صفحات العالم

التراجع الدولي يتفاقم حيال سوريا


مهلة الأشهر الثلاثة مزيد من القمع؟

    روزانا بومنصف

 على رغم ان الوضع السوري بقي في الأيام الأخيرة على جدول أعمال مجلس الامن الدولي فان معنيين متابعين للوضع يعتبرون ان بعض المؤشرات تذهب عكس ما يوحيه الاهتمام الدولي في الامم المتحدة. ذلك ان هذه المؤشرات تعبر عن مدى عمق المأزق الذي تجد الدول الكبرى نفسها فيه ازاء ما يحصل على الارض من دون قدرة كبيرة على حسمه على الاقل راهناً بالضغط لوقف العنف على رغم الخطة التي تبنتها في مجلس الامن، ما يشي بامرين على الاقل احدهما محدودية الهامش امام الدول الكبرى على رغم تطور الوضع السوري سلباً على الارض والاخر هو  استمرار استفادة النظام من الظروف المناسبة له لاكمال ما يقوم به بغض النظر عن مآل ذلك وبغض النظر عن تقويم هذه النتائج . وقد برزت في اليومين الاخيرين مواقف تستمر في الايحاء بمدى تردد المواقف الاميركية ان لم يكن تراجعها عما كانت عليه سابقاً علماً انها لم تكن متقدمة كثيراً على سواها من الدول من مجموعة اصدقاء سوريا والتخفيف عن كاهلها راهنا في حمأة الحملات الانتخابية الرئاسية من خلال الخطة التي اقرها مجلس الأمن بغض النظر عن التقويم السلبي لتطبيقها حتى الآن. و اعتبرت واشنطن في التعليق على ادانة الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور ان هذه الادانة بارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في سيراليون ” تشكل رسالة قوية الى مرتكبي جرائم حرب والى كل الذين يرتكبون فظاعات بمن فيهم الذين يتولون مناصب عالية وهي انه لا بد من محاسبتهم”. وهذا يكفي من الزاوية الديبلوماسية بالايحاء بان الرسالة موجهة في هذه المرحلة بالذات الى النظام السوري في ضوء ما يقوم به ضد السوريين علماً ان فرنسا كانت قالت صراحة بوجوب محاكمة الرئيس السوري على ما ارتكب من فظائع في سوريا ويقول مسؤولوها انهم لن يتراجعوا عن ذلك اياً تكن التسويات السياسية اللاحقة حول الوضع السوري واياً تكن الادارة الفرنسية المقبلة ويوافقهم في ذلك عدد من الدول الاخرى.

  ثم ان الدول التي هالها ما كان يقوم به الرئيس الليبي السابق معمر القذافي ضد الشعب الليبي لم تجزع لرؤية عملية دفن مواطن حي تقوم بها قوات الامن السورية بثت صورتها عبر وسائل الاعلام الى جانب ما يجري في مدن واحياء عدة، وقد تجنبت حتى الان طلب احالة الرئيس السوري على محكمة الجنايات الدولية بذرائع مختلفة احداها ان سوريا ليست من الدول الموقعة على المحكمة او انها تود ان تترك المجال مفتوحا للاخذ والرد وعدم ارتكاب خطأ يعتقد انه حصل على الصعيد الدولي باحالة القذافي على نحو مبكر على محكمة الجنايات الدولية مما دفعه الى اعتماد سياسة الهروب الى الامام وعدم التفاوض واقفل المخارج المحتملة في وجهه مما ادى الى تصفيته على النحو الذي حصل. ولعل هذه النقطة الاخيرة هي من الدروس التي لجمت المجتمع الدولي عن خوض المغامرة نفسها التي اعتمدت مع ليبيا  في سوريا.

وفي مجلس الامن أعلنت مندوبة الولايات المتحدة سوزان رايس وفي ضوء تكرار المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية الى دمشق كوفي انان ان دمشق لم تلتزم حتى الآن ما تعهدته من وقف للنار ونعي دول اوروبية كفرنسا مثلا خطة انان “انه يتعين على الامم المتحدة ان تكون مستعدة لتبني عقوبات ضد الحكومة السورية اذا منعت هذه الاخيرة مراقبي المنظمة الدولية من القيام بعملهم”. وقالت  “سنتحقق بدقة حول ما اذا كان لهذه البعثة امل في النجاح والا فسنكون على اتم الاستعداد مع انتهاء مهلة التسعين يوماً للعودة الى مجلس الامن للبحث عن وسائل الضغط التي يجب استخدامها”. ويناقض ما ذهبت اليه رايس في هذا الاطار ما اعلنه وزير الخارجية الان جوبيه من ان موعد 5 ايار سيكون حاسماً في ضوء تقديم انان تقريره الى مجلس الأمن واحتمال قيام فرنسا بالضغط من اجل تفعيل الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة الذي يقضي باللجوء الى القوة في حال وجود خطر على السلام. ومع ان موقف جوبيه يحافظ على وتيرة الموقف الفرنسي وزخمه في حمأة الانتخابات الرئاسية الفرنسية علماً ان التغييرات في الادارة الفرنسية قد لا تحمل جوبيه نفسه مجدداً الى وزارة الخارجية، فان موقف رايس يخفف وطأة موقف دولة حليفة ويظهر تناقضا يفيد منه النظام باعتبار ان الانقسامات الدولية والتضارب ازاء التعامل مع ما يجري في سوريا شكلا حتى الان نقطة الانقاذ الاساسية بالنسبة اليه. لكن يضاف الى ذلك في شكل اساسي اشارة رايس الى مهلة الاشهر الثلاثة التي اتفق عليها مجلس الامن بحيث يمكن ان تشكل مجالاً رحباً لتحرك كبير يمكن ان يقوم به النظام ضمن الوتيرة التي يقوم بها من دون ان يهتز لانكار انان في تصريحات شبه يومية التزام النظام خطته على ما زعم ويزعم يوميا في التقارير التي يرسلها وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى انان حول تنفيذ النظام هذه  الخطة .

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى