الفنانة لويز عبد الكريم: الثورة السورية ستغير التاريخ
طلاقها وخروجها من بلدها وألمها ممن ‘يسرقون باسم الثورة’ أسباب’جعلتها عصبية
حاورهاعادل العوفي: في الوقت الذي كانت فيه الكثيرات من بنات جيلها تتصارعن على ادوار معينة ترتقي بهن إلى مصاف النجومية آو تكرسها لم تأبه ضيفتنا بالدراما ومستقبلها من الأساس طالما أن هذه الأخيرة لفظت الثورة السورية من قاموسها ولا فن بلا قضية كما تقول ..
لا تنفي أن خروجها من سوريا كان غلطة عمرها لكنها ومع ذلك كله لا تكل ولا تمل سعيا لخدمة ثورة شعبها فمن مبادرة إلى أخرى آو من اعتصام وإضراب إلى آخر هكذا تقضي الفنانة والناشطة السورية لويز عبد الكريم وقتها وكل شيء من اجل سوريا يهون. ‘فراشة الثورة’ تكشف لنا ما يعتمل في صدرها في هذا الحوار الشيق والصريح:
‘ كسؤال أولي خضت قبل فترة انت ومجموعة من الناشطات والفنانات إضرابا عن الطعام قرب مقر جامعة الدول العربية بالعاصمة المصرية القاهرة، هل حققت هذه المبادرة الاهداف التي سطرت من اجلها؟
‘ كان هدفنا إيصال صوت مدني من الثورة .. صوت الظلم المتعامي عنه من لدن العالم ،وكتبنا طلبات معينة أرسلت إلى الجامعة العربية ،وبعد فترة من انتهاء الإضراب طلبت هيئة الأمم المتحدة اللقاء ببعض النساء من اجل سوريا ووعدونا بتنظيم وإرسال ‘كرفانات ‘ إلى المخيمات ابتدءا بمخيم ‘الزعتري’.
‘ انت من الفنانات الناشطات بقوة منذ اندلاع شرارة الثورة السورية، ولكن يظل سؤال مؤلم بعض الشيء يكتنف دور الكثير من الفنانين الذين يفضلون العمل من اجل مصلحة الشعب و الثورة خارج حدود الوطن، لماذا يا ترى ؟ وهل هو نقص في الشجاعة من يمنع ذلك الفنان في البقاء بجوار أهله وشعبه يكابد ما يكابدون؟
‘ كنت سعيدة بالعمل في قلب البلد، و كان خطأ كبيرا خروجي ، السبب المباشر كان شخصيا جدا و على أساس أن أعود و لكن بعدما تمت مداهمة بيتي كما قال لي بعض الأصدقاء هناك هذا ما جعلني أغير رأيي في العودة ولكن لولا الثورة لما استطعنا أن نقول بين الأصدقاء آراءنا و أفكارنا حول البلد التي نريد، شباب الثورة وتضحياتهم هي التي أعطتنا الشجاعة والقوة وهذا ما كنا نتمناه منذ زمن ،بالنسبة لي منذ آن ولدت وعائلتي موجودة في الداخل يا صديقي.
‘ دعيت قبل أيام للمشاركة والتكريم في مهرجان الإسكندرية السينمائي الذي احتفى بالثورة السورية ،كيف تلقيت نبا الاحتفاء بالثورة والتكريم؟ وهل كان المهرجان حقا وفيا لهذا الشعار؟ وهل هي خطوة كافية برأيك لإظهار مدى اهتمام الآخرين بمعاناة الشعب السوري؟
‘ كانت لفتة جميلة من إدارة المهرجان أن تحتفي على هامش المهرجان بالثورة السورية وبمنتهى التعصب أقول لك لم يكن على قدر عظمة الثورة بل كانت لفتة لطيفة لا اقل ولا أكثر، على خشبة مسرح الاحتفال كان الألم يعتصرني على زملائي الذين يصارعون من اجل الثورة هناك في داخل سوريا وآخرون منهم يرزحون في الأقبية والسجون ،ما كان يواسيني هو انم هتمي نقل صوتهم فقط.
‘ لغط كبير ذلك الذي تثيره بعض التصريحات الصحفية للفنانين السوريين المنقسمين بين فئة ملتزمة للصمت حيال ما يجري وأخرى فضلت الهجرة إلى حين وآخرين مواكبين للثورة ولو باحتشام شديد وفئة’تذود بشراسة عن النظام وتعتبر الأمر مؤامرة ضده، كسؤال عام هل الفنان السوري مقصر بحق بلده؟
وبرأيك أين يكمن دوره بالأساس؟
‘ كل إنسان له قدرة على الاحتمال و لكل مجتهد نصيب هناك أشخاص ربما لا تعرفها ولكنها عملت في الأحداث كثيرا ،كنت على تواصل معها قبل خروجي من وهناك أسماء اكتفت بالناي بالنفس مثل النسبة العظمى من الشعب السوري {الفئة الصامتة } وهناك من اتخذ مواقف التشبيح والتغني بالنظام وبعضهم عرب من البلد وصار ينافق انه مع الثورة ولكنه لم يستطيع قول كلمة حق واحدة ، خلاصة القول الفن بلا قضية كالماء الراكد ، بالنسبة لي لا إنسانية بلا قضية .
‘ ما هي علاقتك بالفنانين الذين تختلفين معهم في الآراء؟
‘ علاقاتي مع الفنانين قبل وأثناء الثورة لم تتغير، فمن كانوا من أصحابي وأصدقائي بقينا كذلك ومن لم يكن إلا مجرد زميلات بقينا كذلك أيضا، ربما زدادت قوة هذه العلاقة بسبب الحب الذي جمعنا على البلد حقيقة لا أستطيع تفهم من وقف مع الظلم و لن أعمل مع أي منهم مستقبلا حتى لو اضطررت للعمل في مكتب ‘تنضيد أوراق ‘ مثلا ..
‘ المتمعن في أرائك وتعليقاتك يلمس نوعا من الحدة والعصبية الزائدة هل الأوضاع في بلدك سوريا هي من جعلتك مزاجية؟
‘ الجميع يقول لي ذلك أنا عصبية و متعصبة لأرائي بالأساس ، رغم أني اسمع و أقبل الرأي الأخر قبل الثورة أما بعد الثورة فخروجي و بقائي ألقسري في مكان لا أنتمي إليه لا نفسيا و لا روحيا، طلاقي و بعدي عن أهلي وأصدقائي معرفتي بالكثيرين ممن ينافقون ويسرقون باسم الثورة جعلني أكثر تعصبا، بعد خروجي اكتشفت أن من يلعب بدماء أهلنا هم سوريون يدعون ‘ثوريتهم’ فقدت أصدقاء باستشهادهم وغاب آخرون بسبب الاعتقال ولا خبر عنهم، ومازال هناك من ينافق .. انا لا اقبلهم ..
‘ أصوات عديدة تدعو لمقاطعة الدراما السورية واعرف جيدا أن مجرد الخوض في الموضوع يزعجك شخصيا ولكن هل من الطبيعي أن تستمر الصناعة في هذه الظروف الصعبة؟ ولمصلحة تصب استمراريتها للثورة أم النظام؟
‘ ليس السؤال ما يزعجني، هؤلاء يقدمون فنا لا علاقة له بالأحداث.. لا افهمهم؟ لا فن بلا قضية ..لا فن لا يحاكي ما يحدث مع الأهل، صحيح هناك من عمل في الدراما أثناء الثورة ودفع من ذلك المال لصالحها وهذا شيء جيد ،ولكن ما لا افهمه ولا أستطيع هضمه كيف استطاعوا التمثيل أصلا ؟؟ كل شخص عليه أن يقدم بمهنته للثورة ولو عرفنا أن نسخر طاقاتنا من اجلها الأكيد أننا سننتصر .
‘ قدمت عرض مونودراما بعنوان ‘ المندسة ‘ و شاركت في فيلم سينمائي تحت مسمى ‘ باب شرقي ‘ ما الرسالة التي أردت إيصالها من خلال هذين العملين؟ وهل مازال للفن دور في ما يجري ؟ هل هو أداة مقاومة كما يروج له؟
‘ من أول يوم خرجت فيه و أنا ابحث عن طريقة لإيصال صوت مدني عن الثورة، العالم لا يعرف حقيقة ما يجري وبالفن تصل الفكرة ،مشاركتي بفيلم السينما كانت بناء على طلب من زملائي ‘الأخوين ملص’ وقبلت بدون شروط لان الأمر متعلق بخدمة ثورتنا، رغم أني كنت ارغب أحيانا بالتدخل في الشكل الفني للعمل ولكنها في النهاية تبقى رؤية للمخرج المصري احمد عاطف ولا يجوز التلاعب بها ،وتبقى تجربة في نهاية المطاف وستتبعها تجارب كثيرة تحكي عن عظمة ثورتنا ،أما عن العرض فلأنني أحب المسرح واعتبر نفسي ممثلة مسرح ولن أقف هنا سأكمل واعمل على تطوير المشروع أن استطعت ذلك في ظل الظروف القاسية التي مرت منها التجربة وكذا آنا شخصيا.
‘ تحرصين على تفعيل صفحتك الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي الفايس بوك بشكل مكثف وتكاد تكون لسان حالك إزاء ما يقع ،هل باتت هذه الوسائل علامة من علامات الربيع العربي البارزة ؟ وبما ذا تفيد الثورة السورية ؟ وما علاقتك الشخصية بها {أي بمواقع التواصل الاجتماعي } ؟
‘ لم أؤمن ‘ بالفايس بوك ‘ تماما إلا بعد خروجي نأى المثقفون بنفسهم واكتفوا بكونهم معلمين يكتبون أرائهم و لا يناقشون إلا أصدقاءهم و هذا ما جعلني أفعل دور صفحتي لأكون قريبة جدا من كل الشرائح و هذا أخذ مني طاقة و جهدا وأتعبني كثيرا ففي هذه الحالة أنا أناقش أناس ربما لا يقبلون بفكري و بعضهم يتطاول و يتلفظ بألفاظ مسيئة و كنت أتحمل هذا لغرض الوصول إلى تفاهم مع الأخر وهذا ما افتقدناه طويلا أنا أفهم في الموضوع الفلاني فا تركك تذهب بأفكارك و لا تقترب وصرنا بعيدين تماما عن بعضنا ونخاف من أفكار بعضنا البعض ،وهذا ما يؤذي هدف الثورة النبيل ،فهناك فئة من الناس تنبذك نهائيا فقط لأنك تختلف معها في الرأي ،أنا لست ضدك ولكني احترم رأيك وفكرك ،كثيرا ما امزح على صفحتي واختار مواضيع مهمة لأثيرها للنقاش ولهذا ابتعد عن صفحتي أصدقائي الحقيقيين لأنهم يرونها صفحة مشاكل ولكني أراها تفتح أبوابا للتفاهم مهما بلغت بنا درجة الاختلاف، ولكني الآن صرت متعبة ومنهكة ولم تعد لي ذات الطاقة على الجدل.
‘ برأيك ما الحل لإيقاف حمام الدم في سوريا ؟ وهل تؤمنين بدور ايجابي للجامعة العربية و الأمم المتحدة مثلا؟ وماذا عن تفاعل الشعوب العربية مع الثورة السورية ،هل آنت مقتنعة بوجوده أساسا؟
‘ للأسف لا دور ايجابي لأي منهما الشعوب العربية متفاعلة ضمنيا مع ثورتنا
ولكن هذا لا يكفي ، أكثر ما أحزنني خلال إقامتي في القاهرة أن جوامعنا قصفت وكتابنا المقدس احرق وأعراضنا انتهكت و لم يتحرك الشعب المسلم إلا عند صدور فيلم ذو قصة مفبركة ومن إنتاج جهة غير معروفة ،هنا ثارت نخوتهم ..’يا حيف ‘ ،النبي ليس بحاجة إلى من يدافع عنه وهو من قال : ‘هدم الكعبة لأهون عندي من قتل نفس بلا حق ..’ فأين نحن من الدين ؟؟ في كل اللقاءات التي شاركت فيها وتحدثت مع بعض السياسيين سواء العرب آو الأجانب لم اسمع منهم غير كلمة واحدة وكأنهم اتفقوا حولها : لا اتفاق من اجل سوريا..إيقاف الدم يكون بالنسبة لنا كثوار بالعودة إلى أسباب ثورتنا الحقيقية وهي لا للذل والمطالبة بالعدالة الاجتماعية قصد الوصول إلى دولة المواطنة والحلول الباقية والأساسية هي بيد النظام وعلى رأسها إيقاف آلة القتل اللحظية .
‘ هل الفنانة لويز عبد الكريم متفائلة بمستقبل سوريا؟ ومن سيصنع هذا المستقبل ؟
‘ لا ثورة على مدى التاريخ ظهرت نتائجها مبكرا آو انتهت في غضون أيام ،ثورتنا ستغير التاريخ كما فعلت ثورة باريس وأكثر ،وشخصيا متفائلة جدا بالمستقبل البعيد رغم أن هذا المستقبل ثمنه غال و مكلف ،الشباب السوري الذي عاش الفرح والحب والقهر والاعتقال من جامعته وعمله هو من سيبني سوريا المستقبل ولا دور للأجيال المثقفة التي نأت بنفسها في هذا البناء صحيح ستكون ضمن تلك المنظومة ولكنها قطعا لن تكون المحرك الفعلي لان الأحداث شاهدة على تقاعسها في عز الحراك ،أثناء هذه الثورة اكتشفنا مبدعين في شتى المجالات في الشعر والكتابة والتصوير والإعلام ،وتعرفنا على أطباء لم يتخرجوا بعد ولكنهم تمكنوا من اختراع أساليب ناجعة لإنقاذ
جرحانا ..تعرفنا على شباب وشابات يفهمون ويحللون في السياسة والاقتصاد، كل هذه العوامل تجعلني جد متفائلة بغد أفضل .
‘ ما هي رسالة لويز عبدا لكريم لكل السوريين ؟
‘ لا مكان للمنافقين بيننا و لمن يحاولون بيع قضيتنا هدفنا العيش بحرية و كرامة و عدالة اجتماعية مهما حاول البعض اللعب بعقول أفراد من شبابنا سنصل لما نريده في دولة الكرامة و العدالة الاجتماعية ، الموالون اليوم للنظام هم معارضون لنا في دولتنا الجديدة ..