صفحات الرأي

التابع والمتبوع في الأحزاب العربية


محمد مكتوب

إن الحراك العربي يبشر بنهاية  طائفتين من الأحزاب في البلدان العربية، طائفة تعيش لمبادئها فحسب ، وأخرى تابعة تعيش وتناضل  لغيرها، داخل البلد أو خارجه، تركب الديمقراطية من أجل الوصول إلى طمس معالمها، أو محوها وتجفيف جذورها، وتعيد تشكيل الدولة ببعد واحد حسب هواها،  وإذا كان من المعلوم أن كل ما هو ديمقراطي تعددي، فليس كل ما هو تعددي ديمقراطي، وهذا ما يبث نوعا من الشكوك في قدرة ألأحزاب ذات التوجه الإسلامي على الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية بعد نجاحها في الانتخابات  في كل من تونس والمغرب، و يرعب شباب الثورة في مصر أو قل في العالم العربي كله، بعد فوز الأخوان  المسلمين والسلفيين في الانتخابات الأخيرة، وهو أيضا ما ينغص على السياسيين الديمقراطيين  نومهم  في لبنان وفلسطين منذ سنوات، من جراء أعمال السلفيين و مواقف كل من حزب الله وحماس.

وإذا كان التصنيف التقليدي للأحزاب لا يعبر بالضرورة عن الأهداف الإستراتيجية الحقيقية لها، فما هاتان الطائفتان؟ وما طبيعتهما وإستراتيجيتهما؟ و هل فعلا يمكن أن يشكلا خطرا على المجتمعات العربية فتصيبهم نكسة سياسية يصعب القيام بعدها؟، أم أن هاتين الطائفتين ستخضعان لهذه التحولات وتندمجان في الحياة الديمقراطية بكل يسر، وعن قناعة لا رجعة فيها،  كما يستشف أحيانا من بعض التصريحات؟.

لا أحد يعتقد أن  الديمقراطية وليدة البارحة، ويعلم الجميع أنها كانت نتيجة تجارب إنسانية عميقة، وتلاقح أنظمة اقتصادية واجتماعية عريقة،  وكانت وليدة صراعات وحروب داخلية و خارجية، وهي لا يمكن أن تنسب إلى الرأسمالية وحدها باعتبارها تقوم ضمنيا على  أمور تعد من صميم الاشتراكية،  كالضمان الاجتماعي والخدمات والتعاونيات الفلاحية والصناعية  والعقارية وحقوق العمال والنساء والأطفال، وبقاء بعض وسائل الإنتاج في يد الدولة ، ولا يمكن أن تعد من الاشتراكية وحدها لأنها تهتم  بأمور تعد من صميم الرأسمالية،  كالحرية في المجالين الاقتصادي ولاجتماعي والعقائدي، والتملك،  والتنافس الحر، و لا يمكن أيضا  أن تنأى المبادئ التي تضمنتها هذه الأنظمة عن المبادئ والقيم التي أتت بها الديانات السماوية، كالحرية والكرامة، والمساواة، وأمر الشورى ونبذ الاستغلال، ونصرة المظلوم وأداء حقوق المأجورين والحق في  التجارة والربح،  و لاسيما في الإسلام.

فالأحزاب الديمقراطية تؤمن بالتعددية وتعترف بالآخر، بغض النظر عن توجهاته، وغاياته الكبرى، لكن بعض الأحزاب تركب الديمقراطية فتغلق أبوابها، لتنفرد بالحكم، وتفرض على الناس قيما لا تمت إلى الحضارة والمدنية  في شيء، قد تعيد البلد إلى ما قبل القرون الوسطى، والحالة بادية للعيان في هيئات البعض وتصريحاتهم، وفي التجربة الأفغانية التي أغرقت الشعب في جحيم الجهالة والتخلف، ودفعت الطالبان إلى إشهار سيوفها في وجه التعلم والتقنية، والفن والحياة الكريمة للمواطنين عامة وللنساء خاصة .

والأحزاب عموما تصنف إلى  أحزاب إيديولوجية ، وأحزاب برجماتية ، وأحزاب أشخاص ، وهناك من يستعير التقسيم اللينيني أحزاب بورجوازية وأحزاب بروليتارية، أو أحزاب يمينية ويسارية و أحزاب الوسط، أو أحزاب تقدمية وأخرى رجعية،أو أحزاب راديكالية،

وهذا التصنيف ينطلق باعتبار خلفياتها ومرجعياتها، وإيديولوجيتها، وهناك من يصنف تصنيفا غير إيديولوجي كالذي يصنفها إلى الحزب الجماهيري ، وحزب العقيدة، وحزب  البرنامج، وحزب  الرأي و المبادئ…، و من سمات هذا التصنيف اجتماع تيارين مختلفين في فئة واحدة وهو الأمر الذي لا نجده في التصنيفات الأخرى، لذا سننطلق من ما يشبه هذا لوضع تصنيفات تأخذ بعين الاعتبار علاقة الحزب بالمبادئ والوطن والآخر، انطلاقا من الواقع السياسي العربي.

أنواع الأحزاب والحركات:

عندما نتأمل الأحزاب في العالم العربي قد لا تبدو هذه الحدود والتسميات جلية، فلا نجد الأحزاب الرأسمالية الحقيقية التي تمتلك الصناعة والتجارة و تتهيكل في تنظيم قوي، وتتمتع بالوعي الذي يتمتع به الرأسمالي الأوربي، أو الأمريكي، ولا يتمتع بالجرأتة والشجاعة في التعاطي مع المشاريع الإنتاجية الضخمة التي تعود على البلاد  بفائض القيمة وبخطوة نحو التقدم، بقدر ما تجرى وراء مشاريع فيها تعب قليل وربح كثير، وتعتمد في الربح على التملص من الضرائب، واستغلال النفوذ في الحصول على المشاريع ، واستنفاذ  طاقات  العمال إلى أقصى حد ممكن، وتتجاهل أهمية السياسة إلا ما ندر.

فالحزب في العالم العربي يصنف رأسماليا ويقوم على أكتاف الفقراء والفلاحين البسطاء  والمأجورين الذين لا يهمهم من برنامج الحزب ومبادئه شيء غير اسم وجاه ومكانة المرشح، وأمواله  أو عشاء يقام لهم.

ويصنف الحزب شيوعيا ، ويقوم في كثير من الأحيان على أكتاف النخب والأغنياء ولا سيما في الانتخابات ، ولكن يتحالف مع اليمين واليسار من أجل المصلحة الشخصية،  ويصنف اشتراكيا،  فيستنسخ  بعد صراع حول الزعامة فيولد منه حزب رأسمالي.

ومما يزكي  غياب الحدود بين هذه التصنيفات  ترحال الأشخاص و”المناضلين” من حزب يوجد في أقصى اليمين إلى أخر يوجد في أقصى اليسار، وتحالف حزب يساري عتيق مع حزب ديني أو يميني رأسمالي كما هو الشأن في لبنان ، من أجل فريق برلماني أو تأليف حكومي، وما يقع في المغرب حاليا يجسد هذا التحالف المريب ، فقد تفككت الكتلة، وقبل حزب الاستقلال التحالف مع العدالة والتنمية بحكم وجود قواسم مشتركة متعددة وهذا طبيعي، ولكن الغرابة في كون  حزب التقدم والاشتراكية الذي” يناهض العنصرية والأفكار الظلامية والتوجهات المحافظة والرجعية وكل أشكال التطرف، ويرفض استغلال الدين في السياسة”[1] أبدى استعداده لذلك أيضا، دون أن يكون هناك إجماع حزبي، مما دفع بالتيار  المعارض في هذا الحزب إلى إصدار بيان يتبرأ من التوجه الذي تبنته  القيادة، رغم أنه في  الحقيقة حسب وثيقة تعريفية وضعها لنفسه يصرح بأنه   “منفتح على المجتمع”[2]

بينما بقي حزب الاتحاد الاشتراكي وفيا لمبادئه حين  فضل جبهة المعارضة لمراجعة الذات، أمام العقاب الجماهيري بصناديق الاقتراع.

وفي العالم العربي على العموم وتجاوزا لهذا التداخل الأيديولوجي والمصلحي يمكن أن نجد حزبا يعيش من أجل مبادئه، وحزبا يعيش لنفسه وأهوائه فحسب، وحزبا لوطنه، وحزبا لمشروعه، وحزبا لغيره.

1.        حزب لنفسه وأهوائه:

حزب حديث، يفتقر إلى نسق مستقر وظاهر في التفكير والتحليل، يهدف إلى تحقيق المصالح الشخصية أو الفئوية، وهو كثير الانقسامات نتيجة  الصراع حول الزعامة، أو نتيجة التهميش الداخلي ، يقايض الأحزاب الأخرى، لا يعترف بنتائج الانتخابات إلا ما كان في صالحه،  يغير المواقع، يكره التنافس، و يستمد طاقته من  الانتهازية والوصولية، وقد يتعامل  حتى مع الأجنبي ضد بلده بدعوى الخصوصيات الجهوية  أو الأقليات.

ومن هؤلاء المتحكمون في الموارد، الاقتصادية، والتجارة الداخلية والخارجية، الذين لا تهمهم القدرة الشرائية للمواطنين بقدر ما تهمهم الأرباح واستنزاف الاقتصاد الوطني سواء بالاحتكار أو بطلب الدعم، والوصوليون كالمثقفين الذين يسعون إلى الجمع بين العلم والسلطة، يتقربون إلى أصحاب الأموال، كتلك السمكة الصغيرة التي تتبع القرش وتأكل من فضلاته، وهم ينقلبون بتقلب  المصالح الظرفية، ورجال العصابات كرجال التهريب، وبارونات المخدرات الذين يعملون على تبييض  المواقف والسياسة على غرار تبييض الأموال.

2.        حزب لمشروعه:

وهو حزب  فئوي ، أو  شوفيني ، أو قبلي،  يخدم مشروعا ما،  قد يكون للمدى القريب أو البعيد، ولا يعبر بالضرورة عن توجه اقتصادي معين، يقوم على مصالح ضيقة، أو ظرفية، قد تكون له أهداف عنصرية  كما هو الشأن عند النازيين الجدد، أو عرقية، أو أهداف مجتمعية تتبنى المواقف ذات البعد القيمي و الحضاري .

ومن دعاة المشروع المجتمعي حزب الإتحاد المصري العربي الذي يهدف إلى توفير ضروريات المجتمع كالعمل والسكن والخدمات الصحية وتفعيل العمل المدني[3]، وحزب العدل والبناء المصري  الذي يسعى إلى  الحياة الكريمة والرفع من مستوى عيش الفقراء بضمان الحقوق ودمجهم في الحياة العامة[4] ……

3.        حزب لمبادئه:

يكرس عمله ونضاله لخدمة المبادئ، وهي الهدف والغاية، وما الوطن إلا وعاء لقيام المبادئ وهو حزب متعصب لا يتنحى عن مساره ، لكنه يبيع كل شيء من أجل ذلك، لغته  عند الكثيرين  خشبية، وهو لا يعتبر مصدر ثقة أو اطمئنان في الحياة العامة ولا في الحياة السياسية، يهمل الواقع الموضوعي، ويتشبث بالمثل، كل شيء يبدو بالنسبة إليه غير سوي، مغتر بأفكاره وقدراته، لا يؤمن بالمنطق السائد، يكثر الخطأ في التقدير، يسعى إلى اقتلاع النظام  القائم وتعويضه سواء بالرجوع إلى الأصل كالراديكاليين، أو بتبني الماركسية  لتحقيق الحلم بثورة بروليتارية،  أو بانقلاب على  غرار تشيغيفارا والميليشيات المسلحة.

وينضوي تحت هذا النوع  في أوروبا بعض  أحزاب اليمين المتطرف، الذي  يعلن الكراهية للأجانب، ويطمح إلى العودة بالمجتمع النقي والخالص، والمجتمعات العربية لا تخلوا من هذه  الأحزاب ، ومن سماتها الغالبة أنها  تلبس لباس الدين، تكن العداء للنصارى، واليهود باعتبارهم عدوا تاريخيا،وتكفر المجتمع.، وينضوي تحت هذا النوع أيضا اليسار المتطرف، كالماويين والتروتسكيين، وغيرهم ممن مازالوا يحلمون  بالمجتمع الشيوعي الطوباوي، وهؤلاء جميعا هم من سيحاربون التحولات  الديمقراطية، وسيتشبثون بالاحتجاجات الشعبية مهما كانت طبيعة التغيير.

وهذا ما تدعوا إليه السلفية الجهادية، وما نفهمه من أدبيات العدل والإحسان المغربي التي لا ترى حلا غير الحل الإسلامي الذي  تهيمن فيه أحكام شرع الله عز وجل على كل مؤسسات الدولة والمجتمع[5]..، وهذا الحزب  يعتبر الديمقراطية مرحلة ليس إلا،  إلى أن تحل محلها الشورى بعد قيام دولة الخلافة[6]، وما يستشف من أدبيات  الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر التي ترى  ” ضرورة التزام رئيس الدولة بتطبيق الشريعة الإسلامية طالما أنه يحكم شعباً مسلماً.[7]و ما نجده أيضا في أدبيات حزب العمل المصري، الذي  يرى أن الإسلام  يسعى إلى تغيير شامل من منظور إسلامي[8]، ولو أن هذا الحزب  لا يجنح إلى العنف فليس هناك ما يدل إلى التزامه بالديمقراطية مستقبلا[9]، والحقيقة أن ديمقراطية هذه  الأحزاب ديمقراطية مركزية وتعددية داخلية على شاكلة النظام الإيراني، أو الأنظمة الحزبية المطلقة، ولا علاقة لها بمفهوم التعددية المتداول.

والأحزاب غير الإسلامية التي تقوم مبادئها على هذا النوع من الأنظمة المطلقة حزب البعث العربي السوري الذي يعتبر أن الاشتراكية ضرورة منبعثة من صميم القومية العربية لأنها النظام الأمثل الذي يسمح للشعب العربي بتحقيق إمكاناته وتفتح عبقريته على أكمل وجه[10].

ومن الأحزاب التي  تخلت عن المبادئ التقليدية الديكتاتورية، وانخرطت في العمل السياسي الديمقراطي سواء بعد سقوط جدار برلين، أو بعد اندلاع الثورات العربية،  حزب التقدم والاشتراكية المغربي، والحزب الشيوعي المصري الذي يسعى إلى جعل مصر بلدا يعتمد على الطاقات والموارد الذاتية ودولة ديمقراطية تقوم على التعددية[11]، , والحزب الشيوعي السوداني في قوله ” استلهاماً لدروس التجربة السودانية يرفض الحزب الشيوعي نمط الحزب الواحد[12]. ” والحزب الشيوعي العراقي في تعريفه لتنظيمه “هو حزب ديمقراطي في جوهره، يعمل على إقامة نظام ديمقراطي أساسه التعددية السياسية، والفصل بين السلطات، والتداول السلمي للسلطة[13].”

       إلا أن الحزب الشيوعي الأردني[14]،  و الحزب الشيوعي اللبناني[15] ، لا يشيران إلى التعددية ولو أنهما يتشبثان  بالديمقراطية،  ولكن ديمقراطية هذا الأخير انتقائية،  فهو يرفض صعود الإسلاميين في تونس، و يعتبر أن  الأمر من تدبير السعودية وقطر والتخطيط أمريكي”[16].

4.        حزب لمبادئه ووطنه:

لهذا الحزب مرجعيات، وهو ملتزم بها  لكنه يفاوض، ولديه استراتيجيات، يتنافس ببراءة ويتألف من الأحزاب التقليدية  الرأسمالية الوطنية أو ما يسمى بالبورجوازية الوطنية والأحزاب الليبرالية الديمقراطية، والاشتراكية الجديدة التي تبنت الديمقراطية بمفهومها الواسع، والأحزاب الجديدة كأحزاب الخضر، والأحزاب الدينية الديمقراطية التي اعترفت باللعبة السياسية، كما اعترفت بالرأي الآخر، وانخرطت في العمل السياسي الشفاف بعد الربيع العربي أو قبله، كما في تونس والمغرب متخذة  العدالة والتنمية التركي نموذجا، وهي أحزاب تجمع بين المصلحتين الحزبية والوطنية، لديها إستراتيجية ثابتة، تتشدد في مواقفها ولكن قد تلين أمام المصالح الوطنية،وهي أحزاب قوية في المغرب، و الأردن، ومصر، و تونس، و مما جاء في أدبيات الوسط الإسلامي الأردني “إن رسالة حزب الوسط الإسلامي بناء أردن حديث ديمقراطي”[17]، ويعتبر أن التعددية سمة أساسية في هذا الكون، ومعطى  للتنافس في الخير. ويعتبر أن جود الأحزاب السياسية ضرورة من ضرورات الديمقراطية النيابية، وآلية من آليات العمل السياسي[18]

وعبرت العدالة والتنمية على أن مبادئها تهدف إلى الإسهام في إقامة مجتمع مغربي منفتح ومتحضر ينعم بالديمقراطية[19]، وبددت بذلك شكوك كثير من المغاربة وكذا   المهتمين بالشأن الداخلي المغربي.

5.        حزب لغيره:

هذه الأحزاب تابعة تخدم غيرها، وتتحرك بأجندات لا تنبع من صميم واقعها السياسي الاجتماعي والاقتصادي، فقد تخدم جهات داخلية، كالأحزاب التي أسسها أو تزعمها رئيس دولة كحزب المؤتمر اليمني، والتجمع الدستوري الديمقراطي في تونس، الحزب الوطني الديمقراطي المصري، أو أسسها وزراء كالحزب الدستوري في المغرب  وحزب الأحرار، وأخير الأصالة والمعاصرة ، الذي عين مؤسسه مؤخرا مستشارا للملك وهو تعيين يمس في هذه المرحلة الحساسة بالاختيارات الإستراتيجية لديمقراطية النظام،  ويكسب الحركات المعارضة مبررا إضافيا بعد أن كادت نزاهة الانتخابات وصعود العدالة والتنمية أن  تجردهم من بعض دعائم حججهم وتبريراتهم.

أو تخدم جهات خارجية وهي أحزاب لا يهمها من أمر وطنها غير ورقة يستغلها لفائدة حزب أو دولة خارجية،  كالأحزاب الأردنية التابعة للتنظيمات الفلسطينية، أو الأحزاب الأردنية والعراقية و الفلسطينية التابعة للنظام السوري، أو حزب الله الموالي لسوريا، والتابع للنظام الإيراني.

ومواقف وبيانات هذه التنظيمات كثيرة الغرابة والتناقض إذا ما تمت مقاربتها من مبدأ المصلحة الوطنية، فحماس مثلا تبارك الثورتين المصرية والليبية، وتلعن الثورة السورية، وتقف إلى جانب بشار في قولها “نؤكد وقوفنا إلى جانب سوريا الشقيقة قيادة وشعبا[20]”، وبحت  أصوات زعماء حزب الله في الترحيب بالربيع العربي لاسيما في مصر وليبيا والبحرين، ولكن دوت أسواطهم في الدفاع عن بشار وجلد الشباب السوري.

ويتجلى الميل إلى وضع مصلحة الوطن دون مصلحة الغير في استهانة زعيم حزب الله بقتلى حرب 2006، وفي خدمته للأجندة الإيرانية، وفي أنه  أشهر السلاح في وجه العزل واحتلال بيروت،

فهو كان سببا في وقوع أكثر  5600 لبناني مابين قتيل وجريح، علاوة على تدمير البنية التحتية، وإصابة أكثر من 78 جسرا، وما يفوق 42000 منزل، والمطارات، و84 معمل بالدمار أو التصدع ، و3200 محل تجاري، و1787 سيارة وشاحنة، و62 مدرسة رسمية، وشهدت لبنان نزوحا واسعا، علاوة على تلوث الشواطئ ، وما كان في وسعه إلا أن يزف الانتصار ..  ويعد المواطنين بالتعويض المادي، كل ذلك من أجل جنديين إسرائيليين[21]،

وسياسة حزب الله هي سياسة حماس،  لديهما الخطط نفسها والأساليب نفسها والتبريرات نفسها، وكلاهما يخافان من خطر متوقع، ولكنهما  يشكلان خطرا واقعا على الشعبين اللبناني والفلسطيني، خطرا لا يقل تدميرا عن الخطر الإسرائيلي، يستقويان على الحكومة وعلى الأحزاب، وكلاهما يكونان دولة وسط دولة، وهو أسلوب إيراني محض، وهذا لن يخدم القضايا الوطنية والعربية البتة.

وأمام غياب الرؤية الإستراتيجية الحقيقية يلتقي هذان الموقفان في كثير من جوانبهما بموقف بعض الأحزاب الماركسية، كالحزب الشيوعي اللبناني والحزب الشيوعي الجزائري وغيرهما و لاسيما من الثورات العربية….

وفي الأخير إذا كانت جل الأحزاب تجنح إلى الديمقراطية،  وتقبل مبدأ تداول السلطة بما تفرزه  صناديق الاقتراع، فإن الفئتين لا تقبلان هذا الشكل من التعايش، ولا يمكن أن  تخدما الوطن في شيء، بل يمكن أن تجراه إلى انتكاسة سياسية قد لا تقوم بعدها، أو إلى مغامرة  تدفع البلد إلى ما لا يحمد عقباه.

فليس  للأحزاب التي  تتحكم في مصير بلدانها بقوة السلاح ، متجاوزة هيبة الدولة وشرعيتها إلا  أن تخضع للديمقراطية وتصير متبوعة لا تابعة، تضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار، وألا تجمع بين النقيضين بين الدول  الشرعية و المقاومة المسلحة، أي لا يجوز أن تكون في الوزارة وفي المقاومة في الوقت نفسه، فما عليها إلا أن تعصي الحكومة وتخرج إلى المقاومة العلنية بدون التقيد بالمواثيق الدولية التي تلتزم بها الدولة، أو تستولي على الحكم وتكون دولة مقاومة وحينئذ لا يمكن أن تلام.

ولكن أمام إبداع الشباب العربي للأسلوب الجديد في التصدي للطغاة والمستبدين، ستضطر الأحزاب التابعة أو المتعصبة،  إلا أن تخضع  لهذه التحولات وتندمج في الحياة الديمقراطية وتعترف بالآخر عن قناعة لا رجعة فيها.

[1] – البطاقة التعريفية للحزب http://www.ppsmaroc.com/pdf/identite_pps.pdf

[2] – حزب التقدم والاشتراكية نفسه

[3] – الاتحاد المصري http://www.eauparty.com/

[4] – حزب العدل والبناء المصري  http://a7zab.com/view.php?p=39

[5] – العدل والإحسان http://www.aljamaa.net/ar/document/2128.shtml

[6]  – العدل والإحسان  نفسه

[7] – الجبهة الإسلامية للإنقاذ http://www.bramjnet.com/vb3/showthread.php?t=572592

5[8] – حزب العمل المصري http://www.el3amal.net/news/news.php?i=34264

[9] – حزب العمل المصري  نفسه

 [10]- الدستور السوري المادة 4 http://www.baath-party.org/constitution_detail.asp?id=2

[11] – الحزب الشيوعي المصري http://egyptian.wordpress.com/

[12] – الحزب الشيوعي السوداني http://ahewar.org/rate/bindex.asp?yid=302

[13] – الحزب الشيوعي العراقي http://www.iraqicp.com/2010-12-30-11-06-41/279-2010-12-23-02-15-46.html

[14] – تعريف الحزب الشيوعي الأردني http://www.jocp.org/index.php?option=com_content&task=view&id=5&Itemid=6

[15] – بيان الحزب الشيوعي اللبناني فبيانه 10/08/2011 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=270840

[16] – بيان 2 دجنبر http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=285932

[17]  – حزب الوسط الإسلامي الأردني http://www.wasatparty.org/

[18]  – حزب الوسط السياسي http://www.wasatparty.org/Datanews/Adbeat.htm

[19]  – العدالة والتنمية المغربي http://www.pjd.ma/sites/default/files/otroha-cong6.pdf

[20] – جريدة مصر حركة حماس http://arabic.rt.com/forum/showthread.php?t=92720

[21] – تنسب الأرقام المذكورة إلى دراسة قام بها المجلس الأعلى اللبناني للإنماء و الإعمار و منظمة العفو الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى