صفحات العالم

السعودية والمسألة السورية –مجموعة مقالات-

 

 

 

 

ماذا تعني عودة الروس؟/ طارق الحميد

يعقد وزير الخارجية الروسي اجتماعًا ثلاثيًا مع نظيريه السعودي والأميركي في قطر، أمس واليوم، وبحسب الخارجية الروسية، فإن الاجتماع سيناقش جهود السلام في سوريا واليمن وليبيا والتحالف ضد «داعش»، واستقرار الخليج. واللافت في البيان الروسي هو عدم الإشارة لاتفاق إيران النووي، فما الذي يمكن أن يقدمه الروس للمنطقة عبر البوابة الخليجية؟

بالنسبة لليبيا، فهي تعاني إهمالاً دوليًا، وعدم جدية عربيًا، مثلا، تعالج السعودية أمنها القومي، بل والخليجي والإقليمي، في اليمن، وبتحالف خليجي – عربي، وبدعم دولي، كما تباشر تركيا حماية محيطها الأمني بالحدود السورية الآن، بينما لا تحرك مصريًا فاعلا تجاه الأزمة الليبية للحظة، وربما لأسباب مختلفة داخليًا وخارجيًا في مصر، وذلك لتأمين عمقها الأمني من ناحية ليبيا، وهو الأمر الذي يتطلب تحالفًا مصريًا عربيًا، وغطاءً دوليًا، وكما حدث في اليمن، والآن في سوريا بالنسبة للأتراك، ومن غير المعلوم ما الذي يمكن أن تقدمه روسيا فعليًا بهذا الملف!

يمنيًا، هناك تطورات حقيقية على الأرض، أهمها عودة نائب الرئيس اليمني ورئيس وزراء الحكومة الشرعية خالد بحاح إلى عدن، ولهذه العودة دلالات، وتمثل ضربة للحوثيين وعلي عبد الله صالح، وحليفهم الإيراني. صحيح أن الطريق طويل باليمن، لكن المعادلة باتت تتحول ضد الانقلابيين الحوثيين، ولا يظهر للآن ما هو الدور الروسي هناك، وما هي أدوات نفوذه، ومهما حاول صالح والإيرانيون منح موسكو دورًا باليمن، فالواضح أن الجهد الروسي سيكون مجرد وساطة. وعندما نقول إن هناك محاولات لمنح روسيا دورًا باليمن، فمن اللافت، مثلا، وجود شخصيتين يمنيتين محسوبتين على صالح بالطائرة نفسها التي أقلت رموز نظام بشار الأسد؛ وليد المعلم، وبثينة شعبان، وفيصل المقداد، إلى روسيا أخيرًا، واليمنيان هما عارف الزوكا، وياسر العوضي! ولذا فمن الواضح أن هناك دفعا من صالح، والحوثيين، وربما من الإيرانيين، لمنح دور لروسيا باليمن، إلا أن الأوضاع على الأرض هناك تسير عكس ما يتمناه الانقلابيون الحوثيون، وحلفاؤهم، ولذا فمن المتوقع أن يكون الدور الروسي باليمن لحفظ ماء الوجه لإيران، وحلفائها، وكذلك محاولة ربط المسار اليمني بالسوري!

وعليه، تبقى القضية الشائكة وأهم قضايا منطقتنا حاليا، وهي الأزمة السورية، تمثل مفتاح الحل بالمعركة ضد «داعش»، وكسر النفوذ الإيراني بالمنطقة، وقبل هذا وذاك وضع حد لجرائم الأسد، وما لم تُعالج الأزمة السورية، فإن قضية «داعش»، ومحاربة الإرهاب، لن تنجح، بل إنها مضيعة للوقت، والجهد والأرواح، وسيظهر بعد «داعش» دواعش آخرون أكثر سوءًا. وإذا أرادت روسيا فتح صفحة جديدة مع الخليج، ولعب دور أكثر فعالية، فيجب أن تكون سوريا نقطة الانطلاق، والمحك الفعلي لاختبار جدية الروس. فالحل الحقيقي لمحاربة الإرهاب، وقطع التمدد الإيراني، وإعادة التوازن بالعراق، في سوريا، وليس أي مكان آخر.

إعلامي و كاتب سعودي ورئيس تحرير سابق لصحيفة “الشّرق الأوسط”

الشرق الأوسط

 

 

 

«كيري – لافروف» في الخليج: وبدأ العد التنازلي لإنهاء اللعبة في سوريا

ما يمكن استخلاصه من زيارة وزير الخارجية «جون كيري» ووزير الخارجية الروسي «سيرجي لافروف» الأخيرة إلى منطقة الخليج هو أن الولايات المتحدة قررت التخلي عن النهج الضيق لمفهوم «الدولة الإسلامية أولا»، وتبنى سياسة أوسع تشمل محاربة «الدولة الإسلامية» في جهد شامل استنادا مبني على التحرك، وعلى محمل الجد لتغيير ميزان القوى على الأرض في سوريا، وبالتالي دفع الحل السياسي إلى الأمام.

ومن الناحية النظرية، فإن تركيا تقدم للمعارضة السورية الأسلحة التي يحتاجون إليها، كما بدأت في تنفيذ خطة لإعادة هيكلة أجزاء وقطع من التمرد السوري في الشمال. وببساطة، فقد أخذ الأتراك مفاتيح شمال سوريا بموجب صفقة من شأنها أن تضعف كلا من «الدولة الإسلامية» و«بشار الأسد». وفي المقابل، سيتم منع حزب العمال الكردستاني من المناطق التي ليست لهم تاريخيا على أي حال.

التوليف بين خطة الولايات المتحدة «الدولة الإسلامية أولا» ونظيرتها التركية «الأسد أولا» هو أساس الاتفاق الثنائي الذي هو في الواقع لا يزال في طور التقدم. وبالنسبة للأتراك، فإن ظهور حزب العمال الكردستاني التابع لوحدات حماية الشعب قد غير موقف أنقرة إلى «الأسد وحزب العمال الكردستاني أولا» وجعل من الممكن بالنسبة للولايات المتحدة، فيما يتعلق باستراتيجيتها «الدولة الإسلامية أولا»، أن تدفع الأتراك لقبول الجمع بين كافة الاستراتيجيات. وحصل الأتراك على نصف استراتيجيتهم كمقدمة للنصف الثاني. وعلى ما يبدو من محادثات «كيري» الخليجية، هناك خطوات جادة لتقديم الشطر الثاني: «بشار الأسد».

جوهر التحول في الموقف تجاه سوريا يمكن إيجازه في نقطتين:
الأولى هي أن العرب وافقوا على قبول شيء أقل من لعبة محصلتها صفر. ولن يتم إخضاع مناطق «الأسد» وحزب الله وإيران في غرب سوريا بالقوة لحكم الأغلبية في دمشق. وبدلا من ذلك، سيكون لديهم قطعة نسبية من كعكة الحكومة المركزية.

والثاني هو أن كل هذه الأشياء لا يمكن أن تتحقق من دون خريطة طريق واضحة وجهود الجماعية للحصول على مشاركة «الأسد» وإيران. وللقيام بذلك، فإن ميزان القوة عليه أن يتحول، وهي العملية التي بدأت بالفعل.

وقد عادت الولايات المتحدة إلى مفهومها الأولي المتمثل في تغيير ميزان القوى لفرض حل سياسي على «الأسد» ومؤيديه. إن واشنطن لم تتخل تماما عن هذا المفهوم، ولكن بدت في الماضي القريب غير مهتمة بمتابعة ذلك بالقوة المطلوبة. الآن، وفي الوقت الذي لا توجد فيه مفاوضات نووية مع إيران، يبدو أن واشنطن قد قررت التحرك بقوة لتنفيذ المبدأ الأولي حيث هناك تقسيم معقد للعمل مع الحلفاء الإقليميين والدوليين لجلب «الأسد» إلى طاولة المفاوضات للحديث عن مستقبل سوريا من دونه وعصابته.

وهناك تكهنات بأن طهران أدركت أنها تواجه في الواقع مأزقا استراتيجيا في سوريا، وأنها تناقش حاليا إبرام صفقة. جوهر الصفقة هو تنظيم عملية انتقال تقترن مع الاقتراح الروسي. رحيل مخطط له للأسد، والقتال المشترك ضد «الدولة الإسلامية»، والحفاظ على حقوق العلويين في المناطق التي يتركزون بها. ولا يوجد أي دليل على أن طهران توصلت إلى قرار بعد.

كانت الركائز الأساسية لمحادثات الدوحة كالتالي: 1) رفض سيناريو تقسيم سوريا، حيث أنه سيخلق المزيد من عدم الاستقرار، ويخلق حالة لا نهائية من الحرب، 2) اعتماد المعايير التي وضعتها المبعوث الخاص للأمم المتحدة «ستيفان دي ميستورا» و موسكو، 3) العمل على ترسيم الحدود بشكل غير رسمي لمناطق النفوذ، 4) التفاوض بشكل منفصل لأول مرة مع لاعبين من العرب السنة والإيرانيين لتحديد الوضع النهائي لهذه المناطق من النفوذ، في حين يفتح الباب للمحادثات المباشرة في وقت لاحق (أشبه باتفاق الطائف)، 5) الانتخابات العامة في سوريا مع تفاهم مسبق بأن «الأسد» لن يتم تشغيله وأن الحكومة الجديدة سوف تشمل ممثلين عن جميع مكونات المجتمع السوري.

(اتفاق الطائف كان بمثابة اتفاق أنهى الحرب الأهلية اللبنانية. وكان يقوم على تقسيم غير رسمي للبلاد إلى مناطق سيطرة طائفية وسياسية “طبيعية” جنبا إلى جنب في ظل حكومة مركزية مقسمة بين الطوائف).

ولكن مثل هذه الاستراتيجية تتطلب موافقة نهائية من جانبي الحرب على هذه الخريطة للطريق في سوريا؛ حيث يحصل كل قيصر على ما هو له، وتحصل سوريا على السلام. ويأتي مفهوم الطائف مفيدا في هذا السياق. وما حدث في الدوحة هو في الواقع خطوة أولى نحو مناقشة جادة حول تفاصيل هذه الصفقة.

ويستند مفهوم موسكو على بناء تفاهم إقليمي من شأنه أن يساعد في مواجهة الإرهاب. وإذا نجحت هذه الخطة، فإن انعقاد مؤتمر إقليمي يجمع كل الأطراف ذات الصلة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وإيران وتركيا والأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا، هو جوهر الجهود الروسية الجارية.

تركيا متحمسة. وفي طريق عودته من الصين، قال الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» هذا القول على موقف موسكو: «موقف بوتين الحالي تجاه سوريا هو أكثر تشجيعا من ذي قبل. اجتماعنا في باكو وبلادنا بعد محادثة هاتفية ترك لي انطباعا بأنه في طور تغيير موقفه. وقال انه لم يعد يرى أن روسيا ستدعم الأسد حتى النهاية. أعتقد أنه يمكن أن تتخلى عن الأسد».

وقال «كيري» في نيويورك، قبل أن يغادر مباشرة إلى جولته في الشرق الأوسط، إنه يأمل أن إيران ستنضم إلى مجموعة، تضم دولا إقليمية وأخرى دولية، تحدد الآن مستقبل سوريا «في مرحلة لاحقة».

لكن هذا يتطلب يدين تبادران بالموافقة والترحاب. فهل ستوافق إيران؟ وعند أي نقطة في تحول موازين القوى؟

هناك نوعان من الخيارات المتاحة لمعسكر الإيرانيين وحزب الله و«الأسد». الأول هو محاولة عرقلة الترتيب العربي الأمريكي الروسي. والثاني هو أن توافق على أن تكون من جهة ثانية محل ترحيب بها. وأغلب الظن أنهم سيحاولون تحقيق الأولى قبل الوصول إلى الثانية. الجميع يفعل.

ويحاول النظام السوري ومؤيديه بشكل جادي تحسين مواقعهم على الأرض والمماطلة لفترة أطول. أي هجوم مضاد تم شنه من جانب «الأسد» وأنصاره في الأسابيع الأخيرة. الزبداني، على سبيل المثال، هي مجال اشتباكات المعارضة وحزب الله التي لا هوادة فيها للسيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية. ويشن النظام هجمات مضادة على العديد من الجبهات الأخرى في وقت واحد. وتحدث هجمات مرتدة في منطقة حلب والغاب وجسر الشغور وحتى تدمر.

ولذلك؛ فإن معسكر طهران «الأسد» في محاولة لتحسين حصته في صفقة الطائف. ولكن عند نقطة واحدة، سوف تتخلى طهران عن القتال والاندفاع إلى طاولة المفاوضات. متى يحدث ذلك؟ وفي لحظة خطوط التماس، التي تجري مناقشتها، يستقر هناك نوع من التكوين “الطبيعي”. وبدأنا بالفعل أن نرى في شمال سوريا. سوف يستغرق قدرا كبيرا من الوقت والكثير من القتال من أجل التوصل خطوط التماس شبه مستقرة. وبعبارة أخرى، فإنه سوف يزداد سوءا قبل أن يتحسن.

وسوف تقوم إيران والأسد بتحويط رهاناتهم من خلال تعزيز سيطرتهم على المناطق التي هي في معظمها علوية أو حتى التي تعتبر استراتيجية لحزب الله. أحد الأمثلة المعبرة على الأرض ظهار بوضوح في الزبداني. وكانت أحرار الشام تضغط في القرى الشيعية في ريف إدلب من أجل إجبار حزب الله على تخفيف الضغط على الزبداني، وهو أمر مهم لحزب الله وإيران. وقررت طهران التفاوض مع أحرار الشام. الشيء المضحك هو أن الوفد الإيراني طالب مقدما أن يترك السنة الزبداني تماما ويعرض سعر جغرافي مرتفع في مقابل هذه المدينة الاستراتيجية في مكان آخر. ورفض أحرار الشام. ولكن يظهر هذا المثال بوضوح أن هدف ايران هو العمل على خيار التقسيم كخط افتراضي في حالة إصرار العرب على خطة لعب لا ترغب بها طهران.

لقد فهم الإيرانيون ذلك في نهاية اليوم، وسوف يكون التقسيم تحت أي اسم آخر، المعركة الآن بين الخطة (ب) لإيران التي شرحناها في مرات سابقة على ميدل إيست بريفينج، وخطة المعارضة السورية (أ)، والتي تقضي بإخلاء أرضهم من أي وجود إيراني والحفاظ عليه موحدا. وسوف تساعد المعارضة إلى حد كبير في تعديل خطابها السياسي ووضعه على أساس الوحدة الوطنية والتعددية التي كانت دائما سمة من سمات الثقافة السورية.

وعلى الصعيد العالمي، يمكن للإيرانيين الحصول على صفقة أفضل الآن، في حين لا يميل ميزان القوى بشكل حاسم لصالح التحالف القوي الذي للتو تم تشكيله. ولكن في كثير من الحالات، تحمل الناس على مطاردة ذيولها الخاصة.

وسوف تسير الأمور بصورة أكثر أو أقل في هذه الدورة، وهذا يتوقغ على ما إذا كان الايرانيون سيقومون بمفاجأة خاصة من أجل قلب الطاولة رأسا على عقب. فكر في العراق ولبنان والبحرين أو شيء من هذا هم يعرفون ونحن لا نعرف. إن الإيرانيين محاصرون في سوريا. وأي شخص قد يصبح مصدرا للخطر في حالة حصاره. هل من نقطة تحول في قواعد اللعبة؟
المصدر | سمير التقي وعصام عزيز – ميدل إيست بريفينج

 

 

 

الأسد يلعب.. والآخرون يضيعون الوقت!/ طارق الحميد

أقل ما يمكن قوله الآن عن الأزمة السورية أن بشار الأسد يمارس اللعب، بينما يضيع الآخرون الوقت، والأرواح، والفرص، لحماية ما تبقى من سوريا، وأمن المنطقة. وهذا ما يظهر من خلال ما نشر للآن بعد المفاوضات الثلاثية، الخليجية الأميركية الروسية، في قطر حول سوريا.

الواضح أن هناك تطورات دبلوماسية تكشفها جملة من التصريحات المتضاربة، خصوصا الأميركية والروسية. الآن عملية إضاعة الوقت بسوريا ما زالت مستمرة، بينما يستمر الأسد في القتل، والتلاعب. فبينما أعلنت واشنطن عن سماحها للقيام بغارات جوية للمساعدة في صد أي هجوم ضد المعارضة التي تلقت تدريبات على يد الأميركيين، حتى لو كان الهجوم من قوات موالية للأسد، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن من شأن تلك الغارات أن تعقد جهود القتال ضد «داعش»، قائلا إن هذا الوضع «مخالف للقانون الدولي، ويمثل عقبة في طريق تشكيل جبهة موحدة لمكافحة الإرهاب»! بينما يقول وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وهو محق، إن وحشية الأسد هي ما جلب الجماعات المتطرفة إلى سوريا. وعليه، فإذا كان كيري يقول ذلك، ويدركه، فلماذا كل هذا الانتظار، والتسويف؟

وبالنسبة للروس، فكيف يمكن اعتبار الأسد طرفا بدحر «داعش» وهو يواصل ارتكاب كل هذه الجرائم، ويستعين بالميليشيات الشيعية الإرهابية، من حزب الله، وغيره؟ والسؤال للروس أيضًا: هل كان «داعش» موجودا بسوريا قبل عامين، أو منذ انطلقت الثورة بشكل سلمي.. أم أنه ظهر بعد حماية الروس للأسد، سياسيا وعسكريا، وتدخل الإيرانيين، وبعد أن أطلق الأسد، ونظام العراق وقت نوري المالكي، قيادات إرهابية هي من يقود تنظيم داعش حاليا؟ بل ومتى سمعنا عن استهداف الأسد لـ«داعش» بشكل جدي؟

الأكيد أن «داعش» هو نتاج جرائم وخبث الأسد، لكنه أيضًا، أي «داعش»، نتاج الإهمال الدولي بالعراق وسوريا، ولكل منهما تفصيل مختلف. ولذا فلا يمكن القول بأن الأسد حليف ضد الإرهاب، لأن ذلك مثير للسخرية، وبمقدار السخرية التي يثيرها قول المتحدث باسم البيت الأبيض بأن «نظام الأسد ملتزم بالنصيحة التي قدمناها له بعدم اعتراض أنشطتنا داخل سوريا»، فهذا طبيعي لأن الأسد لا يفهم إلا لغة القوة، ولو أنذره الأميركيون، مثلا، افعل كذا وإلا تحركنا، وضمن إطار زمني محدد، لرأينا واقعا آخر، وليس ما يردده الوزير كيري بأنه لا حل عسكريا بسوريا، التي كل ما يحدث فيها الآن هو عمل عسكري عدواني، وجرائم ترتكب من قبل الأسد، وإيران.

ولو كان هناك تحرك دولي فاعل لتوحيد المعارضة السورية، ولجم المتطرفين، وذلك عبر دعم نوعي حقيقي للجيش السوري الحر، لرأينا تغييرات حقيقية، أولها رضوخ الأسد، وحلفائه، للتعاطي بجدية مع الحلول السياسية، وعدا عن ذلك فإن الأسد يلعب، والآخرون يضيعون الوقت، والأرواح، والفرص!

الشرق الأوسط

 

 

 

لماذا حصل لقاء جدة؟/ خالد الدخيل

تأخرت السعودية في إعلان روايتها عن اللقاء الذي جمع مسؤول الجهاز الأمني للنظام السوري، علي المملوك، مع مسؤولين سعوديين في مدينة جدة. لكنها حسناً فعلت عندما قررت أخيراً إعلان هذه الرواية كما جاء في صحيفة «الحياة» أمس. السؤال: لماذا تأخرت السعودية؟ ولماذا سارع النظام السوري بتسريب خبر اللقاء إلى صحيفة لبنانية قبل أكثر من أسبوع؟ يعكس التأخير من ناحية، والمسارعة من ناحية أخرى، حقيقة الخلفية السياسية لموقف طرفي اللقاء. على الجانب السعودي كانت الرياض قبل لقاء جدة، ولا تزال بعده على قناعتها بأنه لا حل في سورية مع بقاء الأسد. ومهما قيل عن اعتبارات هذا الموقف، يبقى أن مأساة سورية أثبتت أن الأسد يفتقد أدنى حد من مسؤولية القائد أمام شعبه. فهو من دفع الأمور في سورية إلى ما هي عليه الآن، وارتبط اسمه وحكمه بآلة قتل جهنمية ضد شعبه تسببت بقتل أكثر من ربع مليون سوري، وتهجير أكثر من نصف السكان بين منافي الداخل والخارج، فضلاً عن دمار طاول الشجر والحجر في كل أنحاء سورية. وكل ذلك لهدف واحد، هو بقاؤه في الحكم. ولا يمكن للسعودية في هذه الحالة، وبعد كل ما حصل، تسويق تغيّر في موقفها، خصوصاً أمام الشعب السوري، من مسألة بقاء الأسد كجزء من مستقبل سورية في حل سياسي بات الجميع على قناعة بأنه المخرج الوحيد للمأساة.

يتمثل الفارق الرئيس بين التأخر السعودي والمسارعة السورية في فكرة أنه كانت هناك مبادرة حصل على أساسها اللقاء، كما تقول الرواية السعودية. حضور هذه المبادرة في الرواية السعودية وغيابها عن رواية التسريب السوري هو ما يعكس جوهر موقف كل منهما. تقول السعودية إن الفكرة الرئيسة للمبادرة تمحورت حول ترك تقرير مصير الرئيس السوري للشعب السوري من خلال انتخابات رئاسية وبرلمانية تحت إشراف الأمم المتحدة. ولضمان هذه الصيغة اقترحت السعودية خروج كل الأطراف الأجنبية من المشهد السوري، بما فيها الميليشيات التي تتبناها وتسلحها إيران، لجعل الحل السياسي المنشود سورياً خالصاً. انطلاقاً من ذلك، قال السعوديون للروس أثناء التحضير للقاء جدة إنهم يقبلون بالنتيجة التي سيسفر عنها هذا الحل مهما تكن، شريطة أن يقبل الإيرانيون بها أيضاً. في هذه الحالة، ليس من مصلحة الرياض تسريب خبر اللقاء قبل التوصل إلى اتفاق نهائي بضمانة روسية، ودولية، يضع الحل السياسي عملياً على المسار. وحقيقة أن السعودية هي صاحبة المبادرة، تؤكد أن السعوديين يشتركون مع الجميع – طبعاً عدا «محور الممانعة» – في أن الدعم الإيراني هو الذي يبقي على الأسد، وأن ترك مصيره للشعب السوري في إطار مرحلة انتقالية بضمانات دولية هو الخيار السياسي الوحيد المتاح الآن، فضلاً عن أنه التزام قانوني بحق هذا الشعب في اختيار من يحكمه بعد كل المآسي التي مرّ بها تحت مظلة نظام الأسد نفسه وليس سواه.

على الجانب الآخر، قناعة رئيس النظام السوري بأن الأمر، كما يردد دائماً، على العكس من ذلك تماماً. الأولوية الوحيدة بالنسبة إليه تتمثل في ما يسميه «محاربة الإرهاب»، أو محاربة المعارضة التي تسعى إلى إسقاطه. بعبارة أخرى، وافق الرئيس السوري على لقاء جدة أملاً في أن يوسع المظلة التي يحتمي بها بحيث لا تقتصر على إيران. هل وافق الأسد على إرسال من يمثله إلى جدة أملاً في إقناع السعودية بأن تكون جزءاً من هذه المظلة، أو على الأقل أن تتخذ موقفاً محايداً من الأحداث؟ هذا يعتمد على ما قاله له الروس أثناء التحضير للقاء. اللافت في هذا السياق أن التسريب السوري لخبر اللقاء لم يذهب أبعد من ذلك. لم يأتِ على ذكر أن اللقاء تناول أي مقترحات أو مبادرات. في الوقت نفسه نفتقد الرواية الروسية لما حدث قبل وأثناء اللقاء. وحتى كتابة هذه المقالة، لم يصدر أي تعليق روسي على الرواية السعودية، وقبل ذلك على الرواية السورية.

لكن حقيقة أن التسريب السوري لم يأتِ على ذكر أي مقترحات يعني واحداً من اثنين: إما أن اللقاء لم يتناول بالفعل أي مقترح أو مبادرة محددة، وهذا غير ممكن، وإلا لماذا أقدمت السعودية على هذه المغامرة الكبيرة؟ فقط لتبادل حديث لا معنى له مع مندوب نظام فقد شرعيته محلياً ودولياً، وبات الجميع يتحدثون عن اليوم التالي لسقوطه؟ هذه مغامرة مجانية لا يقدم عليها أحد. الاحتمال الثاني، وهو الأقرب للصحة أن اللقاء تناول مبادرة معينة، وأن هذه المبادرة كانت المبرر الوحيد لقبول الرياض باستقبال المندوب السوري، بناء على تفاهم مسبق مع الروس. هذا على الأقل ما أكده الإعلان السعودي. على الجانب الآخر، ترافق تجاهل التسريب السوري لموضوع المبادرة ولما دار في اللقاء، مع عدم نفي أن هذا ما حصل بالفعل. الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن هدف التسريب بهذه الصيغة المبهمة هو رفض غير مباشر للمبادرة السعودية، وتفادٍ للدخول في موضوعها جملة وتفصيلاً. وهذا متوقع لأن رفض النظام السوري علناً لمبادرة تدعو لجعل السوريين يقررون مصيرهم من دون تدخلات خارجية سيتسبب بحرج كبير له، فضلاً عن أنه يكشف حقيقة ادعائه بأنه يستند في بقائه إلى قبول الشعب له. وقبولها، من ناحية أخرى، سيضع مصير الرئيس في مهب الريح. المخرج الوحيد للرئيس في هذه الحالة هو تجاهل المبادرة تماماً، وأخذ الاهتمام إلى موضوع آخر مختلف تماماً.

هذا ما يفسر الحملة التي انطلقت بعد التسريب مباشرة، خصوصاً من قبل ما يعرف في لبنان بإعلام محور «الممانعة». فحوى هذه الحملة أن لقاء جدة لم يكن أكثر من اعتراف سعودي غير معلن بانتصار هذا المحور بعد توصل إيران إلى الاتفاق النووي مع الدول الكبرى. لكن لماذا التسرع، والحال كذلك، في تسريب خبر عن موضوع لا يزال قيد البحث والتفاوض، ولم ينتهِ إلى شيء محدد، ومتفق عليه؟ المنتصر عادة ليس في حاجة لمثل هذه التسرع، وبمثل هذه المعطيات. الأمر الذي يشير إلى أن التسريب، بجانب أنه يمثل رسالة برفض المبادرة السعودية، يحمل رسالة أخرى مفادها رفض ما يتردد عن تغير في الموقف الروسي من بقاء الأسد، وتلميح للإيرانيين بعدم جدوى الانجرار وراء مثل هذه الطروحات. والأرجح أن مضمون تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الجمعة الماضي بأنه لاحظ تغيراً في الموقفين الروسي والإيراني حيال مستقبل الأسد بما قد يسهل التوصل إلى حل في سورية، قد وصل إلى القيادة السورية قبل الإعلان عنه أميركياً. ربما وصل من خلال قناة روسية أو أوروبية، وربما من خلال دي ميستورا، المبعوث الخاص للأمم المتحدة في سورية. يكفي من هذه الناحية ملاحظة قبول روسيا بأن يتمحور لقاء جدة بحضورها حول مبادرة تتعلق بترك مستقبل الأسد للشعب السوري في إطار عملية انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة، وبعد انسحاب الأطراف الأجنبية بما فيها الميليشيات التابعة لإيران.

قصة لقاء جدة لم تنتهِ بعد لا بالتسريب السوري، ولا بانتصار «محور الممانعة»، ولا بالإعلان السعودي. تكفي الإشارة هنا إلى أن اجتماع الدوحة الثلاثي بين وزراء خارجية السعودية وأميركا وروسيا الأسبوع الماضي حصل بعد التسريب السوري. وأن وزير الخارجية السعودي سيزور موسكو هذا الأسبوع بعد الإعلان السعودي. من هنا يبدو التسريب والإعلان معاً جزءاً من الصراع، ومن مفاوضات لا تزال مستمرة حول الحل السياسي المنشود في سورية، وتحديداً موقع الأسد من هذا الحل. لم يعد بإمكان الرئيس السوري منع الآخرين من التباحث حول ما إذا كان بقاؤه في مصلحة مستقبل سورية. والحديث عن انتصار لـ «الممانعة» والحال كذلك، خارج السياق، ولا معنى له إلا أنه نوع من رفض ما لا يمكن رفضه، أو التهيئة لما هو قادم لا محالة.

 

 

* أكاديمي وكاتب سعودي

الحياة

 

 

 

 

بشار الأسد وأحمد القطان والعظام الرميم/ جمال خاشقجي

ما المفيد الذي انفرد بقوله السفير السعودي في القاهرة أحمد القطان خلال لقائه رؤساء تحرير الصحف المصرية الثلثاء الماضي، وتاه وسط تغطيات وعناوين صحف ركزت على ما قاله حول هذا الكاتب أو ذاك؟ إنه نفيه وبشكل قاطع حصول أي زيارة لمسؤول سوري للمملكة، وقوله الصريح «أجزم بأن (الرئيس السوري بشار الأسد) لن يكون له دور في أي حل مستقبلي».

أهمية هذا التصريح تأتي، وخصوصاً في القاهرة، بعدما روّج إعلامها أن المملكة غيرت سياستها نحو الأزمة السورية، وأنها باتت مستعدة للقبول بدور مرحلي للأسد ووقف المساعدات عن المعارضة، وذلك لمواجهة «داعش» والإسلاميين، كما ذهب الى ذلك الصحافي المقرب من الحكم هناك مصطفى بكري وغيره من الصحافيين المصريين والذين أتوقع أن يدخلوا في دائرة «غير الموضوعيين» والذين لمزوا في الدور السعودي في سورية.

إذاً، حسم السفير الأمر. لا مستقبل لبشار الأسد في أي مشروع سعودي لإنقاذ سورية، وإن المملكة تفضل الحل السلمي، واستئناف عملية جنيف، وإنها ترى أن الجيش السوري «عقائدي» يقتل شعبه، وليس كالجيش المصري الذي يستحق التقدير لكونه جيشاً حراً يحمي شعبه.

هذا الموقف السعودي تعرض للتشويش خلال الأسبوع الماضي، بين تسريب أن الاستخبارات الروسية رتبت لاجتماع بين مسؤولين سعوديين وسوريين بارزين للمرة الأولى منذ حلت القطيعة بين البلدين نهاية 2011، فبنى عليها محللون سيناريوات مفادها أن المملكة ستتخلى عن الشعب السوري في معركته من أجل الحرية، إلى قائل إنها بصدد عقد صفقة مع إيران بوساطة روسية وقبول أميركي مقتضاها «سورية مقابل اليمن»، وقد نفى السفير كل ذلك مشكوراً بتصريحه المهم الذي تاه وسط حديث غير مهم.

وقبل نفي السفير، عزز تلك الفرضيات، والتي روجها إعلام «حزب الله» وإيران، وكذلك وللأسف الإعلام المصري، حديث عن مبادرة روسية تفضي إلى تحالف بين الدول الكبرى في المنطقة، المملكة ومعها دول الخليج، وتركيا ومصر، وتعود سورية بأسدها بينهم، وكأن شيئاً لم يكن، وذلك بهدف محاربة العدو الأوحد «داعش»، ولو صبرنا طويلاً لانضمت إيران و»الحشد الشعبي» العراقي إلى هذا التحالف المستحيل. مرة أخرى انهار هذا المشروع أو «التسريب» بتسريب آخر، وفي ليلة الاجتماع نفسها نسبته صحيفة «العرب» القطرية الى مصادر داخل اجتماع الدوحة «أن دول الخليج وعلى رأسها السعودية رفضت مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الداعية إلى تشكيل حلف إقليمي يجمع دول الخليج وتركيا مع نظام الأسد في مواجهة المجموعات المتشددة وعلى رأسها تنظيم الدولة».

إنه نفي منطقي لفكرة غير منطقية، كان من غير المنطقي ترويجها ابتداءً، إذ تعني أن دولة كالمملكة لن تتخلى فقط عن موقف أخلاقي بالوقوف مع الشعب السوري، وإنما تتخلى أيضاً عن أمنها القومي بالتنازل عن سورية لمصلحة إيران، فأي نظام يخرج منتصراً في دمشق بعد تنازل كهذا لن يكون حليفاً لإيران فقط كما كان منذ عهد الأسد الأب، بل سيكون نظاماً تابعاً تماماً لإيران، وفي ذلك اختراق خطير لأمن كامل المنطقة وليس السعودية فقط وإنما مصر والأردن وتركيا، فكيف يفوت هذا على حليف عاقل؟

من الجيد أن السفير قطان أكد أن الخلافات التي كانت بين البلدين حول الملف السوري قد زالت، إذ قال في مؤتمره الصحافي: «ربما كان هناك في الماضي خلاف حول سبل الوصول إلى الحل، وليس (حول) جوهره، والآن صار هناك اتفاق على الوسائل والطريق» بحسب ما نقلت عنه صحيفة «الشروق».

إنه لخبر جيد للسوريين، وللحريصين على أمن المنطقة القومي، والمؤيدين للمشروع السعودي بطيّ الصفحة الإيرانية عن عالمنا، كما أنه منطقي أيضاً، فالذين دعوا إلى إعطاء بشار الأسد دوراً ولو انتقالياً في مقبل الأيام في سورية، غير واقعيين، فحتى لو تجرعت المملكة السم (وهي لن تفعل) وقبلت ببشار، فإنه أعجز من أن يقوم بالمهمة. لقد انهار من مقام رئيس الدولة إلى مجرد زعيم ميليشيا طائفية، لا يختلف عن زعيم «النصرة» أبو محمد الجولاني أو ممثل «الخليفة البغدادي» في سورية والذي لا نعرفه، إلا أنه يمتلك سلاح طيران، وعلاقات خارجية معلنة مع حفنة من الدول. إنه «رميم» نظام ومن ذا الذي يحيي العظام وهي رميم غير الله. لا أحد يستطيع أن ينفخ حياة في نظام بشار الأسد.

الحل الوحيد هو أن يستعين بجيش جرار ينصره وليس ميليشيات مثله ومثل حليفه «حزب الله»، ومن المؤكد أن المملكة لا يمكن بحال من الأحوال أن تقبل بشراكة آثمة كهذه، وبالتالي ما عليها إلا أن تقبل ومعها مصر وتركيا بجيش إيراني جرار يأتي بعشرات الآلاف، فهو الوحيد المستعد والراغب في الاستمرار بمهمة قذرة كهذه، ومعه «حشد شعبي» غارق في الطائفية والكراهية، يعمل قتلاً وفتكاً في السوريين الرافضين للنظام، حتى يخضعوا لجبروته.

مرة أخرى، لا يمكن لجناحي الأمة العربية كما جاء في «بيان القاهرة» الذي اختتم به ولي ولي العهد زيارته للقاهرة الأسبوع الماضي قبول أمر كهذا ومعهما بالطبع تركيا.

«انتهى بشار» كان الخبر المهم الذي أتى به السفير السعودي في القاهرة، وحسناً فعل.

الحياة

 

 

 

 

السعودية لا تشتري بضاعة الأسد/ راجح الخوري

الإعلان عن موافقة روسيا على خريطة دولية تتضمن مصير الأسد، وهو ما كشفته أمس محادثات ميخائيل بوغدانوف مع أحمد الجربا، يشكل مؤشراً لنجاح السعوديين في اقناع الروس بأن المدخل الوحيد للحل في سوريا هو إستجابة “جنيف -١”، وفرض عملية إنتقال سياسية كاملة تنصف الشعب السوري الذي يذبح من نحو خمسة أعوام على أيدي النظام والإرهابيين.

كل ما نشر في بيروت ولندن عن زيارة علي المملوك للسعودية حاول قلب الحقائق وتحريف الوقائع، ذلك ان الروس الذين ينشطون لتعويم الأسد الذي بدا على حافة إعلان الدولة العلوية في خطابه الأخير، ذهبوا الى السعوديين طالبين منهم وقف دعم المعارضة السورية لأن تأخّر الحل يؤجج الإرهاب، وهنا قال السعوديون: أنتم تعيقون جنيف بسبب مصير الاسد ولكن نحن لدينا حل يعيد الأمور الى اطارها السوري ويمنع التدخلات الخارجية. فقال الروس لماذا لا تبلغونه الى السوريين، فاشترط السعوديون ان يتم الأمر في حضور الروس وكان الهدف إحراج النظام والروس معاً!

بوغدانوف تولى ترتيب زيارة علي المملوك لجدة والتي حاول الأسد وحلفاؤه الإيرانيون تصويرها وكأنها تشكل تراجعاً او إنقلاباً في إستراتيجية المملكة حيال الأزمة السورية، بينما شكّلت خطوة ذكية نحو بداية إنقلاب في الموقف الروسي، وهو ما يثير الآن القلق في طهران والذعر في دمشق.

في حضور الروس طرح السعوديون مبادرتهم: تعالوا نبدأ بتحييد سوريا، نحن نوقف دعمنا للمعارضة وانتم تخرجون ايران و”حزب الله” والميليشيات الشيعية من سوريا، وعليه يصبح الأمر كما تردد موسكو دائماً أي ان يقرر السوريون مصيرهم تسويةً أو صراعاً.

المملوك الذي سأل وكيف يمكن ان نتصرف مع ايران و”حزب الله” طالباً فرصة للتفكير، لا يزال يفكر، في حين سعى الإيرانيون الى تصوير الأمور بطريقة معاكسة، عندما وضعوا في التداول سيناريو يقول ان المملكة إشترطت على الأسد الإبتعاد عن ايران كي تتقارب معه، وهو ترويج مضحك على الأقل قياساً بالموقف السعودي المعروف في دعمه للشعب السوري، وفي مطالبته منذ اعلان مبادرة الجامعة العربية، بعملية إنتقال سياسية كاملة تنهي النظام الذي دمر سوريا على رؤوس السوريين وجعل سوريا الولاية الأيرانية رقم ٣٥ كما أُعلن في طهران وبؤرة لـ”داعش” والإرهاب!

واضح تماماً ان السعودية التي تريد حلاً ينهي المذبحة في سوريا، تعمّدت وضع النقاط على حروف الروس لجهة تأكيد حتمية الإنتقال السياسي كمدخل الى الحل الذي ينشطون وراءه الآن ، وعلى أبجدية الاسد لتظهيرها امام الروس وغيرهم أنها فارسية ولن يكون في وسعه الخروج منها… والمضحك هو محاولة تصوير السعوديين وكأنهم يقبلون فعلاً بشراء بضاعة الأسد التي تجاوزت صلاحيتها منذ زمن!

النهار

 

 

 

سوريا.. والرد على المبادرة الإيرانية/ طارق الحميد

قدمت طهران، وبحسب وكالة أنباء فارس الإيرانية، مبادرة من أربع نقاط من أجل حل سياسي في سوريا، وتضمنت المبادرة أربعة بنود هي الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعادة تعديل الدستور السوري بما يتوافق وطمأنة المجموعات الإثنية والطائفية، ورابعًا إجراء انتخابات بإشراف مراقبين دوليين.

هذه المبادرة الإيرانية بالطبع ليست جديدة، وإنما تعديل لمبادرة قدمتها قبل قرابة العامين، والحقيقة أن طرح طهران مجددًا لمبادرتها المعدلة هذه ليس بالأمر السيئ، لأنه مؤشر حقيقي على أن إيران أدركت أنه لا أمل في نجاح دعمها العسكري لبشار الأسد، رغم وجود حزب الله هناك، وكل الميليشيات الشيعية، ورغم كل الأموال الإيرانية المصروفة هناك، والدعاية التي يقوم بها الجنرال قاسم سليماني. كما أن هذه المبادرة تعني أيضًا أن طهران قد استوعبت الدرس مما حدث، ويحدث، في اليمن، وتحديدًا بعد عاصفة الحزم، وتحرير عدن. حسنًا، هل هذا يعني القبول بالمبادرة، وبالشكل المعدل الذي طرحت به؟ بكل تأكيد لا! وليس من الحكمة فعل ذلك حتى وإن كانت المبادرة الإيرانية قد كتبت بلغة يطرب لها البعض في الغرب، والبعض في منطقتنا، فليس لإيران والأسد أي رصيد من المصداقية، ولا يجب رفع القبعة لملالي طهران عند أول إيماءة بسوريا، ومهما بدت، بل المفروض الحكمة والحذر!

كما لا يجب أيضًا رفض المبادرة الإيرانية المعدلة تجاه سوريا بالمجمل، بل هي فرصة لاصطياد إيران والأسد معًا، وعلينا عدم الانشغال بدعاية أن المبادرة المعدلة قد قدمت فقط للتشاور مع كل من تركيا، وقطر، ومصر، ودول أعضاء في مجلس الأمن، باستثناء المملكة العربية السعودية، كما يتردد، فهذا الطرح ما هو إلا مماحكة إعلامية دعائية. وعليه، فإن رد الفعل المطلوب تجاه المبادرة الإيرانية المعدلة هو ضرورة، بل حتمية، إجراء تعديلات عليها للتأكد والتثبت من مصداقية إيران التي لا مصداقية لها. والمقصود بالتعديل هو أن يصار إلى التزام رسمي، ومكتوب، بعدم ترشح المجرم بشار الأسد في الانتخابات المقترحة بالمبادرة الإيرانية المعدلة، وضرورة تحديد جنسيات المراقبين الدوليين، وتحت مظلة الأمم المتحدة، لكي لا تتكرر مهزلة المراقبين العرب أوائل الثورة السورية تحت قيادة محمد الدابي، سوداني الجنسية، وهو الخطأ الجسيم الذي سيلاحق مطولاً الأمين العام للجامعة العربية السيد نبيل العربي، ولأسباب كثيرة ليس هذا وقت سردها.

ومن المهم أيضًا أن يتضمن التعديل على المبادرة، وخصوصًا أنها تنص على وقف فوري لإطلاق النار، ضرورة خروج فوري لمقاتلي حزب الله، والميليشيات الشيعية، ومرتزقة إيران، من الأراضي السورية، وأن يكون ذلك تحت مراقبة دولية، وهو ما يستوجب أن تكون المبادرة ككل، وخصوصًا شرط عدم ترشح المجرم الأسد مطلقًا في الانتخابات، تحت مظلة مجلس الأمن، وتحت البند السابع. وعدا عن ذلك فإن المبادرة المطروحة لا تساوي حتى الحبر الذي كتبت به، وما هي إلا حيلة إيرانية لمساعدة المجرم الأسد على التقاط الأنفاس، وجمع قواه مرة أخرى، وهو ما يعني بالطبع أن إيران قد أدركت أنه لا أمل في انتصار الأسد، وخصوصًا بعد تنازلاتها بالملف النووي، وما يترتب عليه ذلك دوليًا، والواضح أن ملالي إيران يدركون الآن أنه ليس بمقدورهم حماية الأسد عسكريًا ولو ذهبوا بأنفسهم للقتال دفاعًا عنه.

إعلامي و كاتب سعودي ورئيس تحرير سابق لصحيفة “الشّرق الأوسط”

الشرق الأوسط

 

 

 

خطأ المراهنة على “جبهة النصرة”/ عبد الرحمن الراشد

فشلت محاولات تجميل «جبهة النصرة»، وضمها إلى معسكر الثورة السورية، رغم كل ما تلقته من رعاية وتسليح، ورغم تصنيفها بأنها أقل وحشية من شقيقها تنظيم «داعش». فالجماعتان إرهابيتان، من امتدادات تنظيم «القاعدة» الأم. «داعش» امتداد لجماعة الزرقاوي الذي قتل في العراق، أما «النصرة» فقد أعلنت رسميًا أنها تتبع لقيادة الظواهري، قائد «القاعدة» الحالي.

ويتقاتل في سوريا اليوم ثلاث قوى مختلفة؛ النظام السوري وحلفاؤه، والثانية الجماعات الإرهابية مثل «داعش» و«جبهة النصرة»، والثالثة المعارضة الوطنية السورية المعتدلة، وأكبرها «الجيش الحر».

والداعمون ثلاث قوى؛ الأولى إيران تدعم نظام الأسد، والثانية تؤيد المعارضة الوطنية المعتدلة، مثل «الجيش الحر»، والثالثة تدعم المعارضة الإرهابية، تحديدًا «النصرة».

الفريق الأخير، ظن أنه ذكي فقرر ترويض أحد الوحشين. اختار «النصرة» لأنها، بخلاف «داعش»، لم تبث فيديوهات مروعة، وكانت تقبل بالتفاوض والمساومة. وأهداف «النصرة» لا علاقة لها لها بمطلب السوريين في انتفاضة الربيع العربي، غايتها السيطرة وبناء دولتها المنافسة لـ«داعش».

ورغم وضوح الفروقات بين الوطنية والإرهابية، غامرت هذه القوى الخارجية بدعم «النصرة»، معتقدة أنه يمكن ترويض الحيوان المتوحش، واستئناسه بالمال والسلاح، والسيطرة عليه، وركوبه إلى نهاية الطريق ثم التخلص منه لاحقًا! كانت قيادة «النصرة» أكثر ذكاء من «داعش»، حيث سايرت هذا الانطباع، وساومت على من خطفتهم ولم تذبحهم جميعًا. ومكافأة لها على ذلك استثنيت من الملاحقة، وغض النظر عن تنقل مقاتليها عند المعابر والحدود.

دوافع الفريق الذي تبنى «النصرة» أنه كان يريد توظيف جماعة شرسة، يعتقد أنها قادرة على هزيمة قوات الأسد المعروفة ببطشها، ومقارعة حزب الله وبقية الميليشيات المتطرفة، ذات الخلفية الفكرية والعسكرية المشابهة لـ«النصرة». وبالفعل، حقق التنظيم نجاحات عسكرية، ومئات من أعضائه نفذوا عمليات انتحارية في سوريا، غيرت بعضها مسارات القتال. ورغم هذا بقيت «النصرة» جماعة إرهابية يستحيل ترويضها، وأهدافها تصطدم ببقية القوى السورية المعارضة، التي تعتبرها كافرة ويحل قتالها. إذاً، ما الفائدة من التخلص من قوات الأسد السيئة وإحلال تنظيم سيّئ مثلها؟!

هؤلاء الاستراتيجيون الذين يفكرون تكتيكيًا في حل مشكلة اليوم فقط يغمضون أعينهم عن النتائج المدمرة غدًا. يكررون ما حدث في عقدين مضيا، عندما دعم البعض حزب الله وجماعات فلسطينية منشقة حتى صار خطرها أعظم على لبنان وفلسطين.

في السنوات الثلاث الماضية جرى تهميش «الجيش الحر»، الذي كان مظلة القوى السورية المعارضة، ورفض رفع شعارات التطرّف الديني أو الفئوي الإقصائي. أما «النصرة» ليست إلا جماعة إرهابية استفادت من اللعب على حبال التناقضات، بما في ذلك حبل النظام السوري الذي كان يسهل الحركة لها لضرب المعارضة.

وهناك فريق آخر أيضًا أخطأوا الحساب. استراتيجيون غربيون ظنوا أن التضييق على التنظيمات السورية الوطنية المعتدلة مثل «الجيش الحر» سيجبرها على القبول بالحل السياسي، والعمل تحت قيادة نظام الأسد للخلاص من الفوضى! النتيجة جاءت عكسية، فقد أضعفوا المعتدلين ليحل محلهم المتطرفون.

صارت الجماعات المعارضة السورية المعتدلة ضحية للفريقين المتنافسين على إدارة الأزمة. فريق يريد إضعافها للتوصل لحل سياسي، وفريق يريد تقوية الجماعات المتطرفة للحصول على انتصار عسكري سريع. كلاهما ثبت أنه مخطئ، كما اتضحت الأمور اليوم على الأرض. فإضعاف المعتدلين وسع من الفراغ في داخل سوريا، والنظام عمليًا شبه منهار منذ عام 2012، ويستحيل أن يحكم إلا المناطق الموالية له طائفيًا، وهي نسبيًا صغيرة.

«النصرة» صارت محاصرة لهذا وجهت عملها لمقاتلة المعارضة السورية بحجة أنها متحالفة مع الغرب ضدها! وقد أعلن التنظيم القبض على 54 عنصرًا، مدعيًا أنهم تلقوا تدريبات عسكرية في تركيا في إطار برنامج أميركي. تقول «النصرة» إن المقبوض عليهم عبروا الحدود بهدف مقاتلتهم و«داعش». وسواء كان الخبر صحيحًا أم لا، فعدد المنخرطين في البرنامج الأميركي لا يصل إلى مائة شخص، لأن أغلبية المعارضة رفضته، والأميركيون أيضًا رفضوا معظم المتقدمين، خشية أن ينقلبوا عليهم ويلتحقوا بالجماعات المعارضة المسلحة.

الشرق الأوسط

 

 

فكرة المصالحة مع إيران فاشلة/ عبد الرحمن الراشد

ليس صعباً على دول الخليج العربية مصافحة الرئيس حسن روحاني، وتوقيع اتفاق صداقة مع بلاده إيران، وطي خلاف ثلاثين سنة. نظرياً، هذا أمر سهل جداً لكنه يبقى اتفاقاً لا يساوي الحبر الذي يوقع به إن لم تكن له ضمانات. الصديق الأستاذ طراد العمري أهداني في مدونته مقالاً، عبر فيه عن رأي وخريطة طريق تتحدى تحذيرنا من إيران.

ولو كانت للأخ طراد حظوة في بلاط المرشد، أو له كلمة في البيت الأبيض، ربما غيرت رأيي، وسرت خلف اقتراحه بالانفتاح على إيران. لكنه مثلنا، بضاعته رأيه. وكذلك حكومات الخليج، لا تستطيع أن ترهن مصير ثلاثين مليون مواطن فقط على حسن النوايا، والتحليل الشخصي للأحداث.

في مقاله /192075/http://www.an7a.com تحدث عن شيء سماه المبادرة الخليجية للسلام، وهي ليست سوى «مبادرة طراد للسلام»! لا قيمة لها دون أن تتأكد حكومات المنطقة أن إيران فعلاً غيرت سياستها العدوانية تجاهها، أو قلصت قدراتها العسكرية الموجهة ضدها، أو قدمت دول كبرى ضمانات عسكرية كتأمين عليها. لا شيء من هذه الشروط موجودة والنوايا الحسنة لا تكفي في العالم الحقيقي.

سهل على دولة عظمى مثل الولايات المتحدة تقع على أبعد من سبعة آلاف كيلومتر أن توقع اتفاقا مع ايران، لأن بحوزتها ترسانة ضخمة من السلاح، وذراع طويلة، وتقنية رصد استخبارات عسكرية، ومعلوماتية، ومالية، تستطيع بها أن تردع وتمنع وتمحق. اما نحن، فنسكن على مرمى حجر من شاطئ ايران، وبإمكانياتنا المحدودة لا نستطيع ان ننام على وعود النوايا الحسنة. دول الخليج تحتاج الى براهين او ضمانات على ان ايران تغيرت بعد الاتفاق مع الغرب، او هي مضطرة لتحصين نفسها!

والدول مثل الأفراد، تعرفها من سيرتها وسلوكها، ولا يكفي ان نحلل نواياها، بالقول مثلاً ان كل هدف ايران كان توقيع اتفاق مع الغرب يرفع الحصار ويؤمن سلامة وجودها. أصلاً العقوبات ضدها طبقت بسبب سلوكها العدواني، وليس العكس. توجد قائمة طويلة بعملياتها العدوانية منذ مطلع الثمانينات الى هذه اللحظة، من الفلبين الى بيونس آيرس، وهي التي تسببت في استحداث الحصار والعقوبات. اما عداؤها لإسرائيل فهو ليس دفاعا عن الفلسطينيين، كما يصدق الأخ طراد، بل جزء من الصراع الإقليمي الواسع. باسم فلسطين، تدير ايران منظومة عدوانية واسعة، اطرافها الأسد في سوريا، ونصر الله في لبنان، والزهار وشلح في غزة، وحواتمة في سوريا، ومحمد بديع في مصر، والبطاط في العراق، وعبد الله الحوثي في اليمن. كل هؤلاء لا علاقة لهم بالدفاع عن فلسطين. يكفيك ان تعرف ما يجري في مخيم اليرموك الفلسطيني في محيط دمشق، من جرائم مروعة تقوم بها جماعات محسوبة على منظمات فلسطينية تابعة لإيران.

يوجد كم هائل من النشاطات العدائية عسكرية وسياسية، تنفذها ايران، او جماعات تعمل وكيلة لها، موجهة ضدنا، وهي قديمة قدم الثورة الايرانية، ليست ضد اسرائيل ولا ضد الغرب. مقال الراشد

ولا أودّ ان أرهق الجميع بتفنيد ما كتبه عن الأساطير الثلاثة، لانها غير مهمة اذا احسنا الظن في الإخوة في طهران. اخ طراد لسنا جددا في فهم الخلاف وتحليله. لقد سبق لدول الخليج ان صدقت، وحاولت، وجربت، ومدت يدها الى طهران وفتحت حدودها وعواصمها، ثم اكتشفت بعد ذلك ان النظام الإيراني زاد عدوانية ضدها. سبق ان عقدت في التسعينات لقاءات تفاوضية متعددة، بل ووقعت اتفاقية تفصيلية مهمة في عام 2001. تقريبا خالفت ايران كل ما ورد وتعهدت به فيها. ومرة ثالثة حاولت السعودية واستقبلت الشيخ هاشمي رفسنجاني في عام 2008 في أطول زيارة من نوعها، جال لأسبوعين في جدة، والدمام، والخبر، والجبيل، والقطيف، ومكة، والمدينة، وينبع. وفتحت السفارات من جديد، وسمحت للطيران الإيراني بفتح مكاتب له، واستقبلت الرياض رجال اعمال ايرانيين واقامت لهم معارض تجارية، وتبادل الزيارات أمراء ووزراء وعسكريون. في الأخير تكتشف السعودية ان داخل النظام الإيراني من أراد استغلال طيب النية وحسن العلاقة لتهريب أسلحة، وتجنيد معارضة، والتآمر داخليا وخارجيا.

وبالتالي، ما يطرحه البعض عن ضرورة التصالح مع ايران يعبر عن منطق سليم لكنه لا يكفي دون ضمانات تحمي الخليج من حالة السعار العدوانية الايرانية التي تحاصرنا بها، في العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن والسودان. وأحب ان اطمئن الحمائم الخليجيين، وبينهم الأخ طراد، بأنه رغم الخلاف علاقتنا التقليدية مع الإخوة في ايران حية تتنفس. فاليوم يوجد بيننا سفراء وسفارات، وهناك سعوديون يسافرون الى ايران، وإيرانيون يزورون السعودية للحج والعمرة، لكن التوجس من ايران بلغ أقصى درجاته، ويزيد بسبب فك قيودها المالية والعسكرية والدبلوماسية.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى