صفحات الحوار

الشاعر الكردي شيركو بيكس: لا نستطيع أن نقارن أكبر قصيدة بنقطة دم لطفل في حمص أو في عامودا!


اجرى الحوار لقمان محمود: الشاعر شيركو بيكس هو أحد أكبر قامات الشعر في دنيا الكرد، وهو حالة أدبية وإبداعية فذة لا مثيل لها ويصعب تكرارها، ولا مهرب من الاعتراف به في عصرنا الحديث، كظاهرة شعرية من الطراز الرفيع النادر، فهو صاحب ميراث كبير من الأعمال الإبداعية التي تعتبر جزءاً أصيلاً من الأدب الإنساني العالمي.إنه من أكثر التجارب الشعرية ترجمة و فرادة وتميزاً في تاريخ الشعر الكردي المعاصر.

ولد الشاعر في مدينة السليمانية ، كردستان العراق في عام 1940، وهو ابن الشاعر الكردي الوطني المعروف فائق بيكس.

في عام 1970 أصدر الشاعر مع نخبة من الشعراء والقصاصين الكرد أول بيان أدبي تجديدي كردي والمعروف باسم ‘بيان روانكه المرصد’ حيث دعوا فيه إلى الحداثة الشعرية والأدبية والإبداع بلغة جديدة مبدعة. وقد شكلت هذه الحركة الأدبية إتجاهين رئيسيين في الثقافة الكردية. أولهما الولوج في ذاكرة تلك الثقافة ومفرداتها الحيوية المتجسدة في الرموز الشعبية والتراث والجمالية التي تخلقها عضوية العلاقة بين الواقع والنص. وثانيهما، تأسيس رؤية مفتوحة للنص واللغة وإنقاذهما .

من أعماله الإبداعية والتي تتجاوز الـ(35) مجموعة شعرية، نذكر: شعاع القصائد(1968)، هودج البكاء (1969)، باللهيب أرتوي (1973)، الشفق (1976)، الهجرة (1984)، مرايا صغيرة (1986)، الصقر (1987)، مضيق الفراشات (1991)، مقبرة الفوانيس، فتاة هي وطني (2011)..إلخ.

ترجمت منتخبات من قصائده إلى عدّة لغات عالمية منها السويدية، الانكليزية ،الفرنسية ، الالمانية ، الرومانية، البولونية، الإيطالية، التركية، والعربية وغيرها من اللغات.

وتحققت للشاعر شهرة عالمية قلما تحققت لغيره، وحصل على جوائز عالمية عديدة من بينها جائزة ‘توخولسكي’ السويدية عام 1987، وجائزة ‘بيره ميرد’، و جائزة ‘العنقاء الذهبية’ العراقية .

ومما يسترعي الانتباه في شعره، أن هاجسه خلق الأشياء الجميلة من خلال أناقة اللغة ورشاقة المفردات، وبذلك أحدث ثورة واعية في الشعر الكردي المعاصر، مما جعله يحتل مكاناً ومكانة متميزين في قلب الشارع الكردي.

عبر هذا الحوار نصغي الى أهم الشعراء الكرد صاحب ‘مضيق الفراشات’ و’كتاب الكرسي’ و’ كتاب القلادة’ و ‘دورق الألوان’ و ‘ فتاة هي وطني’ وغيرها . ونصغي أيضا إلى تجربته في الشعر والكتابة والحياة.

*لنبدأ من ‘فرات- مصيري’ المجموعة الشعرية الصادرة حديثا باللغة الرومانية.. كيف تمّ ذلك، وكيف تصفها، وماذا تقول عنها؟

– تعرفت على الشاعرة الرومانية ( نيسولينا أوبيرا ) سنة 2005 في إسطنبول، خلال مهرجان شعري عالمي، حيث طلبت مني هذه الشاعرة أن أرسل لها مجموعة من قصائدي، على أن تكون باللغة الفرنسية، فلبيت طلبها و هي بدورها قامت بترجمة هذه القصائد إلى اللغة الرومانية.

فقد نوهت المترجمة في حديث لها خلال الحلقة الخاصة بالقصائد المختارة إلى أانها تعرفت على الأدب الكردي من خلال قصائد شيركو بيكس. ورغم ذلك لا أريد أن يعرف الآخرون الأدب الكردي من خلال قصائدي فقط، لأن هناك شعراء آخرين لديهم إبداعات و تجارب غنية.

و ربما يعود هذا إلى عدم ترجمة أعمال الآخرين للغات أخرى، ومع ذلك أقول ربما قدمت شيئاً جديدا، و ربما حالفني الحظ أكثر من الشعراء الآخرين، فقصائدي مترجمة إلى عدة لغات عالمية كالإنكليزية والسويدية و الرومانية و المجرية، والتركية، وغيرها من اللغات الأخرى.

ففي كل الأحوال عندما تترجم قصائدي للغات أخرى أشعر بسعادة كبيرة، لأن قصائدي قد أصبحت (وسيطا غير مكلّف) لإيصال معاناة الكرد للآخرين.

* كيف كسّرت القصيدة الشيركوية عادات اللغة الكردية؟

– الشاعر بدون لغة متميزة، لن يكون شاعراً،و أنا أهتم بصورة رئيسية باللغة، و الشاعر هو عبارة عن العمل داخل اللغة. فالشاعر لن يستطيع الإبداع إن لم يعشق لغته، فاللغة أمر هام ورئيسي بالنسبة للشاعر، و أنا و منذ طفولتي كنت أحب اللغة الكردية من خلال سماعي للحكايات الشعبية..

ومن خلال الكتابة أوليت اهتماما كبيرا باللغة ، حتى أنني أستفيد أحيانا من اللهجات الكردية الأخرى حيث أبحث في كيفية استخدام مفردات جديدة في قصائدي.

* حركة المرصد( روانكه) التي أسسها الشاعر شيركو بيكس في عام 1970، قد شكلت إتجاهين رئيسيين في الثقافة الكردية، ماذا عنها؟

– أنا لم أؤسس حركة المرصد الأدبية لوحدي، بل بمشاركة مجموعة من الأدباء و الشعراء و ذلك في أوائل السبعينيات، و حينها كنا نتلهف وراء الحداثة الشعرية، و كنا قريبين من الشعراء العرب في بغداد، و في القاهرة، وفي بيروت، و كنا نتابع الحركة الشعرية متابعة جيدة في ذلك الوقت، و كنا على إطلاع بالشعر العربي الحديث في مصر، من خلال قصائد صلاح عبد الصبور و غيرهم، و كنا على إطلاع بقصائد أدونيس و كنا نزوره في بغداد و القاهرة. كان هناك تحولات كبيرة في العالم سواء في الشرق الأوسط او في امريكا اللاتينية، فهذه التحولات و التغييرات تؤثر على الأدب بطبيعة الحال، و نحن كنا متأثرين بتلك الحركات و خاصة بمجلة (شعر) 1969 الصادرة في بغداد، و كان يصدرها جماعة فاضل العزاوي و خالد علي مصطفى و فوزي كريم. و في النهاية أصدرنا بياناً أدبياً في ذلك الوقت و كان جوهر البيان يتمحور حول الحداثة الشعرية و اللغة الشعرية الحديثة. باختصار كنا قد ألقينا بحجر الحداثة في بركة الشعر الراكدة في تلك الفترة.

بهذا المعنى كنت أحد أعضاء المجموعة التي أسست هذه الحركة إلى جانب كلٍ من حسين عارف و جلال ميرزا كريم و كاكه مم بوتاني و آخرين. حيث أاصدرنا ثلاثة أعداد من مجلة ( روانكه المرصد) في وقت كنا نعاني فيه من الشح مادياً. و لكن خطوتنا هذه قد شكلت البداية على طريق الحداثة الشعرية الكردية.

* في بداية السبعينيات من القرن الماضي كانت الكتابة آنذاك جرحا بجانب جرح، والحداثة الفنية لم تستطع ان تعبر عن بلاغة الواقع والحياة المعاشة،وخاصة خلال الحرب الظالمة على كردستان؟

– أنا لم أكتب أبداً القصائد الغامضة المفتعلة، كنت أكتب بلغة أنفصل فيها نوعا ما عن الآخرين، حيث لم أكن أفتح الأبواب و لم أغلقها كلها، بل توصلت إلى منطق شفاف لجغرافيا حسية شعرية كانت تصل ولا تصل في نفس الوقت و يفهمها الناس الآخرون في إطار عام. فهذه المسألة مهمة و صعبة في نفس الوقت، أن تكتب بلغة بسيطة و لكن ببساطة معمقة – كما يقال في النقد العربي قصائدي من النوع السهل الممتنع.

فكان هذا الأسلوب بمثابة تجربة جديدة لي، حققت من خلاله قصائد قصيرة ، نشرتها ضمن مجموعتي الشعرية ( الفجر) الصادرة في عام (1978). من خلال تلك القصائد أستطيع أن أقول أنني دخلت إلى عالم اللغة العربية وإلى عالم اللغات الأخرى.والمسألة هنا هي أننا كيف نستطيع أن نمسك بلب الشعر من خلال الفكر المكثف و من خلال الضربة المهمة و خاصة في نهايات القصائد، و كنت قد تعرفت لأول مرة على الشعراء العرب من خلال تلك القصائد، و كان هناك بعض أصدقائي يترجمون قصائدي إلى اللغة العربية و ينشر قسم منها في المجلات و الجرائد في ذلك الوقت، و كانت وسيلة للتعارف مع الآخرين، و لحد الآن أعود أحيانا إلى قراءة تلك القصائد القصيرة المترجمة. و فيما بعد ترجمت قصائدي إلى اللغات العربية والفارسية ومجموعتي الأخيرة ترجمت إلى التركية وصدرت حديثا في تركيا.

* و ماذا عن الكرد في سوريا؟ وهل تتابع المشهد (الحياتي، السياسي، الشعري) في ذاك الجزء من كردستان؟

ـ كتبت عن الكرد والقضية الكردية في سوريا وأحببتهم، و كتبت مرات عديدة عن هواجسهم و آمالهم و كتبت عن انتفاضتهم في آذار 2004، و هناك قراء لي بين الكرد في سوريا و لدي تواصل مع الأدباء الكرد هناك.

حيث تعرفت في أوائل الثمانينيات على الكاتب و الشاعر سليم بركات من خلال الرسائل (حينها كان مقيماً في قبرص)، و كان هناك تبادل رسائل بيننا طوال سنوات و لا زلت أحتفظ ببعض من تلك الرسائل. و عن طريق سليم بركات تعرفت على آخرين.

لذلك أعتقد أن جيل ما بعد سليم بركات جيل متأثر به و بكتاباته.. و هنالك من بين هؤلاء مبدعون.. و التوجه الإبداعي في كتاباتهم ليس بقليل.

ما دمنا بصدد كردستان سوريا، ما رأيك بالثورة السورية؟*

– أنا أتابع الثورة السورية العظيمة يوميا و أحزن و ابكي احيانا أمام شاشة التلفاز. فالتضحيات لا حدود لها. شعب أعزل و لكنه عظيم. ففي أحلك الظروف يتشبثون بالأمل. لكن المسألة هنا هي: هل نستطيع أن نعبر من خلال اللغة عن تلك التضحيات؟! يبدو أن اللغة عاجزة عن وصف تلك التضحيات الجسام، فكل يوم هناك قتلى و مشاهد مؤلمة و محزنة. فالبارحة فقط قُتل اكثر من خمسين شخصا على يد قوى الأمن السوري، و كل يوم هناك20-30 قتيلا، و اللعبة السياسية جارية و بدون حل. حتى الدول الكبرى ليس لها موقف جدي. هناك موقف مقزز لروسيا و الصين تجاه ما يجري من جرائم بحق الإنسانية.

على أية حال لا أعتقد أن هذا النظام سيبقى. أنا أحيي هذا الشعب العظيم، و أحيي الشعب الكردي في غرب كردستان. فأنا أرى تظاهراتهم في عامودا و القامشلي وفي باقي المناطق الكردية.. يتوجب علينا جميعا أن نكون سندا لهم.

ولكنني في النهاية أقول ان اللغة والقصيدة لا تستطيعان فعل أي شيء أمام هذا الحدث الكبير.. بحيث لا نستطيع أن نقارن اكبر قصيدة بنقطة دم لطفل بريء في حمص، أو في عامودا أو في القامشلي أو في أيّ منطقة من مناطق سوريا. إنها بحق ثورة عظيمة.

