صفحات الثقافة

السينما السورية في معتقلات النظام: المخرج عروة نيربية مع 30 ألف أسير


ريّان ماجد

“عندما كان عروة في الرابعة من عمره … كان بابا عروة في رحلة عمل في الأرجنتين أو (المعتقل). كان هذا قبل فيلم – بابا في رحلة عمل- لكوستوريكا.

كنا لا نريد رطم طفولته بحكاية السجن. كان عروة يدّعي أنه يصدقنا… وكان لا يصدّقنا… يستيقظ ليلاً، يقف على بلكون حمص ويصرخ: بابا … أأأأأ.

الحرية لعروة ولشباب سوريا الذكي الشهم … غدنا الجميل، حقيقة الوطن الجميل القادم.

الحرية أنت يا عروة”.

هذا ما كتبه السينمائي أسامة محمد على صفحته على فايسبوك بعيد انتشار خبر “إختفاء” المخرج والمنتج السوري عروة نيربية فيما كان على وشك مغادرة البلاد متوجهاً الى القاهرة عبر مطار دمشق الدولي في 23 آب (أغسطس). إذ فُقد الاتصال به بعد فترة وجيزة من وصوله الى المطار وهو لم يصعد الى الطائرة بحسب خطوط الطيران المصرية، “مما يشير الى اعتقاله من قبل السلطات السورية”، كما جاء على الصفحة التي أنشئت له على فايسبوك بعنوان “الحرية للسينما السورية، الحرية لعروة نيربية”.

عروة نيربية هو سينمائي مستقل ومدير ومؤسس مهرجان “دوكس بوكس” للأفلام الوثائقية. حاز هو وشريكته ديانا الجارودي، على الجائزة الكبرى من “الشبكة الأوروبية الوثائقية” “لمساهمتهما الإستثنائية في تطوير الفيلم الوثائقي”. يقول أسامة محمد في النص الذي كتبه عن نيربية لموقع فرنسي، إن السينما السورية كانت بالكاد تصنع فيلماً واحداً في السنة؛ الصالات كانت فارغة، والسوريون كانوا يظنّون أن هذا هو قدرهم، الى أن أعلن عروة عام 2008، عن إنشاء مهرجان “دوكس بوكس”. بدأت عندها شوارع الشام تمتلئ بمخرجين عالميين، إلتقى بهم الجمهور السوري واكتشف معهم أفلاماً عديدة وأدرك بحزن غياب السينما السورية. يتابع محمد، أن عروة ورفاقه نظّموا ورشات عمل تحت إشراف إختصاصيين قدموا من جميع أنحاء العالم، حول كتابة السيناريو وإدارة التصوير والإخراج والإنتاج المستقلّ. هكذا، “ذهب عروة في رحلة عمل. رحلة الثقافة في مواجهة العنف والقمع، والبناء في مواجهة الانتظار”.

وقد أصدرت السينماتك الفرنسية ومهرجان كان وأرتي إيست والعديد من المنظات السينمائية المستقلّة بيانات من أجل حرية السينمائي السوري، ووقّع عشرات المثقفين والسينمائيين العرب والفرنسيين عريضة تستنكر اعتقاله، كما أكّد المخرج العالمي مارتن سكورسيزي في تصريح له على ضرورة أن يضغط “مجتمع السينما الدولي” حتى تحرير نيربية.

عروة نيربية يقبع منذ 13 يوماً في أقبية السجون السورية، ولم يعرف عنه أهله وأصدقاؤه أي خبر حتى الآن. لحقه الممثل والكاتب التلفزيوني محمد عمر أوسو، وهناك ثلاثون ألفاً غيرهما من أطباء وكتّاب وممثلين وسينمائيين وصحافيين ومدوّنين وناشطين من أجل السلام ومواطنين وأطفال (733 طفلاً معتقلاً بحسب مركز توثيق الانتهاكات في سوريا)، يعيشون عتمة المعتقلات وعذاباتها.

يقول الكاتب عبّاس بيضون عن عروة نيربية: “لا أعرف من أولئك الذين سفح دمهم وسفح شبابهم وسفحت طموحاتهم وأحلامهم في ساحات سوريا. لا أعرف أحداً (…) أعطيهم وجه أبي وأعطيهم أيضاً وجوه أصحابي الراحلين (…) اليوم أعرف اسم ذلك الذي اختفى في المطار وغاب عن السمع والبصر. أعرف اسم عروة وأُطلقه على آلاف المخطوفين والمعتقلين (…) أعرف أن المستقبل يرقد في زنزانته، أن الغد الحقيقي، أن الشباب حقاً له الغد وله المجد وله الحق”.

لبنان الان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى