التدويل يتسارع للازمة السورية
رأي القدس
يضيق الخناق يوما بعد يوم على النظام الحاكم في دمشق، حيث يقف وحيدا دون اصدقاء في الجامعة العربية باستثناء دولة لبنان، فحتى السيد نوري المالكي رئيس وزراء العراق بدأ يتخلى عن دعمه له، ويطالبه بالوقوف الى جانب الشعوب.
هناك من يقول بان موقف السيد المالكي جاء كعربون يدفعه مقدما قبل زيارته الى واشنطن ولقاء الرئيس باراك اوباما، ولكن مع اكتمال انسحاب القوات الامريكية من العراق بنهاية هذا العام، فانه يتخوف وهو الذي يتربع على قمة نظام طائفي، من مواجهة حرب اهلية مماثلة، بطريقة او بأخرى، لما يواجهه النظام السوري، ولهذا يريد السيد المالكي ان ينأى بنفسه عن سفينة جيرانه التي يرى الكثيرون في المنطقة بانها على وشك الغرق.
جامعة الدول العربية تتابع الموقف السوري عن كثب، ولجنة المتابعة المنبثقة عنها ستعقد اجتماعا لها يوم السبت المقبل، لاتخاذ قرارات حاسمة بعد ان تيقنت من رفض النظام السوري توقيع بروتوكول المراقبين الذين من المفترض ان يشرفوا على عملية الافراج عن المعتقلين، ووقف قتل المدنيين السوريين بنيران قوات الامن والجيش.
السيد نبيل العربي امين عام الجامعة العربية ذكر بالامس ان جميع الدول العربية رفضت القبول بالتعديلات التي طلبتها السلطات السورية على هذا البروتوكول، مما يعني ان الجامعة العربية باتت عاقدة العزم على اتخاذ الخطوات العقابية المتوقعة، واولها تشديد الحصار الاقتصادي وفرض عقوبات جديدة قد تتضمن فرض حظر الطيران المدني، وثانيها تحويل ملف الازمة الى مجلس الامن الدولي، مما يعني بدء مرحلة ‘التدويل’.
السلطات السورية اضاعت فرصة كبيرة بالتمسك بعنادها في رفض الحل العربي، واللجوء الى اسلوب المناورة والمماطلة، من خلال طلب تعديلات هنا واخرى هناك، والاستمرار في الوقت نفسه في حلولها الامنية الدموية وقتل المزيد من المواطنين يوميا وبطريقة ممنهجة.
صحيح ان هناك هجمات يشنها منشقون عن الجيش او عصابات مسلحة، تؤدي الى مقتل جنود وضباط رسميين، ووجود مراقبين عرب واجانب يمكن ان يساعد في كشف هذه الحقيقة، وتأكيد وجهة النظر الرسمية في هذا الخصوص، اما عندما ترفض السلطات السورية وجود المراقبين فانها توحي بان لديها ما تخفيه، ولا تريد ان يطلع عليه الرأي العام العربي والعالمي، مما يضعها في موقف حرج للغاية، ويهز مصداقية اقوالها حول العصابات المسلحة.
التمهيد لتدويل الازمة السورية بدأ قبل اجتماع الجامعة العربية يوم السبت، عندما اعلنت مفوضة الامم المتحدة لحقوق الانسان وصول عدد القتلى في سورية الى 5000، واتهام فرنسا لسورية بالوقوف خلف عملية اطلاق النار على جنودها العاملين في اطار قوات الطوارئ في جنوب لبنان، ولذلك فان الايام المقبلة سيكون عنوانها الابرز هو التصعيد.
الحكومة الاردنية نفت ان تكون قوات تابعة لحلف الناتو قد انتشرت على طول الحدود الاردنية ـ السورية، واكدت انها تعارض اي تدخل خارجي، ونفي الحكومات مثلما تعودنا في تجارب سابقة ليس له اي ثقل حقيقي، فغالبا ما تثبت الايام ما هو معاكس له تماما. ففي الازمة الليبية ادعت الدول المتورطة عسكريا فيها انه ليس هناك اي قوات عسكرية تابعة لها على الارض، لنكتشف ان وحدات عسكرية اردنية وقطرية وبريطانية وفرنسية شاركت في اقتحام طرابلس وقاعدة العزيزية مقر قيادة العقيد معمر القذافي.
نظام الرئيس العراقي صدام حسين واجه مخططا مماثلا، ولكنه كان يحارب امريكا بصورة مباشرة، اما النظام السوري فيحارب شعبه او قطاعا عريضا منه وبعض المنشقين عن جيشه ودون اصدقاء على المستوى الرسمي تقريبا والقليل منهم على المستوى الشعبي، وهنا تكمن مأساته الحقيقية التي لا يريد ان يعي تفاصيلها وخطورتها.
القدس العربي