*في هذه المجاميع الشعرية: ( مضيق الفراشات) ، (كتاب القلادة)، (مقبرة الفوانيس) و ( الكرسي)و (دورق الالوان) .. الكتابة عند شيركو بيكس هي إسقاط للحدود، و هنا الشاعر ليس خارجا عن الأخلاق المعرفية، أو يضرب ما هو تاريخي ، و كأن شيركو بيكس يمشي على ماء الكتابة حالما بأنواع لن تُسمى، و كل كتابة سارت على الطريق المستقيم، فقدت ملحها و خصوصيتها.. لعلّها إحدى الخاصيات الاساسية التي ميّزت تجربتك الشعرية، هو هذا الاشتباك مع حقول معرفية وابداعية عديدة وتفاعله معها.. لهذا السبب لم تسر كتاباتك على طريق مستقيم، و لذلك نكتشف يوما بعد يوم أهمية هذه الكتابات. حبذا لو حدثتنا عن ذلك؟

– أعجبني هذا السؤال، وهذا تشخيص دقيق حول أسلوبي و كتاباتي. فأنا و خلال العشرين سنة الأخيرة، و منذ كتابة ‘مضيق الفراشات’ و إلى الآن احاول أن أزاوج في اسلوبي الشعري، و أن أجمع في نفس الوقت بين عناصر أدبية داخل نصي الشعري الجديد. لذلك حين نقرأ الكرسي، نجد فيها نوعا من الدراما و القصة و المسرحية و الشعر و النثر.

لقد حاولت أن أجمع الأجناس الأدبية في كتاب واحد. هنالك الشاعر و هنالك غير الشاعر، حتى الكلام العادي ادخله في النص، و ذلك بهدف توسيع الأفق الشعري قدر المستطاع. و مثلما قلتَ فأنا لم امشِ على خط مستقيم و مكرور. دائما أختلف في إسلوبي من كتاب إلى آخر، و أحاول أن أكتشف عالما جديداً وخاصة من خلال الأشياء الصغيرة، أو الهوامش.

أنت تعرف أنه ربما المؤرخ يكتب الأشياء بعناوينها الكبيرة ، و لكن الشعر دائما و باعتقادي يبحث عن الأشياء الصغيرة و مثال على ذلك الأسلوب الذي اتخذته في كتابة ( القلادة) و ( الكرسي) و حتى في ديواني الأخير ايضا ( فتاة هي وطني). هناك تمرد على قصائدي الأخرى. إن الشعر مقدس بصورة دائمة، فالمسألة تكمن هنا في كيفية أن تكون لدينا عيون ثاقبة في مراجعة دائمة و انتقاد دائم. تلك هي محاولات، و من خلال المحاولات نؤكد أننا غير مقتنعين بما نبدعه وعلينا تجاوزه قدر المستطاع. أنا اهتممت كثيرا بتلك الأشياء الصغيرة ومستمر في ذلك. حيث أحاول في الفترة الأخيرة أن أدخل عنصرا جديدا على قصائدي و هو أن أجعل الملابس تتحدث ، أي أن تتحدث الملابس عن حياة الشخوص. خذ مثالاً على ذلك: القبعة والنظارة والقميص يتحدثون عن حياة الشخص..إلخ.

لا أدري هل سأصل في هذا الكتاب الى كتابة جديدة أم لا؟ و لكنها البداية على كل حال، و لا أدري إن كنت سأكملها أم لا؟.

*هناك دائما في كل كتاب خاصة الكتب الشعرية هناك ذكرى أو تاريخ.. كمثال على ذلك هناك كتاب الكرسي، ففي هذا الكتاب أجلست الحرية أخيرا على الكرسي، و كأن الكرسي كتاب في الحرية. و كأن مضيق الفراشات تاريخ للالم الكردي، و كأن كتاب القلادة تاريخ للمرأة الكردية، وهنا سأتوقف قليلا، بإعتبار كل كتاب من هذه الكتب قد سردت حكاية معينة أو تاريخا معينا.. حتى في ‘دورق الألوان’ يكتشف القارئ شيئا جديدا وانت تحاور فلسفة الموت في خصوصية حضوره وتماثله في داخل الانسان من حيث لا خلاص ولا نجاة.

سنعود الى كتاب القلادة باعتباره شوقا اصيلا الى ملامسة أسرار المرأة الكردية.. وباعتبارها ـ المرأة- محرض قوي لكتابة الشعر، فهل من نساء معينات في شعر شيركو بيكس؟

– لا توجد إمرأة معينة في قصائدي، ولكن هناك تتجسد المرأة بصورة عامة و المرأة الكردية بصورة خاصة، و هذا صحيح، فالقلادة حكاية حياة المرأة الكردية و معاناتها من الجوانب الإجتماعية و غيرها و بدون حب المرأة لا أستطيع كتابة شيء، فهناك حب في ديوان القلادة.

* إذا قيل أن شيركو بيكس شاعر معروف على المستوى العالمي من خلال الترجمات التي حصلت لمختارات من قصائده، مَن مِن الأدباء الكرد تقرأ لهم؟وهل من شاعر معاصر تنظر الى تجربته الشعرية بإعجاب وتقدير؟

– هناك قلة من الشعراء و الأدباء و المثقفين الكرد الذين أقرأ لهم.أكثرهم ثقافة بإعتقادي هو الروائي و الكاتب بختيار علي، فهو يكتب روايات مهمة، و رواياته تشكل إنعطافة كبيرة متجاوزة لما هو موجود، و كذلك دراسات و كتابات الباحث مريوان وريا قانع. و من الشعراء الذين لديهم صوتهم الخاص: جمال غمبار و هيوا قادر و دلاور قرداغي. و من الشاعرات دلسوز حمه، فهي تكتب قصائد جميلة. هذا بالاضافة الى الشاعر الجميل كريم دشتي حيث يعتبر شاعراً جدياً. هناك أيضا الشاعرة دلشا يوسف، التي تبدع بصوت كردي جميل قصائد جميلة دون رتوش ودون مكياج. قرأت لها مجاميع شعرية وزوايا أسبوعية..إنها كاتبة جيدة أيضاً. فمن الصعب عليّ سرد كل الاسماء، و لكن هؤلاء الذين ذكرتهم لديهم نتاجات جيدة.

* تجاه انشغالك بالدفاع عن القضايا الإنسانية النبيلة المتمثلة في الحرية والكرامة والحوار بين الحضارات، ما زالت قصيدتك تحفظ نسبها إلى الهوية الكردية، انطلاقا من حمولتها التخييلية كإبداع متألق انساني جميل.. وسؤالنا.. كيف يختار شيركو بيكس الحدث الذي يحمل في داخله القدرة على التحول من ماضٍ كردي إلى حاضر إلى مستقبل؟

– طبعا الشاعر بطبيعته يحب أن يكون إنسانيا، والشاعر حينما يخرج عن إنسانيته، يفقد شاعريته، فالشاعر هو الموقف وهو الآخر. و عالمنا اليوم عالم متكامل بكل أجزائه، ولا أستطيع الكتابة بعيدا عن إنسانيتي الشعرية، سواء بالنسبة للكرد أو غيرهم، و هذا شيء موجود وثابت كمسألة الحرية و الكرامة الإنسانية و الجوع و الفقر. جميعها مسائل مشتركة.. الحقوق و المطاليب العادلة و الآمال و النكبات تشمل الجميع. و لكن و بالطبع لكل شاعر عالمه الخاص و من حقي أن أهتم بقضايا شعبي قبل الاهتمام بقضايا الآخرين، و لكن هذا ليس بمعزل عن الإنسانية، و على أي حال فأنا شاعر كردي و لكنني إنساني بنفس الوقت. أعتبر نفسي مسؤولا عن كل شيء يجري في هذا العالم، و لكنني انظر للأحداث بمنظور شاعر كردي، و لذلك حينما أرى طفلا في الصومال أتجاوز الحدود و أعتبره طفلي و هو يموت جوعا. أو شاب منتفض في ساحة التحرير بالقاهرة. أرى هؤلاء جميعا على طاولتي عند الكتابة وهم شاخصون أمام ناظري و في قلبي و في كتاباتي، لذلك لا استطيع أن أنأى بنفسي عن إنسانية الشعر فهذا غير ممكن.

* كلمة أخيرة تود أن تقولها للأدباء و للحياة و للمرأة في هذا العالم الذي اصبح صغيراً؟

– لنكن دائما أصدقاءً للمحبة الشعرية ، و لنكن دائماً بجانب الشعوب المضطهدة، و أن نكتب بدمائنا و أرواحنا. فالإبداع لا يأتي من فراغ، و الأشياء الجميلة قليلة، و أنا أعتبر نفسي أحد الشعراء في هذا العالم و أريد أن أتواصل بحبي مع الآخرين خارج المألوف، و بنفس الوقت أعتبر نفسي مسؤولاً عن ما يجري في هذا العالم.

محرر في مجلة ‘سردم العربي’.*

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى