التلامذة السوريون ومشكلة التعليم!/ ابراهيم حيدر
بعدما أكدت مفوضية اللاجئين ان العدد الأكبر من الأولاد السوريين اللاجئين في عمر الدراسة هم في لبنان، فإن أعباء تعليمهم ورعايتهم باتت تكلفتها كبيرة، وهي الأكبر، اذا جرت مقارنتها بوضع السوريين اللاجئين في الأردن وتركيا، والعراق كذلك، وان كانت الأعداد فيه قليلة. والمشكلة في لبنان أكثر تعقيداً، ففي مخيمات الدول التي تستضيف اللاجئين لا ضرورة لدخول التلامذة السوريين الى مدارسها، فلا إمكان لتعليمهم اللغة التركية، وكذلك في الاردن تتولى مفوضية اللاجئين والمؤسسات الأوروبية واليونيسيف متابعة الأولاد في المخيمات القائمة.
ولعل التداخل في وضع اللاجئين السوريين في لبنان، وانتشارهم في المناطق، وتدفقهم اليومي، الى سوريين مقيمين منذ أعوام، رتب أعباء إضافية وصعوبات أيضاً في متابعتهم ورعايتهم، مع شح المساعدات الدولية، وضخامة حاجاتهم. لكن موضوع التعليم يبقى الأصعب بالنسبة الى اللاجئين والى المعنيين بمتابعتهم أيضاً، اذا صدقت الأرقام التي تتحدث عن وجود 350 ألف ولد لاجئ في عمر التعليم في لبنان، لا يمكن المدارس اللبنانية الرسمية والخاصة استيعابهم. وبالرغم من الجهود التي بذلت وتبذل على هذا الصعيد، الا ان الاستيعاب بقي قاصراً بسبب الإمكانات اولاً ثم بسبب ضخامة العدد الذي يحتاج الى ادارة تربوية وتعليمية مستقلة وجهاز بشري أكاديمي وإداري يستطيع متابعة اوضاعهم وهو ما ليس متوافراً اليوم، حتى بالنسبة الى المؤسسات الدولية.
وقد يسأل البعض، لماذا الاهتمام بتعليم الأولاد السوريين، طالما ان 40% من التلامذة السوريين، وفق تقرير دولي أصبحوا خارج المدارس بفعل الصراع المستمر في سوريا؟ لكن، طالما كان في الإمكان تأمين الحد الأدنى من الحاجات، ومن بينها التعليم، فلا يعفى أحد من المسؤولية. وبالرغم من عدم قدرة لبنان على استيعاب هذه الأعداد، الا ان المدارس الرسمية استوعبت حوالى 33 ألف تلميذ سوري العام الماضي، و18 ألف تلميذ سوري مقيم، استمر منهم 40 ألفاً في المدارس، جزء كبير منهم درس وفق المنهاج السوري، فيما استوعب القطاع الخاص عشرات الآلاف، وإن كانت لا توجد أرقام ثابتة، إذ لا يمكن الاستناد الى الأرقام التي تتحدث عنها بعض الجمعيات ومدارسها الخاصة، وهي التي تتلقى مساعدات غير محدودة لا تذهب كلها الى تعليم الأولاد.
واذا كانت التوقعات تشير اليوم الى تدفق تلامذة سوريين لاجئين الى المدرسة الرسمية، واحتمال وصول الأرقام الى 70 أو 80 ألفاً، أي الضعف عن العام الماضي، فإن ذلك يقتضي اعلان حال طوارئ تربوية، وليس اقتراح حلول جزئية قد تؤثر في التعليم الرسمي وتلامذة لبنان في المستقبل. ولعل الحديث عن فتح مدارس كانت أقفلت في الماضي لأن عدد تلامذتها محدود، الى التعاقد مع أساتذة لتعليم اللاجئين السوريين، يرتب أعباء كارثية، وهوما يستدعي اشراك مفوضية اللاجئين في أي اجراءات تطال الموضوع.
النهار