العلمانيون يأكلون من طبخة المتشددين
عدنان فرزات
تطوير الموت زكاة الفحولة..! تلاميذ في عراء الضمائر جراحة تجميلية في وجه حسناء قهوة سورية للأخضر الإبراهيمي مزيد من المقالات يروي بعض أهالي الريف السوري هذه الحكاية الطريفة – طبعاً هذا قبل أن ينسوا الضحكة اليوم – يقال إن ذئباً وخروفاً عقدا هدنة ينص أحد بنودها على العيش بسلام ووئام، وألا ينظر الذئب إلى غريمه نظرة جائع. وفي المقابل، ألا يثير الخروف الغبار في مشيته حين يمر بجانب الذئب، وألا مانع من أن يتشاركا السباحة في نهر واحد، ولا ضرورة لأن يقول كل منهما للآخر: «نعيماً».
المهم، مرت الأيام، والذئب يتضور جوعاً، ونزل وزنه من دون تخريم معدة، ولا شفط دهون، فأصبح يبحث عن مبررات لنقض العهد والنكث بالهدنة. وفي يوم من أيام الصيف القائظ، نزل الحيوانان إلى النهر ليسبحا، طبعاً في نهر الفرات قبل أن يجفف نصفه الفساد الحكومي وربعه السدود التي أقامتها تركيا عند المنبع، فصار اليوم ليس أكثر من ساقية كبيرة، وبينما الحيوانان: الذئب والخروف يسبحان في عمق النهر، والماء البارد يحيط بهما من كل حدب وصوب، تبلل جسم الخروف وانكشفت أفخاده وبانت أكتافه المكتنزة باللحم، فلم يعد الذئب يقوى على الصمود والممانعة والمقاومة، فقرر أن ينهي هذا الاتفاق وينقض على وليمته، ولكنه خشي حينها أن تكون المعاهدة ربما تكون محمية بـ«ناتو الغابة»، فقرر أن يفض المعاهدة بطريقة يظهر فيها أنه هو المعتدى عليه، فرمق الخروف رمقة «المفتري»، وقال له صارخاً: «توقف عن إثارة الغبار يا هذا». قالها بلغة العواء طبعاً، وحينما تلفت الخروف حوله، ووجد أن ما يحيط بهما هو الماء أدرك مصيره. الحكاية تتوقف عند هذا الحد، ولا ندري هل تم الافتراس، أم أن الخروف عاش حياة طويلة واستفاد الناس من صوفه بعد ذلك في نسيج بطانيات وأغطية لأطفال سوريا المهددين بشتاء قارس سوف يدهمهم وهم في عراء النزوح.
هذه الحكاية تنطبق اليوم على علاقة الثورة السورية بالغرب، وبفئة من معارضي النظام الذين لا يريدون دعم الثورة بحجة أن الثورة فيها إسلاميون وإرهابيون ومتشددون قد يثيرون الغبار ولن يحفظوا المعاهدة، وأن الأسلحة قد تقع في أيديهم في ما بعد، فيشكلون إمارة إسلامية، ترأسها مي سكاف! بل لقد انجر إلى هذا المفهوم كل من «يتحجج» على الثورة بخلافات قديمة وكراهية للإسلاميين، فالتحق بركب هذه المفاهيم، أيضاً، علمانيون مثل نبيل فياض ورهط كبير من القوم الظالمين للحراك التنويري في سوريا.
حسناً، نقول لهؤلاء لنفترض أن كلامكم صحيح، فلماذا تتركون فراغات ليبرالية وعلمانية في بناء الثورة ليحتلها المتشددون؟ ولماذا لا تقدمون مشروعكم التنويري التحرري في السعي لإيجاد دولة تعددية؟! وفي حال نجحت هذه الثورة، التي يوجد فيها متشددون، فسوف تكون هناك انتخابات وأحزاب، وبالتالي سوف تدخلون أنتم هذه الانتخابات وقد تنجحون في الوصول إلى أغلبية برلمانية، وهذا يعني بالنهاية أنكم عشتم عالة على الثورة وأكلتم من «طبخة المتشددين»!
* * *
• أطفال سوريا مترفون مرفّهون… ينامون على وسادة من غيمة، وهم في طريقهم كل يوم إلى السماء.
عدنان فرزات
السياسة