السلاح يقترب من يد السوريين
إياد الدليمي
حمل الأسبوع المنصرم عدة مؤشرات خطيرة قد تحدد مستقبل ومسار الثورة السورية، ليس على المدى المنظور وحسب وإنما أيضاً على مستقبل سوريا بعد رحيل نظام البعث الحاكم.
ولعل من أخطر المؤشرات التي حملها الأسبوع المنصرم، عمليات اغتيال الكفاءات العلمية التي أخذت منحى تصاعديا أعاد للأذهان ما جرى في ثمانينيات القرن المنصرم، عندما استخدم النظام البعثي بقيادة الأب حافظ الأسد تلك العمليات وعمليات تفجير أخرى، ذريعة لمهاجمة خصومه من الإسلاميين وتحديدا في حماة، التي قتل فيها نحو 30 ألفا من أبناء المدينة على يد قوات سرايا الدفاع التي كان يرأسها آنذاك شقيق الأسد، رفعت.
النظام اختار ضحاياه هذه المرة من الكفاءات العلمية الشيعية والعلوية والدرزية والمسيحية، في محاولة يائسة لتصوير الثورة في سوريا على أنها طائفية، وهذا دأبه منذ اليوم الأول للاحتجاجات، فقتل كلا من العميد الدكتور نائل الدخيل مدير كلية الكيمياء في جامعة حمص، والمهندس محمد علي عقيل الأستاذ في كلية الهندسة المعمارية في جامعة البعث في حمص.
كما قتل عالم الذرة أوس خليل ومن قبله العميد حسين عيد، حيث اتهمت تنسيقيات الثورة السورية النظام بعمليات الاغتيال كمحاولة متجددة منه لإيقاع الفتنة بين أبناء الشعب السوري.
المؤشر الخطير الآخر تمثل في دخول عمليات الاعتقال منطقة حرجة، تتمثل في اعتقال النسوة لإجبار المطلوبين من آبائهن أو إخوانهن أو أزواجهن على تسليم أنفسهم، ناهيك عما يتردد بين وقت وآخر عن عمليات اغتصاب لبعض من هؤلاء المعتقلات، وأيضا عمليات التعذيب وتقطيع الأوصال، على شاكلة ما تعرضت له الشابة زينب الحصني.
ولم يدخر النظام جهدا من أجل الإيقاع بضحاياه من خلال استخدام أغلى ما يملك الإنسان السوري والعربي بشكل عام وهو الشرف، حيث حاولت قوات أمنية اعتقال 60 طالبة في إدلب بتهمة مشاركتهن في تظاهرات منددة بالنظام، لولا تدخل الأهالي وتوقيعهم على تعهدات بعدم لسماح لهن بالمشاركة مرة أخرى.
ولعل المؤشر الذي يحمل بين طياته بوادر مرحلة جديدة في عمر الثورة السورية، تمثل في دخول الجيش السوري الحر المنشق بمواجهات مباشرة وعنيفة مع القوات الحكومية وشبيحة الأسد، خاصة في منطقة الرستن بحمص، ونجاح تلك الكتائب الصغيرة في عرقلة دخول الجيش إلى المدينة، وتنفيذ عمليات نوعية ضد شبيحة النظام.
كما سارع العديد من المدن السورية إلى تأييد إعلان الجيش السوري الحر بتشكيل كتائب للدفاع عن المدن، ناهيك عن تردد أنباء تشير إلى وجود نية لبعض قوى المعارضة لتسليح الشعب.
لقد قلنا وفي أكثر من مناسبة، إن النظام كان يراهن على جر المتظاهرين إلى منطقة الاشتباك المسلح، ونصب لهم بدل الفخ العشرات، بل الأكثر من ذلك أنه دس بعضا من شبيحته بين المتظاهرين مرات ومرات، من أجل حرف الثورة الشعبية السلمية عن مسارها، إلا أنه فشل، وظل الشعب متمسكا بسلميته، رافضا أي حديث عن ثورة مسلحة أو تدخل أجنبي على غرار ما جرى في ليبيا، مؤكداً أنه سينال حقوقه بصدور عارية مستعدة لتقديم قوافل الشهداء كل يوم.
إن سير الأحداث اليومية في سوريا يشير وبما لا يدع مجالا للشك، إلى أن الشعب الذي يتعرض لهذا النوع من القمع لن ينتظر طويلا ليضع يده على الزناد ويطلق الرصاصة الأولى بوجه جلاديه، وبالتالي فإن سوريا ربما ستدخل في أتون مرحلة لا يعلم أين ستقف إلا الله.
إن أمام الجامعة العربية ومن خلفها المجتمع الدولي فرصة لحماية أرواح المدنيين في سوريا، وحماية هذا البلد من الانزلاق إلى أتون جحيم الحرب الداخلية، ولذا فإنه بات من الضروري اليوم أن تقدم الجامعة العربية على عمل مؤثر، يتمثل أولا بطرد سفراء النظام وسحب السفراء العرب من دمشق، وأيضا عقد اجتماع وزاري طارئ لمناقشة الذهاب إلى مجلس الأمن وطلب الحماية الدولية وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مبادرة عربية لجمع المعارضة السورية في الداخل والخارج ومساعدتها من أجل الخروج من مأزقها.
بخلاف ذلك، فلا يلومن أحد الشعب السوري إذا ما لجأ إلى السلاح، فما يجري في حواري الشام وحاراتها القديمة أكبر من أن يحتمل، وأصعب من أن يجري السكوت عليه، فالشعب الذي تحامل على جراحه طيلة الأشهر الستة الماضية، أثبت أنه قوي وقادر على تخطي المرحلة الصعبة، ولكن إلى متى؟
العرب القطرية