الحرب الطائفية… اصبحت جاهزة
كمال خلف
الازمة في سوريا التي بدات كحركة احتجاج سلمية تطالب بالحرية والديمقراطية واللحاق بركب المجتمعات المتطورة تحولت الى نزاع مسلح يأخذ اشكالا دموية تخريبية ونفسا طائفيا اضفته وتتحمل مسؤوليته طبيعة التحالف والدعم السياسي والمادي و العسكري الذي يقدم لطرفي النزاع من قبل الاطراف الاقليمية.
فمن جهة داعمي المعارضة من العرب فالدافع الأساس هو تصفية حساب مع النظام القائم في دمشق على المواقف والسياسيات التي انتهجها وخاصة في ظل حكم الرئيس الحالي بشار الاسد في مقاربته لملفات المنطقة بدءا من تحالفه مع خصم هذه الدول (والخليجية منها على وجه التحديد) وهي ايران بشكل اوسع واكثر عمقا مما كان زمن الرئيس الراحل حافظ الاسد وانتهاء بادارته الملف اللبناني حتى لحظة اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري وخطاب اشباه الرجال الذي القاه الاسد بعد حرب تموز 2006 والذي ادى الى قطيعة في حينها مع الرياض والقاهرة اللتين دعمتا قوى 14 اذار المناهضة للوجود السوري ولسلاح حزب الله واطلقتا منذ العام 2005 بعد اغتيال الحريري حملة اعلامية انشأت من اجلها عشرات القنوات الدينية التي تحذر من الخطر الشيعي وتهدف الى ابراز حزب الله اللبناني وامينه العام بأنهم ادوات ايرانية تريدة ابتلاع لبنان .. اما الحديث عن دوافع القوى الدولية الداعمة للمعارضة فهي تختلف بطبيعة الحال عن التوجه الخليجي (المشخصن) فالولايات المتحدة تجد في النزاع في سوريا فرصة لقلب المعادلة القائمة في المنطقة بانهاء حليف مهم لايران في منطقة حيوية واقامة نظام حليف يقطع خط الامداد المفتوح على حزب الله ويعيد خارطة توازن القوى السياسية في لبنان بما يحشر حزب الله وينهي خطره القائم على اسرائيل بالاضافة الى انهاء اخر قدم للروس على شواطئ المتوسط.
لكن ما يجري على ارض الواقع في صراع الارادات والمشاريع هذا ياخذ شكلا اكثر تعقيدا فقد اطلق الدعم السعودي القطري بالسلاح فكرة نهوض المارد السني الذي يريد ان يخلص سوريا ولبنان من هيمنة ايران الشيعية وهذا ما دفع شبان عرب ذو مرجعية فكرية اسلامية (سنية) الى التقاطر على سوريا للجهاد فيها ضد النظام (العلوي) والحليف (الشيعي) والمراقب بشكل لصيق لما يجري في المنطقة وهنا اتحدث تحديدا عن سوريا لبنان وايضا العراق يجد ان حالة التطرف الديني والشحن الطائفي تتزايد بشكل غير مسبوق والوضع القائم الآن لا يحتاج الا الى عود كبريت صغير الحجم لتندلع حرب طائفية طاحنة سوف تدخل المنطقة كلها في دوامة عنف دموي لسنوات ان لم نقل لعقود ونتتهي بكل تاكيد الى التفتيت والتقسيم بعد ان تكون قد قضت على وحدة المجتمعات وزادت من بؤسها وتخلفها ..
تشكل ظاهرة الشيخ احمد الاسير في صيدا جنوب لبنان واحده من الامثلة الكثيرة على نمو هذا التوجه فالشيخ الذي يزداد عدد مريديه يوما بعد الآخر ويتحرك كل اسبوع لقطع طرقات صيدا التي تعتبر ممرا لأهل الجنوب الى قراهم وهؤلاء غالبيتهم من الشيعة المناصرين لحزب الله وسط حيرة الاوساط السياسية اللبنانية من عدم تقييد حركته حيث يرتكز الشيخ الاسير في خطبه لأنصاره على مسألتين الاولى دعم المقاتلين الاسلاميين في سوريا ضد النظام والثانية التهجم على حزب الله وشخص امينه العام السيد حسن نصر الله والشيعة وايران .وهو ما لايلقى ردا حتى الآن من الحزب وانصاره. وشمالا في طرابلس تاخذ ظاهرة الاسير شكلا اخر عند تيارت سلفية اكثر عسكرة وانتشارا ومجاهرة بالتصدي للخطر الشيعي وانهاء الحكم العلوي في سوريا حسب ما يقولون هم .. وتكثر الرويات في لبنان التي يصعب التأكد من صدقيتها عن الوضع في عاصمة الشمال طرابلس اذ يصل القول الى وجود ماكينات ومنظومات سعودية كاملة تنقل المقاتلين والسلاح الى سوريا وتعد كتائب لأي مواجهة داخلية شبيه بما حصل في السابع من ايار 2008.
وفي المخيمات الفلسطينية بدا الحديث في لبنان عن وصول القاعدة وجبهة النصرة الى قلبها وقال منذ ايام رئيس تيار التوحيد اللبناني وئام وهاب نقلا عن تقارير امنية لبنانية وصلت الى رئيس الحكومة ورئيس الدولة ان عناصر من القاعدة وجبهة النصرة تتمركز في مخيم عين الحلوة جنوبا وبرج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله وهو ما استدعى نفيا من ممثل حركة حماس في لبنان علي بركة.
وفي موضوع المخيمات الفلسطينية تحديدا ياخذ على حزب الله تعاطيه السياسي في هذا الملف فالحزب الذي يخوض قتالا شرسا ضد اسرائيل ويضع قضية فلسطين والقدس في صلب عقيدته كان من باب اولى ان يهتم بشأن الفلسطييين في دياره وان لا يقبل مطلقا الاوضاع اللا انسانية والمذلة التي يعشها الفلسطينيون وان يرفع الصوت في مجلس النواب وفي الحكومة المشارك فيها ولدى حلفائه ليس فقط من اجل حياة كريمة للفلسطيني بل حتى لا تكون المخيمات وفقر الناس فيها منطلقا للاستعمال السياسي والامني من أي طرف كان.
انطلاقا من كل هذا
اعتقد ان ظاهرة التطرف السني يراد لها دفعا ان تكون حبلا على عنق حزب الله في لبنان وهناك من يغذي هذه الظواهر ويدعمها وهي برأيي ليست فطرية ولا عشوائية ولا ذاتية والولايات المتحدة واسرائيل تراقبان هذا الوضع عن كثب وتنتظران لحظة الصفر التي سوف ترى فيه مقاتلي الحزب يتركون مواقعهم على الحدود مع اسرائيل باتجاه المناطق اللبنانية للقتال فيها ضد اعدائهم الجدد عندها سيبدا النزال الكبير مع ايران وهذا لن يحدث في لبنان وسوريا انما سيمتد الى العراق الذي يعاني السنة فيه من التهميش السياسي والاجتماعي وهذا يكفي ليشكل مادة للمعارضين للمالكي وحكومته للاتحاق بركب الصراع الطائفي العابر للحدود …
تريد الولايات المتحدة انهاء المشروع الايراني ونفوذ ايران في المنطقة عبر اذكاء الحقد المذهبي والطائفي الذي يجعل من الشيعة اعداء وبالتالي تنقض عليهم الاكثرية السنية بمال عربي وبصراع دون غبار على قفازات واشنطن وتل ابيب تماما كما فعلت ووظفت الشعور الاسلامي وحماس الشباب المسلم لاخراج السوفييات من افغانستان وبمال عربي ايضا . وبكل جزم ان حدث هذا وهو قاب قوسين فإن العرب كلهم خاسرون.
‘ كاتب فلسطيني
القدس العربي