الذهب:مؤشر الحرب السورية/ مروان أبو خالد
إنخفضت أسعار الذهب نسبياً في السوق السورية بعد أن هدأت طبول الحرب على وقع المبادرة الروسية بشأن مسألة السلاح الكيماوي في سوريا، لتصل قيمة غرام الذهب من عيار 21، يوم أمس، الأربعاء إلى 8000 ليرة سورية، وغرام الذهب من عيار 18، الى 6857 ليرة.
يأتي ذلك بعد أن أدت التهديدات الأمريكية لوصول سعر غرام الذهب من عيار 21 لـ 9000 ليرة، و 7714 ليرة للغرام من عيار 18 مع نهاية الأسبوع المنصرم، علماً أنه برغم هذا الإنخفاض، تبقى هذه الأسعار أعلى من مثيلتها خلال الفترة نفسها من شهر آب الماضي حيث كان سعر غرام الذهب عيار21، 7400 ليرة، وسعر الغرام عيار 18، 6242 ليرة.
لاشك بأن هذا الإنخفاض مؤقت وليس دائما، فالتهديدات الأمريكية بشن حرب قد تعود مجدداً في حال لم يتم الإتفاق حول المقترح الروسي. كما أن إستمرار الحرب التي يشنها النظام منذ عامين وما رافقها من ظروف الإنهيار الإقتصادي والإنخفاض في قيمة الليرة السورية، تدفع بالكثيرين، لاسيما من فئات الميسورين لتبديل مدخراتهم بالذهب خوفاً من تآكلها إذا ما بقيت بالليرة السورية، مما يعني إستمرار الزيادة في أسعار الذهب مع إزدياد الطلب، سيّما أن المتاجرة بالذهب قد أصبحت ميداناً خصباً لتجار الأزمات الذين يشترون كميات من الذهب، ويخفونها، منتظرين إرتفاع الأسعار ليبيعوها حينها بهدف تحقيق هوامش ربح إضافية.
يضاف الى ذلك، أن أسعار الذهب في سوريا تحددها جمعية الصاغة بناءً على السعر العالمي من جهة، وسعر الدولار في السوق من جهة أخرى، فإنخفاض أو إرتفاع الليرة مقابل الدولار، ينعكس على تسعيرة الذهب في السوق بمعدل 44 ليرة للغرام، وبالتالي فإن إستمرار المضاربات على الدولار، أدت وستؤدي الى رفع سعر الذهب مجدداً.
زيادة الطلب على الذهب تقتصر على شرائح الأغنياء وتجار الأزمات الراغبين بالمضاربة، في حين يكاد ينعدم الطلب تماماً عند الغالبية العظمى من أبناء الشعب السوري، بعد أن دفعوا تكلفة الحرب من جيوبهم وأرزاقهم. وفي ظل التضخم الحاصل في السوق، فإن مداخيلهم لا تسمح لهم بشراء الذهب، كونها في الأساس لا تسد حاجات إستهلاكهم. لهذا يلجأ المتزوجون الجدد، على سبيل المثال، الى شراء الذهب البرازيلي والهندي بدلاً عن الذهب الأصلي، نظراً لسعره المنخفض مقابل أسعار الذهب الأصلي.
يذكر، أن الحرب التي يشنها النظام منذ عامين قد أدت لإغلاق من60 الى 70% من متاجر ومشاغل الذهب والحلي والصاغة في دمشق. وفي ريف دمشق، تسببت ظروف الحرب والأعمال العسكرية العنيفة بإغلاق حوالي 1000 محل لصاغة الذهب. وأفادت الجمعية الحرفية للصياغة بأنه لم يبقَ سوى 200 حرفي يعملون في مهنة صناعة الذهب في حلب، من أصل 1200 حرفي، بسبب ظروف التدهور الإقتصادي والأمني الذي تعيشه المدينة.
الملاحظ أن عمليات إفلاس المشاغل والصاغات الصغيرة العاجزة عن المضاربة ستستمر خلال الفترة القادمة، في الوقت الذي سيبتلع فيه كبار التجار المرتبطين بالحكومة سوق الذهب كلياً، لاسيما أن بعض التقديرات قد أثارت لعاب تجار الأزمات للمضاربة، حيث أشارت إلى إمكانية وصول سعر غرام الذهب عيار21 الى حوالي 15 ألف ليرة سورية.
وفي السياق، سمح البنك المركزي في منتصف آب 2013، باستيراد الذهب الخام معفى من جميع الرسوم المترتبة على عملية الإستيراد، وذلك مقابل رسوم مالية حددت بـ 100 دولار لكل كيلو غرام من الذهب، في محاولة من الحكومة للحصول على إيرادات جديدة تغطي الخسائر الإقتصادية المتزايدة وتكاليف النفقات العسكرية. مع العلم أن الذهب الخام في معظمه كان يصل عن طريق التهريب، وقد قدر حجم الذهب المهرب بـ 360 طنا سنوياً، أي قرابة طن ذهب كل يوم، وهذا ما يعادل تقريبا 14 ضعف إحتياط الذهب لدى المصرف المركزي.
تمتلك سوريا إحتياطاً من الذهب يقدر بـ 25.8 طن، يمثل نحو 7.1% من إجمالي إحتياطاتها. لكن تقرير مجلس الذهب العالمي سجّل تراجع سوريا الى المرتبة 56 في إحتياطي الذهب العالمي، والى المرتبة الثامنة عربياً خلال العام 2013، بعد ان إحتلت المرتبة 55 عالمياً، والسابعة عربياً وفقاً لأرقام العام 2012.
المدن