السويداء: صراع المليشيات يهدد باقتتال أهلي/ سالم ناصيف
بعد يوم واحد فقط من إعلان نحو 50 فصيلاً مسحاً عن توحدهم تحت قيادة قوات “الدفاع الوطني” في السويداء، عادت الأصوات المعترضة على وجود هذه المليشيات المشكلة من قبل أجهزة الأمن بالارتفاع، محذّرة من مغبة ما قد تؤول إليه الخلافات الناشبة بينها، خصوصاً وأن معظمها تحول إلى عصابات ضالعة بأعمال تهريب السلاح والوقود والخطف.
وفي تطور خطير بات يهدد السلم الأهلي في مدينة شهبا وبلدة شقا المتجاورتين وسط المحافظة، أدى خلاف بين فصيلين مسلحين إلى سقوط قتيل مدني أثناء مروره على حاجز في شقا، وخلّفت الحادثة جملة من ردود الأفعال السلبية، ظهرت نتائجها بقطع طريق شهبا-شقا من كلا الطرفين، ومنع السكان من الانتقال تحت تهديد القتل أو الاعتقال المتبادل.
مصادر من السويداء قالت لـ”المدن”، إن مقتل الشاب وجدي مراد حصل على خلفية مهاجمة عصابة من شهبا لمكتب “الهرم” للحوالات المالية، المملوك من قبل شخص من آل محاسن من شقا، وهو يعتبر قائد الفصيل المسلح في البلدة، ويدين بولائه لفرع الأمن السياسي في السويداء.
وتبدو حادثة الهجوم على مكتب “الهرم” انتقامية، إذ حصل بين فصيلي شهبا وشقا خلاف قبل نحو شهرين، حين ألقى أهالي شقا القبض على سيارة تحوي أسلحة مهربة، وتبين أن الحمولة تعود لعصابة من مدينة شهبا. على إثر تلك الحادثة قامت عصابة التهريب باعتراض شخصين من اللذين أوقفوا السيارة، وتحت تهديد السلاح قاموا بسلبهم السيارة التي كانا يستقلانها، وطلبوا مبلغاً يفوق العشرين مليون ليرة سورية كتعويض عن خسارتهم. إلا أن قوات الأمن تدخلت واعتقلت المجموعة، وقائدها من آل العريضي، المدعوم من قبل المخابرات الجوية، ويعمل لصالح الفرع في التهريب.
أجواء تشييع الشاب مراد، الاثنين، كانت مشحونة جداً؛ ففي الوقت الذي خيّمت فيه حالة من التحريض والاستنفار ضد العصابة التي قتلت الشاب، كانت عناصر مجهولة تقوم بإطلاق النار على عناصر حاجز أمني في بلدة شقا، الأمر الذي فُسّر على أنه رد من قبل شهبا على حادثة مقتل الشاب.
أولى نتائج ذلك الأمر كان انتشار الحواجز على مداخل بلدة شقا، تحسباً لأي هجوم قد يحدث من أهل الشاب القتيل، وهو الأمر الذي فوّت على وجهاء المدينتين ورجالات الدين فرصة تهدئة النفوس، والوصول إلى حل عشائري، من شأنه أن يحقن الدم.
مصدر من بلدة شقا أكد، لـ”المدن”، أنه سبق لعناصر الحراسات في البلدة أن ألقوا القبض على أكثر من شحنة تهريب، وتبين أنها تعود لعناصر ومجموعات تنضوي في صفوف “الدفاع الوطني”. وحين تم اعتقالهم من قبل الأمن كان يتم اطلاق سراحهم بعد أيام أو أشهر قليلة، خلافاً لحالات الاعتقال الطويل التي حدثت بحق بعض الأفراد من مروجي تجارة السلاح، الذين لا يتمتعون بأي غطاء أمني.
ونظراً لوقوع بلدة شقا على تخوم ريف السويداء الشرقي، الذي شهد في أوقات سابقة محاولات تسلل لمقاتلين من تنظيم “الدولة الإسلامية”، يبدي سكان المنطقة حساسية من مسألة تهريب الأسلحة، باعتبارها تذهب به إلى جهات تهدد السويداء، وأمن منطقتهم بالدرجة الأولى، لكنهم في الوقت ذاته يشرّعون تهريب الوقود القادم من المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم “داعش”، لأنه يشكل مصدر أموالهم الأساسي، ويقومون بتلك العمليات بغطاء أمني.
وعلى الرغم من الضغوط الأهلية في بلدة شقا، التي أدت إلى تسليم الشاب المتورط بمقتل مراد، الثلاثاء، إلا أن الأجواء ما تزال مشحونة، والاستنفار قائم في المنطقتين. فالكثيرون باتوا يعتبرون أن مسألة تسليم المتورطين في هذه الحوادث هو حل جزئي، ومراهنة خاسرة على حل المشكلة الكبرى المتمثلة بوجود المليشيات بحد ذاتها، خصوصاً أن حادثة مشابهة لما حصل بين شهبا وشقا ما تزال فصولها تدور بين عائلتي عزام من بلدة عريقة، وأبوفخر من وريمة الفخور، على خلفية قيام أحد أفراد عائلة أبوفخر باختطاف شاب من آل عزام وبيعه إلى مجموعة مسلحة في درعا، ما أدى إلى حوادث خطف متبادلة بين العائلتين، وقطع للطرق بين المنطقتين المتجاورتين.
المدن