الثورة السورية: نقد ذاتي أم جلد للذات؟!
من الجيش الحر إلى المتأسلمين والمعارضة السياسية..
الياس س الياس
مقدمة..
ليس سوريَّاً ذاك الذي سألني: ما معنى أن تقدم دول خليجية معينة مليارات الدولارات لمصر، فور الانقلاب الذي قام به عبد الفتاح السيسي على رئيس منتخب ديمقراطيا؟!
بغض النظر عن الجواب وخلفياته، فإن صمت بعض” الليبرالي والعلماني واليساري” على تدفق تلك المليارات من دول كان رموز تلك الحركة المشاركة في ديكور الانقلاب ينتقدونها، ثم فجأة نقف أمام ” حلال وحرام” مخز في خطاب النخب السياسية المصرية، التي لم تذهب حتى نحو إدانة لفظية لفظاعة هذه العنصرية، التي واجهت السوري والفلسطيني في مصر، وبتعميم دال على أزمة العقل ” النهضوي” عند قوى بعينها، فهمت الاختلاف وفق ثقافة مترسخة في نقض وجود آخرين، أو على الأقل تحميلهم بشكل مقرف وبنسق إعلامي لم يُعبر عنه حتى في تشريعات وقوننة أوروبية متشددة أقدمت عليها حكومات يمين متطرف.. لا، وعلينا الاعتراف بأنه بعض ” القوميين” ومن يسمون أنفسهم ” قوى ديمقراطية وليبرالية” تجاوزوا حتى التعميم الصهيوني في تصريحات عتاة التطرف العرب الفلسطينيين مسؤولية مأزومية مشروعهم.. وبالتالي الحل دوماً بالنفي والابعاد والتجييش الإعلامي الذي لقي أخلاقياً بضعة أصوات تقول لعوباديا يوسف: توقف عن هراءك وعنصريتك الدينية.. المخزي في المشهد المصري أن يُقال لك لا تتدخل في شؤونهم حتى لفظياً! ممنوع مثلاً الاحتجاج على فتح سفارة النظام في القاهرة، والأنكى أن معاذ الخطيب يكتب على صفحته بأنه هو من طالب بفتح القسم القنصلي.. ثم بدأت تتواتر قصة عودة النظام إلى مؤسسات جامعة الدول العربية!
ما فهمناه، على الأقل من تلك الأطراف ” الثائرة” اليوم ضد ثورة 25 يناير بأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحالة نهضوية عربية لا ارتداد إلى عصور كان بعض رموزها يتباكون على خلع مبارك..
الأمر يجده البعض معقداً.. لكنه أسهل من الجملة النمطية الغربية عن القضايا العربية وبالأخص قضية فلسطين كمهرب من المواجهة: الأمر معقد!
التمويل خنقاً..
ما قلته عن تدفق المليارات، المعلنة على فكرة من دول صارت ملجأَ للأموال العربية المهربة، ولشخصيات تدير المال المافيوزي من دول الربيع العربي يطرح سؤالين:
– لماذا لم تُوفر للثورة السورية ولشعبها الذي بات أكثر من نصفه مهجراً ويعاني الأمرين، مع بحث دائم عن البوصلة الأميركية، بعض تلك الأموال التي يمكن أن تقلب المعادلة منذ أشهر مع حديث شبه يومي عن دعم الثورة السورية؟!
تقفز أمامي صورة وزير خارجية الامارات في باريس، وهو يلعب دور الثوري بسؤاله: أين السيد كوفي عنان!
ربما يتذكر بعضنا في زحمة الأحداث أن يسأل اليوم: ما هي مهمة الأخضر الإبراهيمي الحقيقية غير الخروج علينا كل بضعة أشهر لإثبات أنه ما يزال مبعوثاً!
– اليمن الذي يجاور تلك الرقعة الجغرافية في الخليج، مع تنفيذه مبادرة ” خليجية” وبروز العمل والحديث الحثيثين لإيران في التدخل بشؤونه الداخلية، ألم يستحق دعماً عبر القروض والمنح وهو البلد الذي يعتبر الحديقة الخلفية لتلك الدول التي تتلاعب بمصالحها إيران دون خجل أو تردد أو سرية؟!
في سوريا أيها السادة كما في اليمن أناس يعيشون على حافة المجاعة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، أتركك من مشاريع تهويد القدس ونهب الارض في النقب، فنحن نعرف من هي الدول التي تساعد بمشاريع وإن كانت غير كافية لغياب تنسيق عربي وخليجي حقيقيين في الأمر وربما تعود الفلسطيني على ” يا وحدنا” إلا من دولة أو اثنتين لست في وارد الدفاع عن دورهما في تقديم بعض الدعم الذي يغفل عنه حتى محمود عباس اياه..
وإذا كانت الحجج في ترك اليمن يغرق في تفاصيل ظناً من البعض بأن ذلك سيفشل ثورتهم، التي تتعثر مخاضاتها بفعل الكثير من العوامل بما فيها تخلٍ غير مبرر عن تقديم الدعم أو حتى القروض العربية (وكأن هؤلاء العرب لا يقرأون تقارير الأمم المتحدة عن وضع اليمن) وترك مشكله بين شمال وجنوب وحوثيين وقاعدة، وتدخل إيراني سافر وواضح حد إرسال الحوثيين استغلالاً لظروفهم نحو مقاتلة السوريين الثائرين..
فماذا عن سوريا؟!
بعيداً عن الانشاء، ما أعرفه بأن الحماسة للثورة السورية وهي تواجه محوراً وصل به الأمر حد المجاهرة بمشروع غزو وتطهير عرقي وطائفي، لا تكفيها القصائد ولا المبادرات الفردية ولا إطلاق مبادرة شعبية لجمع ” التبرعات”، بينما السوري والسورية يتساءلون عن تلك الأموال التي تحولت إلى استعراض تلفزيوني في كرفانات، وخيم وسلل غذائية في معسكرات اللجوء المخزية في الأردن..
يجادل البعض بأن الدعم العربي للشعب السوري، الذي يتعرض منذ 28 شهراً لمذبحة واضحة وضوح عروبة بعضنا، يجري ” سراً”!
حتى لو سلمت بالسرية، ماذا يلمس الإنسان السوري حتى في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام فاشي يستهدف الناس بلقمة العيش واهماً بأن ذلك سيعيدهم إلى نظرية معروفة بشدة الغباء عند الأنظمة الشمولية والديكتاتورية: انظروا إلى البدائل وتمسكوا بنا!
سأشير هنا لملاحظة تختزل كل الارتباك – غير آبه بالدعوات التي وجهت لي ولغيري بالصمت عن الشأن المصري – فمنذ أن اختلفت (أقول اختلفت بدون ذلك الفجور في ثقافة الاختلاف التي ظهرت عندالبعض، الذي وصل به الأمر حد التهديد الشخصي السخيف والمقاطعة لما أكتبه)، مع حتى بعض الأصدقاء على تقييم ما كان يحضر له في 28 يونيو، وقراءتي بأنه يجري التحضير لانقلاب يوم 30 يونيو، استغلالاً لحركة الشارع المحتج على سياسات مرسي، وهو حق شرعي للناس لكن مضحك هؤلاء الذين يقارنون بين تجربة نيكسون وديغول مع تجربة مرسي.. هذا الاستغلال الرخيص لم تشهده مصر فحسب، بل دول كثيرة حول العالم، والتي أُريد لها أن تُجهض تجربة تعميم ثقافة الديمقراطية، والتداول السلمي على السلطة بانتخابات بعد ترسيخ تلك الثقافة التي تأخذ وقتاً قبل أن تنضج.. للتذكير فقط: ليست منطقتنا العربية هي الوحيدة في العالم التي شهدت دوراً للدين في مراحل التحولات.. فمن أميركا اللاتينية حيث لعب بعض القساوسة والكنائس دوراً ثورياً ضد الطغم العسكرية، إلى آسيا وأفريقيا لعب الدين دوراً وسيطاً بين مرحلتين؛ لكن البعض في عالمنا العربي ليس رغبة منه لإبعاد خطر ما أسموه ” أخونة الدولة” التي تبين أنها خرافة لم تنقذ من الملاحقة والاعتقال وإغلاق القنوات وتلفيق التهم بقضاء فاسد، وإعلام لم يتغير منه شيئاً. أي من هؤلاء الذين نظروا لنظرية تحالف الإخوان والجيش وأخونة مؤسسات الدولة! بل لخلط مقصود منه القول للجماهير: لا تثوروا ولا تغيروا لأن البدائل لن تكون ثقافة الديمقراطية والدولة المدنية، دولة المواطنة، بل دولة المرشد على الطريقة الإيرانية؛ التي يعتبرها حتى بعض كتاب الأعمدة ” قمة التحضر الديمقراطي برعاية الولي الفقيه”!
الملاحظة التالية تكشف أي نوع من الفكر السياسي عند هؤلاء، اذ اعتبر بشار الأسد بأن الانقلاب أمر جيد ونصر له.. ولن أخوض هنا بالتعليقات المقززة التي ساهم بها الإعلام السوري، واللبناني المؤيد لطاغية دمشق، باعتبار الحدث المصري ” لعنة الهية!” لأن مرسي تطاول على ” سيده بشار”..
هذا الأمر حقيقة ليس بجديد، فبشار الذي احتفى بسقوط مبارك عاد وانقلب وذرف مؤيدوه الدموع على نظام كامب دافيد.. وفي إحدى خطبه اعتبر الثورات العربية صرعة وموضة يقلدها البعض.. ثم، ليس بغباء بل بديماغوجية مكشوفة، راح بشار وأعوانه يدافعون عما يجري وجرى منذ 30 يونيو الماضي باعتباره ” تصحيح لثورة 25 يناير”! نعم ذات الثورة التي اعتبروها مؤامرة مثل مؤامرة تونس..
المشكلة ليست فقط في صمت القوى المدنية والديمقراطية والليبرالية على التمويل، والسيولة القادمة من دول وجدت بأن خصومتها مع جماعة الإخوان تبرر لها التدخل في الشأن المصري، وبما أن الفكر الانقلابي البعثي يعشق مفردة ” الحركة التصحيحية” فقد التقت الأضداد على تأييد وأد التجربة الديمقراطية المصرية، كمقدمة لضرب الربيع العربي، وثقافة الاختلاف الديمقراطي بالنفي الكلي لوجود الآخر، كمقولة: انتهى الإسلام السياسي.. مقولة ساذجة تعبر عن رغبات لا أكثر ولا أقل.. ولا تسمح المساحة هنا لشرح لماذا هو وهم ليس إلا..
ليس بعجيب إذا أن التقى زبانية بشار في محاولة نسف التجربة الديمقراطية مع من كانوا يهتفون بالأمس القريب ضدهم بشعارات تحقر من العروبة من وسط ” قلب العروبة النابض”! لا يحتاج الأمر لعناء البحث، خذ تجربة المراقبين العرب وهتاف: لا عرب ولا عربان فلتحيا إيران.. وخذ حفلات الردح على القنوات الرسمية واللبنانية، وذلك المشهد المقرف الذي يحمل فيه ” دكتور جامعي” عظام حمار معه إلى الاستديو ليدلل على نظرية أن ” العرب هذه أصولهم” وإن كان التلميح لدولة بعينها.. في عاصمة عربية وفي ساحة تسمى ساحة الأمويين حدث هذا الأمر.. ومن هنا بدأنا نلمس تماشي الخطاب الفاشي مع الممارسات الفاشية. لقد ذهب ” حزب الله” ومعه المرشد الإيراني له وخطبة الجمعة الماضية بلسان أحمد خاتمي، إلى اعتبار ما جرى في مصر ” عقاب إلهي”، فاكتشفنا ديماغوجية وهزال الفكر الذي يحمله هذا المعسكر الديني، الذي اعتبر بداية الربيع العربي ” ربيع إسلامي أو صحوة إسلامية”، قبل أن تصير مؤامرة ” الاستكبار العالمي” لأن مشروعهم بات في خطر باندلاع الثورة السورية..
بل المذهل في هذا هو التقاء ثقافة الاقصاء مع ثقافة ما يسمى ” دولة العراق والشام الإسلامية”!
أشك بأن الفكر القومي العربي في مصر، والناصريين تحديداً في تحالفهم مع البرادعي (صديق شارون وبن اليعازر) يدرك مبكراً الورطة التي وضعهم فيها الانقلابيون وهم ينهجون سياسة حصر مصر (وبالتالي الثورات العربية) في تمويل خليجي معين، على أمل خداع الشارع المصري والعربي، بأن الثورات ” تجلب له المصائب” التي تبين أنها مصطنعة، مثلما هي أزمة الغاز والبنزين والخبز، ليكفر الانسان بالتغييرات وكأنها محصورة فقط في تلك وليس في الحرية والكرامة التي برأت بالتزوير، حتى قتلة خالد سعيد والمتظاهرين والقت على من تم قتلهم أمام نادي الحرس الجمهوري بالمسؤولية عن مقتلهم.. بذات الطرق التي يستخدمها عسكر العرب أينما كانوا..
التمويل وسوريا..
قد يسأل القارئ: وما دخل كل هذا بسوريا وثورتها؟!
على افتراض أن الأمور الجارية لا علاقة لها ببعضها البعض فما الداعي إذا إلى كل هذه الاجراءات بحق السوريين (والفلسطينيين السوريين) في مصر؟!
لدى الأنظمة الديكتاتورية العربية وصفة جاهزة لكل حدث وتفسيره على أنه ” مؤامرة”! أي أن حلقة دبكة تعني أن الجماهير التي خرجت دفاعاً عن شرعية مرسي ليست سوى مؤامرة، واعتقال سوري ينسحب على كل السوريين ويعرضهم جميعاً بشكل عنصري إلى ” مشبوهين” و” متهمين ضمناً”.. ينسحب الأمر على إغلاق معبر رفح، رغم أن سيناء تشهد تاريخياً انفلاتاً وخروجاً تدريجياً عن سلطة الدولة المركزية منذ ما قبل كامب دافيد وكرسته تلك الاتفاقية. وليس التحريض الوقح على السوريين في مصر سوى كالتحريض الذي تعرض له الفلسطيني في سوريا، مع أي عربي تم توقيفه مصادفة في الشارع (بعض التونسيين المقيمين في سوريا ومنضويين في فصائل يسار فلسطيني لا يخرجون من بيوتهم اليوم في سوريا رغم إنهم يقيمون فيها منذ عقود)..
إذا عدنا إلى مسألة التمويل، فحسب طاغية الشام، فإن دول الخليج مع الكون كله تآمرت عليه.. وأكرر القول: لم يكن للكون علاقة بما جرى في درعا.. ولم يتآمر الكون مع عاطف نجيب لاعتقال الأطفال الذين نفى شبيحة ” للأبد لعيونك يا أسد” وجودهم رغم شهادة يوسف أبو رومية وذهاب رستم غزالة للوساطة وإطلاق سراح هؤلاء الأطفال، الذين أشعلت قضيتهم الثورة السورية. إذا، المؤامرة على بشار هي خليط خليجي – تركي – أميركي غربي وصهيوني وكوني..
المذهل في نقاشات فلول مبارك أنهم وكما جرت العادة مع بقايا القذافي وبن علي وعبد الله صالح هو سؤالهم السخيف: أي فكر تحمل ما تسمى الثورات..!
فالمعتاد على الجلوس في حضرة الفذلكة والتنظير وإظهار الإعجاب بكل حرف ينطق به هؤلاء الديكتاتوريون، يصيبك بالدوران وأنت ترى هتافات يرددها هؤلاء وراء صبي مثل الذي يسمونه ” أحمد سبايدر” هاتفين وراءه ” شبيحة للأبد لأجل عيونك يا أسد”. عدا عن الفكر الذي يقدمه مشغل أموال المافيا رامي مخلوف، والذين صاروا الآن أعضاء قيادة قطرية في البعث السوري، ترفيعاً لخدماتهم وإسهامتهم الفكرية العظيمة في سوريا، التشبيح، والنهب، وتجارة بالأعضاء البشرية، بعد أن وجد بشار بأن الأعضاء السابقين ” قصروا في مهامهم” فأقالهم جميعاً واعتبر نفسه ” إلهاً” ومعصوماً..
من مول حرب بشار على شعبه طيلة 28 شهرا؟! وإلى أين ذهبت الأموال المنهوبة من سوريا؟! من الذي يرسل لبشار أحدث أجهزة تعقب الناشطين وسيارات الدفع الرباعي، ويستقبل في دولته سراق وحرامية ومجرمين يجدون ملاذات آمنة مع أموالهم؟!
بعيداً عن العقل الطائفي والمذهبي، والتفسيرات القائمة عليه، يمكن طرح السؤال السياسي: هذا المحور (من ولاية الفقيه في إيران إلى الأحزاب الدينية كحزب الدعوة ولواء أبو الفضل وحزب الله) الذي لم يعد سراً، بل يجاهر أصحابه، بأنهم يشاركون في حرب بشار وعصاباته على الشعب السوري الثائر، هل هو محور ” عروبي وعلماني متمركس” مثلاً؟! أم هو غير الإسلام السياسي الذي ورط نفسه بشار كما العادة، حين وصف ما جرى في مصر انتصار له وبأن ما نشهده هو نهاية ” الإسلام السياسي”.. قبل أن يطرح علينا بفذلكة من فذلكات التهافت ما عناه في مقابلته مع صحيفة ” البعث”!
دولة ” العراق والشام الاسلامية” وهم الدولة الوهمية!..
كان لجبهة النصرة ظهورها في العام الماضي، وليس مع بداية الثورة الشعبية في سوريا وسلميتها التي لم ينكرها لا بشار ولا حتى المطرود من البعث نائبه فاروق الشرع، وكما جرت العادة في الذرائعية الغربية راح الغرب والعرب يضخمون وينفخون في بوق بشار عن جبهة النصرة وكأن أحد لا يواجه من أهل سوريا نظام فاشي غير هذه الجيهة التي تثير ألف علامة استفهام ظهوراً وممارسة وتشظي.. ثم فجأة نحن أمام ما يسمى ” دولة العراق والشام الاسلامية”.. الدولة الوهم والتي لا قائمة لها في الأصل حتى في العراق سوى على الورق.. وحين نسأل سؤالاً عن أين كان أبناء أسامة بن لادن يقيمون مع أبو غيث وأيمن الظواهري وبقية قيادات القاعدة؟ ومن أطلق سراح أبو مصعب السوري؟ فإن سؤالنا ليس مجرد اتهام لإيران وأجهزة الاستخبارات السورية التي كانت بارعة في ارسال الهدايا للشعب العراقي بالتعاون مع قاسم سليماني وممارسة القذارات الارهابية مع مجموعات عراقية محلية تتبع مباشرة ميليشيا المالكي وميليشيات الدريلات والخطف والتعذيب حتى الموت والاغتيالات بفرق موت منظمة، وان بدا الأمر وكأن المالكي كان يشكو بشار للأمم المتحدة..
هذه الدولة الوهم باتت تلعب لعبة قذرة في سوريا يتحمل مسؤوليتها الغرب والعرب، مسؤولية ترك الجيش الحر والقوى الديمقراطية تواجه نظاماً فاشياً بتحالفات إقليمية وتغطية روسية إيرانية معلنة، وليست بالسر، مقابل كلام فارغ من دول ادعت أنها مع حرية الشعب السوري، بينما في الحقيقة لم يكن هناك سوى وعود متأخرة، ومع كل خطوة متأخرة كانت تلك القوى بمن فيها ظهور علني لما يسمى دولة العراق الإسلامية، مع استجلاب مناصرين لها بالمئات من عدة دول وتحت مرأى وسمع القوى الغربية والعربية يطرح ألف سؤال عما يدار ويراد للثورة السورية..
