صفحات العالم

التحالف مع الولايات المتحدة أضعف حماية


رندة تقي الدين

ما يحدث في سورية من قمع وقتل وتعذيب من نظام يستخدم كل آلياته العسكرية ضد شعبه واستمرار إيران في تطوير سلاحها النووي يظهر واقعاً مؤسفاً: ضعف مساعدة حلفاء الشعب السوري من دول غربية وعربية للشعب السوري كما تظهر ضعف الدول الست التي تتفاوض مع إيران لدفعها الى التوقف عن تطوير السلاح النووي. فحلفاء النظام السوري روسيا وإيران والعراق يساندون بقوة نظاماً يقتل ابناءه ويمكنونه من البقاء في حين ان اكثر من نصف دول العالم أيّدت رحيله. والمفاوضون مع إيران يتحاورون ويتيحون لها كسب الوقت والمماطلة في التحاور لتتمكن في هذه الاثناء من تطوير السلاح النووي. فإدارة الرئيس الاميركي اوباما اظهرت فشلاً ذريعاً في التحرك ازاء الوضع السوري والوضع الايراني. فماذا تريد الولايات المتحدة في سورية؟ هي تردد ان على بشار الاسد ان يرحل ولكن هل يصدق احد انها لا تملك القدرة على الضغط على روسيا كي لا تستخدم حق الفيتو؟ عندما دخل الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الى العراق عارضه الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك بالتلويح بالفيتو الا انه لم يمنع التدخل الاميركي وقلب بوش نظام صدام حسين. الا ان العراق ليس سورية. فالعراق ثاني بلد نفطي من حيث الاحتياطي في المنطقة وأيضاً صدام حسين هدّد اسرائيل، أما الوضع في سورية مختلف. فربما صور المدنيين والاطفال الذين يقتلهم النظام السوري تثير الرأي العام الاميركي ولكن مصالح ادارة اوباما في سورية غير مهددة والوضع المتدهور فيها لا يشكل تهديداً للولايات المتحدة واسرائيل كي تتحرك للضغط على روسيا. فربما مصالح فرنسا وبريطانيا اكبر في هذه المنطقة لذا الاتحاد الاوروبي في الطليعة ان كان في مساعدة واستقبال المعارضة السورية أو في محاولة إقناع الروس ولكن من دون نتيجة.

ولا شك ان حلفاء المعارضة والشعب السوري أضعف بكثير من أصدقاء النظام الذين اعتمدوا القمع في دولهم ان كان في روسيا أو في إيران. والواقع نفسه ينطبق على محاولة الغرب التصدي لتطوير إيران السلاح النووي. فهاجس الادارة الاميركية ان تقوم اسرائيل بضربة عسكرية على ايران. فهي تهرول للتأكد من ان نتانياهو وفريقه الحكومي لن يقوموا بضربة عسكرية على ايران تجبر الولايات المتحدة على التدخل قبل موعد الانتخابات الرئاسية. وبعض الدول مثل بريطانيا تفكر بتعليق هذا الحوار الباطل مع إيران ولكن الادارة الاميركية تنصح بالاستمرار فيه على الاقل حتى الانتخابات الرئاسية. وكان اوباما يتمنى لو أمكنه التطبيع مع إيران لو وافقت طهران على ذلك. والكل يجمع على القول ان الاولوية في انشغالات الادارة الاميركية هي ايران وليس سورية. فضمير المسؤولين الاميركيين يرتاح بمطالبة بشار الأسد ونظامه بالرحيل. اما كيف ومتى فالادارة الاميركية تكتفي باللجوء الى العقوبات. لكن روسيا وايران والعراق تمد النظام السوري بما يحتاج اليه للصمود والبقاء.

ان التحالف مع الولايات المتحدة وخصوصا ادارة الرئيس اوباما لا يؤمن حماية أو ضماناً بل كثيراً ما يؤدي الى مخاطر. والوضع العراقي مثال كبير على ذلك. فقد غادر اوباما العراق وتركه تحت سيطرة إيران، ورئيس حكومته نوري المالكي يمد النظام السوري بما يحتاجه بإيعاز من الحليف الايراني. وما قاله السفير السوري المنشق في العراق دليل على ذلك.

ان الوضع الآن في سورية مختلف عما كان عليه اثناء وجودها في لبنان، لأن الولايات المتحدة وحلفاءها يريدون رحيل نظام الاسد ولكن بالكلام والعقوبات وليس بالقوة. وكان يمكن ان يقوم عدد من الدول الغربية بانشاء منطقة حظر جوي من دون اللجوء الى مجلس الامن. وقد تم ذلك عندما قرر بوش الاب انشاء مثل هذا الحظر. الا ان الرئيس اوباما غير مستعد لأي عملية عسكرية، ونظاما سورية وإيران مدركان لذلك وروسيا مرتاحة في حماية حليفها الأسد. وحصيلة ذلك ان الاعتماد على الحليف الغربي وخصوصاً الاميركي عبء اكثر منه ضمانة او حماية. فأمل الشعب السوري ان ينهار النظام وان يدرك افراد الجيش السوري ان استمرارهم في قتل اشقائهم قد يرتد عليهم في نهاية المطاف لأن القتل والتعذيب لا يولدان الا العنف والقتل. والحرب الاهلية خسارة للجميع وفي الطليعة للنظام. فعلى الناشطين السوريين الشجعان أن يعتمدوا على أنفسهم لمحاربة الطغاة.

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى