الخوف عند الأقليات
ابن البلد
هناك نوع من الخوف ذات البعد التاريخي لدى الأقليات والذي يستخدم اليوم من أجل أخذ هذه الأقليات كرهينة في مواجهة رياح التغيير، وتصعيد حالة الخوف أحد الأسلحة الأساسية لتعطيل العقل والمنطق وتمرير القصص والفبركات التي لا يمكن تصديقها في الحالات العادية، ولكن السؤال الذي يجب أن يقف عنده الأخوة في الأقليات: من المسؤول عن تصاعد حالة الخوف هذه لدى الأقليات؟
لماذا بعد 48 سنة من حكم حزب البعث العربي الإشتراكي نصل إلى هذه الدرجة من الإستقطاب الطائفي؟
ألا يعني ذلك الفشل الذريع في الحفاظ على الوحدة الوطنية التي يتباكون عليها حالياً؟
ولماذا بعد 40 سنة من حكم الأسد تعيش الطائفة التي ينتمي إليها بحالة قلق وخوف أكثر مما كانت عليه عند سيطرته على الحكم؟
ألم يكن من واجب الرئيس الأسد “الأب والأبن” العمل على توفير الظروف التي تلغي عوامل القلق والخوف لدى الأقليات وخاصة الطائفة التي ينتمون لها ؟
وإذا كانت الأقليات تشعر بالقلق والخوف أكثر في ظل هذه الظروف فمن هو المسؤول عن ذلك؟
هل هذا ناتج عن قصص السلفية والإمارات الإسلامية التي يرويها النظام؟
أم أن هناك سبباً آخر يجري التصريح عنه في الجلسات الداخلية ولا تتوفر الجرأة لمناقشته بالعلن وهو أن الغالبية العظمى من طائفة الأكثرية هي الآن بصف الانتفاضة ضد النظام وهو ما تحاول أدوات النظام أن تظهره بالوحش الذي إذا ما نجح سيأكل أبناء الأقليات؟
إن النظام لا تهمه لا الأقليات ولا الأكثرية ، له هم واحد الاستمرار في السلطة مهما كان الثمن ولكنه يستخدم الآن الأقليات كرهينة وكدرع بشري في حرب العنف المفتعلة لمواجهة التغيير وهذا يعتبر أكبر المخاطر على الوطن بكامله وعلى الأقليات بشكل خاص.
إن ما يحاول النظام أن يصوره للأقليات من أنه هو حاميها ، إنما في واقع الأمر وبالرؤية المستقبلية هو زج لها في مكان ليس مكانها وتعريض لها للمخاطر الكبرى.
إن تجنيب الصراع السياسي الجاري في البلاد من مخاطر الفتنة الطائفية تتطلب أن تنأى الأقليات عن الوضع الذي يحاول النظام وضعها فيه وكأنها حامية النظام ومصيرها مرتبط به.
إن الحالة التي توحي بأن النظام هو نظام للطائفة العلوية وأن مصير الطائفة مرتبط بمصير النظام هي من أشد الحالات خطورة على الطائفة العلوية وهي بنفس الوقت من أكبر المخاطر التي يسعى النظام لاستخدامها كسلاح طائفي لإجهاض الحراك الشعبي.
إن محاصرة مثقفي الطائفة العلوية المستقلين ومحاربتهم ودعم صورة المخبر والشبيح والمستفيد من أبناء الطائفة لهو من الإساءات التي يسببها النظام للطائفة الكريمة.
إن من الحكمة لأبناء الوطن ولأبناء الأقليات خاصة التفكير بشكل موضوعي مبني على أساس الإنتماء الوطني قبل الطائفي في تحديد إتجاهاتهم السياسية.
حتى ولو صدقنا قصص الإرهابيين والسلفيين ولكن كيف سنسير إلى المستقبل؟ هل هذه الطريقة من المعالجة الأمنية ستضمن مستقبل آمن للأقليات؟
إنه من غير المنطقي المراهنة على أن بقاء سلطة على رأسها أحد من الأقليات هو الضمانة لأمن هذه الأقليات والذي يثبت أنه غير صحيح وأنه لا يمكن أن يكون أبدياً وعندها ماذا سيحدث إذا لم يؤسس للمجتمع المدني الديمقراطي الذي يؤمن التداول السلمي للسطة والذي فشل هذا النظام بتحقيقه عبر 48 سنة.
إننا نتطلع إلى وطن تنتفي فيه حسابات الأكثرية والأقلية وتبقى المواطنة هي الأساس بمعزل عن الطوائف ويلتغي منه قلق ومخاوف الأقليات.
الفيس بوك