صفحات سورية

التكتل الديموقراطي لربيع دمشق


عبد الرزاق عيد

التكتل الدموقراطي لربيع دمشق: هو تعبير عن كل أولئك الأفراد المستقلين المعبرين عن أفق ليبرالي فكري وثقافي بغض النظر عن خلفياته الإيديولوجية (قومية كانت أم إسلامية أم يسارية) الذين شكلوا الخلاصة النوعية لحركة ربيع دمشق في محطاته الثلاث : إذ بدؤوا بوضع البرنامج الوطني عبر بيان (99)، ليشكل نواة الخطاب الديموقراطي لربيع دمشق الذي سيشهد انعطافته النوعية في وثيقة لجان إحياء المجتمع المدني فيما سمي ب(وثيقة الألف) من حيث صياغته للفضاء الدلالي : المعرفي والثقافي للوعي الديموقراطي المدني في العشر سنوات الأخيرة، والذي توج سياسيا بإعلان دمشق، لكن هذا التتويج السياسي تعبر عنه بمشاركة قوى وأحزاب سياسية، لكنه واكب هذا التتويج قصور معرفي تمثل في الإنزياح عن مراكمة تطور الوعي النوعي الديموقراطي بسبب الميراث الشمولي للأحزاب السياسية (يسارية –إسلامية- قومية) التي انضوت تحت راية الإعلان، حيث ساهم ميراثها الشمولي في إضعاف لهيب شعلة الغضب السياسي والاجتماعي والأخلاقي نحو النظام المافيوزي العائلي الأمني المليشي، إذ أن التشابه البنيوي بين الأحزاب الشمولية المؤطرة في الإعلان مع بنية نظام حزب البعث الشمولي الذي ا نحل إلى مجرد أداة إعلامية كبوق في خدمة السلطة الأمنية المافيوية الأسدية، وعلى هذا بدأت سياسات التنازلات لدى الأحزاب التي فرغها القمع والفساد خلال نصف قرن من لهيب شعلة الغضب، فراحت تتحدث تارة عن عدم عزل النظام، وتارة عن تعليق المعارضة صد النظام لتوحيد الجهود معه في مواجهة إسرائيل بعد حرب غزة…..الأمر الذي أدى إلى ضمور الوعي الديموقراطي المناهض لنظام التسلطية المافيوية الفاشية، حتى جاءنا المدد من شباب سوريا الذين حملوا شعلة نيران الغضب في سبيل (الحرية والكرامة ) ليجددوا شباب سوريا ويجددوا عقلها السياسي وضميرها الوجداني والأخلاقي.

وعلى هذا فإن التكتل الديموقراطي يجد نفسه مدعوا للقاء الوعي المتقد والمتأجج غضبا وحرية ليقتبس روحا جديدا من الشباب، وليجدد مشروع الربيع الدمشقي الذي قدم العشرات من المناضلين الديموقراطيين الليبراليين المستقلين سجنا واعتقالا ونفيا، المناضلين القادرين فعلا على الإرتقاء إلى مستوى وعي الحرية الملحمي الغاضب لشبابنا الرائعين المجددين لشبابنا وشباب سوريا، إذن فمشروع التكتل الديموقراطي بمقدار ما هو مساهمة في الحاضر، بمقدار ما يطمح إلى تأسيس علاقة تجسير نوعي مع المستقبل من خلال تطلع رموز ربيع دمشق للانخراط في ثورة الشباب للتعلم منها وليس لتعليمها، لعكس صوتها وإيقاع حركتها في الشارع والحياة وليس التحدث بالنيابة عنها والوصاية عليها وفرض برامج ايديولوجية وشعارية مستهلكة وممضوغة عبر أكثر نصف قرن من ضوضاء الشعارات وجلبة أصوات الهتافات، حتى وصلنا إلى الحد الذي نصك فيه بأن العرب “ظاهرة صوتية” … مع ثورة الشباب وعظمة إجتراحها للفعل الملحمي المعجز بقدرته على التضحية والفداء، بدأنا نرفع الصوت متباهين بأننا سوريون … ونحن لسنا ظاهرة صوتية بل نحن “ظاهرة حرية” … تكتلنا الديموقراطي هذا تعبير عن طموحنا لنشكل مع شبابنا ” ظاهرة الحرية السورية ” المروية بالدم الأطهر في تاريخ سوريا.

إن المنعطف الذي بلغته حالة النهوض الثوري في سوريا كجزء لا يتجزأ من حالة النهوض الثوري للربيع العربي، تتطلب إعادة النظر في كل المشاريع السياسية والحزبية والثقافية التي سبقت حالة هذا النهوض الثوري الذي أنجز بطريقة متنوعة ومتفاوتة بتفاوت المجتمعات العربية ودرجة تغّول كل سلطة عربية على حدة بين تونس ومصر كنموذج للتعبير السلمي الأقل كلفة دموية بسبب انحياز الجيش الوطني لشعبه، بينما فئوية الجيش وانحصاره بحماية أنظمة (قبلية وطائفية) في ليبيا واليمن وسوريا دفعت الأمور إلى مزيد من نزيف الدم، بل والجرائم التي بلغت وتبلغ حد جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية كما حدث في ليبيا التي كلفها طاغيتها عشرات ألاف القتلى، وكما يحدث في سوريا من جرائم لا تقل وحشية وبربرية عما أنتجته (القذافية) كظاهرة لا تختلف نوعيا :فكريا وسياسيا وبسيكولوجيا عن الأسدية…

إذن أمام هذه الحالة الانعطافية الجذرية لابد من إعادة النظر في برامج الأحزاب والقوى، ومنها (إعلان دمشق) الذي كان قطاع واسع من المستقلين ينتمي إلى صفوفه قبل أن تهيمن عليه الأحزاب، كأوسع تشكيل سياسي ائتلافي لقوى وأحزاب وشخصيات وطنية وديموقراطية، توجت حراكها خلال العقد الأول من هذا القرن فيما سمي بـ (ربيع دمشق)، بمحطاته الثلاث: بيان 99، ووثيقة الألف للجان إحياء المجتمع المدني، ثم تتويجا بإعلان دمشق…حيث كان هذا الربيع أول حدائق الربيع العربي التي تفتحت في دمشق ولكن تم قمعها من قبل النظام الأسدي ودفع عشرات السوريين الثمن غالياً اعتقالا وسجنا على مدى السنوات العشر السابقة…

لماذا أهمية المراجعة لإعلان دمشق بالذات؟

لأن الإعلان كان تتويجا لهذه المحطات المشار إليها في صيغة إنتاجها لظاهرة (ربيع دمشق)، الذي ارتقى إلى مستوى أن يكون مؤثرا في الربيع العربي ككل، وليس الربيع السوري فحسب، كما خلص المفكر السوري صادق جلال العظم الذي رأى في ربيع دمشق عمقا تاريخيا فكريا ونظريا تمهيديا للربيع العربي ككل على المستوى الفكري والنظري بل والسياسي.

إن الربيع السوري أنتج نفسه عربيا كونه لم يتبرعم قي فضاء الخريف السوري فحسب، بل في فضاء خريف عربي كئيب وقاتم، وذلك أن الفضاء السوري ما كان يتحمل مزيدا من استنبات الشوك والحنظل بعد نصف قرن من العبودية والاستبداد والقحط والتجويف والتجريف بما لا يقارن بأي خريف عربي آخر، ولهذا فقد كانت الأفكار التي تبرعمت خلال هذا الربيع، تتم بشكل أساسي في الصحافة العربية بسبب موات الصحافة المحلية في سوريا، فكانت تنتشر مقالاتنا من خلال بعض مسؤولي التحرير في البلدان العربية الأخرى من الحداثيين (الليبراليين) ليس في الصحافة اللبنانية فحسب بل والعربية، أي طالت حالة الربيع السوري في أحايين كثيرة ليس الصحافة اللبنانية فحسب بل الصحافة العربية أيضا : المصرية بخاصة لتقارب وجوه التشابه بين النموذجين المصري والسوري، رغم أن الأول (المصري) في الحقبة الأخيرة -رغم فساده وانحطاطه- فقد ترك مسافة بعيدة في تجاوزه النظام الأسدي انحدارا في مهاوي الاستبداد والفساد التي انحط إليها النظام الأسدي الموغل في همجيته الوالغة بالدم مما لا يقارن حتى مع همجية أنظمة قروسطية : في استباحته المملوكية وبربريته الانكشارية مغلفة بزركشة حداثية تدعي العلمانية والقومية والحداثة الكاذبة والزائفة…

إن (ربيع دمشق) الذي كان ثمرة الحراك الديموقراطي الثقافي في السنوات العشر من القرن الواحد والعشرين، اتسمت حركيته بوصفه حركة مثقفين مستقلين (بيان 99 – لجان إحياء المجتمع المدني : المتمثلة بـ” وثيقة الألف ” )، وجاء إعلان دمشق كحركة ثالثة في متوالية الربيع الدمشقي من خلال انضمام الأحزاب السياسية السورية بيسارها وإسلاميها وعربها وأكرادها وآشورييها إلى إعلان دمشق الذي جاء ثمرة للحركتين السابقتين (بيان99 – وثيقة الألف )، ومن ثم الحضور المميز للمرأة السورية التي لعبت وستلعب دورا هاما في الحراك الديموقراطي، وهذا مما يؤشر على مدنية وحضارية وسلمية الممارسة الثورية السورية، مما جعل من ربيع دمشق يشكل محطة نوعية جديدة في تاريخ الحياة السياسية السورية، من حيث درجة التمثيل التعددي المتنوع لمكونات المجتمع السوري اثنيا ومذهبيا، وتعدديته السياسية والفكرية (يسارية –قومية –إسلامية )، ومن ثم الحضور النوعي للمرأة السورية…

هذا المنجز الوطني الكبير لحركة المثقفين المستقلين بمنزعها الليبرالي الديموقراطي الواضح والمتجاوز للتاريخ الشمولي للحراك السياسي السوري –منذ الاستقلال- بتعدد تياراته (القومية واليسارية والإسلامية)، شكل نواة استقطاب للقوى والأحزاب السياسية لكي تسعى لتجاوز تاريخها الشمولي –بغض النظر عن تمكنها من ذلك- من خلال انخراطها في (ربيع دمشق) عبر الانخراط في إعلان دمشق الذي سيعطي زخما لربيع دمشق في الداخل الوطني والخارج العربي والعالمي وذلك قبل انكفاءاته الأخيرة التي سيتم التعرض لها في إطار محاولتنا لهذه المقاربة النقدية للحراك الديموقراطي في العشر سنوات الأخيرة وذلك بهدف تجسير العلاقة بيننا كرعيل معارض سابق وثورة الشباب المباركة التي انبثقت كالنور في أعماق الظلمة التي كان يعيش فيها الوطن سلطة غاشمة ومعارضة منهكة قمعا سلطويا ومنهكة فكريا بثقل موروثها الشمولي بعد تصفية الروح الليبرالي في الحياة السياسية السورية منذ انقلاب البعث الذي عزز الشمولية العسكرية لزمن الوحدة…..

ولذا ليس مصادفة انقضاض عصابات (كتائب الأسد الأمنية ) على الربيع الدمشقي، وذلك قبل ولادة (كتائب الموت التشبيحية ) كرد على انتفاضة ثورة الشباب السوري في 15 آذار لتشكل فاصلا جديدا في تاريخ معركة الشعب السوري في سبيل الحرية، إذ ستقوم كتائب الميليشيا الأمنية باعتقال رموز (ربيع دمشق) عام 2007ا بعد عقد المجلس الوطني الأول لإعلان دمشق لذين كان معظمهم من المستقلين ذوي التوجهات المدنية (الليبرالية ) بشقيها (المحافظ والحداثي)، وبعض الحزبيين من الذين يمتلكون روح التمرد (الليبرالي ) المتخطي لحواجز وهياكل الأحزاب الشمولية اليسارية والإسلامية، فكانت الضربة الأمنية موجهة إذن للتيار الليبرالي بشقيه (المحافظ والحداثي)، مما سيؤدي لا حقا إلى إضعاف النواة الديموقراطية في إعلان دمشق الذي توج مسار حراك (ربيع دمشق) وقفله، بسبب هيمنة الأحزاب الشمولية وتعميم نموذج تفكيرها السياسي والتنظيمي، كمبدأ التعيين ومن ثم احتقار مبدأ الانتخابات الذي يعتبر في لا وعيها السياسي والثقافي نتاج “الديموقراطية الرأسمالية الزائفة” فالشموليات بتعدد تياراتها تحتقر الديموقراطية (الواقعية المعاشة) القائمة عالميا باسم ديموقراطية قادمة ومخبأة في محفظاتهم الايديولوجية، وفق منظوماتهم الشمولية تحت صياغات شرطية متعددة بتعدد الايديولوجيات الشمولية : ديموقراطية اجتماعية وشعبية لدى اليسار ونموذجهم ( الدولة السوفياتية المنهارة ) أو الديموقراطية التي من تنطلق الخصوصية القومية المؤسسة على (تاريخ الاستبداد الشرقي) في نموذجها (البعثي: الأسدي والصدامي)، أو ديموقراطية (الشورى ) في نموذجها الإيراني أو السوداني……..وكان مآل ذلك أن تعرض إعلان دمشق إلى التشققات، حيث لم تتردد مجموعة تعطي لنفسها شرعية مركزية بمطالبة أحد الشخصيات الوطنية المؤسسة للإعلان من الاستقالة من موقعه الذي وصله انتخابيا، انطلاقا مما يفترضونه أنه (جانح –متطرف- بل وطائفي) وذلك استرضاء لشبيحة الأمن وذلك بعد أن ورطوا الإعلان ببيان يدعو إلى فك العزلة عن النظام ورفض أي حصار له……

فلم يعد إعلان دمشق في الخارج يعرف أية قيمة لدوره ومعنى وجوده ما دام ليس من حقه أن يختار ممثليه وذلك إذعانا للمنظومة الشمولية لمن يتحكمون بقيادة الإعلان فيما سيسمونه قيادة الداخل، حتى أنهم بلغوا حد أن يكون ممثلهم الرئيسي في المجلس الوطني في استانبول (ديموقراطي قومي صدامي متطرف وبافتخار وعلنية وثقة) وحيث لم يتحرجوا في ذلك…. بل وإن الرجل (الديموقراطي الصدامي) استطاع وبدعم وتكليف من السلطة الفاسدة أن يعمم قيم الفساد داخل مجموعة النخبة التي تسيطر على قيادة إعلان دمشق في داخل الوطن من خلال خبرته كرجل مقاول قادر على الصعود دون أن يهبط ليكون ممثل إعلان دمشق في المكتب التنفيذي للمجلس الوطني !! وسيأتي اليوم الذي تفضح به هذه الطغمة المستولية على جناح كبير للمعارضة في إعلان دمشق –والتي لا تختلف نوعيا عن طغمة الفساد المافيوي الأسدي- نقول : نفضح وثائقيا -في الوقت المناسب- طغم الفساد هذه (التي تدعي المعارضة)، وسنؤجل ذلك لكي لا نصدم الوعي الفتي النقي الشفاف الطهراني لشبابنا الثوري الرائع الذي يبذل الدم والحياة رخيصة ثمنا لحريته وحريتنا…والذي نتمناه أن يبقى بعيدا -وفي منأى- عن ظاهرات أمراض السلطة وأمراض المعارضة معا في الداخل والخارج…

هذا النزوع الشمولي لدى الأحزاب التي هيمنت على الإعلان أقصت وهمشت التيار الليبرالي بالتلازم مع إطباق قبضة السلطة على التيار الليبرالي سيؤدي إلى إضعاف قوة اندفاع (ربيع دمشق) بعد أن زج بمعظم قياداته الديموقراطية الفاعلة بالسجن أو اللجوء إلى المنفى، ليدخل في لحظة موات حتى أتى انبعاثه من جديد بانبعاث وتجدد روحه الديموقراطي على يد جيل نوعي جديد يتخطى كل الايديولوجيات الشمولية وهو جيل انتفاضة ثورة 15 آذار العظيمة…

كان على ربيع دمشق أن يدخل مرحلة (الذبول واليباس)، وذلك بعد أن قام الفصيلان (اليساري والإسلامي) في إعلان دمشق بإشاعة روح المهادنة والمصالحة مع كتائب الأمن الأسدي مما سيزيد (ربيع دمشق) ذبولا وشحوبا وهزالا كما قلنا، إذ قام فصيل الشمولية اليسارية- وبالتعاون مع أنصاره من المثقفين المهيمنين اليوم على مقدمة مشهد المعارضة- إلى الدعوة إلى “رفع الحصار عن النظام وفك عزلته وأن المطلوب من أوربا والغرب عموما هو نصيحة النظام وليس عزله” على حد تعبير موفدهم إلى البرلمان الفرنسي، لينصح الفرنسيين بضرورة نصيحة النظام السوري وليس عزله وحصاره..

أما الفصيل الإسلامي فقد وظف العدوان الإسرائيلي على غزة، حتى يعلن “تعليقه لمعارضته النظام “من أجل توحيد الجهود معه ” لمقاومة العدو الإسرائيلي معيدأ إلى الأذهان أسطورة (النظام الممانع والمقاوم)…

وكلا الفصيلين (إعلان دمشق بقيادته الشمولية داعية فك عزلة النظام- والإسلامييون بتعبيرهم الأخواني الحلبي دعاة المصالحة مع النظام لتوحيد الجهود) نقول : إن كلا الفصيلين تفاهما على اقتسام المجلس الوطني في استانبول وإغلاقه في وجه الجميع وخاصة التيار الليبرالي، رغم أنهم لم ينتقدا أنفسهما على سياساتهما الممالئة للنظام الأسدي أمام ثورة الشباب من أجل تجسير العلاقة بين المعارضة التقليدية والثورة.

إن موضوعة (الاحتقار الباطني “اللاشعور الثقافي” ضد الديموقراطية في صورتها العالمية (الواقعية المعيوشة) القائمة باسم مشروع طوبى ديموقراطية مؤجلة ايديولوجيا لتحقيق أوهام ديموقراطية الدولة الاشتراكية أو الإسلامية أو القومية )، هذه المقولة شراكة بين اليسار الذي يدعو إلى ديموقراطية مشروطة بالإشتراكية أو الاجتماعية، أو القوميين الذين يستلهمون نموذج الدولة الناصرية أو البعثية من النموذج الشيوعي الستاليني، أو الإسلاميين الذين يرون في الديموقراطية الغربية كذبة، وقد وجد بعض أطراف الإسلام السياسي بالرسوم المسيئة للنبي مناسبة للتباري بهجاء الديموقراطية الغربية بوصفها كذبا وتلفيقا، رغم موافقتهم مع الحركات الديموقراطية في بلدانهم على هدف ((الدولة المدنية الديموقراطية))، ولكن من خلال مفهوم خاص لهم عن الديموقراطية، التي لا نعرف مثالا واقعيا عنه حتى في التجربة التركية التي لا تزعم أنها تقدم ( نموذجا إسلاميا عن الديموقراطية) ما دامت حتى الآن تتعايش مع العلمانية، أي أن التجربة التركية تقدم النموذج العالمي لمفهوم الديموقراطية الواقعي القائم والمتداول…ولا تزعم أنها تقدم (ديموقراطية إسلامية )، بل هي تقدم تجربة مميزة بممكنات لقاء الإسلام مع الديموقراطية القائمة بنموذجها الشائع والمتعارف عليه كونيا !!!

نقول هذه الموضوعة عن الخصوصية الإيديولوجية التي تزعم أنها تحمل تصورا خاصا للديموقراطية خارج التجربة العالمية المعاشة : ( خصوصية قومية أو دينية أو طبقية يسارية ) والتي دفعت البشرية ثمنها قرونا من الثورات الفكرية والعلمية والمعرفية والثقافية حتى وصلت لصورتها الراهنة في المجتمع الغربي الذي ليس لدينا أوهاما حول كمال تجربته، لكن لدينا قناعة راسخة بأن الديموقراطية القائمة بصيغتها الواقعية المعاشة -رغم سلبياتها وعيوبها – هي الوسيلة الوحيدة للانتصار على عيوبها هذه ونقصانها، فعيوب الديموقراطية لا ينتصر عليها إلا بالديموقراطية ذاتها، كما هي الحكمة العربية المصاغة شعريا في القول : (وداوني بالتي كانت هي الداء)…

نقول إن توحد خطاب العقل العربي حول (نقصان بل وفشل الديموقراطية الغربية : المتهمة بأنها بورجوازية يسارويا، وصليبية إسلامويا، وصهيونية قومجيا ) هي التي تقف وراء عدم جذرية الغضب المعارض ضد عصابات التشبيح الأمني الأسدي، ومن ثم تقبلها لفكرة الحوار والتعايش والتسوية والتفاوض مع النظام الإجرامي، إن كان في الدعوة اليسارية لرفع الحصار وفك العزلة عن النظام، أو في الدعوة الإسلاموية إلى تعليق المعارضة ضد التشبيح الأسدي باسم توحيد الجهود معه لمقاومة إسرائيل المستفيد الأول من تشبيحه الجرائمي المرعب ضد شعبه باسم مقاومته وممانعته لإسرائيل، التي يريدون أن يوحدوا الجهود مع الحرس الجمهوري “الفرقة الرابعة السابحة في الدم السوري ” التي يقودها السفاح (الأسدي الأصغر) لمقاومتها، أي لمقاومة إسرائيل….!!!

إن النزوع الشمولي لدى الأحزاب التي هيمنت على الإعلان وأقصت وهمشت التيار الليبرالي بالتلازم مع إطباق قبضة السلطة على هذا التيار كما أشرنا سابقا، رافقته حرب ضروس ضد الأصوات الفكرية الراديكالية في نقد النظام العائلي الأسدي باعتبار أن خطابهم الراديكالي (جانح ومتطرف…..بل وخطاب أبناء شوارع…) وبلغ الأمر بهم حد تبني خطاب النظام في حربه ضد الخطاب الليبرالي الحداثي الجذري بنعته بـ( الطائفية) أيضا تقربا واقترابا من خطاب التشبيح الأمني الأسدي !!!

ولهذا فقد وزع الفرع اليساري الشمولي –تحت زعم علمانيته- رسائل حزبية داخلية يتهمون أصدقاءهم الراديكاليين الذين لا يوافقونهم حول -(ضرورة فك عزلة النظام)- باتهامهم بالطائفية ليزيدوا من حالة إفقار روح الغضب لـ (الربيع الدمشقي) الراديكالي الوثاب لالتقاط حركة التاريخ الوثابة التي سيكون الفضل في التقاطها الملحمي –لاحقا- على يد الشباب الذين انبثقوا كما ينبثق (المتعالي الترانسندالي الهيغلي ) في سماء المطلق ليتعين في زمان ومكان معينين ” أي ليتعيّن بالواقع المعاش” كما تعيّن في الربيع الدمشقي في بدايات القرن الواحد وعشرين وكما يتعين بالريع العربي اليوم، ليحول تالشباب العربي والسوري اليوم (مطلق الحرية) الذي يجوب أنحاء التاريخ الإنساني منذ فجر الإنسانية إلى واقع متعيّن وملموس ليس في الواقع العربي فحسب، بل وفي الواقع السوري وإن كان بشكل دامي وفجائعي أكبر بكبر حجم مثول كابوس القهر والاستبداد الذي مثلته العصابة الأسدية المافيوية الميليشية….

والغريب في الأمر أنهم لا يزالون يخوضون معركتهم ضد هذه الأصوات الراديكالية الليبرالية ذاتها ما بعد الانتفاضة الثورية عبر تهميشهم لهذه الأصوات الراديكالية، والإصرار على إبعاد رموزها، رغم أن هذه الأصوات يفترض أن وقائع الثورة أثبتت أنها كانت على صواب في الوقت الذي كان الشموليون (الممالئون) ينعتونها بـ (الجانحة)، وأنها أصوات “أبناء شوارع” كما كانوا يشتمون (د.عبد الرزاق عيد) لأنه انتقد صراحة موقف الإعلان وموقف الأخوان في سياسة التنازلات، فبرهنت ثورة الشباب على أن أصوات ربيع دمشق الغاضبة هي التي كانت أصوات “ضمير الشارع”….. إذ من المفترض أخلاقيا من مجموعة التسلط الشمولي على قيادة الإعلان (يساريين وإسلاميين) أن تتراجع عن مواقفها المتخاذلة، وتنتقد نفسها على سلوكها الشائن نحو رفاقها ممثلي (ضمير الغضب السوري) الذي رأينا نتائجه في انتفاضة الثورة، مما أظهر أن مواقفهم العدائية نحو المفكرين الليبراليين النقديين لم تكن عند حدود إنتاج الخطاب المتكيف مع شروط النظام الأمني، بل عكست نوعا من الغيرة والحسد وضيق الأفق نحو إخوانهم الذين صاغوا لهم خطابهم النظري عن الديموقراطية لتحريرهم من إرث تاريخ شموليتهم…لكن هيهات..!!!

نقول هذا مع اضطرارنا للسكوت عن الفساد الذي تغلغل وبقوة بين دائرة المتحكمين بالقرار، والفساد ظاهرة ملازمة للشمولية القائمة على التكتم والرياء وعدم الشفافية….لكن حين ستنتصر ثورة الشباب – وهي ستنتصر بحتمية إرادة الله وتاريخ مطلق الحرية المتعين في الزمن السوري الراهن – فعندها لكل حادث حديث، عندها ستتكشف كل الحقائق الدنيوية المدنسة المندسة متوارية تحت لبوس مسوح تقوى القديسين المزيفين : من قديسي اليسار أو اليمين الذين مهدوا بعقلهم الشمولي إلى تحويل (ربيع دمشق) إلى شتاء قاس فظ آخر، لولا يد سماء المطلق التي أرسلها الله أو التاريخ رأفة ورحمة بمظلومية الشعب السوري التي لا تقارن بها مظلومية شعب في عالم اليوم والأمس..حيث ليس في التاريخ من يحدثنا عن اللجوء إلى قتل أطفال الشعب انتقاما من الشعب الذي لا يقبل الذل والمهانة !!!

إن مواقف الدفاع عن شعار (فك العزلة عن النظام) من قبل اليسار الشمولي، سيهيء المناخ لاحقا ليقوم الفصيل الثاني في الإعلان (الأخوان المسلمون) الذي على عادته لم يعلن انسحابه من الإعلان، وفي الآن ذاته لم يعد يتحدث بوصفه فصيلا من فصائل الإعلان، بل بوصفه ممثلا لتنظيمهم الحزبي ليعلن “تعليق معارضته ” كما أسلفنا ليتوحد الموقفان تجاه الرغبة في المصالحة مع عصابات القتل والإجرام الأسدي…

إذن فقد أتت مواقف اليسار التصالحية مع النظام المافيوي العائلي الأسدي بالدعوة إلى فك عزلته، بمثابة تهييء المناخ لأحد أجنحة لأخوان -بعد العدوان الإسرائيلي على غزة – حتى يعلنوا “تعليق معارضتهم ضد السلطة وذلك لتوحيد القوى والجهود مع النظام ” كما أشرنا، ولذا ليس غريبا أن الفصيلين اللذين شكلا مطبخ المجلس الوطني في استانبول، قاما بإقصاء الليبراليين (المحافظين والحداثيين)، لأنهم –فيما يبدو- يذكرونهم بمواقفهم التصالحية مع السلطة الأسدية والتي لا يريدون نقد أنفسهم عليها بالتشارك (بين الإسلامويين واليسارويين الشموليين)، وذلك كما تقتضي تقاليد العمل التنظيمي الديموقراطي في النقد الذاتي للمواقف الخاطئة، لكي يفسروا لشباب الثورة –عبر نقدهم لمواقفهم القديمة الداعية للمصالحة ومن ثم انتقالهم المفاجيء للانخراط في مقدمة صفوف الانتفاضة الثورية دون الإعلان الرسمي عن إسقاط (تعليقهم وتجميدهم لمعارضتهم) من جهة، ودون أن يقوم اليسار بالتراجع عن مقولة فك عزلة النظام والحصار من حوله كما حاولوا –من جهة أخرى- لتوريط إعلان دمشق في الدعوة لعدم “محاصرة النظام” مما كان سينعكس بتأثيره السلبي البالغ على (ربيع دمشق) الذي راح يتآكل ذاتيا بعد أن هتكت أزهاره على يد المافيات الأمنية…

