العالم ينتظر حتى يُنهي الأسد مهمته، وإسرائيل لاعب رئيسي
وهيب أيوب
على الشعب والثوّار في سوريا أن يُدركوا تماماً أن لا تدخّل خارجيا سوف يساعدهم على إسقاط نظام الأسد مهما انتظروا؛ وكل ما سمعناه من تصريحات نارية من رؤساء غربيين وعرب وأتراك عن ضرورة تنحّي الأسد، ثم إرسال أكثر من مبعوث دولي ومراقبين وكأن الأزمة في سوريا مُدارة وتحت أنظار الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ما هي إلا جزء من مخطط تطويل الأزمة والصراع المسلّح في سوريا حتى يؤتي أُكُله.
وعلى السوريين أن يُدركوا أيضاً بأن أي قرار هام وإستراتيجي فيما خصّ دول الطوق مع إسرائيل قراره الأول في تل أبيب، وهو لن يمرّ في واشنطن قبل أن يأخذ موافقة الدولة العبرية، ومن الطبيعي بأن أي قرار لا توافق عليه واشنطن سوف لن يلقى الدعم والاستجابة من أوروبا، كما لن يحظى بأذن صاغية لدى العرب وخاصة قطر والسعودية، وكل من يقفز فوق هذه الحقائق سيصاب بخيبة أمل.
في عام 1976 لم يكن حافظ الأسد ليستطيع دخول لبنان بجيشه لولا الموافقة الإسرائيلية، وبالتالي الضوء الأخضر من واشنطن وحلفائها من تونس حتى الرياض، وما كان ليخرج إلا بأمر من أعطاه ضوء الدخول.
لقد كان تقاطع المهام والمصالح بين إسرائيل ونظام الأسد في لبنان لا لُبس فيه، فالأسد وإسرائيل كانا يريدان القضاء على منظمة التحرير وإخراجها من لبنان بعد أن رفض عرفات بأن يكون مجرد ورقة في يد الأسد، والمهمة الأهم القضاء على الحركة الوطنية اللبنانية بزعامة كمال جنبلاط الذي رفض دخول جيش الأسد للبنان فدفع حياته ثمناً، ثم القضاء على الحريات والإعلام في لبنان الذي كان يُرعب نظام الأسد كما إسرائيل ويقضّ مضجعهما، وكان أوّل الضحايا سليم اللوزي ورياض طه ففارقا الحياة بأيدي عصابة الأسد. وفي عام 82 اجتاحت إسرائيل لبنان بعلم مُسبق من الأسد وحاصروا بيروت ثمانية وثمانين يوماً والأسد يتفرّج وينتظر إكمال المهمة بطرد منظمة التحرير، ثم أكمل الأسد الباقي بأن أخرج عرفات من طرابلس التي لجأ إليها بعد مواجهات مريرة وطاحنة عام 83 وهكذا أنجز الأسد المهمة.
وفي عام 1970 عندما حاول صلاح جديد إدخال قوات لمساعدة الفلسطينيين إبان أيلول الأسود ورفض حافظ الأسد تأمين الغطاء الجوّي له، فكان كافياً بأن تقوم إسرائيل بإرسال طائراتها الحربية لتمر فوق القوات السورية لتعود أدراجها، سيّما وأن الصراع الدائر يومها بين منظمة التحرير والملك حسين يأتي ضمن المصالح الإستراتيجية لإسرائيل فلم تتأخّر.
وذهب الأسد عام 1991 ليحارب إلى جانب أميركا وإسرائيل والغرب ضد العراق وإخراجه من الكويت.
لقد قدّم حافظ الأسد ووريثه الصغير عبر أربعة عقود خدمات جمّة لا تُقدّر بثمن لأميركا وإسرائيل ومصالحهما في المنطقة، فكيف لا يمهلونه الوقت لإكمال مهمته في سوريا..؟
يقول ضافي الجمعاني عضو القيادة القومية في حزب البعث في لقاء سابق على الجزيرة مع المذيع سامي كليب قبل أن يُهاجر هو وزميله غسان بن جدو إلى قناة الميادين المُمانِعة، أي في 24 أيار 2010 قبل اندلاع الثورة بأكثر من سنة، يقول: “إن حافظ الأسد تسلّم السلطة في سوريا باتفاق بين الـ “K.G.B” المخابرات السوفياتية والـ “C.I.A” المخابرات الأميركية، ويُضيف الجمعاني الذي سجنه الأسد لمدة 23.5 سنة دون أي تحقيق أو حتى دون أن يُسأل عن اسمه، باستهجان: “أنتم والغرب والإعلام العالمي والعرب يحسبون أن حافظ الأسد مع أو صديق للاتحاد السوفياتي، وأنتم والكل يعلم أن حافظ الأسد ليس له علاقة بالتقدّم ولا بالعلاقات الطيبة مع الاتحاد السوفياتي، وحافظ الأسد معروف أنه جزء من العالم الغربي مثله مثل القذّافي ……”.
المسألة باتت مكشوفة وواضحة، الترياق لن يأتي للسوريين من الخارج ولا عبر المجلس الوطني السوري الذي تتقاذفه أيدي وأرجل بعض العواصم الإقليمية والعربية والدولية حتى يُكمل الأسد مهمته في تدمير سوريا جيشاً وشعباً وبُنى تحتيّة، وسوف لن يدعموا الجيش الحرّ بما يسمح له حسم الأمور عسكرياً بقصد مدّ أمد القتال بين نظام الأسد والجيش الحرّ، ولن تتغيّر الأمور قبل بلوغ أهدافهم التي تخدم بالدرجة الأولى إسرائيل ثم شركات إعادة البناء والتسليح، إضافة لتأمين سلطة بديلة للأسد عبر الابتزاز تكون موالية لأميركا وغير معادية لإسرائيل. فهل سيسمح ثواّر سوريا والشعب السوري بعد كل تلك التضحيات الأسطورية بأن تُمرّر تلك المخططات وتسرق منهم ثورتهم..؟
قدر السوريين نتيجة تداخل تلك الظروف أن يأخذوا أمورهم بأنفسهم بعد أن تُركوا لمصيرهم مع أكثر وأبشع أنظمة العصر دمويّة ووحشيّة، وأن لا يحظوا بمعارضة ترقى إلى مستوى وحجم الكارثة الإنسانية التي يقاسونها، ولا إلى مستوى العمل السياسي الثوري الذي تتطلّبه تلك المرحلة الأهم والأدق من تاريخ سوريا الحديث.
الجولان السوري المحتل
صدقت بكل حرف كتبته يا سيد وهيب، التاريخ سيكشف لأجيال المستقبل الكثير حول طبيعة هذا النظام. من المحزن ان بعض السوريين يساهمون مع النظام بتدمير الوطن، هذا البعض عابر للطوائف والقوميات والأقليات. إنها الشرائح التي استفادت من هذا النظام لعقود على حساب المصلحة الوطنية العامة. من المحزن أكثر ان هذا النظام وداعميه سبق الصهاينة في همجيتهم.