السفير الذي ورط الأسد وبغداد!
طارق الحميد
انشقاق السفير السوري لدى العراق لم يشكل صفعة لطاغية دمشق فحسب، بل إنه جاء بمثابة الضربة أيضا لحكومة السيد نوري المالكي، وخصوصا أن آخر التصريحات التي يتذكرها المتابع للمالكي حول سوريا، كان تصريحه، أي المالكي، الشهير: «لماذا يرحل الأسد؟! ولن يرحل»! فبعد انشقاق السفير السوري نواف الفارس عن النظام الأسدي، أعلن في مقابلة صحافية له مع صحيفة «صنداي تلغراف» البريطانية، أن نظام الأسد كان يقوم بإرسال الإرهابيين لقتال الأميركيين في العراق، والقيام بأعمال إرهابية هناك. والمذهل أن الفارس يقول إنه كان يشرف على ذلك حين كان محافظا لدير الزور، وبتعليمات شفوية صادرة عن النظام الأسدي نفسه المتحالف مع تنظيم القاعدة، بحسب الفارس! وبالطبع على الفور شعرت الحكومة العراقية بالربكة، والاضطراب، وخصوصا أن المالكي كان يدافع عن الأسد، حيث صرح علي الموسوي مستشار رئيس الوزراء العراقي قائلا: «سنلاحق السفير المنشق نواف الفارس بكل الوسائل المحتملة، لأن التستر على تسهيل عملية دخول الإرهابيين جريمة»!
وهذا أمر عجيب، ويستدعي التساؤل، فهل كانت الحكومة العراقية تنتظر اعتراف السفير المنشق حتى تعرف أن الأسد هو من كان يقف خلف دخول الإرهابيين للعراق؟! وهل من المنطق أنه عندما تريد الحكومة العراقية الاقتصاص ممن أهدر دماء مواطنيها أن تكتفي فقط بملاحقة السفير المنشق أصلا، بدلا من اتخاذ موقف حازم من الطاغية الأسد الذي يعربد اليوم بالسوريين؟! أمر مذهل، وخصوصا أنه منذ تصريحات السيد هوشيار زيباري ضد الأسد الأسبوع الماضي، تحاول الحكومة العراقية التخفيف من تلك التصريحات، وإظهار الحياد تجاه الأسد، والاكتفاء بالتصريحات المضحكة عن ضرورة الحل السلمي، مع أن الأسد لا ينهج إلا الخيار العسكري!
ولذا، نجد أن تصريحات السفير المنشق نواف الفارس تعتبر ورطة، ليس للأسد وحده، بل ولحكومة بغداد التي أعمتها الطائفية، والنفوذ الإيراني، عن الوقوف وقفة حق مع السوريين، وضد الطاغية الأسد، الذي ساهم بشكل كبير في عدم استقرار العراق، طوال ثماني سنوات تقريبا. وحتى عندما أعلن الفارس أنه كان من ضمن الشهود على تهريب الإرهابيين إلى العراق عبر الحدود السورية، وبتعليمات من نظام الأسد، نجد أن الحكومة العراقية تعلن عن نيتها مطاردة السفير المنشق، وليس التصدي لجرائم الأسد، وإراحة السوريين والمنطقة من جرائمه! والحقيقة أن انشقاق الفارس، أيا كانت مواقفه السابقة، يعد أمرا مهما، وبمثابة الهزة للنظام الأسدي، لأنه بات من الواضح أن انشقاق الفارس فتح باب الانشقاقات في السلك الدبلوماسي بنظام الطاغية، وهو ما يفيد الثورة السورية، ويعري النظام الأسدي. فانشقاق سفير سوري واحد فقط أكد جرائم الأسد في العراق، وأحرج حكومة المالكي الطائفية، فكيف سيكون الوضع لو انشق السفير السوري لدى لبنان، مثلا؟! فحينها كم سنعرف من معلومات عن جرائم الأسد في ذلك البلد؟! بل وماذا لو سقط الأسد نفسه؟! فبالتأكيد سيعني ذلك أن منطقتنا، وقبلها السوريون، سيتخلصون من أسوأ نظام دموي إجرامي مر على منطقتنا طوال الأربعين عاما الماضية!
الشرق الأوسط