صفحات الناس

الحرب تبتلع الصادرات السورية/ مروان أبو خالد

 

 

تسببت الحرب التي أشعلها النظام السوري إلى تراجع حاد في إجمالي الصادرات السورية، وفقاً لآخر التقديرات الحكومية المنشورة بهذا الشأن. فقد تراجعت الصادرات بنسبة 95% بين الربع الأول من العام 2011 وحتى الربع الأول من العام 2013، إذ انخفضت خلال هذه الفترة من 1.9 مليار دولار إلى 94.7 مليون دولار. وتبقى هذه المعطيات تقديرية في ظل خروج مناطق كثيرة خاصة من شمال وشرق البلاد عن سيطرة الدولة، وفقدان أي بيانات إحصائية حول عمليات التصدير التي تتم فيها بين المنتجين المحليين وتجار دول الجوار، هذا ناهيك عن الغموض الذي يلف قيمة عقود المقايضة مع إيران التي ابتلعت مجمل الصادرات السورية من الحمضيات وزيت الزيتون.

وبحجة دعم الصادرات، ستتركز استراتيجية اتحاد المصدرين السوريين خلال الاشهر الثلاثة القادمة على إقامة مراكز لترويج الصادرات السورية في بغداد وطهران، إضافة لمركز آخر في موسكو قد يحتاج لستة أشهر لإنجازه. والهدف من هذا حسب المصادر الحكومية، هو الترويج للصادرات السورية ضمن استراتيجية التوجه شرقاً التي طرحها النظام منذ فرض العقوبات العربية والأوروبية.

ومن خلال الترويج لأثر افتتاح هذه المراكز في تدعيم الصادرات السورية، تهدف الحكومة إلى إظهار تراجع الصادرات على أنه أمر يعود بشكل أساسي للعقوبات الغربية، وأن مجرد الدعاية للصادرات السورية في البلدان الحليفة للنظام، أمر كفيل بإنعاشها، وذلك لتخفي مسؤوليتها الفعلية عن دمار ما لا يقل عن 40% من الأصول الرأسمالية المنتجة في البلاد، الأمر الذي يجعل من هيكل الصادرات السورية مختلاً، إذ في ظل دمار الصناعة فإن الصادرات السورية من المواد الخام ذات القيمة المضافة المنخفضة ستتزايد على حساب السلع المصنعة.

إحصاءات العام الماضي تثبت ذلك، فصادرات سورية من السلع الاستهلاكية قد تراجعت إلى 24% من إجمالي الصادرات خلال الربع الأول من العام 2013، مقارنة مع 34% بالربع الأول من العام 2012، في الوقت الذي ارتفعت فيه الصادرات من المواد الخام في الربع الثاني من العام 2013 بمقدار 23.1% عما كانت عليه في الربع الثاني من العام 2012.

ولدى النظر إلى قائمة أكثر المواد تصديراً خلال العام 2013 حسب بيانات مؤسسة التجارة الخارجية يتبيّن أن معظمها من المواد الزراعية والخام، تأتي في مقدمتها فوسفات الكالسيوم الطبيعي، الحيوانات الحية من فصيلة الضأن، التفاح، زيت الزيتون، خيوط القطن. هذه المواد ومهما زادت كمية تصديرها، في حال سلمنا جدلاً بنجاح المراكز المذكورة في مهمتها، فإنها لا يمكن أن تعوض العجز في الميزان التجاري الذي قارب 10 مليارات دولار مع نهاية العام الماضي 2013.

والحال أنه لا بديل آخر بالنسبة للحكومة لتمويل حربها سوى تكثيف الاعتماد على تصدير المواد الخام، فصادرات النفط السورية والتي كانت تشكل نصف إجمالي سورية من الصادرات قد انعدمت تماماً، ولا بديل عنها في ما يتعلق بالصادرات غير النفطية، إذ أن القطاع الخاص كان يستحوذ على 96% من الصادرات السورية غير النفطية، والسبب معروف، فمحاباة التجار، مضافاً إليها سياسات الهدر والفساد، قد أفلست قطاع الدولة وجعلته لا يستحوذ على أكثر من 4% من الصادرات غير النفطية.

عليه، فإن الهدف من وراء إنشاء مراكز للصادرات السورية في العواصم المذكورة لا يهدف لإنعاش العجلة الإنتاجية في البلاد بل للترويج لبيع المواد الخام بأبخس الأثمان تلبية لحاجة حكومة الحرب للقطع الأجنبي. وهذا ليس سوى هدر للموارد الوطنية الخام والتي كان يمكن أن يتم تصنيعها وبيعها كسلع مصنوعة بقيم مضافة أعلى، تعود بالنفع على كامل فئات المجتمع السوري. وما يدل على ذلك هو آخر القرارات الصادرة في هذا المجال بتاريخ 30 نيسان 2014 حيث تم السماح بتصدير 120 ألفاً من ذكور الأغنام والماعز حتى نهاية تشرين الثاني المقبل، والتي تشكل أحد أهم ثروات سورية الحيوانية التي باتت مهددة بالانقراض، مقابل التعهد بإعادة كامل القطع الأجنبي الناجم عن عملية التصدير، والذي سيحصل عليه المصدرون وفق قرارات المصرف المركزي.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى