الدين لله والوطن للجميع ليس شعار انتفاضة سوريا فقط بل نهجها
فاضل الخطيب
يدور حديث حول شريط فيديو يُظهر شيخ جامع يخطب سموماً طائفية عدوانية مرفوضة من كل عاقل، وكذلك خبرٌ عن أحد شيوخ الدين السعوديين الكبار يتحدث فيها عن فتوى ابن تيمية سيئة الذكر والتي تُكفّر بعض المذاهب الإسلامية. وكلا الخبرين يُشكّل طعنة في خاصرة الانتفاضة السورية، والتي أظهرت لحمة وطنية عالية جداً في شعاراتها ومشاركة كافة مكونات شعبنا فيها.. إن تاريخ سوريا خلال القرون الأخيرة يعطي الأجوبة، رغم أن عصرنا هذا تخطى لحيدان وحديدان وبن تيمية، التاريخ لا يعود للوراء، ومن يعتقد أن أمثلة الصومال وأفغانستان تستقيم في سوريا يجهل قراءة التاريخ والتطور الاجتماعي. لكن ما هو الحل لتخطي تلك الأصوات النشاز؟ ترميم نظام الأسد ودعمه؟ أليس بهذا إعطاء الحجج للسلفيين وخطابهم الذي لا يخدم إلاّ النظام القمعي؟ وقد استعملهم نظام بن علي ومبارك والقذافي وصالح، وليس سراً أن بعضهم يتعامل مع الأمن كالرجل الشيخ صاحب الفيديو والذي قدّم مناضلين من المنتفضين للأمن، وقد استغل النظام تلك الأصوات عدة مرات ومنها التفجيرات ضد السفارات قبل سنوات قليلة.. نحن نعتمد المواقف الرسمية لأخوتنا في الوطن والذين لهم مكانة اجتماعية معروفة بين طوائف الوطن، ونعرف أنه عند كل نبات غضّ توجد الحشرات عند جذوره. ولنا في تاريخنا أمثلة كثيرة على اللحمة الوطنية، وقد تناشد أبطال الثورة السورية الكبرى لإعلان الدرزي سلطان الأطرش قائداً عاماً -رغم أن الدروز كانوا آنذاك يُشكلون حوالي 3% من عدد سكان سوريا-، وبعد الاستقلال نجد مسئوليات كبيرة في الدولة والجيش كانت تُشغلها شخصيات تنتمي لمذاهب وقوميات صغيرة العدد، وكانت برضاء الجميع ولم تكن هناك شكوك في مصداقية أو أحد منهم -باستثناءات نشاز قليلة كانت وستكون من كل المذاهب-، وأعتقد أن مسألة التعايش والعيش المشترك هي مهمة ومسئولية مشتركة لجميع أطياف ومكونات مجتمعنا بلا استثناء. أعتقد أنه أمامنا طريقٌ واحدٌ هو العمل على الطلاق بنظام الأسد نهائياً، تدعيم العلاقة مع المكونات المذهبية الأخرى، تطوير خطابنا بشكل عام وخاصة السياسي، تثقيف رجال ديننا أكثر، البحث دائماً على القواسم المشتركة وتدعيمها، العمل على توطيد وتطوير المفاهيم العلمانية ومؤسسات الدولة…إلخ. وهذا يحتاج جدية من قبل النخبة المثقفة والدينية بين كل الطوائف، رجال الدين ليسوا سياسيين ودعمهم للأسد ونظامه هو غلط ومرفوض، وتعاطيهم السياسة مستقبلاً خطأ، هناك أمور بحاجة إلى حوار أوسع. أعتقد أن نظام الأسد أساء إلى الأقليات المذهبية أكثر بكثير مما أفاد. مرحلة الخمسينيات من القرن الماضي فيها أدلة حضارية على التعايش المشترك. نحن هنا موجودين في سوريا، وهمنا أن يبقى الهمّ السوري هو الذي يوحدنا، ونستطيع بخطابنا كبح كثير من المتطرفين. خطابنا نحن أيضاً يلعب دوراً إيجابياً أم سلبياً. نحن مصيرنا ووجودنا ومستقبل أحفادنا مرتبط مع المكونات السورية الأخرى وليس مع العائلة الفاسدة الدموية، هذا قدرنا، ولا هروب منه، ولا أحد يحمينا، ولا تكون حمايتنا بقمع غيرنا، علينا إيجاد اللغة الذكية والتعامل المقبول، الأسد ما بيقدر يحمي “طرفه” بدو يكون حامينا؟ العار أن يكون الأسد هو سد أحدنا ضد اللحيدان أو الأصوات الشاذة في سوريا، رجال الدين من كل الطوائف لعبوا دوراً غير صحيح، كان عليهم أن يبقوا بدون سياسة ليكونوا اللحمة التي يجب دفعها لتبرير تحالف النخب السياسية مع النظام.. رغم ذلك أعتقد أن الأمور ليست بهذه الضبابية، ووجود أصوات هنا وهناك لا يحدد روح الشارع الذي تعكسه لحمة شعبنا خلال الاتنفاضة. إن الأصوات القليلة جداً والمرفوضة من الجميع هي نتيجة لسياسة وممارسات النظام الاقصائية. وسقوط نظام العائلة سيسحب البساط من تحت تلك الأفراد، سيزول مبرر وجودها..
فاضل الخطيب، 24/4/2011