صفحات الرأي

العهدة الذمّية الجديدة / محمود الزيباوي

أعلن تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” فرض سلسلة من الأحكام على السكان المسيحيين في ولاية الرقة السورية التي تقع تحت سيطرته، تضمنت اثنتي عشرة قاعدة تهدف إلى “حماية المسيحيين”، منها قاعدة خاصة بدفع الجزية، وأخرى تحدّد شروط إقامة شعائر الصلوات. يأتي هذا القرار “بعد إعلان الدولة تحكيم الشريعة الإسلامية في هذه الولاية التي مكّن الله فيها لعباده الموحدين بصورة كاملة”، وبعد موافقة وفد “ممّن يمثلون النصارى في ولاية الرقة”.

يصعب تحديد عدد المسيحيين القاطنين في الرقة اليوم. بحسب الأرقام المتداولة، بلغ عدد سكان الرقة نحو ثلاثمئة الف نسمة قبل بداية العنف في سوريا في العام 2011، بينهم اقل من واحد في المئة من المسيحيين، وقد غادر العديد من هؤلاء المدينة بعد حرق عدد من كنائسها إثر سيطرة حركة “داعش” عليها. يتساءل المرء: من مثّل حاكم “ولاية الرقّة”، ومن مثّل نصارى المدينة في هذا الإتفاق؟ تأتي الإجابة من خلال بيان نشرته حركة “داعش” على موقعها الإلكتروني، وفيه نجد صورة النص الكامل لأول “عهد ذمة بينها وبين نصارى الرقة”. في هذه الصورة، تظهر تواقيع ممهورة لمن وقّعوه من الطرفين، بعدما تمّ طمس أسماء موقّعيه النصارى، بطلب منهم وبموافقة ممثل عن “داعش” على ذلك، كما جاء في الخبر المرفق. بعد البسملة التقليدية، يخبرنا هذا العقد أن الإمارة عرضت على النصارى “أن يختاروا أحد ثلاثة أمور”، أوّلها: “الدخول في دين الإسلام والبراءة مما كانوا فيه من الشرك”، ثانيها: “إن هم اختاروا البقاء على دينهم فيدفعون الجزية ويخضعون لحكم الشريعة الإسلامية في الولاية”، ثالثها: “إن هم أبوا فهم محاربون، وليس بينهم وبين الدولة الإسلامية إلا السيف”.

أمام هذه الخيارات الثلاثة، طلب ممثلو النصارى مراجعة من يمثلونهم. بعدها، عقد الطرفان اجتماعا موسعا حضره ممثل عن إمارة الدولة الإسلامية في العراق والشام، ووفد من زهاء عشرين فردا “ممن يمثلون النصارى في ولاية الرقة، وكان الذي اختاروه أن يدفعوا الجزية للدولة الإسلامية بعد أن عرضت عليهم الأحكام التفصيلية المترتبة على عقد الذمة، فوافقوا عليها”. بحسب العقد المذكور، يتعين على الأثرياء من “النصارى” دفع ما يساوي ثلاثة عشر غراماً من الذهب الخالص، وعلى المسيحيين من الطبقة الوسطى دفع نصف هذا المبلغ، وعلى الفقراء منهم دفع ربعه. من جهة أخرى، ينص هذا العهد على منع النصارى من رسم الصليب على أي شيء أو مكان في الأسواق أو الأماكن التي يكون فيها مسلمون، كما ينص على منع استخدام مضخم الصوت اثناء تأدية الصلوات. كذلك، يمنع هذا العهد إقامة الشعائر والطقوس خارج الكنائس، ويشدّد على منع ترميم هذه الكنائس في المدينة أو نواحيها، ويحظر بيع لحوم الخنزير أو الخمور. كما يمنع النصارى من امتلاك السلاح أو حمله. وينص على التزامهم بعض القواعد الخاصة التي تفرضها “داعش”، كتلك المتعلقة بطريقة اللباس.

الشروط العمرية

في القرن الحادي والعشرين، تعود الرقة إلى عهود دخلت التاريخ وباتت نسياً منسياً. يستعيد نص “عهد الذمة” مصطلحات لغة كتب التراث، ويلتزمها بشكل حرفي. ترد عبارة “الجزية” في الآية التاسعة والعشرين من سورة التوبة: “قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون”. تنص هذه الآية على فريضة الجزية، غير انها لا تحدّد مبلغ هذه الجزية، ويمكن القول إن هذا المبلغ كان عرضة لتخمينات عدة تتراوح في الشدّة بحسب العهود التاريخية والسياسات المتبعة في كلٍّ منها. لم يُحدّد مفهوم الجزية إلا في نهاية العصر الأموي، وظلّ نظرياً إلى حدّ كبير. هكذا اقتطعت الجزية بطرق متباينة خلال العصور، وفي العصر الحديث تمّ التخلّي عنها في غالبية الدول الإسلامية، “حيث اقتضت عمليّة التحديث إجراء تغييرات في النظام الإداري والضريبي التقليدي”، كما يقول “معجم الإسلام التاريخي”. من جهة أخرى، تنصّ الآية على الذميين أن “يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون”، وقد أخذ البعض من المفسرين هذه العبارة بمعناها الحرفي، ورأوا أنها توجب إذلال الذميين، وحفلت كتب التاريخ بالأحداث التي تعبّر عن ذلك، ومنها ما نقله ابن الفوطي في “الحوادث الجامعة والتجارب النافعة”. إلى جانب الجزية، يحدد نص “عهد الذمة” الجديد سلسلة من “الإجراءات التمييزية” الخاصة بالنصارى، وتستند هذه السلسلة إلى نص شائع يُعرف بـ“الشروط العمرية”، نسبة إلى الخليفة عمر بن الخطاب.

أثبت النقد التاريخي بشكل قاطع بطلان نسبة هذه القيود إلى الخليفة الفاروق، ونسبها في مرحلة أولى إلى عمر بن عبد العزيز، ثم اعتبرها في مرحلة ثانية وثيقة زائفة تعود إلى القرن الرابع للهجرة. على رغم ذلك، ظل نص “الشروط العمرية” معتمدا في الأوساط التقليدية، وأشهر رواته ابن القيم الذي ذكره في كتابه “أحكام أهل الذمة”، في فصل حمل عنوان “ذكر الشروط العمرية وأحكامها وموجباتها”. يقول هذا النصّ: “كتب أهل الجزيرة إلى عبد الرحمن بن غنم: إنا حين قدمت بلادنا طلبنا إليك الأمان لأنفسنا وأهل ملتنا، على أنا شرطنا لك على أنفسنا ألا نحدث في مدينتنا كنيسة، ولا فيما حولها ديراً ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا نجدد ما خرب من كنائسنا، ولا ما كان منها في خطط المسلمين. وألا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل والنهار، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل، ولا نؤوي فيها ولا في منازلنا جاسوساً. وألا نكتم غشاً للمسلمين، وألا نضرب بنواقيسنا إلا ضرباً خفياً في جوف كنائسنا. ولا نظهر عليها صليباً. ولا نرفع أصواتنا في الصلاة ولا القراءة في كنائسنا فيما يحضره المسلمون. وألا نخرج صليباً ولا كتاباً في سوق المسلمين. وألا نخرج باعوثاً ولا شعانين، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا. ولا نظهر النيران معهم في أسواق المسلمين. وألاّ نجاورهم بالخنازير ولا ببيع الخمور. ولا نظهر شركاً. ولا نرغِّب في ديننا ولا ندعو إليه أحداً. ولا نتّخذ شيئاً من الرقيق الذي جرت عليه سهام المسلمين. وألاّ نمنع أحداً من أقربائنا أرادوا الدخول في الإسلام. وأن نلزم زيّنا حيثما كنا. وألا نتشبه بالمسلمين في لبس قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر ولا في مراكبهم، ولا نتكلم بكلامهم ولا نكتني بكناهم. وأن نجزّ مقادم رؤوسنا ولا نفرق نواصينا. ونشد الزنانير على أوساطنا. ولا ننقش خواتمنا بالعربية. ولا نركب السروج ولا نتخذ شيئاً من السلاح ولا نحمله ولا نتقلد السيوف. وأن نوقر المسلمين في مجالسهم، ونرشدهم الطريق، ونقوم لهم عن المجالس إن أرادوا الجلوس. ولا نطلع عليهم في منازلهم، ولا نعلم أولادنا القرآن. ولا يشارك أحد منا مسلماً في تجارة، إلا أن يكون إلى المسلم أمر التجارة. وأن نضيف كل مسلم عابر سبيل ثلاثة أيام، ونطعمه من أوسط ما نجد. ضمنَّا لك ذلك على أنفسنا وذرارينا وأزواجنا ومساكيننا، وإن نحن غيّرنا أو خالفنا عما شرطنا على أنفسنا وقبلنا الأمان عليه فلا ذمة لنا، وقد حل لك منا ما يحل لأهل المعاندة والشقاق”.

بحسب الرواية المتناقلة، نقل عبد الرحمن بن غنم هذا الإقرار إلى عمر بن الخطاب، فوافق عليه بعدما أضاف إليه شرطين. ينقل ابن القيّم هذه الشروط، مضيفاً: “وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها، فإن الأئمة تلقوها بالقبول، وذكروها في كتبهم، واحتجوا بها، ولم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم وفي كتبهم، وقد أنفذها بعده الخلفاء، وعملوا بموجبها”. في الأمس القريب، نُشر كتاب ابن القيّم بتحقيق الشيخ صبحي الصالح، ولم يخفِ المحقّق دهشته من اكتفاء فقيه من وزن ابن القيّم بالقول بأن “شهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها”، نظرا لأهمية مسألة كهذه من الوجهة التاريخية والوجهة الفقهية على السواء. ويجنح الكثير من العلماء المستنيرين إلى القول بعدم صحتها. في المقابل، يمكن القول إن هذه الشروط لم تسد في العصور الإسلامية إلا في فترات قصيرة، وإنها لم تتحول إلى قاعدة عامة. تسمّى المسيحيون بأسماء المسلمين، وحملوا ألقابا مشابهة لألقابهم، ونقشوا خواتمهم بالعربية كما أظهروا صلبانهم، وأحيوا أعيادهم بشكل علني، وخرج ضرب نواقيسهم من جوف الكنائس، وتردّد في الأفق، والشواهد الأدبية التي تثبت ذلك لا تُعدّ ولا تُحصى.

الإجراءات التمييزية

ظهرت “الإجراءات التمييزية” في بعض الحقب التاريخية، أشهرها قاطبة تلك التي صدرت في عهد الخليفة المتوكّل، وهو العهد الذي بدأ فيه ضعف الدولة العباسية وانحلالها. في منتصف القرن التاسع، تولى المتوكل الحكم، وقضى على المعتزلة وأفرج عن أحمد بن حنبل وخلع عليه، كما أنه أطلق سلسلة من القرارات المتشددة في حق الفرق والمذاهب الأخرى. يختصر العلامة السرياني أبو الفرج جمال الدين بن العبري هذا التحول في كتابه “تاريخ الزمان” حيث يقول: “تمادى في بغض المسيحيين حتى اضطرهم أن يتعمموا بعمائم صوف وأن لا يخرجوا خارجاً وأن لا يتزينوا بزنار وكستيج، ومن كان له عبد ألزمه أن يخيط على قميصه من قدّام ومن خلف رقعة لونها غير لون القميص. وأن تُقوّض الكنائس الحديثة البناء. وإذا كان للنصارى كنيسة واسعة ولو قديمة وُجب أن يؤخذ جانب منها ويُجعل مسجداً. وأن لا يطوفوا بالصلبان في احتفالاتهم. وشدّد بمثل هذه الأوامر الجائرة، وأفظع منها على اليهود. وقوّض ضريح الحسين بن علي المتصل نسبه بابنة نبيّهم، وهدم البيوت المجاورة له، وأمر أن يُزرع ذلك المكان ويُسقى ويُساق بالفدّان ويعفو أثر الضريح تماما”. بحسب تاريخ الطبري، أصدر المتوكل هذه الأوامر في عام 235 للهجرة، وتبدو صيغة ابن العبري ملطّفة، مقارنةً بالنص الأصلي المطوّل الذي نقله الطبري. جاء قرار الخليفة بعدما غضب من طبيبه بختيشوع بن جبرئيل، و“حقد عليه ونكبه”، وجرّده من أملاكه، لكن المتوكل عاد وبدّل رأيه بعد وفاة طبيبه يوحنا بن ماسويه، واستدعى سركيس الأول إلى سامراء التي صارت عاصمة للخلافة، ونقل البطريرك كرسيّه إلى العاصمة الجديدة للخلافة.

في الأزمنة الحديثة، نقع على ما يُشبه ذلك في القرن التاسع عشر، أي في زمن أفول العهد العثماني. في كتابه “جسر اللثام عن نكبات الشام”، يخبرنا شاهين مكاريوس أن والي دمشق محمد درويش أصدر في العشرين من شهر حزيران 1821 مرسوماً إلى مشايخ أهالي قرية صيدنايا المسلمين “ليجروا بحسبه ويعتمدوه”. يقول هذا المرسوم إن النصارى قلدوا المسلمين “في ملابسهم وعمائمهم ونعالهم وتعدوا درجاتهم وخالفوها، فهذا ضد رضانا، ولا يعطى به رخصة، فبناء على ذلك أرسلنا لكم مرسومنا هذا لأجل أن تحذروهم وتنذروهم من عواقب ذلك المراد حالاً وتنبهوا عليهم ألاً يلبسوا ملبوسا أرزق وعمامة سوداء ونعالا سودا، ولا تدعوهم يقلدوا الإسلام بأدنى شيء، لا نساء ولا رجالا، وان بلغنا ان واحدا تعدى الحدود المذكورة فما له أن يُغنى عن حاله، وخطيته في عنقه”. بعد عشر سنين، بسط محمد علي باشا سلطته على بلاد الشام في زمن انحلال الخلافة العثمانية، مستغلا انشغال بريطانيا بمشكلاتها الداخلية وانصراف فرنسا إلى حل وضعها المتردي في الجزائر. مثلت هذه الخطوة تحدياً صارخاً للسلطة العثمانية، وجاءت بعدما تخلى السلطان محمود الثاني عن وعده بمنح محمد علي عدداً من المقاطعات مكافأةً له على مشاركته في معركته ضد الوهابيين وحرب اليونان، وكان قد منح جزيرة كريت لابنه ابرهيم باشا. عمد الحكم المصري إلى انشاء إدارة جديدة، وأدخل إصلاحات جذرية على الجهازين القضائي والعسكري، واستحدث تنظيماً اقتصادياً شمل مجمل القطاعات التجارية في البلاد. انفتحت السلطة الجديدة على مختلف جماعات بلاد الشام، وانتهجت سياسة مغايرة للسياسة التقليدية في هذه المناطق.

بحسب المؤرخ قاسم محمد أحمد النواصرة، “كان أهل الذمة مجردين من الوظائف إلا في حالات نادرة” في العهد العثماني، وقد “منعوا من الدخول إلى الحمّامات العامة إلا يومين في الأسبوع وفرض عليهم ارتداء الزي الأسود الطويل”. في العهد المصري، أُلغيت الفروق بين المسلمين وغيرهم “من الناحية الشكلية دون المساس بجوهر الفوارق الجماعية”. عومل المسيحيون معاملة المسلمين، وشكلت هذه السياسة تحولاً اجتماعياً عميقاً، “فالمسيحيون، باستثناء الذين يقطنون لبنان، كان محظورا عليهم لبس الحرير بالعمائم البيضاء، أو الخضراء، أو الحمراء، وانتعال الأحذية من هذه الألوان، وحُرّم عليهم ركوب الخيل، والسير في الطريق إلى يمين المسلم، خصوصا في المدن الداخلية البعيدة عن لبنان كحمص وحماة”. رفعت السلطة الجديدة القيود عن الذميين من المسيحيين واليهود، كما رفعتها عن الوزراء الأجانب، وألغت المرتبات التي كانت مفروضة على المعابد والأديرة لجميع طوائف النصارى الكائنة بالقدس الشريف من روم وإفرنج وأرمن وقبط. مُنح حنا البحري لقب بك، وهو حمصي سافر إلى مصر وعمل فيها، وهو أول مسيحي يأخذ هذا اللقب، وقد كلّف إدارة مالية بلاد الشام، بينما عُيّن أخوه جرمانوس البحري مديرا لمالية مديرية حلب. أراد محمد علي من خلال هذه السياسة الانفتاح على فئات الشعب في إدارة شؤون البلاد، كما سعى إلى كسب ود الدول الأوروبية التي رفعت شعار “حماية مسيحيي الشرق” للدخول إلى هذه البلاد.

نيران الفتنة

لم يدم الحكم المصري طويلاً في بلاد الشام. تعرضت هذه الحركة الإصلاحية لهزة عنيفة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وكانت أحداث 1860 الطائفية بوحشيتها المخيفة. خرجت بلاد الشام من هذه المحنة في القرن العشرين وبدت كأنها تخطو نحو مستقبل زاهر عنوانه “النهضة”. في عام 1952، صدر في بيروت كتاب “الحركات في لبنان في عهد المتصرفية، وهي شهادة درزية صريحة في مخطوطة تلمّ في حوادث لبنان”. قرأ محمد كرد علي هذا الكتاب، وأعرب في مذكراته عن هوله من “نيران الفتنة والقتال”، وأضاف في الختام: “ولمّا منّ الله على بلادنا بنعمة التعلّم بطلت هذه العادات الوحشية وأصبح الدروز وسائر الطوائف من اخوانهم السنيين والشيعيين وغيرهم اخوانا يتحابّون ويتآلفون، وكذلك مع سائر الطوائف النصرانية”. كان ذلك من أكثر من ستين عاماً. لو عاد كاتب هذه الكلمات إلى الحياة اليوم، تراه ماذا كان ليقول؟!

ملحق النهار الثقافي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى