صفحات العالم

الشرع من الظل إلى الاختفاء!

راجح الخوري

منذ اعلنت الجامعة العربية مبادرتها لحل الازمة السورية على الطريقة اليمنية اي بتكليف نائب الرئيس تشكيل حكومة تتولى ادارة المرحلة الانتقالية تمت احالة فاروق الشرع الى الظل، حيث غاب عن المشهد السياسي السوري، رغم ان وجوده في خلفية الصورة كان من الممكن ان يكون مفيداً لبشار الاسد لأن الشرع سني من درعا، البلدة التي فجرت الثورة ضد النظام.

الاعلان عن اقصائه من القيادة القطرية لحزب البعث بعد كل هذه المدة لا يشكل دفناً سياسياً له بمقدار ما يوحي بأن الاسد بات راغباً في دفن مؤتمر “جنيف – ٢” انطلاقاً من امرين:

اولهما انه يحقق تحسناً في وضعه الميداني، اما الثاني فهو يتعلق بتقاعس اميركا والغرب عن تسليح المعارضة في حين لا تزال الخلافات تعصف بالائتلاف الوطني المعارض!

بعد اعلان مبادرة الجامعة العربية ادلى الشرع بحديث الى جريدة “الاخبار” اللبنانية قال فيه ان الحسم العسكري وهم والحل بتسوية تاريخية، اختصرها بما يوازي “المبادرة العربية” اي وقف متزامن لاطلاق النار وتشكيل حكومة وحدة وطنية ذات صلاحيات واسعة ومعالجة الملفات المتصلة بحياة الناس ومطالبهم المحقة ” ففي النهاية نحن في معركة وجود سوريا ولسنا في معركة وجود فرد او نظام”!

كان هذا الكلام كافياً لدفع الشرع الى الظل فلم يعد يظهر في المناسبات الرسمية الى جانب الاسد، وحتى عندما احتاج النظام مرتين الى نفي اخبار راجت عن انشقاقه، اكتفى باصدار بيان عن مكتبه من دون ان يظهر الشرع امام الاعلام، فقد كان واضحاً منذ البداية ان الاسد يريد ان يلغي البديل منه إستباقاً لأي اتفاق قد يحصل في جنيف، على حل يشبه التسوية اليمنية ويعطي نائبه صلاحيات المرحلة الانتقالية.

طبعاً ليس هناك اي دور فاعل او مؤثر للقيادة القطرية لحزب البعث السوري، فهي مجرد ديكور او آنية تزيين سياسية لأن القرار عند الاسد حصراً، لكن إقصاء الشرع المقصي اصلاً يأتي كما هو واضح، لقطع الطريق على اي اتجاه لسلوك مؤتمر “جنيف – ٢” المنحى الذي يعطي نائب الرئيس قيادة مرحلة انتقالية تنتهي عملياً بازاحة الاسد عن السلطة.

لقد غامر الشرع بتوجيه انتقادات مبطنة الى النظام وحتى الى الاسد شخصياً عندما قال قبل عام: “لا احد واهم بامكان اعادة الامور الى ما كانت عليه، لأننا مقتنعون بأن لا عودة لعقارب الساعة الى الوراء، وعندما يكرر الأخضر الابرهيمي ان الامور تسير من سيئ الى اسوأ فأنا لا استطيع ان أنفي ذلك”، لكن الاسد يتوهم انه قادر على اعادة عقارب الساعة الى الوراء، لهذا قرر الغاء الشرع كبديل منه فأحاله من الظل الى الاختفاء!

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى