الحبّ الذي يمسك بقوسه/ جورج شحاده
الشَّعرُ، عمرُ الحبّ،
مثلُ الخمر، يسيلُ بين الأصابع.
اُذكري، اذكري زهور الأرض.
كان الخجل يحمل رأسكِ في حقيبة.
ألفُ انهيارٍ كان يطبع قدميكِ.
أنتِ الآن هناك في الأعالي، فوق الرابية،
حيث ينصب القمرُ أرغناته العملاقة الباردة،
ترتعش الأشجار ارتعاشَ
قناديل البحر
بيدَ أنك لا تؤمنين بصرخاتِ الطبيعةِ، تلك.
لو استطاعت الجبالُ أن تلمسَ الهواء،
وأن تنضمّ، عبره إلى ركْبِ الفصول،
لسرْتِ حقّاً على درْبِ السماء.
■
إنه لارتعاشٌ، في سنِّ العشرين،
أن يرى الإنسان عينيْه في ماءِ النساء.
تبرّجتِ الغرفة كما يتبرّجُ البحر.
خلطَ الليل عمرينْا.
كعصفورين يطيران معاً، منسحقيْن.
تحت صمتِ الأعشاش الرهيب
يا نغماً تترنم به حجارةُ الجُزر!
■
تثغو النعاجُ الأولى قرب المستنقع.
غفونا تحت شجرة.
كان القمر يبرز مثل حيوان في زوبعة
بينما تحترق أوراق الريح.
كيما نكونُ ذاتنا في صورة أفضل،
حلمنا بأنّ إنساناً ينام عند مفرق كل درب،
تثير الأعاجيب جبينه
ولا تغطّي كتِفَه ظلال السماء.
بجانب ذلك النائم كما بجانبنا، مجرفة
وتلك الصرخات المنبعثة من الحقول.
■
حبّي الرائع مثل الحجر المجنون.
إنكِ تحسبين خفيفاً ذلك الشحوب
الذي ينتابني لفرط ما تمعنين في البعد عنّي لتعودي
إلى الساعة التي فيها نخلق وردة أنا وأنتِ والشمس.
وردة لم يعثر لها على أثر
لا الصياد ولا الفارسة الرشيقة التي تساكن الغيوم
ولا تلك الأهزوجة التي تنشر الحياة في المساكن المبعثرة.
كنت حقاً تلك المرأة.
تبلّلين بقطرات الفجر سهلاً أنا قمره.
■
في كل صيف، إذاً، ستنتابني
كآبة جديدة.
ولا أحبّك على النحو الذي أبوح به لكِ.
في سبيل حصان أبيض بياض الشتاء،
تتعرّى النسائم من قطرات الندى
وتموت العصافير من جراح البحر.
توّجي الحبّ الذي يمسك بقوسه.
مرّت سنونوةٌ عبر المساء،
لا لون لها ولا حَيْل.
هذا الفصل لن يمرّ دون أن يشهد ولادة كوكب جديد.
فزرقته ساخنة من سخونة كل الليالي.
أحلم صارخاً في منزل الأوراق.
الأغنية المضناة كانت تقول: هذا أنا، هذا أنا.
حرّروها! دعوني أمضي حاملاً معي دمية اللآلئ.
ماتت الغابات
وطارت أوراقها عبر الجراح.
* حظي شعر جورج شحاده بترجمات عديدة نقلتها من الفرنسية إلى العربية. هنا إضاءة على ترجمة أقل تداولاً أنجزها متري وهبة لمجموعة “أشعار” كانت قد صدرت في طبعة مزدوجة مع النص الفرنسي عن منشورات “عويدات” عام 1988.
العربي الجديد