حين كان ثوار سوريا يحتاجون للسلاح، كان إعلام بشار ومن يدور في فلكه، يصور الأمور منذ اليوم الأول بأن هؤلاء الثوار يمتلكون ” أسلحة فتاكة”، وحين كان يُستفسر من ضيوف الجزيرة التابعين لبشار عما يقصطونه بالفتاكة كانت الإجابات مدعاة للسخرية، كالحديث عن قواذف بي٧ أو ما يسمى اربيجي.. وفي الواقع ظل الغرب يتردد بحجة ” جبهة النصرة” ووحدة المعارضة السورية رغم أنه لم يقدم حتى يومنا هذا أي سلاح للثورة السورية، وليس أصلاً مطلوب من السويد أو ألمانيا أن تقدم ما تصنعه من أسلحة غربية بل كان المطلوب رفع الفيتو الأميركي الغربي عن بيع أو مد بعض الدول العربية للثوار السوريين بالسلاح وخصوصاً المخزن في مخازن تركية اشتراها السوريون الثائرون بأموالهم مع ما قدمته دولة أو دولتان..
حين نتحدث عن نقد ذاتي للثورة السورية، فنحن لا نتحدث عن جلد كما يفعل أدعياء الثورة الذين يرفعون ذات شعارات ” القوى الانقلابية في مصر” من ليبراليين وعلمانيين و” ديمقراطيين” يتلطون خلف قوة العسكر الانقلابية..
نعم الثورة التي تمارس نقداً ذاتياً هي ثورة حيوية قادرة على أن تمثل بديلاً لنظام متآكل بفاشية تنهش ما تبقى من جسده الذي ينفخ فيه من مرتزقة لبنان والعراق وايران..
– النهب والسرقة والانشغال بالنفط وتقاسم ” جلد الدب” من قبل مجموعات في شمال وشرق سوريا، وفي ضواحي العاصمة السورية من قبل مجموعات تدعي أنها ” كتائب” تتبع الجيش الحر، هي ممارسات كان وما يزال من الواجب التصدي لها وبحزم وقوة لأن الأمر ليس فيه ترف وقت ولا صمت يزيد من المعاناة وفقدان المصداقية، وما جرى في حلب وريف إدلب واللاذقية، هو ما جرى التركيز عليه فأضاع الصمت على هؤلاء كل الإيجابيات التي تحققها الثورة والثوار على الأرض.. ويلتقي الكذب الإعلامي الرسمي مع تلك الممارسات التي يغذيها بأجهزته الاستخباراتية، والاختراقات ونسب أقذر الممارسات للجيش الحر، لافقاده توازنه ومصداقيته وحاضنته الشعبية..
– ليست اسطنبول هي ساحة الثورة، بل سوريا هي المكان الذي تجري على أرضها الثورة، نقول هذا الكلام ونحن نعرف بأن الفراغ الذي يشكله غياب هؤلاء (ساسة وعسكر) عن الساحة وخصوصاً في المناطق المحررة، وإدارة شؤونها يجعل من المتأسلمين أمثال ما يسمى ” دولة العراق والشام” وبدون كثير من ضجيج الأسئلة عن تمويلها وتمويل غيرها، هي التي تتصدر المشهد.. خذوا الرقة على سبيل المثال، كيف تترك محافظة محررة بالكامل لتكون المكان الذي يشغله هؤلاء وهيئاتهم بدلاً عن الوطنيين السوريين القاطرين على تسيير بلدان وليس بلد واحد بكفاءات نعرفها عنهم معرفة جيدة.. فلماذا تترك المناطق لينشغل الجيش الحر في أمور ليست من اختصاصه ولا مهامه بالأصل..
– المعارضة السورية (من اليمين إلى الليبراليين واليساريين والقوميين.. والآن العشائريين) تنشغل في محاصصات بينما الثورة لم تنجز بعد مهمتها في التخلص من النظام الذي بات يلعب على الانقسامات ذاهبا نحو أحزاب ذيلية كردية لمقايضتها ببضعة حقوق واجب على الثورة والمعارضة أن تضمنها كما تضمن لكل السوريين حقوقهم التي قاموا لأجلها.. للمرة الثالثة ربما أكتب شخصيا عن قصة المعارضة السورية على النحو الآتي: إذا كانت تلك المعارضة السياسية غير قادرة على التوافق على أهداف حددتها الثورة على الأرض وهي تمارس الغياب والنرجسية والحسابات الضيقة، وبعيدة كل البعد عما يجري على الأرض فمن الأنجح للثوار ومن أجل مصلحة الثورة، والشعب الذي يواجه آلة القتل والتجويع ومحاولات شق الصفوف، أن تقوم الثورة (سواءاً رضي فلان أم لم ترضى تكتلات علان التي تشكلت مؤخراً) بتسمية هيئة محددة بالأسماء والتسمية والمواصفات لتكون ممثلاً ثورياً للثورة بدل إضاعة الوقت بين هذا وذاك، في المبارزات التي تجري على كل من الجزيرة والعربية وجريدة الشرق الأوسط. أن شراء الولاءات والتمويل المشروط أمر في غاية الخطورة، والحديث عن معسكر قطري وسعودي يجب الانتهاء منه بقرار ثوري من الداخل، وليس انتظار أن تكسر الحلقة المفرغة التي انضم إليها ميشيل كيلو وغيره في مؤتمرات لا ينتج عنها سوى كلام غير ذا جدوى للثورة. والمطلوب للمرة الثالثة أكررها لحرصي وألمي على كل التضحيات أن تتجاوز الثورة في الداخل مسألة التمثيل السياسي، بتسمية ممثلي الثورة مهما كانت مواقف هؤلاء في الخارج.. المستنكف والمستقيل والحردان والحاسد، إذا لم يكن هو المشار إليه بالعبقري والمخلص.. هذه مسألة بات من الضروري وبشكل جدي أن يستوعبها حتى الذين ينظرون بعين الشك والريبة إلى شباب الثورة الذين اثبتوا أنهم الأكثر إقداماً وتضحيةً بدون التبجح والتحجج بسنوات اعتقال، ولا تمنين الناس بأنهم قبل أن يولد هذا الشباب الرائع كانوا يقارعون حافظ الأسد. والسؤال هو عن النتيجة لا المقدمات، فلم يفجر هؤلاء التقليديون ممن يدعون أنهم على حق، من حسن عبد العظيم ونزولاً وطلوعاً، ومن قدري جميل إلى ورثة الحزب الشيوعي ومن فاتح جاموس إلى لؤي حسين، ومن ميشيل كيلو إلى معاذ الخطيب والجربا، وكل هالمئة معارض الذين لم يستطيعوا حتى التوافق على إدارة تنفيذية، ولا حكومة تدير المناطق المحررة، وتمثل مصالح وأهداف الثورة سياسياً وديبلوماسياً، وتشكيل لوبيات إعلامية، وضغط حقيقيين، بدلاً عنه إرباكات وإشاعات عن فنادق ٥ نجوم ورواتب خيالية، يظن أصحابها أنهم لا يحتاجون للرد عليها، بينما شخصيا أعرف شباب يضحون في الثورة بالكاد يجدون كسرة خبز مع الشاي ويستمرون بصمت.
قلت هذا الكلام سابقاً وبدون أن أعتبره تدخلاً فالثورة السورية ثورتي وقضيتي، ولست أكتب هذاالكلام على طريقة جلد الذات؛ بل أوجهه كنداء للثوار على الأرض، بأن لا يراهنوا على هؤلاء الذين تغمرهم النرجسية، والمحسوبيات الفردية والجماعية..
– مثلي مثل أي سوري ثائر، لا أفهم كيف يتم الاستخفاف بعقد مؤتمر صحفي يومي وبطريقة مهنية، لا تشوبها مسائل الهرج والمرج وتقنيات بدائية. كيف لا يعقد مؤتمرات صحفية توضح، وتكون ضاغطة علىه وكاشفة لدور الدول والقوى التي تحاول إعاقة تقدم الثورة لإجبارها على حضور مؤتمر جنيف 2، بينما الوقائع على الأرض تجاوزت كل هذا الهراء، حتى بأفعال بشار ومضيه في مشروعه التقسيمي. ولو نظرنا إلى حمص وما تتعرض له لكان هؤلاء القائمين على المعارضة في الخارج، لو تلمسوا فعلاً خطورة ما يجري؛ استنفروا يومياً وليس بيان تحذير، والنوم في العسل بعد ذلك. ومن يريد أن يفهم الكلام على أنه جلد وتجني فليفهمه، كما يشاء فالأمر لم يعد يحتمل، ونحن نعرف ما يحاك للثورة السورية، من قراءة ما يجري في مصر وغيرها بحق السوريين..
– لا يخجل ولا يخفي حلفاء بشار من طهران إلى بيروت، بقول كل ما من شأنه تدعيم موقف الطاغية.. فماذا يفعل هؤلاء المتحدثون باسم الثورة بعيداَ عن اللغة الطائفية؟! لماذا لا تفتح الخطوط مع الأحزاب والقوى العربية والغربية؟ ولماذا لا يجري إقامة علاقة مع مثقفي الشيعة الذين يرفضون رفضاً قاطعاً تصرفات وجرائم نصر الله في سوريا.. مثلما هي الشخصيات والقوى العلوية والمسيحية، التي شوه بشار وعصاباته موقفها بجعل الصورة وكأنها هكذا: العلويون مجرمون، ويفتتحون أسواق السنة لسرقاتهم ونهبهم.. نعم، هذا الأمر موجود ولا يمكن إنكاره، ولكن يمكن على الأقل لهؤلاء الذين يتحركون ببعض الحرية في الخارج أن يكون لهم دوراً مؤثراَ، بدل الانشغال بما تنشغل به ما تسمى جبهة الإنقاذ في مصر منذ عام، حتى بات الأمر خليط من الفلول والبلطجية، وسرقة مشروع قوى جبهة الإنقاذ، التي لا جرأة لديها اليوم لتعترف بأنه تم سرقة مشروعها الثوري..
تخيلوا معي أنس الشامي الذي جمد عضويته في ما يسمى مجلس الشعب، يصبح ممثلاً للثورة السورية.. وهذه ليست مزحة فقد وجدنا في الائتلاف من كان ينظر للبعث أصبح يقدم اليوم أكثر ثورية من فائق المير..
– وعلى ذكر فائق المير – الذي صدقاً لا أعرفه شخصيا بقدر معرفتي بمواقفه – وياسين الحاج صالح، ورياض الترك، والأسير عبد العزيز الخير، ورفاقه – الذين لم تعد هيئة التنسيق تقيم ولو اعتصام للإفراج عنهم – وفؤاد حميرة، ورزان غزاوي، وزيتونة وخولة دنيا، وحسن قالش، والعشرات بل المئات من الشخصيات المفكرة، والفاعلة على الأرض في كل المجالات، والتي لديها شبكات من العلاقات في كل مناطق سوريا، ولم تغادر أكثر تلك الشخصيات البلد، وتتحمل حتى العيش بالتخفي، لماذا لا يتم الإشارة إليها؟! بل وأشعر وكأن هناك من يعمل على تهميش كل صاحب فكر في الثورة السورية لمصلحة أن يسود خطاب ” دولة العراق والشام الاسلامية”، وما يسمى ” المعارضة الوطنية”، تحت سقف بشار، التي روضت ودجنت وصار بعضها يدعو لإقامة المشانق وإعدام المعارضين..
حين أذكر تلك الشخصيات والمئات من أمثالها على الأرض، (سوريون وفلسطينيون سوريون منهم معتقلون، ومنهم أحرار يعملون في أقسى الظروف، وعلى تماس حتى مع الكتائب المسلحة، كفائق المير الذي يجوب على الجبهات) فإني أتساءل كيف يسمح لشخصية لا تملك من اللغة حتى ما يؤهلها للسؤال عن ” أين هو فكر ومفكرو الثورة” كشريف شحادة؟! فلماذا لا يمتلك هؤلاء الذين تراهم على المنابر الإعلامية بأنا منتفخة حد الإنفجار أن يذكروا رفاقهم وإخوتهم المناضلون على الارض؟!
قد يعتبر البعض بأن الرد على سخافات وتفاهات نزار نيوف مضيعة للوقت، لكنهم لو فكروا بعمق تأثيرات هذا المعتوه على القراء البسطاء من العلويين وغير العلويين، كمقولته بأن مصادره الخاصة (وهي خاصة دائما من جميل الحسن وبهجت سليمان وفرع الإشاعات في المخابرات السورية) تقول بأن ياسين الحاج صالح ” مختبئ في السفارة الفلانية وبيت السفير الفلاني”.. رغم أن الحاج صالح قبل أيام كان في جولة بالغوطة الشرقية.. مثلما أيضاً أشاع موت رياض الترك، وقد رد عليها مشكوراً فائق المير. لكن الاستخفاف ببروباغندا الأسد وقنواته من الميادين إلى المنار، والقنوات الأسدية والمواقع المشبوهة، يجب أن يجري دراسة الإقلاع عن هذا الاستخفاف، لأنه أثبت قدرة على الفرز والاصطفاف وراء هذا الفاشي بدعاية كاذبة وممارسة كل موبقات الأكاذيب التي تصل حد الفجور..
خذوا مثلاً اجتماع حزب البعث وطرد أعضاء القيادة القطرية، والاتيان بالشبيحة والعصابات، من أمثال عمار الساعاتي.. فلماذا لا يثار أمر هذا الحزب؟ وأكاذيب بشار عن تعديل الدستور، وفضح المادة الثامنة، التي يبدو أنها مستمرة بفعالية، رغم كل التزوير الذي يمارسه أبواق بشار على الاعلام عن تعديل الدستور، وعن المادة الثامنة، والاتيان بمن كان يقول عن نفسه أنه مستقل.. ثم مسألة فاروق الشرع، أليس من الخطأ استعداء كل بعثي فقط لأنه بعثي رغم معرفة الجميع بأن البعث ليس سوى جزمة يرتديها بشار واجهزته الفاشية بربكات عنق عصرية..
– تم قصف اللاذقية بالطائرات الصهيونية وهي على فكرة طائرات تصول وتجول في سماء سوريا، رغم كل أكاذيب وليد المعلم وعمران الزعبي، عن الرد الفوري.. بينما إعلام الثورة (ممن يملكون الأدوات في المعارضة المقيمة في الخارج) ونتيجة غياب ما كنا نطالب به من مؤتمر صحفي يوجز الحالة السورية، ويجبر وسائل الإعلام على التعاطي الجاد مع ما يجري، كان وما يزال من الأولويات للرد على فبركات وأكاذيب بشار، كقصة الطفل الديري الذي اتهم الثوار بأنهم ذبحوه لأنه شيعي، فتبين بأنه حي يرزق وأنقذه الجيش الحر بعد قصف طائرات الأسد.. خذ مثلاَ المتاجرة بالقضية الفلسطينية، وبذات الوقت التدمير الذي يتعرض له مخيم اليرموك، والحاجز المقام هناك لمنع ادخال حتى الخبز مع ممارسات قذرة على المعبر يخجل الصهاينة من ممارستها..
– الكتائب التابعة للجيش الحر يوجه لها نقد حتى من الشعب الثائر كما جرى في مظاهرات يوم الجمعة، فمن غير المفهوم ومن المربك والمحبط أن لا ينصت هؤلاء إلى مطالبتهم بالتوحد والتنسيق الكامل، بدل الارتجالية والاستفراد بهم وبمناطقهم، وإذا كان الجيش الحر متفق على الهدف بإسقاط النظام، وليس اللعب السياسي بتغطية مشاركة طرف ما في مؤتمر تفاوض قد يمتد سنوات تحت عنوان الوصول إلى توازن على الارض، فبات لزاماَ على الجيش الحر أن يفرض على كتائبه وبقية الكتائب الانصياع إلى قيادة مركزية موحدة، وغرفة عمليات مهنية، لا يكون فيها للارتجال والتجريب والفوضى مكاناَ. فكيف يرى هؤلاء استراتيجية إيرانية تتحكم بعمليات بشار وحزب الله ومرتزقة الكائفيين من العراق، ويغيب عن الجيش الحر أيضاً بفعل التمويل والمحسوبيات استراتيجية التوحد.
أن خطورة عدم تنقية الشوائب وسحب البساط من تحت كتائب تقيم حواجز وتحاصر وتنهب بيوت الناس، وتمارس نفس ممارسات عصابات الشبيحة لأمر مؤسف أن استمر، وسيكون أيضاً متحملاَ لمسؤولية المزيد من التفكك وهيمنة عناصر التطرف، وما يسمى ” دولة العراق الاسلامية”. فكيف يسمح لهؤلاء أن يدخلوا الثورة في صراعات مع مكونات أساسية في المجتمع السوري كالأكراد وغيرهم، وإصدار فتاوى وتشريعات في دولة مثل سوريا، كمعاقبة المفكر في رمضان على سبيل المثال، وغيرها من الفتاوى التي تريد من الناس كما في تونس إجراء مقارنات تبدع بها الأنظمة الفاشية والطغاة لدفع الناس نحو ” الندم” على إسقاطهم والتخلص منهم.
شخصياَ قرأت مئات النداءات للجيش الحر للتوحد وفرض صرامة عسكرية على كتائبه، التي تدعي العمل تحت سقفه بعيداَ عن أوهام انتظار الدعم، يمكن على الأقل ذكر ما تقوم به بعض من يدعون الانتساب إلى الجيش الحر في مناطق محيط دمشق، من نهب وتشليح وإهانات وتهديد وترهيب، (خذ الحجر الأسود ومخيم اليرموك مثلين على هذه الممارسات) وخذ أيضاً بقية المناطق، وملاحقة الصحفيين والناشطين الإعلاميين اعتقالا ومضايقة، واستدعاءات تشبه استدعاءات فرع فلسطين والجوية والأمن السياسي..
حين نشير إلى هذه الملاحظات النقدية فلأننا نعرف بأن تلك الممارسات للأسف تغطي على بطولات وإقدام وتضحيات الجيش الحر الحقيقية، ولهذا التصدي لهؤلاء هو لأجل أن لا تعم صورة سلبية وتضيع الصورة الحقيقية..
الأمر عينه ينطبق على ما يسمى المعارضة السياسية المنشغلة أكثر فأكثر ببوصلة دول، والتمويل وكل وجماعته.. وبات الوقت ملحاً لكي تتوقف مثل هذه المهازل التي يدفع السوريون دمائهم ثمنا يومياً للخلاص من الفاشية، بينما هؤلاء منشغلون كل بتخندقه خلف مشروعه الايديولوجي والديني وأحياناً الطائفي والأثني والقومي..
الثورة ماضية مهما كانت الأخطاء، والنظام الفاشي لا يمكنه أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، رغم أنه يوهم أتباعه بأنه سينتصر على الحجارة، وركام المنازل والمدن وجثث الأطفال، وما نقدنا سوى لأن يكون مضي الثورة بدون كل هذه الأخطاء وأحيانا الانكسارات، التي لا لزوم لها بممارسات لا تمت أصلاَ لأخلاقيات الثورة بصلة ولا لسوريا الحرة والمستقبل بصلة.. وخصوصاً محاولات عبثية من البعض وقبل إسقاط النظام فرض نوع معين من الحياة والاختيارات على السورييين، وهم الذين خرجوا يهتفون للحرية.. حريتهم هم وليس حرية أن يختار عنهم أي كان في هذا العالم حتى لو لبس لباساً أفغانياً أو حتى بيكيني..!
سوريتنا | العدد الخامس والتسعون | 14 تموز 2013