السلاح والعنف .. يسلبنا ثورتنا و يدمي سورية !
في الوضع الحالي في سورية ,أصبح العنف من الممارسات اليومية البديهية التي نترقبها كل صباح ومساء كأمر طبيعي , لنحصي الضحايا ونتابع قضايا المعتقلين و المخطوفين والمعذبين ..
لنفقد عزيزا بطريقة ما , لندين ,أو لنبكي , أو لننكر, أو لنمارس كوميديتنا السوداء ..
أصبح وضع” الحرب ” الحالي أمرا واقعا .. ومن غير الطبيعي أنه أصبح طبيعيا الى هذا الحد
ومن غير الطبيعي أكثر, ما أراه من تبرير البعض لهذا العنف , أو من صمت على ممارساته
من يمارس العنف ؟
ليس النظام وحده من يمارس العنف في سورية , لكنه البادئ و المسبب للعنف الذي يحصل
ولكن ان كان هذا المسبب فهو لا يبرر العنف الذي يمارسه الآخرون
كنا على الأقل نعلم فيما مضى من أين يأتينا العنف ومن يمارس الديكتاتورية أو القتل أو الاعتقال أو التعذيب , كان الوضع رغم مرارته أسهل , فأن تناضل ضد جهة واحدة ليس كأن تناضل ضد جهات كثر وبعضهم يحاولون أن يحملوا اسمك ! وأنا لست أكتب الآن لأدين الجهة التي كنا نعرف أنها هي من يقوم بالعنف( النظام ) سواء بقتل أو اعتقال أو تعذيب , لكني أكتب لأدين من لم نكن نعرفهم ومن يحاولون أن يمتطوا أسماءنا ويسرقوا أحلامنا بشكل أو بآخر
من جديد من يمارس العنف في سورية ؟
كل من يحمل السلاح من النظام وأجهزته إلى ” الجيش الحر وكتائبه المختلفة ” وكل من يمول السلاح ويدعو للتسليح وللتدخل الخارجي في سورية
أن تقول لي أن النظام يقوم بحسم عسكري وأن هذا يبرر له استخدام السلاح وهذا قد يذهب ببعض أرواح المدنيين دون قصد .. فأنت أيضا تمارس العنف
أن تقول لي أن أفراد الجيش الحر انشقوا كي لا يقتلوا مدنيا سوريا , فأنا أحترمهم لذلك , لكن ليس هذا ما يحدث دائما
آخرون منهم يقتل أيضا ويمارس العنف ضد سوريين آخرين .. والرد على العنف بالعنف يجعل الدائرة لا تنتهي , ووحدها الارواح من ستنتهي , ووحدها ثورتنا تلك التي تدمى
-أن تقول لي من جديد أن كلامي تنظيريا , وأني لم أعرف شعور أن يقتل لي ابن أو أخ أو عزيز, وأني لا اعرف كيف ستكون ردة فعلي تجاه حادثة كهذه , فأقول لك أنت محق , أنا لا أعرف كيف ستكون ردة فعلي , ولكني حينها بالتأكيد ودون أن أدري سأكون بحاجة لمن يمنعني عن القتل بطريقة أو بأخرى ..
كل من لا يعترف بوجود المجموعات المسلحة أو المجموعات الطائفية , أو يتجاهل وجودها أو يصغر من أهميتها ومن أهمية المسألة الطائفية التي بدأت تتفشى بشكل أو بآخر حتى بأفكارنا ومصطلحاتنا وبمجتمعنا
كل من يجزء الانسانية فيدين موت سوري يوافقه الرأي او الاتجاه ويتجاهل موت آخر أو يستهزء به
كل من يعمل وينشئ ويشارك بصفحات القوائم السوداء والمطلوبين للنظام أو للجيش الحر, وغيرها من طرق التخوين والتهديد بتهمة ” انت شبيح أو أنت مندس !” , فينشر الصورة والاسم والعنوان بهدف الوصول الى الشخص وقتله ! ويجد من يشد على يده ! ليزداد الوضع فوضى ولنقترب من الغابة أكثر
كل من يمارس الخطف والاعتقال وليس فقط من النظام أو الجماعات الأخرى التي تتمثل بثوب المعارضة بل أيضا أولئك الذين يستغلون حالة الفوضى ليطالبوا بفدية او ليقوموا بسرقاتهم ..
كل من يستخدم الأطفال بأي شكل كان في العمل السياسي ( وسبق أن أسهبت بهذا الموضوع ) هنا
وسائل الاعلام التي تمارس العنف والانتهاك بالصور التي تنشرها للضحايا كل يوم دون أدنى احترافية , وبالتجييش والعواطف وتلفيق الكذب الذي تمارسه .
أدين من هنا كل العنف الذي يمارس في سورية اليوم والذي يعكس آثاره على الحياة , وعلى الموت !
وأدعو لأن ندينه جميعا ونتركه وحيدا حتى يزول
أرفض أن يسرق العنف الذي يمارسه آخرون باسم قضيتنا , أن يسرق أحلامنا
أو ألا أمنع العنف الذي يجر إليه آخرون حزنا او ظلما او قهرا ..
وسأبذل جهدي لأحاربه بكل ما أملكه من سلمية …
العنف الذي يعكس على الأطفال على المرأة على الأسرة على المحبة على الابتسامة على سورية بكل ما فيها , يعكس أثره على كل من يناضل بسلمية لأجل الحرية
وأنا أرفض أن يطغى صوت السلاح على الصوت السلمي الواسع على الأرض , على صوت الحناجر التي نادت للحرية وضد الذل , على صوت آهات المعتقلين والمعذبين , على صوت الشهداء الذين أهدونا أرواحا تغني ترنيمات الحرية كل صباح ومساء …
السلاح والعنف .. يسلبنا ثورتنا و يدمي سورية !