صفحات الناس

«الغارديان»: إيران تتلاعب ديموغرافيا بسوريا من أجل السيطرة على الحدود مع لبنان

 

 

ترجمة وتحرير أسامة محمد – الخليج الجديد

في الوديان بين دمشق ولبنان، فقدت مجتمعات بأكملها معيشتها بسبب الحرب. ولكن هناك تغيير يجري. وللمرة الأولى منذ اندلاع النزاع، بدأ الناس في العودة ولكن فئات الشعب التي تأتي الآن ليست من نوع الفئات التي فرت خلال السنوات الست الماضية.

إن القادمين الجدد لهذه المناطق لديهم ولاء مختلف عن الأسر المسلمة ذات الأغلبية السنية التي كانت تعيش هناك. فالقادمون هم من طليعة التحرك لإعادة ملء منطقة بالمسلمين الشيعة ليس فقط من أماكن أخرى في سوريا، ولكن أيضا من لبنان والعراق.

تعد مقايضة السكان عنصرا مركزيا في أي خطة لإجراء تغييرات ديموغرافية في أجزاء من سوريا، حيث يتم إعادة تنظيم البلاد في مناطق نفوذ مؤيدي «بشار الأسد»، والذي تقوده إيران، ويمكنها التحكم به مباشرة واستخدامه لتعزيز المصالح الأوسع. تكثف إيران جهودها في ظل أتون الصراعات حيث تسعى إلى تمرير رؤيتها التي تختلف كثيرا عن رؤية روسيا، الداعم الرئيسي الآخر للأسد.

دخلت روسيا، في تحالف مع تركيا، وهي تستخدم وقف إطلاق النار الاسمي للدفع باتجاه توافق سياسي بين نظام «الأسد» والمعارضة في المنفى. ولكن إيران، في الوقت نفسه، بدأت تعمل على المشروع الذي سيغير جذريا المشهد الاجتماعي في سوريا، فضلا عن تعزيز معقل حزب الله في شمال شرق لبنان، ويعمل على ترسيخ نفوذ طهران إلى الحدود الشمالية لـ(إسرائيل).

تحول في تركيبة السكان

وقال زعيم لبناني كبير: «إيران والنظام لا يريدون أي سنة بين دمشق وحمص والحدود اللبنانية، وهذا يمثل تحولا تاريخيا في تركيبة السكان».

كان مفتاح إيران هو المدن التي يسيطر عليها المعارضون في الزبداني ومضايا. فمنذ منتصف عام 2015 كان مصيرهم موضوع مفاوضات مطولة بين كبار المسؤولين الإيرانيين وأعضاء أحرار الشام، وهي من أقوى المجموعات المهيمنة المناهضة للأسد في سوريا.

وقد تركزت محادثات في اسطنبول بشأن مبادلة سكان قريتي الفوعا وكفريا الشيعيتين غرب حلب، واللتين تم التنازع عليهما بمرارة على مدى السنوات الثلاث الماضية. جماعات المعارضة، ومن بينها الجهادية، حاصرت القريتين، في محاولة لموازنة الحصار وتغيير مصيرهم في النصف الشرقي الذي كان يسيطر عليه المتمردون سابقا في المدينة.

كانت المقايضة، وفقا لمهندسيها، اختبارا لتحولات سكانية أكثر شمولا، على طول المداخل الجنوبية للعاصمة دمشق وفي قلب مناطق العلويين شمال غرب سوريا، حيث يحصل «الأسد» على كثير من دعمه.

وقال «لبيب النحاس»، مسؤول العلاقات الخارجية لأحرار الشام، الذي قاد المفاوضات في إسطنبول، إن طهران تسعى لإنشاء المناطق التي يمكن السيطرة عليها. «إيران مستعدة جدا لمبادلة كاملة بين الشمال والجنوب. إنهم يريدون امتدادا جغرافيا مع لبنان. إن الفصل الطائفي الكامل هو في قلب المشروع الإيراني في سوريا. إنهم يبحثون عن المناطق الجغرافية التي يمكنهم تحقيق الهيمنة والنفوذ عليها تماما. وسيكون لذلك تداعيات على المنطقة بأسرها».

أصبح حصار مضايا والزبداني القضية الرئيسية لمنع المعارضة من استعادة السيطرة الفوعا وكفريا، حيث توجد جاليات من الشيعة. وحزب الله يعتبر هذه المنطقة الأمنية امتدادا طبيعيا لأراضيه في لبنان. لقد كان لديه أوامر مباشرة جدا من القيادة الروحية في إيران بحمايتهم بأي ثمن.

كانت إيران نشطة بشكل خاص حول كل المدن الأربع من خلال حزب الله. على طول الخط بين وادي البقاع في لبنان وإلى مشارف دمشق، كان حزب الله مهيمنا، وفرض الحصار على مضايا والزبداني وقام بتعزيز العاصمة السورية. ومن وادي بردى إلى الشمال الغربي، استمر في القتال الدائر في خرق لوقف إطلاق النار الذي تم بوساطة روسية.

في أماكن أخرى في سوريا، إضافة للمقايضة الديموغرافية فقد تم إعادة تشكيل النسيج الجيوسياسي للمجتمعات التي تعايشت لقرون قبل الحرب. في داريا جنوب غرب دمشق، انتقلت أكثر من 300 عائلة شيعية عراقية في الأحياء المهجورة من قبل المتمردين في أغسطس/آب الماضي كجزء من صفقة استسلام. كما تم نقل ما يصل إلى 700 مقاتل من المتمردين إلى محافظة إدلب.

وقد كانت المزارات الشيعية في داريا ودمشق مبررا لوجود حزب الله وغيره من الجماعات الشيعية المدعومة من إيران. وقد تم تحصين مسجد السيدة زينب في العاصمة بشكل كبير من قبل حزب الله حيث يسكن الحي عائلات من الحزب انتقلت واشترت أيضا عددا كبيرا من المنازل بالقرب من مسجد السيدة زينب أواخر عام 2012. كما اشترت قطعا من الأراضي، لإنشاء حاجز أمني، وهو صورة مصغرة من مشروعها الكبير.

وقال «أبو مازن دركوش»، وهو قائد سابق في الجيش الحر ومن الذين فروا من الزبداني لوادي بردى أن المسجد الأموي الآن أيضا أصبح منطقة أمنية يسيطر عليها وكلاء لإيران. وقال «هناك العديد من الشيعة الذين جلبوا إلى المنطقة حول المسجد. وهي منطقة سنية لكن إيران خططت لتأمينه من قبل الشيعة، ثم أحاطت به».

طمس السجلات العقارية

وكان مسؤولون كبار في لبنان المجاور يراقبون ما يعتقدون أنه كان إحراقا منهجيا لمكاتب السجل العقاري في المناطق السورية. حيث أن عدم وجود سجلات يجعل من الصعب بالنسبة للمقيمين إثبات ملكية المنزل. وقد تم التأكيد أن المكاتب قد أحرقت في الزبداني، داريا، وحمص والقصير على الحدود اللبنانية، التي استولى عليها حزب الله في أوائل عام 2013.

وقال «دركوش» أن أحياء بكاملها تم تطهيرها من السكان الأصليين في حمص، وقد نفى العديد من السكان الحديث حول السماح لهم بالعودة إلى ديارهم، وذلك لأن المسؤولين أخبروهم بعدم وجود دليل على أنهم كانوا يعيشون في الواقع هناك.

ويضيف: «لقد تحققت الخطوة الأولى في الخطة، حيث يتم طرد سكان هذه المناطق وحرق كل ما يربطهم بأرضهم وديارهم. وستكون الخطوة الثانية هي استبدال السكان الأصليين مع القادمين الجدد من العراق ولبنان».

وفي الزبداني قال «أمير برهان»، مدير مستشفى المدينة: «إن النزوح من هنا بدأ في عام 2012 ولكنه ازداد بشكل كبير في عام 2015. والآن معظم أبناء شعبنا لجئوا بالفعل إلى إدلب. هناك خطة واضحة واضحة لتحريك السنة من بين دمشق وحمص. فقد أحرقوا المنازل والحقول. إنهم يقولون للناس هذا المكان ليس لكم بعد الآن».

«يؤدي إلى تفتيت الأسر. ويحدث خلل في مفهوم الحياة الأسرية، والارتباط بالأرض مع كل هذا الإبعاد والنفي. ويؤدي إلى تمزيق المجتمع السوري».

وقال «لبيب النحاس»: «هذه ليست مجرد تغييرات في التوازن الديموغرافي. هذا تغيير في توازن النفوذ في كل من هذه المجالات، وعبر سوريا نفسها. مجتمعات بأكملها ستكون عرضة للخطر. الحرب مع إيران أصبحت حرب هوية. إنهم يريدون دولة على مزاجهم، وتخدم مصالحهم. المنطقة لا تحتمل ذلك».

المصدر | الغارديان

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى