الجهاد في القصير!
عطلة نهاية الأسبوع لم تكن هادئة في الهرمل، امتداداً إلى ريف حمص في منطقة القصير. هناك، في الريف معارك ضارية ازدادت وتيرتها منذ يومين، مع حديث عن دخول مقاتلي “حزب الله” إلى الكثير من القرى، ومعلومات عن قتلى كثر في صفوفه داخل الأراضي السورية، فيما مدينة الهرمل، تدفع الثمن بصواريخ تُطلقها المعارضة السورية المسلّحة إلى داخل الأراضي اللبنانية بعيداً عن أماكن قتالهم كرد منهم عما يقولون تدخل حزب الله في المعارك إلى جانب جيش النظام داخل سوريا.
الصواريخ من الجانب السوري التي سقطت في الهرمل، في سهلات المي وحوش السيد علي لم تؤد إلى وقوع إصابات، إلّا أنها استدعت استنفاراً لبنانياً محدوداً، إذ تابع رئيس الجمهورية ميشال سليمان مع قائد الجيش العماد جان قهوجي تطورات الاوضاع ، معتبرا أن “استهداف لبنان بالقذائف والصواريخ لا يحقق المطالب المتعلقة بالديموقراطية، خصوصا وانه يكفي لبنان ما لا طاقة على تحمله في موضوع استقبال النازحين وايوائهم، علما ان لبنان ملتزم العمل على ضبط حدوده تنفيذا لاعلان بعبدا”.
أمّا الحديث عن حماية الحدود والمدنيين داخل الأراضي اللبنانية فهو يبدو بعيد المنال، إذ من الواضح أن ما يحصل على الحدود الشرقية أكبر بكثير من قدرة لبنان على احتوائه، وهذا ما يظهر جلياً من البيانات التي أصدرتها المعارضة السورية المسلحة والسياسية على حدٍ سواء، إذ طلب الائتلاف السوري من الحكومة تنفيذ سياسة النأي بالنفس ومنع حزب الله من التدخل في سوريا، وطالب الائتلاف الحزب بسحب قواته من الأراضي السورية، محذّراً من ان “تدخلاته ستجرّ المنطقة لصراع مفتوح على احتمالات مدمّرة”.
ميدانياً، سيطرت القوات النظامية السورية على عدد من قرى ريف القصير الحدودي مع لبنان، إذ أوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أنّ قوات النظام “والمسلحين الموالين لها ولحزب الله سيطروا على عدد من القرى الحدودية مع لبنان في ريف القصير، بينها البرهانية والرضوانية وتل النبي مندو”، موضحاً أنّ “المعارك مستمرة في محيط هذه القرى”.
وأشار عبدر الرحمن إلى أنّ “معظم الذين يحاربون المجموعات المقاتلة المعارضة هم من عناصر اللجان الشعبية المسلحة الموالية للنظام، ومن المقاتلين الموالين لحزب الله، ويحمل معظمهم الجنسيات اللبنانية”، وأضاف: “إنّ عدداً كبيراً من الضحايا” سقط في المعارك.
هذا الواقع المتردي داخل الحدود السورية والحديث المتصاعد عن مشاركة حزب الله بكامل قوّته فيها، دفع إلى تهديد الجيش السوري الحر وجبهة النصرة بنقل المعارك إلى لبنان، إلّا أن رئيس هيئة الأركان بالجيش السوري الحر العميد سليم ادريس ما لبث أن نفى “صدور بيان بنقل المعركة إلى لبنان بسبب قتال حزب الله في سوريا”.
بين الهرمل اللبنانية والقصير السورية، يبدو أن بوابة عبور الأزمة السورية إلى لبنان قد فُتحت، بأيدٍ لبنانية ورد فعل سوري غير مُبرّر لنقل معاركه ضد الحزب إلى الداخل اللبناني. أمّا الدولة اللبنانية فهي الغائب الوحيد عمّا يحصل على حدودها، وعن قدرتها على ضبط بعض أحزابها، التي تتورط شيئاً فشيئاً في صراع ستجر عبره لبنان إلى دوامة عُنف مفتوحة ، إن لم يتدارك من يقاتل في سوريا الوضع، ويعود إلى لبنان، ليوقف مراسم التشييع المستمرة كلّ يوم، لمن يقول أنهم سقطوا في أرض الجهاد.