الحوار وجنيف والموقف الدولي
غسان المفلح
نشر الباحث والمعارض السوري ميشيل كيلو مقالا بعنوان” اخطاء قاتلة” يفند فيها ما يعتبره خطأ قاتلا، كلما ذكرت قضية الحوار..بالطبع هو يقصد الحوار مع النظام.. يتهم المجلس الوطني واطراف المعارضة الأخرى بأنها رفضت الحوار وصعدت بشعار اسقاط النظام، كي تحوز على شعبية معارضة أخرى، ولا اهداف أخرى لها علاقة بطبيعة الثورة ومتطلباتها السياسية. ما تبقى من حديث في هذا المقال يعبرعن تفنيد لما يراه في مواقف المجلس الوطني ومواقف الائتلاف الذي تشكل قبل اسبوعين، فمن جهة هم يرفضون الحوار ويقبلون تشكيل حكومة وحدة وطنية مع المؤسسة العسكرية، بالنسبة للمجلس، ويقبلون بالحوار مع من لم تتلطخ ايديهم بالدماء..
ويعتبر ان في ذلك تناقض واضح بين الدعوة لاسقاط النظام وبين القبول بجزء منه..طبعا الرجل دوما عرضة للتخوين في بعض ما يكتب او يصرح لبعض القنوات الاعلامية..بعيدا عن لغة التخوين هذه، أقول قولا بسيطا للأستاذ ميشيل وهو أنه هو أكثر من يعرف بأن هذه العصابة ليس في قاموسها مفردة حوار، واعتقد ان تجربته الشخصية تؤكد ذلك قبل الثورة وبعدها،وليس تجربته هو فقط بل تجربتنا كلنا أقصد ما يسمى المعارضة التقليدية منذ بدء مقارعتها لهذا النظام- العصابة، قبل الثورة بعقود اربعة..النظام بحكم تركيبته وتكوينه وطبيعته التي يعرفها القاصي والداني تجعله ممتنع عن الحوار، والحوار يعني في النهاية وفق لغة السياسة والسلطة هي تقاسم السلطة..
أسأل هنا الاستاذ ميشيل وفقا لخبرته”هل تقبل هذه العصابة تقاسم السلطة مع أحد؟” لماذا العناد والاصرار على ادخالنا في دهاليز هي مغلقة النهاية أصلا..ولا تطل على أي أفق وطني عام..الاستاذ ميشيل جرب الروس وجرب غير الروس، في قضية الحوار هذه لكنه لم يصل لنتيجة..فلماذا العودة إليها الآن قبل تشكيل الائتلاف الجديد الموعود في القاهرة خلال يومين 23-252012.11.سيصار للاعلان عنه..والاستاذ ميشيل احد ابرز مؤسسيه..؟
لن نقف عند هذا الموضوع كثيرا، من الواضح للعيان أن الموقف الدولي الآن يعمل على اضعاف المجلس حتى انهاءه، وبعثرته في كيانات جديدة، كما حصل في اول خطوة في الائتلاف الذي اعلن عنه في الدوحة..الموقف الدولي ما يطرحه من خيارات لا تتعدى التالي: إما أن تقبلوا بجنيف ونتائجه ومهمة الاخضر ابراهيمي وتعديلاته على جنيف، أو اذهبوا نحو مزيد من غض الطرف عن القتل وانهيار الوحدة الرمزية سياسيا للثورة السورية، وصوملة سورية، وجنيف وفقا للتفسير الروسي اعتبار ما جرى عبارة عن حرب أهليه محدودة الثورة فيها هي المعتدية، وبالتالي عليها العودة لحضن دولة الأسد..تحت شعار بقاء الأسد لعام 2014 ودخوله الانتخابات الجديدة..لا أثر لأي شيئ آخر بمؤتمر جنيف..
في الواقع لا أحد من رموز المعارضة الذاهبين لعواصم الدول، يريد ان يقتنع بأن الموقف الدولي الآن لايريد تحقيق طموحات شعبنا في دولة ديمقراطية..وانا لاأزال مصرا على موقفي بأن اخطر خطوة تم اتخاذها من قبل المجلس الوطني هي انخراطه بالائتلاف الجديد..وقبوله بمبدأ روبرت فورد سفير امريكا في سورية واريك شوفاليية سفير فرنسا..هما بالذات يريدان إما استمرار العصابة الأسدية أو غض طرف عن جرائم العصابة ومزيد من دعم خيار الصوملة عبر تشتيت التمثيل السياسي للثورة، ما يسمعه رموز المعارضة من أغلب الدول عبارة عن وعود براقة ليس إلا..هذه الدول لا تريد انتصار العصابة دون تشكيل نظام سياسي جديد تكون هي جزء منه..ومحو أي أثر سواء كان رجعيا للثورة كالحديث عن تحويل رموز القتل إلى محاكم دولية او مستقبلي حتى، كأن تقوم دولة طبيعية دون استمرار العصابة او ذيولها..هذه المحصلة وهذه نتائج أي حوار مطروح..وهذا هو اتفاق جنيف بالجوهر..
فماذا نفعل؟ على المجلس أخذ زمام المبادرة من أجل مزيد من المأسسة وتوسيع شرعيته في الداخل، عبر التواصل الميداني مع الكتائب المقاتلة وتوفير الدعم لها من جهة، والتأكيد على طلب التدخل الدولي..فقط بهذا الاستراتيجية تستطيع المعارضة خدمة الثورة..وبغير ذلك سنرى مزيدا من الائتلافات بالأفق.. ومزيدا من التشدد في مواقف الكتائب المقاتلة على الارض ومزيدا من جرائم العصابة الأسدية. واختم بقول أوجهه للاستاذ ميشيل” إذا كان هنالك مجالا للحوار فلن يكون بدون قرار من مجلس الامن وفقا للبند السابع، يفرض انتقال السلطة لحكومة ديمقراطية منتخبة..بغير ذلك كله يعتبر التفافا على الثورة…
ايلاف