إذن إن الإسلاميين عبر أحد أجنحتهم المتنفذة في الأخوان ويشار في هذا السياق إلى (التيار الأخواني الحلبي الذي يتمفصل مع تجار حلب مع مافيات النظام المافيوزي المتحالف على إخماد روح الثورة في حلب)، وهم يواصلون سيرورتهم تلك –مع اليسار الشمولي الإقصائي- في إقصاء التيار الليبرالي (المحافظ والحداثي ) دون أن يرف لهم جفن، كإقصاء رياض سيف عن تمثيل إعلان دمشق في المجلس الوطني رغم رئاسته للأمانة العامة للإعلان، إذ تم احتلال موقعه مافيوزيا خلال فترة سجنه، وذلك ليحل محله مقاول سمسار أفسد الفضاء السياسي السوري المعارض بالمال من جهة، وليحل محله رفيقهم العجوز في باريس الذي تجاوز الثمانينات كمعلمه في قيادة تنظيمه الشمولي الذي لم يغادر الستالينية إلا إلى السجن الذي بيض بعضا من تاريخ صفحات ماضيه الستاليني، والذي لا يزال ميراثه الشمولي الستاليني ضاغطا عليه في سلوك وممارسة الحرتقات والمقالب والدسائس الحزبية التي تكاد أن تذهب لكثرتها وشيوعها بكل القيمة الرمزية لماضيه المجيد الذي لا نريد له أن يتشارك مع تاريخ خصمه وغريمه التاريخي خالد بكداش الذي جسد في مآلاته الحكمة القرآنية القائلة ” ومنكم من يرد إلى أرذل العمر”…

إن كل هذه السيرورات كان لا بد لها أن تقود بالضرورة إلى السير على طريق تقويض وسحق حدائق (ربيع دمشق)، حتى أتت يد الله أو يد تاريخ مطلق الحرية الهيغلي متعينّة بيد شباب ثورة 15 آذار لبعث (آذار الربيع الدمشقي من جديد) ولبعث الشعور فينا بالحرية والكرامة، وتجديد شعورنا بالهوية الوطنية السورية التي استعدنا فخارنا بها بفضل شبابنا (المعجزة) هبة السماء الذين لم نورثهم خلال خمسين سنة سوى الهزائم والرايات المنكسة…حيث لا يحق لأي فصيل سياسي بيننا (قومي أو إسلامي أو يساري ) أن يدعي أبوتهم، إذ هم لا أبوة لهم سوى نسائم مطلق (ربيع دمشق) التي أنتجتها روح المطلق السوري إذ هو يتجسد بقوة شباب وحيوية التاريخ الذي من خلاله يقوم شبابنا بتجديد شباب سوريا الوطن.

لابد في هذا السياق من توضيح بعض ما نقصده من معاني المصطلحات في هذا السياق :

فالليبرالية: نعني بها –هنا- دلالتها الثقافية كمعادل للحداثة التي أطلقت زمنا جديدا لولادة مفهوم الفرد الحر المالك لذاته ككائن إنساني توحده قيم حقوق الإنسان، لكن عبر أولوية الانطلاق من الحرية الفردية كمدخل لأية حرية اجتماعية، وباعتبار الليبرالية – حسب عبد الله العروي وياسين الحافظ – مرحلة انتقالية ضرورية في المجتمعات ما قبل الحداثية أو مجتمعات التأخر، بل ولابد منها للدخول إلى المجتمع الحديث إن كان مجتمعا رأسماليا أم اشتراكيا، حيث لا يمكن بناء مجتمع ديموقراطي مدني حديث على أرضية قروسطوية، أي على أرضية ( إقطاعية أو خراجية أو ما قبل رأسمالية) سابقة على الليبرالية التي يفترض أن معادلها الفكري والفلسفي (العقلانية :الانتقال من المطلق إلى النسبية في فهم الواقع والتاريخ )، إذن نحن لا نتوقف عند البعد الاقتصادي المتداول عن الليبرالية بوصفها معادلا لاقتصاد السوق الرأسمالي المعرف بصيغة (دعه يعمل دعه يمر)، وإن كان منظورنا الثقافي والفكري لليبرالية في سياقنا هذا لا يتعارض من حيث المبدأ- وفي اللحظة التاريخية الراهنة- مع المعنى المشار إليه لاقتصاد السوق…

الليبرالية المحافظة: نقصد بها التيار الإسلامي المدني الذي يتكيف مع قانون العصر وفق مدرسة الإمام محمد عبده، ولا يجد تعارضا بين الإسلام والديموقراطية والعلمانية كنموذج حزب العدالة والتنمية التركي!

أما الليبرالية الحداثية : فنقصد بها سورياً بل وعربياً، الليبرالية التي لا تجعل من العلمانية مذهبا عقائديا لإقصاء الآخر، بل هي تلتقي مع التيار الليبرالي المحافظ في منطقة وسطى من قيم الاعتدال والتسامح والتعدد والتغاير والاعتراف بالآخر، أي يلتقيان على ساحة الليبرالية التي تحررهم من ثقافة الهويات العتيقة القائمة على رؤية العالم بمثابته صراع ذوات حضارية: كفكرة (عداء الغرب للهوية الإسلامية أو القومية العربية) فهي فكرة سلفية، إسلاميا أو قوميا، في حين أن الوعي الحديث يرى حقيقة الغرب بوصفه حضارة رأسمالية يحكمها منطق صراع مصالح متحركة، فليس لدى فكر الحداثة (غربا وشرقا)، فكرة صراع الحضارات كجواهر ثابتة مؤسسة لثقافة الكراهية بين الهويات الثابتة إن كانت هويات دينية أم عرقية…. وعلى هذا فإن الليبرالية توحد التيارين (المحافظ والحداثي ) حول عالمية القيم الإنسانية وثقافة حقوق الإنسان، ومن ثم الحيادية نحو الدين والعلمانية.

لعل قصور وعي الهويات بالمعنى الديني أو القومي هو الذي يفسر عجز بعض ممثلي المجلس الوطني السوري عن الارتقاء إلى مستوى التطلعات الشعبية التي محضته ثقتها، لاسيما جيل الشباب الذي صنع هذه الانتفاضة الثورية المباركة، والذي ينتمي إلى ثقافة (ما بعد الهويات)، إلى ثقافة كونية تنطلق من وحدة عقل الإنسان وعالمية قيم وحقوق الإنسان، وذلك من خلال اندماجه بثورة المعلومات والاتصالات.. هذا القصور تمثل في عجز المجلس عن اتخاذ موقف واضح في نقد موقف المجتمع الدولي الذي لا يمارس مسؤولياته في حماية المدنيين الذين يذبحون في سوريا، حيث يتم السكوت أو اللجلجة والتردد في إعلان الرأي والموقف ضد الاستباحة أو المجازر الداخلية باسم الحرص على السيادة أو رفض الاستقواء بالخارج..وكأن امتهان الكرامة وسحق الحرية وسفح الأعراض مشروع لا تمتهن السيادة إذا قام بانتهاكها ابن أرض الوطن من الداخل وفق نظام القرابة (العائلي والعشائري والقبلي والطائفي)، وكأن الوطن منطقة جغرافية شاردة في فراغ المكان الكوني دون أن يكون لها علاقة بالإنسان وحقوقه وكرامته والعقد الاجتماعي مع الآخر في صيغة التعايش مع الآخر أيا كانت صفة أو هوية هذا الآخر..

لعل سر ذلك القصور الذي يعتور مسار الحراك الديموقراطي السوري، يتمثل في الإقصاء النهائي للتيار الليبرالي (المحافظ والحداثي) من خلال إطباق شمولي: إسلامي- يساري- قومي على خنقه، متجاهلين أن جيل الشباب الذي يقود الثورة اليوم –سوريا وعربيا- هو جيل (ما بعد الايديولوجيات) : يسارية أم إسلامية أم قومية كما عبر عنه الفضاء الثقافي وما بعد-الايديولوجي الذي مثله ربيع دمشق في العشر سنوات الأخيرة، قبل تحولها إلى شتاء قارس تطبق عليه سلطة النظام الأسدي الإجرامي من جهة، وسلطة النظام العقلي الشمولي (المعارض القائم) المحكوم بمنطق الهويات، وليس بمنطق الصيرورات كما سيؤسس له الربيع الدمشقي وامتداداته الفذة والنوعية المتمثلة في ثورة الشباب، ولعل في ذلك سر نجاحه العظيم، حيث ينطوي هذا الجيل على وعي ثوري أقرب ما يكون إلى هذه الليبرالية –ولعل ذلك ما يفسر سلمية الثورات العربية – بغض النظر عن مرجعياتها المحافظة أو الحداثية، لكنها بمجموعها هي نتاج عالمية ثقافة حقوق الإنسان والقيم الكونية المشتركة لأولوية كرامة الإنسان وحرياته الفردية المقدسة، وذلك من خلال اتصال هذا الشباب ذكورا وإناثا بالثقافة الإنسانية عبر (عولمة) ثورة الاتصالات والمعلومات، حيث المشاركة الواسعة للأنثى –وهنا تحضر رمزية اعتقال الدكتورة فداء حوراني التي اعتبرنا يومها أن سجنها خط أحمر- في ثورات الربيع العربي تعبير عن الروح الليبرالي لثورة الشباب، وكأنها تمثل صدر أمومته سوريا، وذلك لأن كينونة الأنثى تتعارض –انطولوجيا- كيانيا مع الثقافة الإيديولوجية الشمولية الذكورية بوصفها ثقافة أبوية (بطركية) قائمة على الانصياع للأمر الذي يصدع من فوق (أبويا –لاهوتيا) وما على التحت سوى الانصياع والطاعة، هذا الوعي الكوني العالمي والإنساني بالحرية والكرامة لدى الشباب كان يناظره – معرفيا وتقنيا وحداثيا- عالمية ثورة الاتصالات والمعلومات ووسائلها التقنية (الانترنت والفيسبوك والتويتر والنقال….الخ) التي تضع عقل الآباء في ثلاجة التاريخ..

نقول إن إقصاء التيار الليبرالي (المحافظ والحداثي) عن المجلس الوطني، أدى إلى عجز هذا المجلس عن تحمل مسؤولية أمانة نداء شعبهم لهم بأن يكونوا صوته المطالب بالمساندة الإنسانية والتدخل الدولي لإنقاذهم من همجية عز نظيرها في التاريخ الإنساني، ليس في العصر الحديث، بل وفي التاريخ العالمي من حيث استفرادهم (الأسدي التشبيحي) بتعذيب وقتل الأطفال، وذلك لأن إقصاء التيار الليبرالي بتعدد مشاربه الفكرية وحساسياته الثقافية، أدى إلى هيمنة وعي الهويات (الأنا القومية أو الأنا الدينية أو الأنا الطبقية) الذي يتحكم ويوجه الوعي الشمولي اليساري الشيوعي (الستاليني) أو القوموي (الصدامي) أو الإسلامي (الأخواني) الذي لم يبرهن مع التيارين النظيرين اليساري والقومي أنهم قطعوا مع الموروث الشمولي، ولهذا نرى أنهم جميعا يمتلكون قابلية داخلية على التفاوض مع الأمر الواقع الذي لم يتجاوزوه معرفيا، ومن ثم التسوية مع النظام الذي يشبههم تنظيميا ببنيته التكوينية، بمقدار ما يشبهونه فكريا وسياسيا وممارسة، حيث هذا التيار (الايديولوجي الشمولي) بتعدد مشاربه (يسارية- قومية –إسلامية ) لا يرى مسا بالسيادة إلا إن أتت من الخارج القومي، أي من الأجنبي، بينما الليبرالية المقصاة عن هذا المجلس التي تنطلق من أولوية حرية الفرد وكرامته وحقه بالولاية على نفسه وجسده، تعتبر أن انتهاك بسمة الطفولة يعد انتهاكا للسيادة والكرامة الإنسانية، فكيف إذا وصل الانتهاك إلى مستوى قتل الأطفال تعذيبا وقطع أعضائهم الذكورية شذوذا وانحرافا نفسيا وأخلاقيا !!!

إن التكتل الديموقراطي الذي ندعو له هو دعوة موجهة لكل أولئك الديموقراطيين المستقلين أفرادا وشخصيات حزبية في كل الأحزاب السياسية التي ضاقت بشمولية أحزابها التقليدية (يساريين –إسلاميين –قوميين) من الذين صنعوا (ربيع دمشق)، وإلى كل التعبيرات الشبابية التي صنعت حدث الانتفاضة الثورية من الجيل الذي نراهن على دوره في تحرير نفسه وتحريرنا سلطة ومعارضة للالتقاء على لحظة قادرة على توحيد لحظة الحاضر والماضي لكي تنتج تركيبا نوعيا جديدا لن يكون ثمرة احتراف سياسي للمعارضة التقليدية في الداخل أو الخارج، بل إن معارضة الداخل تبدو أعجز تمثيلا لإرادة شبابها بسبب أن أيديها مغلولة إلى عنق استطاعتها أن تكون في منأى عن الاعتقال….

إن التكتل الديموقراطي الذي ندعو إليه اليوم يتمثل في شبابنا المعجز الذي وحده القادر على نسف التسويات إن كانت محلية أم عربية أم عالمية إذا تعارضت مع قيمة الدم الذي تنزفه جراح آلام هؤلاء الشباب في سبيل الحرية، للالتقاء تحت سقف وطني مشترك، يكون فيها (ربيع دمشق) هو الأب الروحي لانتفاضتهم، وتكون فيها ليبرالية الجيل الصانع للاستقلال الوطني في نموذج الليبرالي الكبير خالد العظم بوصفه الجد الوراثي لجيل الثورة اليوم، وبمثابته امتدادا لأرفع تقاليد الفكر الحر، بدءا من الاعتزال العقلاني في التراث الإسلامي وميراث الفكر التنويري الحداثي الغربي عبر كل تاريخ ثوراته الديموقراطية والدستورية في الصورة التي توجها فكر الإمام الكواكبي الجامع بين العقلانية التراثية الإسلامية وأفكار التنوير الغربية الديموقراطية من خلال بيانه العربي الأول ضد الاستبداد والاستعباد، وذلك بعد أن كشف الجذر الشمولي لهما في صيغة أن (الاستبداد السياسي والاستبداد الديني) صنوان، فاستحق الكواكبي أن يكون الليبرالي العربي الأول الذي جمع بفكره بين الأصالة والمعاصرة أو ما وصفناه بـ (الليبرالية المحافظة والحداثية) في جدل تاريخي خلاق استوعبها عقل الكواكبي الليبرالي (المحافظ والحداثي في آن واحد).

إننا إذ نؤكد على العمق الوطني والتاريخي لمشروعنا المدني الديموقرطي الليبرالي، إنما هو تأكيد على أن المشروعية الدستورية (الليبرالية ) ليست شأنا طارئا، أو استجابة لمؤثرات خارجية، بل هي مرحلة كاملة امتدت منذ العهد الكولونيالي الاستعماري إلى ما بعد الاستقلال، أي نحو أربعين سنة، من سنة 1920 حتى سنة 1960، تجسدت فيها كل مطالب الحركة الديموقراطية اليوم إذ ما شكلت امتدادا لها وإذا ما كانت عمقا وطنيا دستوريا لتكوين وعيها…

إن اللحظة التي تشير إلى زمن خالد العظم إنما تشير إلى نموذج الدولة المدنية الديموقراطية البرلمانية القانونية الحديثة، ذات الشرعية الدستورية المؤسسة على مبدأ المواطنة والعقد الاجتماعي، أي هي جزء من تاريخنا الوطني وليس تاريخا مستوردا، حيث أن فصل السلطات والتداول السلمي للسلطة كان حقيقة عاشها جيل الأباء والأجداد في سوريا حتى سنة 1958، وهذا يعني أن برامج الحركة الديموقراطية اليوم إنما هي “استئناف وإعادة انتظام” في الحقبة الليبرالية التي كانت تعيش فيها سوريا، كما عبرنا عن ذلك في وثيقة “لجان إحياء المجتمع المدني” فيما سمي بوثيقة الألف، التي كانت المحطة الثانية في ربيع دمشق بعد بيان 99، وعلى طريق إعلان دمشق المحطة الثالثة للحراك الديموقراطي الليبرالي، قبل أن تستولي عليه الأحزاب الشمولية، فتعيد إنتاجه وفق قانونياتها الحزبوية الضيقة، إذ (تبقرط) الروح الرديكالي الطليق لإعلان دمشق في مساره على طريق مواصلة مشروع “ربيع دمشق الموؤود”، وذلك بسبب عنف السلطة المادي وعنف المعارضة الرمزي الذي حاول أن يقصي أي تعبير ديموقراطي مدني راديكالي خارج الشمولية الحزبوية التي أرادت لربيع دمشق أن تختزله لمجرد امتدا باهت لروحها الإقصائية، وذلك لعوامل عديدة اجتماعية وسياسية وذاتية -ثقافية وبسيكولوجية مريضة…

إننا نسعى من خلال تكتلنا الديموقراطي هذا إلى إعادة اعتبار لليبرالية الديموقراطية الطليقة التي شكلت الفحوى الرئيسي لربيع دمشق، وتشكل اليوم فحوى الأفق الفكري والسياسي لجيل الانتفاضة الثورية، جيل ما بعد الايديولوجيات الشمولية (القومية واليسارية ولإسلامية )، الذي تتنوع مشارب خلفياته الفكرية إلى حساسيات ونزعات قد تكون (إسلامية وقد تكون يسارية أو قومية)، لكنها تبقى في إطار الحساسيات الثقافية دون أن تتحول إلى منظومات ايديولوجية شمولية، حيث هي أقرب للوطنية الليبرالية لجيل الأجداد برمزية (خالد العظم)، في مواجهة الشمولية الفاشية الهمجية العسكرية الرعاعية العائلية المتوارية وراء الطائفية برمزية (الأسدية : الأب والإبن )، حيث الجيل الذي عاش وعايش بعض المراحل الاستعمارية لا يحكمه سعار صراخ شعارات الكراهية (الفسطاطية) ضد الخارج بوصفه استعمارا دائما، سيما بالمقارنة مع الهمجية القروسطية البربرية لما سمي بالأنظمة الوطنية كالنموذج (الأسدي والقذافي…الخ)، حيث الجيل الليبرالي تكوّن في بيئة عقلية كانت تنطلق من مبدأ ضرورة العلاج من التأخر عبر اللقاح بمصل ميكروب الغرب الاستعماري، في حين أن جيل الايديولوجيات- ما بعد الحقبة الليبرالية – سيطر عليه صهيل ملفوظات شعارية صوتية تلتصق بالأسنان و تختبيء داخل الكلمات الصائتة، مضمونها الأساسي: أن الخطأ يكمن دائما في (الآخر – الخارج: الاستعماري- الصهيوني الإمبريالي)، لكن لم يدرك هؤلاء الأثر المضاد لفلسفة (النكاية ) بالآخر، القائمة على “أن الطريق القويم هو في مخالفة أهل الجحيم “، على حد التعبير السلفي الماضوي المؤمثل للذات المفوّتة، دون الانتباه إلى أن هذه الفلسفة ستقود إلى ما يسميه ابن خلدون بمحاكات الآخر المنتصر عبر الاستلاب بالآخر، حيث الليبيون الذين عايشوا جحيم (مواطنهم القذافي صنو الأسدي)، وجدوا في تدخل الحلف الأطلسي بردا وسلاما، وهاهم بعد التحرير يناشدون الأطلسي بالبقاء حتى آخر السنة خوفا من (الارتدادات الوطنية الثورية للقذافية )، في حين أن الأطلسي رفض هذه (الدعوة الاستعمارية الشهية) وفق خطاب الأصوليات (الإسلامية واليسارية والقومية)، وقرر الانسحاب من ليبيا وفق قرارات مجلس الأمن !!!!حيث الأمر نفسه سنجده مع النظام الأسدي الذي دفع الشعب السوري المعروف بوطنيته لأن يرسل نداء استغاثة لما يسميهم بالدول لأمبريالية الفرنسية والبريطانية والأمريكية، حيث يرفعها وسط ما يتبجح بتسميته بدمشق قلب العروبة النابض وذلك للغوث وحمايته من نظام الأسد تاجر الممانعة…

من الواضح أننا نستخدم لغة نظرية قد توحي للكثيرين -وهم محقون- بأننا ننظّر في زمن لا يسمح ببطر التنظير، حيث يكتب الواقع السوري يوميا بالدم، لكن لابد من وضع أسس نظرية لأسس حوارنا وعلاقاتنا، ومن ثم لا بد من نظرية التأويل والتفسير للخطابات المتعددة والمتنوعة، وذلك لكي لا نقوم بعمليات التخوين والتكفير لبعضنا، وهذا أشد أنواع الهلاك للفعل الجماعي السياسي والوطني، فعندما يتردد المجلس الوطني حتى اليوم بتوصيل صوت الشعب السوري الذي يجأر بالشكوى إلى الله (ما لنا غيرك يا ألله )، وطلب النجدة البشرية من كل العالم بغض النظر عن هوياتهم وأجناسهم وأعراقهم أن يتدخلوا لإنقاذهم من الإبادة الجماعية والموت تحت التعذيب وقتل الأطفال واغتصاب النساء، نقول: عندما يعجز عن ذلك، ينبغي أن نبحث عن التفسير والتعليل وليس التخوين والتكفير، كما نرى ونشاهد من تعليقات هجائية حادة ضد المجلس وأبرز ممثليه…

فيجب إذن أن نفهم توحد بل وسر عدم تردد المجلس بتكوينه الفكري والسياسي (الشمولي)، وبتعدد تياراته أن يتوحدوا على إقصاء التيار الليبرالي ذي الانفتاح على وحدة العقل الإنساني على مستوى الرؤية والتفكير بل ووحدة القيم التي يؤسس لها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وذلك لأن الشمولية لا تستطيع أن ترى أن ثمة مشكلة في (الأنا أو ذات الأمة)، بل المشكلة دائما في ما يخارجها كما أسلفنا، فالأمة واحدة كلية متجانسة شموليا وليس هناك من يهدد سيادتها أو كرامتها إلا القوى الخارجية المتآمرة، مما يجعل الخطاب المعارض الشمولي ليس إلا وجها آخر للخطاب الشمولي السلطوي (التشبيحي) وهو يتوهم السيادة والوطنية، إذ يعتبر أن كل ما يخارج هذا الخطاب هو تآمر وخيانة وجاسوسية مثله في ذلك مثل خطاب السلطة. وهذا ما يفسر لنا الروح التصالحية والميل للتسوية التي تحدثنا عنها لدى اليسار الشمولي ولإسلام الشمولي اللذين هيمنا على المجلس الوطني…!!

على هذا فوفق الخطاب الشمولي بتعدد مشاربه الإيديولوجية، يغدو اغتصاب أعراض بنات الوطن ليس انتهاكا للسيادة الوطنية، إلا إذا تأتى هذا الاغتصاب لبنات الوطن من قبل الأجنبي الإمبريالي والصهيوني، بينما (الاغتصاب الأسدي) هو اغتصاب سيادي وطني ممانع ومقاوم !!! والمصيبة أن المعارضة الشمولية تتقاطع مع هذا الفهم انطلاقا من الجذر المعرفي الشمولي الذي يوحد منظورها مع منظور السلطة !!!

على هذا، فإن التكتل الديموقراطي يعتبر نفسه تكتلا لكل التمثيلات الليبرالية داخل إعلان دمشق وخارجه، بوصفه تكتلا ديموقراطيا لكافة التيارات الفكرية ذات النزعة الليبرالية الكونية المؤسسسة على ثقافة حقوق الإنسان ووحدة القيم البشرية (إسلامية مستنيرة معتدلة –يسار ديموقراطي مناهض للشمولية الستالينية- أو قومي علماني معتدل يستمد مرجعيته من سياق الثورات الليبرالية الديموقراطية، وليس من الفاشيات الشوفينية والعنصرية أو النازية)، ويعتبر أن مهمته الأساسية هي إسقاط النظام (الأسدي) الإجرامي الفاسد، وكل مركباته الأمنية والتشبيحية والايديولجية الفاشية، حيث لا يمكن الحوار والتفاوض معه إلا لتسليم السلطة إلى الشعب لبدء مرحلة جديدة في سورية، وكل حوار تحت سقفه الأسدي الأمني هو خيانة لدماء مئات آلاف الشهداء والجرحى والمخطوفين والمعتقلين…حيث “لا حوار إلا بعد إسقاط النظام” وفق خطاب مسيرات المتظاهرين…

وبما أن التكتل الديموقراطي بكافة تياراته ينطلق من منظور ليبرالي مؤسس على وحدة القيم البشرية الكونية، وعالمية حقوق الإنسان فإنه يعتبر أن العالم بمجموعه مسؤول عن مأساة الشعب السوري الأعزل أمام دموية نظامه الإجرامي السفاح قاتل الأطفال ومغتصب الفتيات، بل إن العالم ونظامه الدولي مسؤول سياسيا وحقوقيا وأخلاقيا على التدخل لحماية المدنيين السوريين، حيث نعتبر أن أولى المهمات المطروحة على عاتقنا على طريق إسقاط النظام الأسدي كتكتل ديموقراطي، هي حماية شعبنا من القتل، حيث سنعتبر مهمتنا الأولى والرئيسية عند الإعلان عن تكتلنا هذا، هو التوجه للمجتمع الدولي وعلى كل المستويات ندعوه ونستحثه ونحمله مسؤولياته القانونية والحقوقية والأخلاقية للتدخل لحماية شعبنا من المذابح على يد (كتائب الأسد ) الأمنية، و(كتائب الموت ) التشبيحية…

وذلك من أجل إحلال نظام بديل : نظام مدني ديموقراطي تعددي يعترف بالحقوق الشرعية للفئات القومية الأخرى (كردا وآشوريين) ضمن وحدة أراضي الدولة السورية، ويؤسس نظامه على مبدأ المواطنة، حيث المساواة أمام القانون لكل الفئات القومية والمذاهب الدينية والطائفية، لبناء دولة القانون والمؤسسات انطلاق من عقد اجتماعي يقر مبدأ فصل السلطات والتداول السلمي السلطة.

إن نصنا النقدي للمجلس الوطني أو مكوناته (اليسارية والإسلامية) التي ساهمت في هيكلته وبنائه لا تعني أنها دعوة إلى كيان بديل أو موازي، بل تعني تحريض الحس الوطني والمدني والثوري والأخلاقي لدى بعض نخبه على السعي من أجل وحدة قوى المعارضة، هذا من جهة، ومن جهة ثانية هي دعوة لقوى الثورة الشابة المعول عليها كقوة حاسمة في المعركة الدائرة في سبيل الحرية لسوري للتدخل لتصحيح المسار، حيث مراهنتنا تقوم على أن الجيل العظيم الذي ارتقى إلى مستوى هذه التضحيات الملحمية العظيمة القادرة على البرهنة على ممكنات (أن تقاوم العين المخرز )، في مواجهة التشبيح الأمني الاستعماري الاستيطاني الأسدي، لن يتمكن محترفو السياسة بشتى تياراتهم الانتهازية أن يخدعوهم أويزوروا إرادتهم بالتشبيح الاستعراضي الشعاري اللفظي المعارض الذي يريد إنقاذ الأوهام الإيديولجية القابعة في رؤوسهم الفارغة حتى ولو حساب الإنسان ودمائه وأحلامه في حقه البديهي بالحياة…ولذا علي الشباب الثوري الذي يفتدي أحلامه بالحرية والكرامة بدمه، أن يتدخلوا في الوقت المناسب قبل أن تسيل دماؤهم من جديد لحساب المعارضين (الأصدقاء) الذين لا يريدون خدش عذراوية سيادتهم الوطنية إلا من قبل ا(لاغتصاب الوطني الشرعي) لأبناء الأهل والعشيرة والقبيلة والقوم…حيث لا تستباح السيادة الوطنية بالقتل والاغتصاب الوطني الأهلي والمحلي، بل فقط عبر التدخل الأجنبي الدولي والعالمي حتى ولو تم هذا التدخل تحت رعاية قانونية و حقوقية للشرعية الدولية للأمم المتحدة…

اللجنة التحضيرية للتكتل الديموقراطي لربيع دمشق

ملاحظة : نحن نعرف أن هذه الوثيقة مطولة في ظرف الزمن الثوري العاصف الذي لا يفسح الوقت للتأملات النظرية والفكرية، لكن مع ذلك فنحن لسنا متعجلين، إذ أن هذه الوثيقة وزعت منذ أكثر من شهر ونصف على عدد ضيق من الأصدقاء للتشاور والمناقشة حول مضمونها، وهانحن ننشرها بعد تعديلات كثيرة، لكن هذه التعديلات لا تحيل دون انفتاح اللجنة التحضيرية على كل وجهات النظر المتوافقة أوالرافضة أوالمنتقدة للوثيقة على طريق التوافق لعقد المؤتمر العام للتكتل الديموقراطي لإعلان دمشق…

مع تحيات اللجنة التحضيرية…

عنهم الدكتور عبد الرزاق عيد

المراسلة مع اللجنة التحضيرية

abdulrazak.eid@sfr.fr

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى