صفحات العالم

الدعوة الدولية تتجدّد لإبقاء الخلاف حول سوريا.. سياسياً


ثريا شاهين

يُلقي الوضع السوري بظلاله على مسار الأمور في لبنان، مع أنّ أكثر من جهة دولية نصحت اللبنانيين بأن يبقوا بعيدين عن الموضوع السوري، وأن يسعوا إلى تسيير شؤونهم بأقل الخسائر الممكنة، شريطة أن يكون الوضع الأمني خطاً أحمر، لأنه إذا عادت الأوضاع إلى التوتير فإنّ هناك خوفاً من الانزلاق إلى أوضاع أمنية صعبة ليست محصورة بمنطقة بل ستشمل العديد من المناطق.

وما يزيد الدول تمسكاً بهذه العناوين في ما خصّ لبنان، وفقاً لمصادر ديبلوماسية بارزة، هو أنّ الموضوع السوري مسألة طويلة زمنياً وأن ليس هناك حلّ داهم، وأنّ الخطة الوحيدة التي جرى التوافق حولها أميركياً وروسياً وعربياً هي خطة كوفي أنان على الرغم من الصعوبات والتعقيدات التي تواجهها، وليس هناك من بديل عنها، والوضع السوري كأنّه بداية لحرب أهلية في ظل عدم وجود قرار دولي للتدخّل إلاّ عبر مجلس الأمن إذا ما كان ذلك قابلاً للتطبيق بفعل الموقف الروسي الذي لا يزال على حاله.

والشهر المقبل، سيُبلغ أنان مجلس الأمن الدولي عن نتائج مهمّة المراقبين وما يواجهها، إن لناحية الوصول إلى المناطق والأخطار التي تحيط بالمراقبين نتيجة الاستهدافات الأمنية التي كادت تطالهم، وهم ليسوا مسلحين ولا يستطيعون المواجهة، ولا في أساس مهمتهم المواجهة.

هناك دائماً أمل لدى الغرب أنه بنتيجة مهمّة المراقبين ثمّة امكانية لاستصدار قرار عن مجلس الامن تحت الفصل السابع يجيز التدخل العسكري من أجل المساعدة الإنسانية. ومثل هذا الأمل، بحسب المصادر، يبقى رهن الموقف الروسي. وبالتالي ليس مستبعداً أن يتم التجديد لمهمّة المراقبين في سوريا مدة ثلاثة أشهر جديدة، ليكون ذلك على مقربة من الانتخابات الرئاسية الأميركية في بداية تشرين الثاني المقبل. على اعتبار أنّ لا شيء دراماتيكياً في التعاطي مع الملف السوري على المستوى الدولي قبل هذه الانتخابات. والموقف الأميركي يسانده الموقفان الفرنسي والبريطاني، في وقف المسار عبر مجلس الأمن أو في إعادة إطلاقه لاحقاً.

وتتذرّع الدول بتشرذم المعارضة السورية، ما يعوق بصورة أساسية حركتها ضدّ النظام. وهناك إجماع دولي، بحسب المصادر، على أن المعارضة ليست موحّدة وليس لديها استراتيجية ولا رؤية، ما يؤدي إلى تشجيع الدول لها على توحيد جهودها وقدرتها. وثمّة معطيات ديبلوماسية عربية وغربية تتقاطع حول أنّ الجهود التي تُبذل لتوحيدها ليست كافية، وأنّ التفاوت في وجهات النظر في ما بينها كبير وانتقاداتها لبعضها كبيرة، وأنّ أي خطوة لتوحيدها تحتاج إلى مجموعة شروط، لاسيما وأنّها رأس الحربة في المعركة ضدّ النظام، وهي مَن يقود الحملة ضدّه. لكن لا تعويل قوياً على المعارضة، مع الإشارة إلى أنّ الدول وصلت إلى نقطة اللاعودة مع النظام، لكن إذا ما بقيت المعارضة على هذا النحو، فمن الصعب أن تحقق شيئاً. والرهان في الموضوع السوري هو على انتظار ظروف دولية أفضل وعلى حل دولي، ثم على أمور مستجدّة تحصل في الجيش السوري.

كل هذه الأجواء المحيطة بالملف السوري، تؤدّي إلى استغراق المسألة وقتاً أكثر، وبالتالي لا يستطيع لبنان عزل نفسه نهائياً عن الواقع السوري. لكن المصادر تشير إلى أنّ بإمكانه رسم أدائه وفقاً لما يلي:

ـ عدم التورّط بالمعركة السورية الداخلية، والدول تتفهّم سياسة النأي بالنفس وهي تريد من لبنان عدم التورّط، وفي هذا مصلحة للجميع.

ـ هناك رغبة دولية بأن يحيّد لبنان نفسه عن المشكلة السورية، وأن لا يتم السماح بتصدير المشكلة السورية إلى لبنان، وتدعو الدول إلى أن تبقى الخلافات في الموقف السياسي بين اللبنانيين حول الموضوع السوري في الاطار السياسي، وأن لا تتحوّل إلى الاطار الأمني.

ـ ليس لدى أي جهة مصلحة في أن يعود لبنان إلى حالة الاضطرابات الأمنية، والحوادث والفتن، وهناك دعوة إلى الحفاظ على الاستقرار، وأنّ عزل لبنان عن المشاكل السورية يؤدّي إلى أن يكون انعكاسها عليه بأقل حد ممكن.

ـ انّ هناك تخوّفاً إذا ما استمرت المعادلة الراهنة في سوريا لمدة طويلة، أن يتم خلق مشاكل متعدّدة في لبنان، منها ما يتّصل بالحدود وزيادة أنواع الخروق، أو توتير متنقّل داخل الأراضي اللبنانية أو استعمال هذا الواقع لتحويل الوضع اللبناني إلى باب لتصفية الحسابات السياسية، ما يؤثر سلباً على استقراره وأمنه. وإذا ما وُجدت ثورة شعبية لبنانية ضدّ ما يحصل حيال الشعب السوري، فيجب التعامل معها بحكمة سياسية.

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى