الشعب السوري يريد نظاماً ممانعاً دون استبداد ولا فساد
محمد زهير الخطيب
النظام السوري جاء إلى الحكم بانقلاب عسكري 1963م وألغى الحياة السياسية والديمقراطية وحكم بالاستبداد، ثم تخلص من بقايا القيادات المدنية في إنقلاب عام 1966م ثم انتقل إلى الحكم الفردي المافوي 1970م ثم انتقل إلى الحكم الوراثي عام 2000م في سابقة لم تعرف لها الجمهوريات العربية مثيلا من التاريخ.
في السياسة الخارجية فرّط النظام في الجولان في نكسة 1967م، ولم يستطع تحريرها لا بالحرب ولا بالسلام لضعفه وفساده ولم يطلق في الجولان طلقة واحدة لاكثر من ثلاثين سنة، وكنوع من التعويض على فشله الذريع في تحرير أرضه قام بدعم حزب الله وحماس فاشلاً في مهمته الرئيسية في تحرير أرضه، فهو ممانع بغيره لا بنفسه، ومقاوم باللبنانيين والفلسطينيين لا بالسوريين.
في سورية اليوم ثورة سلمية وطنية ضد النظام، ضد الظلم والفساد، تطالب بالحرية والكرامة والديمقراطية، وتريد حكومة ممانعة غير مستبدة ولا فاسدة، حكومة تعود للحضن العربي فعلا لا قولا.
النظام السوري المستبد الفاسد استخدم الجيش -الذي أُعد لتحرير الوطن- لقمع الشعب الثائر المطالب بحريته، قمعه بوحشية ودون رحمة فقتل منه الآلاف وسجن عشرات الآلاف وشرد كثيرين في البلاد وأدرج على قائمة الملاحقة والمطاردة والمنع من السفر مئات الآلاف، ومنع الصحافة الحرة ومنظمات حقوق الانسان من الاطلاع على جرائمه اليومية.
الشعب السوري ثار مطالباً بحريته وكرامته، وساعياً لبناء نظام ديمقراطي تعددي عادل ممانع مقاوم غير مستبد ولا فاسد. وقد بدأ ثورته سلمية وطنية حريصة على وحدة الشعب والتراب السوري، واليوم يدفعه النظام دفعاً إلى حمل السلاح والمطالبة بالحماية الدولية كحل إنساني أخير لوقف المذابح اليومية الممنهجة التي تصل إلى حد الجرائم ضد الانسانية التي يعاقب عليها القانون الدولي، والتي يقوم بها منذ ستة أشهر دون توقف ولا يُرى افقاً لنهايتها.
الشعب السوري شعب حر كريم وطني ممانع لا يزاود أحد على وطنيته ومقاومته، والشعب يريد نظاماً يمانع دون استبداد ولا فساد.
لنا أصدقاء كثيرون يرون أن هناك مؤامرة على سورية لانها مقاومة وممانعة، ونحن نوافقهم على ذلك دون تحفظ، بل نقول أن هناك مؤامرات أميركية وإسرائيلية وغربية مستمرة على كل بلد عربي وإسلامي وأفريقي…، مؤامرات القوي على الضعيف، مؤامرات قديمة لا تتوقف وتتجدد وتستهدف خيرات البلاد، ونحن نوافق على الحذر منها والتصدي لها، ولكننا نصارحهم بان نيل الحرية في سورية هو المهمة الاولى للشعب السوري المقدمة على كل المهام الاخرى، لان حماية البلاد والوقوف في وجه المؤامرات لا يقوم به إلا شعب حر يملك قراره وينعم بكرامته.
بعض أصدقائنا يخشى إذا انتصرت الثورة في سورية أن تصبح سورية غير ممانعة!! ونحن نؤكد لهم أن أصل الممانعة هو من الشعب السوري وليس من نظامه، وأن الممانعة ستكون أفضل بعد النصر لان سورية حرة وديمقراطية أقوى وأقدر على المقاومة والممانعة، وأقدر كذلك على إرساء السلام العادل الذي يعيد لها أرضها المحتلة، إن معاهدات السلام التي يوقعها برلمان منتخب حقيقي أجدر بالاحترام والالتزام من معاهدات قادة الانقلابات ووارثيهم.
على جميع المنظمات الدولية وقوى الحرية والجمعيات المختلفة أن تدين استخدام النظام السوري للجيش والشبيحة في قمع وقتل المتظاهرين بوضوح ودون تردد، ويجب أن يكون هذا محل اتفاق لا نقاش فيه، إنه موقف إنساني إخلاقي مطلوب من خطباء المساجد وقساوسة الكنائس، والمثقفين والفنانين والجمعيات العربية والاسلامية والانسانية والدولية الصديقة للنظام السوري والمعادية له. وبعد الادانة الواضحة للقتل يمكن أن يكون هناك تنوع في وجهات النظر في كيفية الانتقال السلمي الآمن نحو الحرية والديمقراطية بدأً من إصلاح النظام لنفسه أو بغيره، بجهود عربية أو دولية ويتسع المقام في هذا لاختلاف وجهات النظر، وإن كان المتظاهرون قد حسموا أمرهم وأعلنوا أن الشعب يريد إسقاط النظام.
وفي كندا، نحن ننتظر سماع مثل هذه البيانات والادانات من الاتحاد العربي الكندي، ومجلس الائمة الكندي، ومنظمة الاسنا ومنظمة الاكنا والاحزاب الرئيسية: المحافظين والاحرار والديمقراطيين الجدد، ومنظمات حقوق الانسان والصحف الكندية والعربية… هذا موقف إنساني وأخلاقي ليس فيه منة على أحد، إنه مسؤولية أخلاقية أتى وقتها ولا يسعنا تأخيرها، وكلنا أمل بأن يبادر أصحاب المسؤوليات إلى القيام بواجبهم وتحمل مسؤولياتهم والخروج عن صمتهم فقد إنتهى وقت الصمت.