البيان الختامي للقاء اسطنبول التشاوري نحو تشكيل المجلس الوطني السوري
اجتماع اسطنبول التشاوري (20 – 23 آب/ أغسطس 2011)
5نحو الإعلان عن المجلس الوطني السوري
تشهد سورية ولادة فجر جديد للحرية يصنعه الشعب السوري بدمائه وتضحياته على الأرض في مواجهة نظام استبدادي فاسد فقدَ كل مشروعية أخلاقية وسياسية ولم يبق منه سوى جانبه الأمني القمعي، وما عاد مقبولاً أن تبقى سورية بعد اليوم رهينة بيد نظام دموي مجرم.
يأتي اجتماع اسطنبول تتويجاً للاجتماعات والمؤتمرات التي عقدت خلال الأشهر الماضية، وكان على جدول أعماله بحث السبل الكفيلة لتشكيل مجلس وطني سوري تشارك فيه مختلف مكونات الشعب السوري لضمان وجود مرجعية وطنية في هذه اللحظة المفصلية.
وقد استعرض المجتمعون حصيلة المبادرات والوثائق والبيانات والمؤتمرات داخل سوريا وخارجها، بدءاً بما عرضه شباب ائتلاف الثورة، ولجان التنسيق المحلية، واتحاد تنسيقيات الثورة، والهيئات والتنسيقيات الأخرى، مروراً بما قدمته القوى السياسية كإعلان دمشق وهيئة التنسيق الوطنية ومبادرة الأحزاب الكُردية والمؤتمرات الوطنية على اختلاف مسمياتها، والمبادرات والاجتماعات التي حملت أسماء مثقفين سوريين أو علماء دين أو رجال أعمال وغيرهم.
وقد أعاد المجتمعون التأكيد على المبادئ الأساسية التالية:
1- وحدة الهدف ممثلاً بإسقاط النظام الأمني القمعي والانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية تعددية، تكرس سيادة الشعب وحُكم القانون وفصل السلطات والمساواة التامة بين مواطنيها، وضمان حقوقهم وحرياتهم من دون تمييز بسبب الجنس أو المذهب أو الاعتقاد أو الانتماء القومي.
2- التغيير الوطني المنشود هو فعل داخلي محض يقوم على رفض التدخل الأجنبي الذي يلحق أضراراً بالسيادة الوطنية ووحدة التراب الوطني، وإن أساس أي علاقة مع الدول والحكومات هو المصالح الوطنية العليا، وعدم الخضوع لأي ابتزاز يقوم به النظام الحاكم الذي يجعل من نفسه مقياساً للوطنية، التي تحولت على يديه أداة لاستمرار الاستبداد وتأجيل الاستحقاق الديمقراطي وأداة لقمع الحريات.
3- التأكيد على الطبيعة الوطنية الشاملة للثورة السورية، والتي لا تمثل تحركا فئوياً أو توجهاً لاستهداف فئة بعينها في المجتمع السوري، و على محاربة أي شكل من أشكال الفتنة الطائفية أو التمييز الإثني، وإدانة كل من يمارسهما أو يدفع إليهما.
4- التأكيد على مبدأي سلمية الثورة ونبذ العنف والمحافظة عليهما، وتثبيت مبادئ العدالة والتسامح، لا الثأر أو الانتقام، كناظم لمعالجة أية خصومات بين السوريين، وإزالة آثار الغبن الذي تراكم خلال عقود جراء سياسات النظام الاستبدادية.
ونعلن تقديرنا لنداء شباب الثورة لتوحيد جهود المعارضة في الداخل والخارج، ونضم صوتنا إليهم من أجل بذل كل الجهود الممكنة لمشاركة جميع القوى والتكتلات والشخصيات الوطنية وقوى شباب الثورة في مبادرة تكوين مجلس وطني سوري يضمن أوسع تمثيل وطني يساهم في بلورة المواقف السياسية وإنجاز المهام المتعلقة بالعلاقات العربية والدولية والأوضاع الحقوقية والإنسانية التي لم يعد من الممكن تجاهلها أكثر. وفي هذا السياق نرحب بجهود جميع المكونات الفاعلة لشباب الثورة في الداخل كلجان التنسيق المحلية واتحاد التنسيقيات ومجالس وائتلافات الثورة الأخرى، والتي تهدف لتوحيد طاقاتهم وأطرهم، وكان آخرها الهيئة العامة للثورة السورية، ونراها مرحلة متقدمة من مراحل النضج السياسي.
إن تأسيس مجلس وطني يجمع المعارضة السورية لا يعني تخلي أي طرف عن هويته السياسية، وإنما الارتفاع إلى مستوى الوطنية الجامعة، وتشكيل أداة ضرورية للتنسيق بين مواقف الأطراف المختلفة وتوحيد جهودها، في وجه النظام الظالم، وأمام القوى الخارجية.
ولا شك أن هذا المجلس يمثل في الظروف الراهنة جزءاً من شبكة أمان وطنية لا بد منها من أجل ضمان السلم الأهلي، وتحقيق التوافق الواسع حول عملية التغيير. وقد رأى المجتمعون أن غياب هيئة سياسية موحدة ومتسقة لمواكبة مسيرة الثورة، وتشكيل هويتها، وترسيخ مكاسبها الميدانية، والرد الناجع على التحديات التي تواجهها، سواء ما تعلق منها بالتصعيد الأمني الذي يمارسه النظام أو بتنسيق علاقاتها مع المحيط العربي والدولي الذي بدأ يتعاطف معها؛ هو الثغرة الأخطر في مسيرة سورية نحو الدولة المدنية الديمقراطية.
إننا ننطلق في رؤيتنا لتشكيل المجلس الوطني من الاعتبارات والمعايير التالية:
1- البناء على ما تم إنجازه في الفترة الماضية من جميع أطراف المعارضة في الداخل والخارج.
2- يشكل المجلس الوطني السوري في اللحظة الراهنة استجابة للحاجة الضرورية للثورة، على الرغم من الإقرار في هذه المرحلة بصعوبة استيفاء كافة الشروط والمعايير لإطلاق مجلس وطني منتخب يمثل جميع الأطياف السياسية والشرائح الاجتماعية في سورية.
3- ضرورة أن يكون شباب الثورة ممثلين في هذا المجلس بالطرق التي يختارونها، رغم معرفتنا بمخاطر اللحظة الراهنة. ولقوى الشباب الثائر أن تختار بين أن تكون في الهيئة أو أن تنسق معها.
ولهذا الغرض شكل المجتمعون لجنة للتواصل مع شباب الثورة والقوى والتحالفات السياسية داخل سورية ومع المبادرات والمؤتمرات في الداخل والخارج. وستقوم اللجنة بمناقشة ما توصلت اليه مع الأطراف الأخرى داخل سورية وخارجها، من أجل بحث كافة السبل الكفيلة بتوسيع نطاق المشاركة والتمثيل.
إن اجتماع اسطنبول التشاوري، الذي ضم سياسيين وناشطين وأكاديميين وخبراء، أعدّ رؤيته ووثائقه وملامح هياكله التي سيتبادلها مع الآخرين في الداخل والخارج بما يضمن ولادة المجلس الوطني السوري المنتظر. ويعتبر المشاركون أن أعمال تأسيسه وانطلاقه قد بدأت، وهم في حال اجتماع مستمر من أجل تحقيق ذلك في موعد أقصاه أسبوعان بما يتيح للداخل وشباب الثورة والمبادرات الأخرى استكمال تصوراتهم بهذا الشأن.
إن الأزمة الراهنة ترتب على الشعب السوري بكل فئاته، خاصة الذين لم يعلنوا رأيهم بعد، ضرورة المساهمة في عملية التغيير السلمي الديمقراطي، كي نحافظ جميعاً على سوريا آمنة ونحفظ دماء السوريين ووحدتهم المجتمعية من جرائم النظام، مع التأكيد على سلمية الثورة ورفض العنف.
أخيراً يتوجه المشاركون في اجتماع اسطنبول التشاوري إلى الشعوب العربية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والمجتمع المدني العالمي بمنظماته الحقوقية ليتحملوا مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية من أجل وقف انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة بحق المدنيين العزل، ودعم تطلعات الشعب السوري نحو الحرية والكرامة.
تحية إجلال لشهداء شعبنا البطل
والشفاء للجرحى والحرية للمعتقلين
وعاشت سوريا حرة، ديمقراطية، أبية