صفحات العالم

الخطر الآتي من الجولان

 

    رندى حيدر

تبدو التهديدات التي يطلقها القادة الإسرئيليون من آن الى آخر في اتجاه لبنان، وآخرها تلك التي صدرت عن وزير الدفاع موشي يعالون، أشبه بروتين إسرائيلي أكثر من كونها تستند إلى معطيات أمنية حقيقية، وذلك في ظل الهدوء الذي يسود الحدود مع لبنان منذ وقف اطلاق النار في آب 2006، وامتناع “حزب الله” لاعتبارات عدة عن استفزاز إسرائيل مباشرة وجرها الى مواجهة عسكرية جديدة.

لذا يمكن القول إن التركيز الإسرائيلي على مخاطر الجبهة الشمالية مع لبنان، والترسانة الصاروخية التي يملكها “حزب الله”، يصب في الاساس في خدمة ثلاثة أهداف: الوقوف في وجه التقليصات المالية التي يمكن ان تطاول موازنة وزارة الدفاع الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي من خلال تضخيم المخاطر الأمنية؛ وإبقاء الجهوزية العالية ضمن صفوف القوات الإسرائيلية المنتشرة على طول الحدود مع لبنان، ومنع انتقال الأسلحة المتطورة لدى نظام الأسد الى “حزب الله”.

لكن الخطر الحقيقي الذي يقض مضاجع القادة الإسرائيليين اليوم هو ذلك الآتي من الجولان، وخصوصاً بعد تراجع سيطرة الجيش السوري النظامي على المناطق المتاخمة للحدود، وسيطرة قوات المعارضة السورية ولا سيما منها التنظيمات الإسلامية الراديكالية القريبة من تنظيم “القاعدة”. وهكذا تبدلت الاقتناعات التي سادت إسرائيل والتي كانت ترى ان الحرب الأهلية في سوريا تخدم المصلحة الإسرائيلية لأنها تضعف قدرة الجيش السوري النظامي وتبعد شبح المواجهة العسكرية الجبهوية معه. إذ بدأ يتضح مع مرور الوقت ان تفكك سوريا وسيادة الفوضى وخصوصاً بالقرب من الحدود يصبان في مصلحة التنظيمات الإسلامية الراديكالية التي تسعى الى اقامة دولة إسلامية في سوريا وتحويلها مركزاً للجهاد العالمي ومنطلقاً لحربه الاقليمية.

لم تعد إسرائيل قادرة على الوقوف موقف المتفرج، وبدأت منذ الآن تستعد لمنع سيطرة الإسلاميين الراديكاليين على سوريا سواء بمشاركتها الفاعلة في النقاشات الدائرة في شأن تسليح المعارضة السورية، وبحثها اقامة مناطق أمنية على الحدود، وتعاونها الوثيق مع الأردن وتركيا.

ثمة اجماع في إسرائيل على ان الطرفين المتقاتلين في سوريا هما اليوم في حال تعادل، وان تردد الدول الغربية في تقديم الدعم للمعارضة العلمانية في مقابل تدفق المساعدات والاسلحة والمتطوعين على التنظيمات الإسلامية الراديكالية، انعكس سلباً على وضع اطراف المعارضة السورية الآخرين، وبات يهدد بتحويل سوريا الى عراق أو أفغانستان جديدة.

ويبدو واضحاً رفض إسرائيل المطلق قيام دولة إسلامية راديكالية بالقرب من حدودها. ولا يستبعد عدد من الخبراء الإسرائيليين أن يشكل سيناريو كهذا ذريعة لتدخل عسكري خارجي في سوريا لن تكون إسرائيل بمنأى عنه.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى