الحل التفاعلي والقنابل البرميلية!
راجح الخوري
كرر سيرغي لافروف الموقف الروسي من الأزمة السورية على مسامع وفد “مجلس العلاقات العربية والدولية” الذي زار موسكو في محاولة لكسر جليد “الفيتو”، الذي عطّل مجلس الامن ويدفع بالوضع في سوريا نحو مزيد من المآسي.
ليس جديداً ان تقول موسكو للوفد انها غير متمسكة ببقاء النظام او رحيله لأن هذا الأمر يقرره الشعب السوري بنفسه من دون أي تدخل يعيد سيناريو الحال الليبية التي ترفض روسيا تكرارها، ولكن ليس خافياً على احد ان هذا الموقف يشكل الغطاء المثالي لاستمرار المذبحة التي بدأت قبل 18 شهراً.
صحيح ان شعار”الشعب السوري هو الذي يقرر مصيره” يعكس مبدأ محترماً يفترض الا يجادل احد في احقيته، لكن كيف يمكن هذا الشعب ان يقرر مصيره فعلا اذا كان النظام يصر على انه هو الذي يملك الحق في أن يقرر له هذا المصير الذي يراوح بين أمرين:
إما ان يقبل باصلاحات على طريقة الباب الدوّار، بمعنى دخول المعارضة وخروجها من دون أي تغيير والاكتفاء باصلاحات شكلية تبقي النظام وآليات حكمه الشمولي، وإما ان يستمر في تطبيق الحل الأمني الذي يشهد العالم فصوله اليومية الكارثية!
ليس واضحاً ما معنى قول محمد الصقر الذي ترأس الوفد العربي ان “لافروف اعطى تفويضاً للمجلس لاعداد مبادرة تفاعلية بشأن القضية السورية وتقديمها الى روسيا لإيجاد وسيلة لحل الازمة وحقن الدماء”، ومن الضروري السؤال: “بأي حق ينصّب لافروف روسيا وصياً على الحلول في سوريا، ولماذا يسمح لموسكو بأن تقرر عن الشعب السوري وهل يظن ان كلامه يمكن ان يخفي تمسك بلاده بموقفها التعطيلي؟ ثم بأي حق يوافق الوفد العربي على البحث عن حل “تفاعلي”يرفعه الى روسيا وماذا يعني بالتفاعل بعدما وصلت الامور في سوريا الى معادلة مقفلة:
نظام مصمم على القتال حتى آخر سوري في معركة لن يكسبها، فحيث يسقط قتيل ينهض عشرة مقاتلين في مقابل معارضة مصممة على القتال حتى آخر نقطة دم في معركة لن تبقي حجراً على حجر؟
يجب ان نتذكر ان موسكو لم تتحدث قط عن قبولها بأن يقرر الشعب السوري مصيره وتغيير النظام إلا بعدما تجاوز عدد القتلى الـ15 الفاً أي منذ اشهر، وبعدما ثبت لها فشل الحل العسكري الذي اشترت له الوقت تلو الوقت وهي تعطل مجلس الأمن وتفشل مبادرة الجامعة العربية على يد لافروف الذي وصل الى القاهرة وقام بتفخيخ مضمون مبدأ “الانتقال السياسي” على الطريقة اليمنية، وقد تأكد هذا عملياً بعد استعمال الفيتو ثلاث مرات… فمن اين يأتي ايها السادة الحل التفاعلي ان لم يكن من القنابل البرميلية؟!
النهار