صفحات العالم

“الثمانية الكبار” المصدومون كذباً!

    راجح الخوري

اذا كان وزراء خارجية مجموعة “الثمانية الكبار” مصدومين فعلاً لعدد القتلى الذين سقطوا في سوريا حتى الآن، ولعدد اللاجئين الذين تجاوزوا الثلاثة ملايين في الداخل والخارج، فقد كان الاحرى بهم كتابة بيانهم الختامي في لندن بغير دموع التماسيح وبغير لغة الدجل السياسي وبغير الرقص السمج على القبور.

بيان من خمسة اسطر فقط جاء اسخف من نعي يكتب لسبعين الف قتيل، وابشع من تقصير ووقاحة في مواجهة ازمة تشكل اعلاناً مدوياً لموت الشرعية الدولية بعد عجزها المعيب عن مواجهة كارثة وصفها وليم هيغ بأنها “اكبر كارثة انسانية في القرن”. في اي حال ذكّرني بيان “الثمانية الكبار” بقصة “عشرة عبيد صغار” على اساس ان المصالح المضمرة والحسابات الضمنية هي التي تجعل من العالم “اسرة عبيد صغار” امام مذبحة تدار بـ”الريموت كونترول” الروسي الذي يواكبه انخراط ايراني متزايد في الوحول الدموية السورية، التي يمكن بالتالي ان تطلق الحرب المذهبية بين السنة والشيعة على مداها الاقصى بما قد يجعل من الاقليم ارضاً محروقة!

بيان “الثمانية الكبار” اعلن “النية” لدعم جهود الاخضر الابرهيمي، ولكن اين هذا المسكين الابرهيمي وكيف اكتشفوا مخبأه ليتحدثوا عن جهوده وهو المستلقي سعيداً [نعم سعيداً بدليل انه لم يستقل بعد] في الفشل والنسيان، بعدما كان الاسد قد زجره في زيارته الاخيرة لمجرد تلفظه بعبارة “الانتقال السياسي”، ثم كيف امكنهم الحديث عن الحل السلمي للنزاع على اساس “اعلان جنيف” الذي لم يوضح متى يرحل الاسد، وهو ما اعطى حجة اضافية ترضي الروس والاميركيين ضمناً، لأنها تكفل استمرار الازمة التي يراد لها ان تدمر سوريا وتقطع ذراع الاخطبوط الايراني وان تفتك بأكبر عدد ممكن من عناصر التطرف التي استجلبوها الى الصراع بسبب صمتهم المتمادي عن المذابح.

اما دعوتهم الى زيادة المساعدات للشعب السوري فانها الوقاحة بعينها بدليل انهم لم يلبوا طلب “مؤتمر المانحين” الذي استضافته الكويت بدعوة من بان كي – مون ولم يقدموا اي مساعدات من تلك التي يدعون اليها الآن كذباً. ولست ادري ما اذا كان “الثمانية الكبار” مصابين بالعمى والطرش فلم يسمعوا مثلاً الامين العام للامم المتحدة يشكو من ان النظام منع بعثة الخبراء الدوليين من الدخول الى سوريا للتدقيق في استخدام الاسلحة الكيميائية التي تردد انها استعملت في بعض الاماكن واوقعت كثيراً من الاصابات. وهكذا عندما يقول بيانهم المسخرة “ان اي استخدام للسلاح الكيميائي في سوريا يتطلب رداً جدياً من جانب المجتمع الدولي”، فانهم يكونون أشبه بأوركسترا تعزف لحن الفرح في جنازة القرن كما يقول وليم هيغ!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى