الجسد الأنثوي والحراك المحلي العربي: في استعادة التواريخ المحجوبة/ يحيى بن الوليد
في المقاربة:
كان من المفهوم، على مستوى الأداء السياسي الميداني العام، في بلدان الحراك العربي، أن يتمّ الانجراف مع الشعار ــ الزلزال: “الشعب يريد إسقاط النظام”.
وكان مفهوماً، على مستوى التعاطي المقارباتي الغالب، أن يتمّ التشديد على الشعار نفسه الذي كان وراء الحدث التاريخي الذي صنعته الشعوب التي نزلت دون أدنى خوف إلى الشوارع والساحات والميادين… مناديةً بالإصلاح الذي بلغ حدَّ مطلب “إسقاط الأنظمة”. وذلك كله، أداءً وتحليلاً، في دلالة على مطمح التطلّع التاريخي إلى “القطيعة السياسية” مع أنظمة تغوّلت إلى حد غير مسبوق في الفساد والاستبداد والطغيان؛ مما جعل منها، في مرآة ومخيال شعوبها، العدو الذي لا يعلو عليه عدو آخر. وحتى الاستعمار من قبل، مقارنة مع الحاكم العربي المتغطرس، كان ــ وإن في حدود ــ قد ميّز بين “الأخضر” و”اليابس” في سياقات الاستحواذ وسياسات الإخضاع وممارسات النهب والاستغلال.
والظاهر أن مقاربةً من هذا النوع وبطابعها السياسي الحدّي، في حال الحراك العربي تعيينا، وعلى أهميتها التي لا تنكر، لا بد من أن تنأى عن مواضيع قد تبدو من منظور الطرح الفكري العربي القومي بسيطةً أو جانبيةً أو عرَضية… مع أنها قد تبدو من منظور أكاديمي، مغاير، على قدر عالٍ من الأهمية المعرفية؛ إضافة إلى ما تنطوي عليه، من المنظور الأخير، من دلالات جديرة بتفسير جانب ممّا حصل وممّا لا يزال يحصل في سياق الحراك المتواصل حتى الآن في أكثر من بلد عربي رغم سياق الفتور والشكوك المتزايدة التي عادة ما تلي السنوات الأولى بعد الهزّات والأحداث التاريخية الكبرى مثل حدث الاستقلال، والذي لا نعتقد أن هناك حدثاً يوازيه في العالم العربي مثل حدث الحراك الثوري الذي تفجّر أواخر عام 2010.
وفي هذا الصدد بدا لنا اعتماد مفهوم غير مطروق بالشكل المطلوب ضمن سيل الأبحاث والدراسات… التي عنيت بموضوع الحراك العربي. ونقصد، هنا، إلى موضوع الجسد؛ وعلى وجه التحديد الجسد الأنثوي بالنظر لخلفية “الجندر” (Gender) التي نستند إليها في تدبّر الموضوع رغم أن المفهوم (وبثقله النظري الذي ينبغي التنصيص عليه) يصل ما بين المرأة والرجل معاً حتى لا نسقط في تفسير ميكانيكي تبسيطي يخلّ بعناصر التبادل والتشارك… بين الطرفين (1)؛ مما يجعل من موضوع الجسد، في النظر الأخير، وهو غير المنظور الذي نعتمده، عنواناً عريضاً على المرأة بمفردها في قلاع البحث. وكما أن الفهم التبسيطي، والتحقيري للجسد، يسهم بدوره في هذا الاختزال.
ومن وجهة نظر تاريخية وسوسيولوجية، لا يبدو غريباً في حال الثقافة العربية المعاصرة، كما في حال تعامل هذه الأخيرة مع أغلب المواضيع الحارقة والضاغطة تحت “إرث الضغط الإيديولوجي” كما يصطلح عليه، أن يتمّ الاستناد إلى صنوف محدّدة من التاريخ مثل التاريخ الوضعاني والتاريخ السياسي الوقائعي والتاريخ البيوغرافي… دون اشتغال بصنوف أخرى من التاريخ مثل تاريخ الجنس وتاريخ المتخيّل… وتاريخ الجسد (2).
وحتى إن كنّا لا نرغب في أن نجعل من المجتمع (بمجالاته المتنوّعة والمختلفة) جسداً ومن الجسد مجتمعا، وفي دلالة حصرية على مفهوم “المجتمع الجسدي” تبعاً للاصطلاح الجامع الذي استحدثه السوسيولوجي براين ترنر (Bryan S Turner)، فإن ذلك لا يحول دون التأكيد على أهمية الموضوع في السياق العربي. وأهمية الموضوع، من ناحية أولى، من منظور التاريخ ذاته وعلى وجه التحديد “التاريخ الآني” الذي يتأطر الحراك العربي داخله… وعلى ما يطول هذا الصنف من التاريخ من قوة هي في الوقت نفسه من ضعفه؛ ذلك أن المؤرّخ الآني، على عكس المؤرّخ، يجهل نهاية الحدث كما يقول المؤرخ والصحافي جان لاكوتور (Jean Lacouture) الذي يعدّ من بين أهم من كتبوا في موضوع التاريخ الآني (3). وأهمية الموضوع أيضا، من ناحية ثانية وغير أخيرة، من انفتاحه، علاوة على التاريخ الاجتماعي، على السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا إلى جانب معارف ونظريات وتخصّصات أخرى. فالجسد موقع بحث وتنظير وتنافس… ثقافات وعلوم وتكنولوجيا وأديان.
الموضوع شائك ومتفرّد، متشعب وإشكالي، ولا يخلو من صعاب عدّة؛ ونحن، بخصوصه، “لا نملك إلا بعض عناصر الحكاية” كما يقال. وصفوة القول، على مستوى المقاربة التي تهمنا، وعلى نحو ما تفيد موسوعات السوسيولوجيا، أن موضوع الجسد ينبغي أن يحمل على محمل الثقافة وليس الطبيعة (4)؛ بكلام آخر: أن ينظر إليه في ضوء خطاطات “الثقافة والمجتمع” بدلاً من مقولات البيولوجيا الاختزالية. ومن ثم فهو، كما يقول دافيد لوبورتون (David Le Berton)، “مادة لا تنضب للممارسات الاجتماعية، للتمثلات، للمتخيّلات”(5). وعلى الباحث السوسيولوجي الذي يتخذ الجسد كمرجع لأبحاثه، كما يواصل صاحب الكتاب، “أن لا ينسى أبداً التباس وزئبقية موضوعه، وصفته كمحفز على التساؤل أكثر من كونه ضامنا لليقينيات”(6). وهكذا إلى أن نخلص معه إلى أن “الجسد اتجاه بحثي وليس واقعا في حد ذاته”(7). وعندما يؤكد المفكّر والمؤرّخ الهندي ما بعد الكولونيالي ديبيش شاكرابارتي (Dipesh Chakrabarty)، في “صحوة التابع”، على “أن المجتمعات لا توجد كما توجد الموضوعات”(8) فهذا لا ينفي، كما في موضوعنا، إسهام الجسد في تشكيل المجتمع في إطار الثقافة. وحتى بين الثقافات المتماثلة مثل ثقافة شمال أوروبا وجنوبها فإن اختلافات كبيرة في التعامل مع الجسد والجسدية بيّنة للعيان (9). ودافيد لوبورتون (David Le Berton) (الذي أحلنا عليه قبل قليل)، إلى جانب جان ميشال برتلو (L.M.Berttelo)، من أهم من عملوا على تقديم الأساس النظري لسوسيولوجيا الجسد(10).
ممارسات الجسد الأنثوي (تشابك الدلالي والرمزي):
في حال الحراك، ومهما اختلف التقييم، لا يمكن ردّ الموضوع إلى نوع من “الحريرة” على حد تعبير الراحلة فاطمة المرنيسي في سياق تقديمها لكتاب “الجسد الأنثوي” (Corps en Féminin)(11)، وذلك في دلالة على وجبة مغربية (صنف من الشوربة أو الحساء) التي لا تبلغ الحال المتقاربة في مخرجات الطبخ رغم توفّر جميع مواصفاتها المطلوبة؛ ذلك أن “غودو” حطّ بأقدامه في البلاد العربية هذه المرة، وذلك لأن الرد أيضاَ كان بواسطة الجسد/ الجسد الأنثوي. لقد أشَّـر الحراك على صعود أجيال جديدة بمرجعيات مغايرة، أجيال كبرت وراء منتجي الأفكار التقليدين وعمَّال السياسة الكلاسيكيين. وقد أسهم الطابع الفردي (التلقائي) للحراك في تحفيز المرأة للتواجد في الشارع وفي كل هامش مجالي متاح. وكان هذا الطابع منتظرا، ومطلوبا، نتيجة عياء الأحزاب التقليدية واستقالة القلة المفكرّة وغياب الحركات النسوية… وغير ذلك من الأطراف والهيئات التي كانت تحتكر مجالات التوسـَّط بين الدولة والمجتمع أو النظام والشعب بقاموس الحراك. وموازاة مع الطابع الفردي هناك ما يمكن نعته، في نطاق “المجال الموَحَّد”، بالتصعيد الميداني الذي وجدت المرأة نفسها تسهم فيه بنسبة 20%.
ومن ثمّ بدا لافتاً تحمّس المرأة وخروجها ومشاركتها في الحراك. لأوّل مرّة ستشعر هذه الأخيرة بعدم استغلالها في هذا المنعطف غير المسبوق؛ لأنها كانت من قبل، في جميع المحطات، سواء من قبل اليساريين أو الإسلامويّين فيما بعد، مجرد ديكور أو وقود أو أرقام… حسب طبيعة المحطة والهدف المتوخّى منها والآليات المعتمدة في التشحين والتجييش.
في الحال التونسية، التي كانت في أساس شرارة الحراك العربي، وعلى وجه التحديد لمّا بدا أن هناك تغيّرا محتوما يلوح في الآفاق وأن “الرئاسة الملكية” بجوار مقصلة التاريخ، لم يملك الديكتاتور التونسي ــ الذي سيجبر على الهروب بعد أيام ــ إلا التهديد بفزاعة البديل الإسلامي المتشدّد… وكأن البوعزيزي تلقى التدريب، على حرق جسده النحيف، في تنظيم القاعدة. وكان الردّ السريع، في تونس دائما، من خلال تلك الصورة الفوتوغرافية التاريخية الشهيرة التي بدت فيها فتاة محمولة فوق الأكتاف في تظاهرة صاخبة من التظاهرات التي شهدها شارع الحبيب بورقيبة. ومن وجهة نظر تاريخية بدت الصورة دالة على مرحلة مفصلية في تاريخ تونس الحديث.
فالجسد الذي تم إنهاكه اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، والجسد الذي تمّ نخره بجنون السلطة، هو الذي سيبدو لافتاً في الصورة التي خاطبت العالم بأجمعه. وهي الصورة التي لم يملك الديكتاتور أي وسيلة لمحاصرتها، وبالتالي منعها من تبليغ رسالتها، على نحو ما كان يفعل سابقاً من خلال التلفزيون (الوطني) الذي برع في تطويعه لتثبيت حكمه الاستبدادي الأفظع. لقد بدا عاجزاً أمام ما ينعت بـ”المرور عبر الشاشة”. وقبل ذلك بدا أمام نوع محدّد من التاريخ هو تاريخ المغلوبين والنساء والفقراء… أو “التاريخ من الأسفل” كما ينعته الأكاديميون الهنود في نطاق ما يعرف بـ “دراسات التابع” (Subaltern Studies). وتاريخ من هذا النوع يربك ما يصطلح عليه، في التحليل السياسي، بـ “السلطة المتصلة التي تتم من الأعلى إلى الأسفل (Top – down)”.
صورة تظهر، من ناحية مركزية الجسد الأنثوي في نهر بشري، كما لو أنها من خارج الزمن الذي ظل يحكم الديكتاتور في غفلة منه. صورة محكومة بسياق ضاغط مثلما هي مسنودة بـ “خطاب” جارف. ولعل الأهم فيها هو ردّها، ودفعة واحدة كما يقال، على التخويف من “تنظيم القاعدة”. فالجسد الأنثوي لا علاقة له بالتنظيم الأخير ولا يمكن أن تكون له علاقة بتيار من تيارات الإسلام السياسي التي فاجأها بدورها الحراك الفجائي. المظهر الجسدي، أو الممارسة المظهرية الجسدية، دالّة على النمط المجتمعي التونسي المتحرّر ــ نسبياً ــ مقارنة مع بلدان عربية. والجسد ذاته، من ناحية “رأس المال – المظهر”، ومن حيث هو رهان اجتماعي، مثقل بالدلالة الثقافية الرمزية التونسية التي تتأكد من خلال اللباس المعاصر بعامة ومن خلال الطربوش التونسي الأصيل بخاصة. والطربوش، هنا، من خارج تأثيرات الموضة. هو ليس علامة على الاستهلاك، وإنما هو علامة على “الاندماج الطقوسي” وعلى النمط المجتمعي التونسي بصفة عامة كما أسلفنا. فلا مجال، هنا، لما يصطلح عليه بـ “الجسد الزائد” أو “الجسد المنفصل” أو “الجسد المتحوّل”… إلخ. ومن ثمّ الحاجة إلى مثل هذا الرمز من أجل تعضيد دلالة الرسالة.
وكما أن الجسد الأنثوي، هنا، قرين متخيّل متعيّن يفهم في سياق ثقافة متعينة. وقبل ذلك كل ثقافة لها متخيّلها (12). وهذا “المتخيل الاحتجاجي” (باصطلاح ميشال فوكو) هو متخيّل “الشارع” (بمعناه المصاغ في العلوم الاجتماعية). الشارع الذي حرَص الديكتاتور على طمسه في سياق طمس الوعي السياسي الصاعد وسياق منع أخذ الكلمة في الفضاء العام. ومن ثم كانت رسالة الجسد المسيّج بالصمم والاضطهاد والإخضاع… رسالة التحدّي لـ”ترابط أنظمة الاضطهاد” من منظور “دراسات الجندر” ورسالة “هزيمة سياسات الخوف” كما أكدّ عليها المؤرخ الفرنسي الشهير والمختّص في الشؤون المغاربية بنيامين ستورا (Benjamin Stora) في كتابه المنشور في عزّ الحراك العربي (13) والذي تصدّرت غلافه الأمامي صورة فوتوغرافية لشاب تونسي فوق الأكتاف بدوره رافعا قفصا تعلوه راية تونس. ورسالة الجسد السابق أيضا، كما يمكن تأويلها، هي أنه لا تحرّك نحو الديمقراطية بدون ثورة. وإسقاط النظام معناه إسقاط الاستبداد والطغيان من أجل استعادة الكرامة المهدورة.
ولعلّ ما زاد في التوسيع من دوائر الدلالة التاريخية الثورية للصورة اعتمادها، على نطاق واسع، في وسائل الإعلام. والظاهر أن ما يهمنا ليس الصورة في حد ذاتها، وإنما ما تنطقه من دور للجسد الأنثوي في الحراك الثوري من مواقع التنظيم والإسهام في التحويل الملموس. يمكن التعامل مع الصورة، إذا جاز أن نوظّف لغة الأنثروبولوجيين، كنص أي “تدوين للفعل”(14). إجمالا لقد ارتقى الجسد الأنثوي في الحال التونسية إلى “البراديغم” على مستوى التعاطي التحليلي السوسيولوجي… و”المعيار” على مستوى تقويم أو تقدير التغيير المجتمعي الدينامي.
وكان من المفهوم أن يكون للحراك التونسي الأسطوري، ضد الاستبداد السياسي، “تأثير المتوالية”. وكما كان لإجبار الديكتاتور التونسي على الفرار، بطريقة ذليلة، تأثير على مستوى فتح شهية الشعوب العربية المتعطشة للحرية والكرامة… وإسقاط الأنظمة الفاسدة. وكانت بداية المتتالية من مصر التي تثور على رأس كل مائة عام كما يقال عنها. ومن ناحية الجسد الأنثوي، الذي يهمنا، كانت مواطنة مصرية، لكن من قلب لندن هذه المرّة، في غمرة بدايات ثورة مصر، تصرخ كأنثى وبشكل هستيري في قناة “الجزيرة”: “لقد ولدت في عهد حسني مبارك، وأنهيت دراستي في عهد حسني مبارك، وتزوجت في عهد حسني مبارك، وأنجبت في عهد حسني مبارك”. وليس من شك في أنها تقصد إلى “نظام مبارك” الذي كانت ستموت في عهده أيضا (عهد المباركية التي تمّ ترسيمها قانونيا ودستوريا).
كان للمرأة عموما حضورها في الثورة المصرية، حتى وإن لم يبرز الجسد الأنثوي بالشكل الثقافي الطقوسي التونسي بالنظر للتراجع الحاصل في مجال التحرّر والحريات العامة خلال العقود الأخيرة بمصر وبالنظر لخيار التصعيد عبر التجمّع في ميدان التحرير على نحو ما اقتضاه تكتيك الحراك. والنظام حتى وإن وفّر هامشا للثورة، تحت تأثير الضغط الدولي والرصيد المصري ذاته، فإن بعض الفروق مع الحال التونسية واردة. ومن ثمّ الإصرار على العناد والتقتيل. ومن ناحية ميدان التحرير ذاته لم تكن الأمور بمعزل عن آلة التقتيل الفاغرة فاها في أكثر من اتجاه. واللافت مخاطرة بعض المثقفين بأجسامهم في الميادين. والمثال على ذلك الكاتبة والنسوية الشهيرة نوال السعدواي التي غامرت، بعظامها الهشة، في “موقعة الجمال والبغال والبلطجية” في اليوم الثاني والثالث من فبراير العام 2011. وكادت أن تفقد حياتها، في هذه الموقعة الرهيبة، لولا حمايتها من قبل شباب إسلاميين في تلك اللحظة الصعبة.
واللافت أنه على امتداد شهور بأكملها لم تسجّل حالات تحرّش جنسي داخل ميدان التحرير الذي يشهد حالات متكرّرة وكثيرة منه في الأيام العادية. لذلك، وبعد أن ارتقى الميدان إلى مصاف الجسد الموحَّد، لجأ النظام إلى الأطروحة الاستشراقية المكرورة والمترهّلة التي بموجبها إما أن تكون المرأة “شريفة” بعد أن تكون محبوسة في “الحريم” أو أن تكون “متهتكة” بعد أن تكون خارج الحريم. ومن ثم سلاح الترويج، عبر القنوات الرسمية وعبر كل وسيلة متاحة، لـ”أرخص ليالي” (حتى نحيل على عنوان المجموعة القصصية ليوسف إدريس) في خيام الميدان بدافع الافتراء والتدمير والتلطيخ… للهوية الأنثوية.
وقد بلغ التعنيف، بعد إسقاط “حكيم الشرق الأوسط”، حدّ تعرية إحدى المتظاهرات وجرّها من شعرها وسحلها في ميدان التحرير من قبل الجيش، وعلى النحو الذي جعل مصر نفسها تتعرّى ــ في الوقت ذاته ــ أمام الرأي العالمي. وقد يظهر السحل أقل إذلالاً وتحقيراً من التحرّش الفعلي ومن إجراء آخر فظيع وغير مسبوق وهو فحص عذرية المتظاهرات في مراكز الشرطة العسكرية للتوقيف. وفي كلتا الحالتين فالمقصود هو المرأة وعلى وجه التحديد جسدها الذي هو مصدر أنوثتها/ كرامتها ومصدر دفقها الثوري. ويمكن تأطير هذا “الإجراء البدائي”، من وجهة نظر السوسيولوجي ودارس الجسد والهيمنة الذكورية بيير بورديو (P. Bourdieu)، ضمن “رُهاب الأمكنة” (Agoraphobie) الذي يدفع النساء إلى إقصاء أنفسهن عن الساحة العامة (Agora)”(15).
غير أن ما حصل في مصر أجّج استعمال الجسد الأنثوي، في بلدان عربية، بل كان وراء تحويله إلى موقع عارٍ لتعابير لم يخل بعضها من جرأة زائدة بلغت حدّ الانزلاق والتطرّف نتيجة العري المفرط. وهذا في الوقت الذي رأت فيه ناشطات نسويات أن “سياسة الجسد” لا يمكنها تمرير رسالتها إلاّ من خلال الطابع الإيروتيكي المقصود والمستثَمر. وحصل ذلك بوجوه مكشوفة وأسماء معلن عنها. والمفارق أن إيران لم تسلم من التأثير من خلال الممثلة الشابة فرحاني التي ظهرت في صورة جريئة وكاشفة عن الجانب الأعلى من جسدها (16).
في الحال السورية كان بإمكان الجسد الأنثوي التعبير عن تمظهراته ورمزياته… بالنظر لمخزون الثقافة الذي عادة ما يبرز من لحظات الحراك الأولى… خاصةً عندما يتعلق الأمر بشعب له ما يكفيه من “الارتكاز” (بالاصطلاح الأنثروبولوجي) في ثقافة بحجم تاريخه وتراثه وهويته وذاكرته؛ غير أن طبيعة النظام الدموية والطائفية كان لها تأثيرها الحاسم على مستوى بدايات التلقّف الجنيني لأصداء الحراك الثوري. وفي ظل نظام مصرّ على محو الجسد ذاته من خلال وطء الرؤوس وبتر الأصابع وبقر البطون… وصولاً إلى القتل العمد والتنكيل بالجثث والإلقاء بها في الأنهار والخنادق… ووصولاً أيضا، وهذا هو الأخطر، إلى تجريف مدن بأكملها… لم يبق خياراً من غير النزوح إلى أمكنة أخرى داخل سوريا أو الرحيل إلى بلدان الجوار أو البلدان البعيدة نجاة بالأرواح.
إن الجسد الأنثوي، الذي كان من المفروض إشراكه من قبل المرأة في إبداع الثورة، هو ما صار موقع عنف جنسي واغتصاب همجي سواء في الداخل أو في منعرجات المجهول إلى الخارج حيث المهربون وتجّار الجنس و”الداعشيون” ومخاطر الطريق… وصولاً إلى الملاجئ ومراكز الاستقبال حيث الظلام والاحتشاد وجرائم الاغتصاب. صار الجسد الأنثوي عملة يتمّ تصريفها من أجل النجاة والبقاء على قيد الحياة. و”الاغتصاب هو أكثر جرائم العنف التي لا يبلّغ عنها كثيراً حتى في زمن السلم” كما نقرأ في مبحث “النساء والحرب” في كتاب “مدرّبون على القتل”(17). و”تقريبا كل الرجال في العالم سيّئون” كما قالت سورية من اللواتي اكتوت بالاغتصاب.
أجل لا نعدم، في سوريا، حالات تعبير تحوّل فيها الجسد الأنثوي إلى موقع للدعم الفني والمقاومة السياسية. وفي هذا الصدد تتوجّب الإشارة إلى الصورة الشهيرة للسورية لبنى عويدات التي ظهرت في موقع (Souria Houria) (12 يونيو 2012) والتي بموجبها تحوّل ظهرها الغض والناعم إلى لوحة فنية آسرة تحثّ فيها المرأة السورية على الحضور والتحدّي. ومن ثمّ عبارتها: “قومي وأنهضي قبل أن تنقرضي” التي بدت مثيرة في إخراج فني في نسختين من جسدها الخلفي. وهي الصورة التي تمّ تداولها بشكل كبير في العالم الافتراضي الذي أتاح تمثيل وإعادة تعريف للهوية الأنثوية مقارنة مع المجال العالم المقنّن والدموي. فالظهر المجبر على الضرب والمنذور للمداعبة… يقوم بوظيفة مغايرة لم تكن تخطر على ذهن الجلاد.
وأما الجسد الأنثوي الذي اعتمده النظام، عن تمييز وتدقيق، فهو نموذج بثينة شعبان المتصدّر لما يصطلح عليه بـ “نساء النظام” وتحديداً لمهام الترويج الدعائي للنظام من خلال التلفزيون الرسمي ومن خلال المناسبات والمواجهات المتاحة في الخارج. ولذلك كان الردّ على الأصولية العسكرية العمياء، في إطار من المواجهة الدموية ذاتها، وفي إطار من الأصولية الدينية في صنف من صنوفها الراديكالية. ومن هذه الناحية كان حضور الجسد الأنثوي في إطار “تنظيم جهاد الدولة الإسلامية” (في العراق والشام) بتنويعاته الفرعية وضمنها “جهاد النكاح” أو “نعيم جهاد النكاح” الذي لم نسمع عن صيغته الحدّية إلا في المثال السوري. وهكذا بعد أن كانت النساء هامشيات في الحرب، متفرّجات ومشجّعات، أو مساعدات في مهام غير قتالية في أحسن الأحوال، وهكذا أيضاً بعد أن كانت فكرة الحرب في أساس “الفروق الجندرية” بين الرجل والمرأة، ها هي الحال السورية تدفع النساءَ إلى الصفّ الأمامي من المواجهة والاقتتال والانتحار. شابّات مقاتلات في مقتبل العمر، بلافتات هوجاء ولباس أسود، من بلدان مختلفة ضمنها بلدان أوروبية، حرصن على صياغة أجساد مفارقة لهنّ في متخيّل الجهاد والإسلام التخييلي الراديكالي، وبالتالي التضحية بها في وهاد حروب ضارية وغير معتادة. حروب حتى وإن كانت تستبق فيها الهوية (الجهادية النسوية العالمية) أساليب أو استراتيجيات الحرب… فإنها تهدف إلى تحقيق دولة الخلافة بفضائها المجتمعي على أرض الواقع. ومن ثمّ الجسد لا كوسيلة للجهاد فقط بل كمرادف للجهاد ذاته والهوية بصفة عامة (18).
وأما اليمن فيطرح حالاً مغايرة وفريدة في الوقت ذاته؛ ذلك أنه رغم البنية القبلية الذكورية والطابع التقليدي المحافظ للمجتمع… كشفت الأنثى عن إصرار مذهل وغير مسبوق في سجلّ المشاركة السياسية في الحراك العربي، بل بدت كأنها “خلقت لاجتياز الخطوط الحمراء”. وكان للجسد الأنثوي حضوره من خلال طالبات جامعيات حريصات على التأكيد على استقلالية جيلهن على نحو ما فعلت شابات وشباب 1968 بفرنسا كما يقول المؤرّخ الفرنسي بنيامين ستورا (Benjamin Stora)(19). وبدا شعرهن المصفّف بعانية ملحوظة وراء “الفولار”، شأن هندامهن ككل، لافتاً للأنظار ودالاً على الحجاب بمعناه الإسلامي الثقافي وليس الديني الأصولي المتعصّب. بدا اللباس، في إطار من التواجد في الفضاء العمومي الذكوري، علامة على الجسد الأنثوي.
وكما أن عدم انجراف الحراك، من انطلاقته، إلى العنف… حفّز الأنثى على مزيد من الحضور وبالتالي ممارسة “القوة الناعمة” تبعا لتوصيف المفكر اللبناني علي حرب(20). وذلك كلّه في تنويع من تنويعات الجسد الأنثوي الخلّاقة التي بلغت حدّ تلقي الناشطة والأيقونة توكُّـل كرمان (مؤسسة منظمة “صحفيات بلا حدود”) مكالمة هاتفية تخبرها بنبأ حصولها على جائزة نوبل للسلام (2011) وهي مترابطة مع بنات جنسها في خيمتها في الميدان الذي لم تفارقه منذ انطلاق الثورة اليمنية.
أما في بلد مقفر سياسيّاً ومتصحّر ثقافياً، وقبل ذلك ظهر فيه “ملك الملوك” القذافي، فلا يبدو غريباً ألاّ نرى أثراً للأنثى في الحراك الثوري الليبي ولو من باب التأكيد على “مرئية” الجسد فقط وليس “تقنياته” سالفة الذكر. وبما أن المثال الليبي لا يسمح حتى بنوع من النظام بموجبه يمكن الإشارة إلى “نساء النظام” فإن النموذج الوحيد المكرّس والمعتمد والقسري هو نموذج “عائشة القذافي”. وفيما يخصّ الجسد الأنثوي الوحيد، الذي اعتمده ملك الملوك، فإنه لم يفارق مربّع الحاكم المباشر. وهو جسد الحارسات الأمازونيات للحاكم، الجسد الذي بدا للاستعراض والارتجال والحماقات والغراميات… وليس لأداء وظيفة محدّدة.
وهذا الجسد بزيّه العسكري وبطلعته الإفريقية، وهذا الجيش من “الراهبات الثوريات” كما كان ينعتهن القذافي، لن يظهر له أيّ أثر مع إطلاق أوّل رصاصة في ليبيا القائد. وكان من المفهوم أن يسقط القائد في أقرب وقت بل كان سقوطه مسألة وقت لا أكثر بخلاف المثال السوري الذي ما يزال مختبراً لأصناف من الحرب في مقدّمها الحرب بالوكالة وعلى النحو الذي أفسح لـ”ردلكة جندرة الجهاد” سالفة الذكر. ومهما كان فتجليات الجسد الأنثوي من أشكال التمثلات الثقافية والترميزات السوسيولوجية؛ وهو ما كان قد شطبه القذافي بـ”كتابه الأخضر”. وإذا كان “الاستقلال لا يختصر بعلم يُرَفْرَفُ” كما يقول رضا مالك (21) فإنه في الحال الليبية كان لا بد من الرجوع إلى هذا العلم ذاته الذي بدا الجسد الأنثوي متلفعا به بعد سقوط خرقة القذافي الخضراء.
في مطلب الجندر:
نختم بأن مصدر الإدهاش، في الحراك، كان من الجسد الأنثوي إلى جانب عوامل أخرى. الجسد الأنثوي في حضوره المتفاوت من بلد إلى آخر دون أن تفوتنا الإشارة إلى بلدان أخرى لم نذكرها مثل المغرب والأردن والبحرين ولبنان. وذلك كلّه في أشكال من “تقنيات الجسد” التي هي في حاجة إلى “خزانة تاريخية” من أجل توثيقها وضمان مواقع لها في “أماكن الذاكرة”. واللافت أن هذا الحضور للجسد كان لا يحوم، سواء على مستوى التضمّن أو اللزوم، حول “ديناميات الاستدامة والتغيير في الحركة النسوية”؛ ومن ثم ابتعاده ــ المقصود ــ عن مطالب المرأة في مرحلة بدا فيها التغيير بمعناه الشامل المطلب الذي لا يعلو عليه مطلب آخر. واللافت كذلك أنه لولا مشاركة الأنثى لكان الحراك ناقصا. ثم إن جسد الأنثى الذي تناقلته فضائيات ومواقع إلكترونية، والذي تصدَّر واجهات صحف عربية وعالمية وأغلفة كتب ومجلات في جهات العالم الأربع، جدير بأن يؤكـِّد على نوع من التحوّل الذي حصل في الوعي العربي بصفة عامة بالنظر إلى المكانة التي وجدتها هذه المرأة ــ تلقائيا ــ في الحراك. لقد زحزح جسد الأنثى الصورة الغربية النمطية (السكونية) للمرأة العربية، مثلما زحزح التنميطات الاستشراقية المتزايدة التي كانت تحاط بها. وذلك كله لم يكن بدون ضرائب، ولذلك فإن ما ناله الذكور من قتل وتعذيب وتنكيل… نالته الأنثى بدورها إن لم نقل كان نصيبها أوفر في أحايين كثيرة بخاصة من ناحية تقشير كرامتها بشكل متوحّش.
أجل إن موضوع العتبة ومعدلات المشاركة السياسية وأرقام الاستحقاقات لما بعد الثورات، وموضوع الارتدادات عن مكاسب كانت متحققة للنساء قبل الحراك في تصوّر البعض، وارد وملح. وأما التفسير، كما تقول الكاتبة والباحثة السوسيولوجية اللبنانية نهلة الشهال، فيكاد يكون جاهزاً: “هذا ما حصل بعد الثورة الجزائرية، على الرغم من جميلة بوحيرد والآلاف من رفيقاتها”(22). وهل نخلص، من جهة موضوعنا، إلى هكذا جسد يسحل في ميدان مصر العاري وآخر يبقر ويفتّت في أبوكاليبس سوريا… وآخر يحظى بهالة تتويج عالمية في اليمن؟ وبذلك نقفل الحكاية. الظاهر أن هذا موضوع آخر؟ لكن ذلك لا يحول دون تأطير الجسد ضمن الحراك الذي لا يحول بدوره دون تأطيره ضمن مفهوم “الثورة متعدّدة المراحل” (Protracted Revolution) الذي يطرح صعابا بنيوية ملازمة لأهداف الثورات الكبرى على طريق الأنظمة التسلطية ذات الجذور الاجتماعية.
ولذلك فإن ما يهمنا هو الثقافة التي عكستها المرأة من خلال جسدها الأنثوي، والتي كانت في أساس تميّزها في الحراك، وفي دلالة على “طرح الجندر”. والرهان هو على هذا الصنف من الثقافة، من خلال جسد أنثوي موسوم بالثقافة والتاريخ وليس في شكل سطح مقعّر ومنهك بزوائد الموضة والإشهار والاستهلاك، خاصة في ظل ممارسات وسياسات وسياقات… يتغلغل فيها “خصوم بدائيّون” كما نعتتهم الكاتبة التونسية الجريئة رجاء بنسلامة في كتابها “بنيان الفحولة”(23) و”مدربّون على القتل” تبعا لعنوان الكتاب الذي أحلنا عليه من قبل. ومرّة أخرى يطرح النسق الذي يميّز بين النموذج الذكوري والنموذج الأنثوي من منظور تسليعي استهلاكي، ذلك أن التمييز بين النموذجين ليس من الطبيعة ذاتها بل من المنطق التمييزي الكامن في النسق ذاته كما يقول السوسيولوجي جان بودريار (J. Baudrillard) في كتابه “مجتمع الاستهلاك”(24)؛ ممّا يزيد في تعميق التعامل مع المرأة كمجرد جسد للاستهلاك وليس الإنتاج. ومن ثم مواصلة تهشيم الجسد الأنثوي في ظل أحداث تظهر كأقواس وشقوق وليس كهزات وقطائع في التاريخ.
إحــــــــــــــالات:
1 ــ انظر: يحيى بن الوليد: دراسات الجندر ــ في ذاكرة المصطلح/ موقع “ضفة ثالثة/ العربي الجديد”: 12 أكتوبر 2016.
2 ــ انظر: جاك لوغوف (مشرف): التاريخ الجديد، ترجمة محمد الطاهر المنصوري، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2007.
3 ــ جان لا كوتور: التاريخ الآني/ التاريخ الجديد، ، ص380.
4 ــ انظر: مادة “جسد” (Corps) في:
Dictionnaire de Sociologie/ Le Robert Seuil, Paris, 1999, PP117-119.
5 ــ دافيد لو بون: كتاب سوسيولوجيا الجسد، ترجمة: عياد أبلال وإدريس المحمدي، روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2014، ص10.
6 ــ م ن، ص65.
7 ــ م ن، ص56.
8 ــ ــ ديبيش شاكرابارتي: مواطن الحداثة ــ مقالات في صحوة دراسات التابع، ترجمة: د. مجيب الرحمان، هيئة ابو ظبي للثقافة والتراث (كلمة)، 2011، ص117.
9 ــ كريستوف فولف: علم الأناسة ــ التاريخ والثقافة والفلسفة، ترجمة: أبي يعرب المرزوقي، الدار المتوسطية للنشر، كلمة، أبو ظبي، 2009، ص216.
10 ــ للمزيد من الاطلاع على النقاش بخصوص الجسد، وفي المدار الذي يستحضر ميشال فوكو وبيير بورديو… انظر: كرس شلنج: الجسد والنظرية الاجتماعية، ترجمة نجيب الحصادي ومنى البحر، مشروع كلمة، أبو ظبي، دار العين للنشر المصرية، الطبعة الأولى، 2009.
11 ــ فاطمة المرنيسي (تقديم): الجسد الأنوي، نشر الفنك، الدار البيضاء، (د ت)، ص7.
12 ــ إفلين باتلاحين: تاريخ المتخيل/ التاريخ الجديد (مرجع مذكور)، ص481.
13- Benjamin Stora, Le 89 arabe, réflexions sur les révolutions en cours, dialogue avec Edwy Plenel Ed. Stock, Paris, 2011, P50.
14 ــ آدم كوبر: الثقافة… التفسير الأنثروبولوجي، عالم المعرفة، العدد 349، مارس 2008، ص121.
15 ــ بيير بورديو: الهيمنة الذكورية، ترجمة: سلمان قعفاري، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2009، ص46.
16 ــ لأخذ فكرة جامعة ودقيقة عن الموضوع، بصور منتقاة ودالة وكاشفة عن اطلاع في الموضوع، نحيل على المقال المكثف للسوسيولوجية والناشطة النسوية نادية العيساوي:
Nadia Aissaoui: Quand le corps féminin fait la révolution (samedi 23 juin 2012).
Link.
17 ــ تيودور نادلسون: مدرّبون على القتل، ترجمة: فاطمة نصر، دار سطور، القاهرة، 2006، ص264.
18 ــ انظر: كاثرين إي براون: الجندر ومواجهة ردْكلة الدولة الإسلامية (داعش)، ترجمة: يسرى مرعي/ موقع “معهد العالم للدراسات” (06 حزيران/ يونيو 2017. وانظر أيضا: مصطفى زهران: التجربة النسوية المسلحة في سوريا والعراق: بين المقاتلات الكرديات وجهاديات تنظيم الدولة الإسلامية / موقع معهد العالم للدراسات (30 آب/أغسطس 2016).
19- Benjamin Stora: Le 89 arabe, P107.
20- علي حرب، ثورات القوة الناعمة في العالم العربي ــ من المنظومة إلى الشبكة، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، طبعة ثالثة، 2013، ص47.
21 ــ رضا مالك: تقليد وثورة ــ الرهان الحقيقي، ترجمة جوزف أبو رزق، دار الفارابي، بيروت، لبنان، 2003، ص 119.
22ــ نهلة الشهال: النساء في الثورات، نحو إعلان نسوي جديد/ بدايات (ملف: الثورات بشبابها)، العدد: 1، شتاء، ربيع 2012، ص10.
وانظر أيضا: هيفاء زنكنة: المرأة والمشاركة السياسية في العالم العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2011، ص32.
23 ــ رجاء بنسلامة: بنيان الفحولة ــ أبحاث في المذكر والمؤنث، دار بترا للنشر والتوزيع، سوريا، 2005، ص10.
24- Jean Baudrillard: La société de Consommation, Folio, 1970, P139.
تحميل المادة بصيغة PDF: الرابط (58 تنزيلات)
0 تعليق 1466 قراءة كلمات مفتاحية : الجسد الأنثوي الحراك العربي المتخيل الاحتجاجي سياسات الخوف أماكن الذاكرة
يحيى بن الوليد
ناقد ثقافي وباحث أكاديمي ، وأستاذ التعليم العالي. حاصل على دبلوم الدراسات العليا (1998) والدكتوراه (2002) في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.من إصداراته: “التراث والقراءة ــ دراسة في الخطاب النقدي عند جابر عصفور” (القاهرة، 1999)، “الخطاب النقدي المعاصر بالمغرب” (القاهرة، 2003)، “الوعي المحلق ــ إدوارد سعيد وحال العرب” (القاهرة، 2010)، “سلطان التراث وفتنة القراءة” (الأردن، 2010)، “صور المثقف” (الرباط، 2013)، “الدار البيضاء… الهوية والمعمار 1912 ــ 1960” (2016) (بالاشتراك مع الباحث المعماري رشيد الأندلسي)، “.