلم بأسرع وقت ممكن ليتواءم مع مناخ الحرية ويتخفف من وطأة الحزبية والسرية والانغلاق وينفتح على أفق وطني. والحزب الذي يفشل في ذلك يفقد عناصره، أفراداً وجماعات، ذلك أنهم في مناخ الحرية يرون الأشياء بطريقة مختلفة. وهذا ما حدث مع كثير من منتسبي الأحزاب الإسلامية في مصر وتونس وليبيا واليمن والأردن والمغرب وفي كل بلد انفتحت فيه آفاق للعمل السياسي. انتقل حزبيون إسلاميون كثر من أفق الحزب إلى أفق الوطن، وتمردوا على المعادلة المؤدلجة التي تنص عليها دساتير أحزابهم بأن مصلحة الوطن هي مصلحة الحزب.

جريدة الاتحاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى