البرتقالة التي تقشرّينها هي أصابعي/ كروس عبد الملكيان
ضبابٌ في الغرفة
يُشاهَدُ منكِ خاتمُ ذهبٍ فقط،
ومِنّي
الخبزُ الذي أحضرته إلى البيت.
لقد تكاثف الضبابُ في غرفتنا.
لمرّاتٍ عديدةٍ
وضعتُ، عن طريق الخطأ، شفتيّ على الجدار.
القبلات المهدورة
هي غناء ذلك الكنار الحزين
الذي يغنّي على الأوتوستراد،
أو عبيرُ شعركِ
في ليالي الزكام.
الضبابُ تكاثفَ في غرفتنا،
والبرتقالة التي تقشرّينها
هي أصابعي.
من الماء الذي أشربه
يأتي صوتُ بكاء.
تكاثفَ الضباب
وأيامنا هي لعبة “غمّيضةٍ” في العتمة:
أنا أختبئُ في الغرفة،
وأنتِ
تغمضين عينيكِ
وتنامين.
فيدريكو غارثيا لوركا
مشيتُ في كلماتك
وعرفتُ لمَ هو واحدٌ
الدمُ الذي يجري في قلبي وقدميّ.
ولمَ تبقى “الخامسة عصراً” أحياناً
لساعاتٍ متوالية
في غرفتي.
أعتقدُ أنّ الطلقة التي أطلقت نحوك
كانت كأس ماءٍ مسكوبٍ
على غابةٍ مشتعلة.
الاحتراقُ بالنار التي تشعلها
ممتعٌ
كإشعال سيجارةٍ بالشمس.
على أسلاك الكهرباء
واليوم
شفيفون نحنُ لدرجةٍ
يُشاهَدُ القتلةُ بداخلنا.
بحرُ مدينتنا،
لشدّة تعبه،
ينسجُ العنكبوتُ شبكتهُ
فوق أمواجه.
ليت أحداً ما يحوّلُ هذه الأفاعي
إلى عصيّ،
وليت من كان يلعقُ عظامي
لم يحفظ قصائدي عن ظهر قلب.
أرغمنا النَّحلَ
أن يحضر العسل من الأزهار السامّة،
والعصفور الواقفُ على سلك الكهرباء منذ سنين
يخافُ من غصن الشجرة.
قل لي
كيف أضحك
وقد زرعوا الألغام حول شفتيّ؟
قائفو الأزقة المسدودة نحن،
لدينا كلامٌ متعَب.
هذه المرّة
أرسل نبيّاً
يصغي فقط.
حصتك
يداي لا تستطيعان،
كلا، لا تستطيعان أبداً
أن تقسّما هذه التفاحة بعدالة.
أنت تفكّر بحصّتك،
وأنا بحصّتك.
كي تصبحَ عاشقاً..
كلّا،
كي تصبحَ عاشقاً
لا تبحث دوماً عن المطر والربيع والأقحوان.
أحياناً
عند نهاية أشواك صبّارةٍ
تصل إلى برعمٍ
يضعُ القمر على شفاهك.
فلاش باك
لم يعد ثمة متسعٌ من الوقت
تعال ليعانق أحدنا الآخر؛
فغداً
إمّا سأقتلكَ أنا
أو أنّكَ ستغسلُ السكّينَ في الماء.
هذه الأسطر القليلة
تختزلُ الحياة:
من الأفضل أن يبقى الإنسانُ صغيراً
من الأفضل ألا يولد.
أو لأقل لك:
أعِد هذا الفيلم إلى الوراء قليلاً
إلى أن يصبح معطف الجلد في واجهة المحلّ
نمراً
يركضُ في السهول البعيدة،
وتعود العكاكيزُ إلى الغابة سيراً على الأقدام،
والطيور
تعود ثانيةً إلى..
الأرض..
كلّا!
أعدهُ إلى الوراء أكثر
دع الله يغسل يديه مرّةً أخرى
وينظر في المرآة،
فلعلّه يقرّر
شيئاً آخر.
تأملات وشكوك
ساورني الشكّ
باسمكِ أيضاً،
بالأشجار
وبأغصانها التي قد تكونُ جذوراً.
لعلّنا نعيشُ تحت الأرض منذ سنين طويلة.
من الذي غيّر العالم؟
لماذا تحلّق الطيور في معِداتنا؟
ولماذا تؤخّرُ الحبوب ولادتي؟
منذ سنين طويلةٍ نعيشُ تحت الأرض،
وربّما سأولدُ ذات يومٍ في السبعين من العمر
وأشعر أنّ الموت قميصٌ نرتديه،
وبالإمكان إغلاق أزراره
أو تركها مفتوحة،
وبالإمكانِ رفعُ أكمامه..
بالإمكانِ..
أنا
تخيُّلات سجينٍ
عن الفصول وراء الجدار.
بلا عنوان
ليست ضربات القلب،
إنه وقع قدميكِ
عندما تركضين في صدري، في الليل.
آن لكِ أن تتعبي قليلاً
آن لكِ أن تتوقفي.
كروس عبد الملكيان: شاعر إيراني، ولد في طهران عام 1980، وهو ابن الشاعر الإيراني المعروف محمد رضا عبد الملكيان. يعمل محرراً في قسم الشعر في دار نشر (جشمه- الینبوع).
يُعتبر غروس من ألمع الأسماء الشعرية في إيران خلال السنوات الأخيرة.
تتميز قصائده بالتراكيب الشعرية المبتكرة، وبالذكاء والحساسية العالية في صياغة المناخ الشعري.
ترجمت أشعاره إلى لغات عديدة، منها الإنكليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والعربية والكردية، وغيرها..
أعماله الشعرية:
الطائر الخفي (2002)- ألوان العالم الزائلة (2004)- السطور تغيّر أماكنها في الظلام (2008)- الحُفر (2010)- لا شيء جديداً مثل الموت (2013)- القبول (2014).
المترجم: الترجمة عن الفارسية ماهر جمّو
ضفة ثالثة